حوار وسوسة إبليس.. حوار أدبي | مع الروائي السعودي آل زايد.. أول إنتاج قصصي يرى النور - حوار: سمير خالد

انتشر في الأوساط الثقافية والأدبية نبأ إصدار أول مجموعة قصصية للروائي السعودي: عبدالعزيز آلزايد، والتي جاءت بإيقاع غريب، حيث كانت جميع القصص تتحدث عن الشيطان، اسماها : (وسوسةإبليس) ... تحتوي هذه المجموعة على ١٤ قصة متخيلة عن الشيطان، وتقع في 115 صفحة، منإصدارات دار الظاهرية للنشر والتوزيع بالكويت، ورغبة منا في التوسع في هذا الصدد تمكنا من إجراءهذا الحوار معه.

الأديب المعطاء مرحبًا بك في حوارنا حول إصدارك القصصي الأول.

س: يفتتح الناس مشاريعهم باسم الله، بينما بواكير قصصك تفتتحها باسم الشيطان؟، ألم ترى أفضلمن هذا المفتتح لقصصك؟
ج: أول رواية لنا ظهرت للنور هي رواية البردة، وهي رواية نبوية. بينما أول القصص قصص عنالشيطان، ولا نرى في ذلك غضاضة، فأول قصة في القرآن هي قصة إبليس، ولك أن تراجع سورة البقرةوقصة السجود لآدم، فلماذا يبدأ الله بقصة الشيطان؟، هنا ستضع المبررات، التي حرمتنا منها، أولحكاية على وجه هذه البسيطة هي حكاية الشيطان وآدم، وهي العظة المنسية التي تتلى ليلًا ونهارًا، فهليتعظ منها الإنسان؟، أم لا يزال يحتاج للتذكير بها؟، للكبار قبل الصغار، وللخواص قبل العوام، إنالمعضلة الأساس تكمن وراء الشيطان، فلولاه لكنا نرتع في نعيم الجنّة، ورغم أن الشيطان أخرج أبينا آدممن جنته، ورغم التحذير الإلهي المغلظ من مغبة اتباع خطواته والانزلاق في مهاوي رداه ومكائده؛ إلا أننافي كل يوم نسقط في ذات المطب ونهوي في ذات الحفرة، فهل بالفعل أخطأنا حين بدأنا بما بدأ به ربّالعزة والجلال؟، وما الهدف إلا التذكير به وبحربنا الضروس معه.

س: هل ترى أنه من الصائب اصطناع قصص متخيلة غير حقيقية عن الشيطان، لا صحة لها ولا أصل؟
ج: وما المانع في ذلك؟، ألم تسمع أنّ الحكمة تأخذ من أفواه المجانين؟، إذًا لا غضاضة أن نستقيالموعظة من نسج الخيال، فكل طرق روما تؤدي إليها، إلا إذا كنت ترى حرجًا في تأليف المواعظ؟، وقصصالشيطان أكبر موعظة إن أردت الاتعاظ، ثم إنّ
القرآن يصرح أننا لا نراه، وإلا لرأيت آلاف القصص الحقيقية التي تروى عنه كل يوم، ومن المهم أننستحضره، وهذه الحكايات خير وسيلة للحذر منه، ولعلها تخلصنا من بعض مكائده، لاسيما أننا نقع فيذات الشَّرَك والشِّباك.

س: بما أن لديك تبحر في شأن الشيطان، هل لك أن تصف لنا من هو الشيطان؟
ج: ليس من السهل الحديث عن ماهية كائن لم تره العيون كالشيطان، علمًا أنّ هناك العديد من الآراءحياله، فهناك من ينفي وجوده من الأصل، وهناك من يرى أنّ الوساوس ما هي إلا محض غرائز وعقدنفسية ورغبات في أنفسنا مكبوتة، ولعل من أبرز الداعين لهذه الفكرة المحلل النفسي الشهير (سيجموندفرويد)، إلا أنّ هناك من تصدى لهذه الفكرة ورفض هذا التصنيف لاعتبارات منها أنّ العقل والعلم لايرفضان وجود الشيطان، وهناك نقاش محتدم حول هل للشيطان قدرات خارقة تجعل من الإنسان منساقًاوراء إرادة وسوسته؟، أم أنّ الشيطان رغم إمتلاكه لمقدرة الإغواء فإنّه لا يمتلك قوة التغلب على البشر؟، وقديستند البعض إلى الآية التي تقول: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)، لتحجيم قدرات الشيطان التي يراهاالبعض خارقة وفوق الاحتمال.

س: هل تؤمن بقصة إبليس وقصة إغوائه لآدم؟، وهل فعلًا كانت حواء شريكة للشيطان في إرتكاب آدمللمعصية؟
ج: هذه القصة واردة في القرآن بخطوط عامة، ولكن هناك الكثير من الأساطير التي دخلت في القصصالقرآني، بما يسمى بـ (الإسرائيليات)، وللأسف تتضارب آراء العلماء في شأن تفاصيل التفاصيل، فهناكمن يرى أنّ آدم امتنع عن تناول ثمرة الشجرة المحرمة، لكن حواء هي من ناولته الفاكهة، إلا أن البعضاتهم هذه الآراء بالتغلب الذكوري.

س: هل ترى أنّ هناك حاجة لاستحضار
قصص عن الشيطان في حياتنا الحاضرة؟، وهل تعتقد أن عامل الشر معلق بالشيطان أم بالإنساننفسه؟
ج: للخير مسوغات وللشر مسوغات، إلا أن الأصل في الاختيار يقع على إرادة الإنسان نفسه، والتربيةالذاتية عامل هام في نبذ الشرور واجتلاب الفضائل، وكثير منا يبرئ نفسه ويلقي الجمل بما حمل علىالشيطان والغير، بينما نرى أنّ الصّدّيق يوسف يلقي العتب على الداخل بقوله: "وما أبرئ نفسي، إنالنفس لأمارة بالسوء".

س: في قصة يوسف (عليه السلام) آيات واضحات تشير إلى اتهام الشيطان تحديدًا، ببواعث الشر؟،فهل المتهم النفس الأمارة أم الشيطان؟
ج: إرادة الإنسان ورغبته هي الفيصل وما سوى الإرادة إلا عوامل، فالنفس تحرض والشيطان يوسوس،ولكن الفعل والإقدام يقع على الإرادة، أما مفردة (الشيطان) في سورة يوسف وقعت ثلاث مرات الأولىعلى لسان يعقوب وهو تحذير عام، والثانية مع ساقي الملك الذي علق عليه أمر نسيانه في تذكر تظلميوسف للملك، والثالثة على لسان يوسف ليبرئ ساحة إخوته بذكر عامل الذنب، رغم أنّ الذنب الحقيقييقع على الأخوة أنفسهم، وما هذا الإ عفو ونبل في يوسف.

س: لنعود إلى إصدارك (وسوسة إبليس)، كيف انبثقت لديك فكرة كتابة الكتاب؟، وهل لديك أفكارمستقبلية حياله؟
ج: ليس لدينا أفكار مستقبلية حياله للطرح هنا، إلا أن بعض المتابعين تمنى أن يراه مسلسلًا تلفزيونيًا،أما بخصوص انبثاق فكرة الكتاب فكانت وليدة مطالعات، وبالأخص كتاب "إبليس"، للكاتب المصريعباس محمود العقاد، وهو كتاب جميل غني وثري في هذا المجال، إذ أنه لا يدع شاردة ولا واردة عنإبليس إلا تناولها، وبعد الانتهاء من هذا الكتاب ارتوت الأوردة بزخم عارم حول السيد إبليس، فكانتالقصة الأولى كقطرة الغيث، تلتها عدة ولادات مماثلة، ثم ولد التحدي أن أكتب كتابًا كاملًا في حضرةالزعيم المخضرم إبليس الرجيم فكان الكتاب.

س: هل تتوقع أن يثني النقاد على كتابك وسوسة إبليس؟، وماذا لو تناول أحدهم كتابك بالقدح؟
ج: يفرح الكاتب بالثناء ويسخط بالذم، وهي طبيعة بشرية، ومع ذلك نقبل الانتقادات البناءة، فالكتابتجربة مؤلف، والنقد بصفة عامة يثري
الحالة الأدبية للمجتمعات، ويتمم المسيرة التكاملية، فما أخفقنا فيه يصحح بإنتاج غيرنا، وقاعدتنا: منيعمل يخطأ، ومن لا يعمل يرتكب أكبر خطأ.

س: هل ستكتب مجموعة قصصية ثانية؟، وفي من ستكون هذه المرّة؟
ج: كتبنا مجموعة قصصية ثانية وسنصرح بها في وقتها، فمن عادتنا أن لا نكشف عن الخبز قبل نضجه،ثم أن القراء لديهم الكثير ليقرؤونه، لاسيما أن هناك العديد من الكتب الجيدة في الساحة.

س: كم عدد الكتب التي تنوي إخراجها للنور؟، وما هي المجالات التي تتمنى الكتابة فيها؟
ج: لقد كتبت فيما أريد الكتابة فيه، لكن الطموحات لا حد لها، أما عن عدد الكتب فهذا ما لا يمكننيحصره حتى بالتخمين، وليس الاعتبار بالكم بل بالكيف، ثم إنّ الكيف هذا يختلف باختلاف الذائقة، وآراءالجمهور متباينة، ولكل قارئ ذوق ومعيار، ومن الصعب إرضاء جميع الأذواق، وكثيرًا ما اختلفت الآراء فيالكتاب الواحد، فالأصابع التي تتناوله مختلفة وليست سواء.

نشكرك على هذا الوقت
ونتطلع لقراءة المزيد لك

دمت بخير وسلمت بعافية.
-–—•-–—•-–—•-–—

متوفر| متجر دار الظاهرية
متوفر| موقع نيل وفرات

#وسوسة_إبليس
#عبدالعزيز_آل_زايد
#دار_الظاهرية
#اقتباسات_دار_الظاهرية
#إصدارات_دار_الظاهرية[/ICODE]​

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى