حاتم السيد مصيلحي - الشهادة وحدها لا تكفي ..

هي أمل كل سالك أو مريد، وغاية كبرى يسعى إليها كل ساع مهما كلفه ذلك من جهد، وبذل، وتضحية، بغرض تأمين مجرى الحياة، وتوقيع امتيازات ممتدة، ومراتب مرتقبة، ودرجات متصاعدة يعلو بها في سلم المجد، ومدخل مشروع لحياة هادئة مستقرة، هذا ما كان معهودا بين آبائنا وأجدادنا، وربما بين طائفة من جيلنا، كان العلم مرهونا بالحصول على تلك الشهادة المعتمدة من إحدى الجامعات، فيخرج بها معتليا صهوة خياله، مطلقا له العنان، دون أن يلجمه سرجا، أو يلهبه سوطا، وإن جنح به عن خط مرسوم، أو طريق موسوم، متجشما المخاطرة، وساعيا للمغامرة وهذا ـ في حد ذاته ـ مطلوب؛ لإرضاء طموح الشباب وتطلعاته.

وما إن بزغت شمس القرن الحادي والعشرين، بما تحمله من مستجدات عصرية، ومتغيرات فكرية، وتبدلات حضارية، حتى بدا الأمر مختلفا بحيثياته، وآلياته، ومتطلباته، ولم يعد منتهى أمل الشباب حصولهم على مؤهل دراسي مرموق، أو وظيفة أيّا كان عائدها المادي أو المعنوي، لأن ذلك لم يعد كافيا بالمرة، وإنما يطلب مع ذلك تميزا في مجال الاختصاص، ومهارة في التعامل مع الحاسبات ووسائل التكنولوجيا الحديثة ، وإجادة لعدد من اللغات، وتغذية ذلك كله بقدر من الثقافة العامة المعينة على توثيق عرى الاتصال بين تلك المفردات، وجمعها في رؤية متناسقة غير متنافرة.

فازداد الأمر صعوبة وتعقيدا في ظل أعداد متزايدة من الخريجين، وتقارب الاختصاصات وتزاحمها بين الكليات والجامعات المناظرة، العام منها والخاص، فازداد العرض وقل الطلب، وباتت المفاضلة أمرا حتميا للاختيار، والموازنة شرطا جوهريا للممارسة العملية في شتى المجالات.
ورغم ذلك ظل قطاع كبير من الشباب لا ينظر إلا تحت قدميه، لا يرى سوى المؤهل مأربًا، والوظيفة مطمحًا، والحياة التي لا يكدر صفوها أرقا، أو مرقا، فتطيب له.. وهذا لم يعد متاحا إلا بشق الأنفس، فهل ترون الشهادة وحدها تكفي؟!

حاتم السيد مصيلحي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى