عمر حمداوي - قراءة في شعر : بالرحمة نور الدين

بالرحمة نور الدين

النص
********
لن تفسدي صباحي
يا شمس العراء
تشرقين على الخيبات
أتسخرين من عنب الدالية....!!!!
ما اسقطه على رصيف اوهامك
غير انكسار
الاقداح في حانة
من فرح مستعار من
جثث الاحزان

تتقاطع الطرق
والطريق إلى قلبك
فخاخ
فخاخ

تمتد يدي الى جيد عانس
قهرها صمت السرير
وعناق الوسادة
والحلم بفارس على حصان

ابيض
اسود
يسرقها من ليلها البهيم ...
ذلك الحلم الكسيح

انا حيث انا
لا انتظر احدا ...
ذلك العواء الذي في الصدر
صوت الريح
ولغة الفراغ

حين اتذكر وانسى
يد الحطاب وهي تبتسم
لازهار شجرة اللوز
وهي تكتسح سواد شعر رأسي
هل حان زمن الجني

لن تفسدي صبحي يا شمس العراء....
اعلم انك إشراقة من خيبات ....

القراءة
********

النص هنا له فضاء آخر مفعم بروح النقد و البحث والتدقيق يحاور في أمور كثيرة ليمنحها معنى عميق ويضفي عليها أحاسيس جيدة حقيقية وأشياء جديدة ربما كل هذا ناتج عن شدة الملاحظة وقوتها التي اكتسبها الشاعر من تجاربه وقد استفاد منها وهو الآن يقوم بإعادة إنتاجها بالشكل الذي يرضاه ولا ننسى أن الشاعر فنان تشكيلي له المقدرة الطبيعية على مزج الحرف باللون وإخراجه في حلة بهية متقنة متفننة إلى أبعد تصور ممكن لذلك نراه متفوق في كلا المجالين بل هو مدرسة مشعة بالفن والأنوارالمتوهجة الساطعة إن الأستاذ نورةالدين بالرحمة مبدع كبير غزير الإنتاج يكتب يوميا ومنذ عدة سنين ولا يزال يناضل في الساحة الثقافية كريم جواد في عطاءه قليل نظيره وشاعر يغلب على شخصيته التواضع الكبير وهب حياته للكلمة الجميلة الموحية بالمحبة ورسالة السلام المطلقة
انسان وقور متخلق بما يكفي ليجعلك تقيم أعماله وتتلقاها بالإ هتمام المستحق فلا شك أنك ترا الجمال بارزا في لوحاته
وفي أشعاره المتنوعة وهذا المجهود المبذول يأخذباهتمامك
ويشغل بالك ومن هنا يظهر التميز الذي يرفع صاحبه ويقربه ويحببه إلى جميع الناس إن القبول يأتي ليساند النجاح ويتعاضد معه في مسيرة الحياة إنهما يعقدان صلحا وتوافقا وانسجاما وهذا كله مطلوب ليحقق العمل الإبداعي مبتغاه واهدافه وما قصدته من كلامي في هذا الوصف جاء نتيجة عن ملاحظة وعن قناعة مصداقية الشاعر لا تخطئها العين ولا القلب والإستنتاج كان قيما لشاعر عربي كبير وجب الإعتراف بحقه وفضله علينا كقراء مستفيدون من كل ابداعات الشاعر صاحب الفكر الحضاري النزيه الإستقامة إن هذا النص الذي بين أيدينا ليس تأكيد يشجع على نظرية اليأس بل هو توضيح وتوثيق لرؤية منفتحة على متطلبات الحياة السعيدة يجب توفرها ولكن شروط التعبير على هذا الرأي تأتي كانها سوداوية من دون بصيص من نور هي ليست كذلك انها بمفهوم آخر أكثر حفرا وايغالا في النفس البشرية لأنها تحفزها على معرفة الحقيقة على الوجه الأكمل تريك الصورة في تمام الوضوح و الأسلوب ناضج ومتوسع في مداه ومداركه حتى صار له معاني بمقومات مختلفة ومن المفروض ملاحقتها لفهمها وسيصبح هذا العواء متواصل يذكر بوجوده دائمآ لانه صوت الطبيعة صوت الريح المزمجرة في الكون
التي تقول ما تعجز عنه فصاحة الفصحاء وحكمة الحكماء دون أن تنطق بلسان يعرب عما تكنه من مقاصد قد تفوت الكثيرين واطإن كانوا يحسونها جميعا هذا هو الفرق الناتج بين الفريقين كل يفسر المظاهر على حسب ميولاته الفكرية أو بحسب ماتقرره مبادئه التي نشاء عليها وتلقاها من محيطه وبيئته وإن أشارت القصيدة إلى الفراغ ووظفته كطبيعة عالمة تدل على حقيقة مخفية لكنها ليست من الأسرار المعجزة التي لا يمكن النفاذ إليها ببصيرة فالبصيرة وحدها تمتلك القدرة على الكشف ومحادثة المستقبل حتى لا أقول الغيب وقد تجاوزت هذه الكلمة البعيدة المعنى والأثر... لغة الفراغ
مدهشة وهي مطلب ترغب و تتطلع النفوس والعقول إليه في اجتهاد مستمر عبر العصور غير منقطع و منذ وعى الإنسان ذاته تحركت فيه رغبة ملء الفراغ والعمل لليسيطر على كل شيء ومنه هذا الفراغ المتسلط المهول طبعا في زمننا نجد عند بعض الأمم الرغبة قوية ومضاعفة بما لديها من حماس يدفعها إلى إحراز التفوق على الفراغ والمجهول وإعطاء صفة التمكن من كل عناصر الطبيعة بفضل مابلغته من علوم في شتى المجالات فحققت مهمتها وتجاوزت غيرها بكثير من المراحل والأشواط إنها شعوب لا تؤمن بالقناعة وقد وهبت عقلها لغرض العلم والإنتصار له وحده فحازت بطموحها ما منحها مكانة عالية صارت تحسد عليها .. أتذكر ولاأنسى الحضور والغياب و الفتوة والضعف و الحياة والموت و الجمال والقبح وكل التناسق والتنافر وبالجملة الأشياء واضدادها
افطن إلى أن كل نعمة زائلة الا نعمة واهب النعم وصاحب الفضل والمنح الجزيلة والمنن التي لا قدرة على اداءها الا بالثناء والحمد و الشكر وهذه هي الروح التي تشرق في النفس وتقلدها الإيمان وتحثها عليه وتدعمها باليقين وتمنعها من كل فساد مستشري يعمد إلى إيذاء الإنسان وتحريفه عن غايته التي نذر لها عمره كله شمس الشاعر الحقيقية إذن ما هي إلا فكرة انتجها العقل المقاوم لكل معوقات الاستبلاد والاستبداد والجهل والظلام .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى