سعد الشديدي

تقولُ أَنتظرُ. وأَنا جالِسٌ عندَ بابِ حَديقتِها مِن سِنينَ. ما تَحرّكتُ يَوماً، ما تَغيّرتُ يَوماً، ولَم أَشتكِ مَرّةً مِن جَبروتِ النِساءِ حينَ يُدمِّرُ كُلَّ المَشاعِرِ ويُطفِئُ شَمسَ الحَنينِ. لِماذا تَغيّرتِ؟ سُؤالٌ يُلِحُّ على خاطِري. صَمتُكِ أَعمَقُ مِمّا تَعوَّدتُ. عَيناكِ غائِمَتانِ...
تَعَلَّمْ هَدِيلَ الحَمَامْ وَغَنِّي لِوَرْدَةِ حُبِّكَ، حَتَّى تَنَامْ. تَعَلَّمْ حَفيفَ الرِّمَالِ، وَمَواويلَهَا، لِكَيْلَا يُقَالَ بِأَنّكَ ضَيَّعْتَ قَلْبَكَ عِندَ حُدُودِ الشَّمَالِ. تَعَلَّمْ كَلَامَ السَّمَاءِ، لِتَقْرَأَ بَيْنَ السُطُورِ، وَتَعْرِفَ مَا يُحزِنُ العُشْبَ حين...
وَجْهانِ يَنْتَظِرانِ أَنْ أَمْضي... وَجْهي...وَوَجْهُ الأَرْضِ. *** يَقْتُلُني الأَمَلْ يُطيلُ انْتِظاري يُبَعْثِرُ قافِلَتي في البَراري. *** هذِهِ عُشْبَةُ البَحْرِ واقِفَةٌ بانْتِظارِ العَواصِفِ وَرْدَةٌ في حَدائِقِ أيامِنا، وعَصافيرُ نائِمَةٌ في قَذائِفِ. *** يَتَجَمَّدُ التَّاريخُ في...
لم أحظَ بفرصة الانتماء الى المدرسة الشعرية العراقية إذ غادرت الوطن وأنا في العشرين وكانت تجربتي كإنسان وكاتبٍ للشعر لم تزل في بداياتها الأولى. لهذا أرى نفسي مستقلاً عنها دون أن أكون غريبًا عليها أو دخيلاً فيها. كان هذا الشعور يجعلني أنظر دائمًا إلى شعراء العراق الذين لم أتابعهم خلال حقبتي...
تَظَاهَرْ بأنْكَ لَم تَرَّ شَيْئًا وإِذَا شِئْتَ ألاّ تُبْتَلَى بِتَوْجِيهِ أقْسَى جِنَايَاتِ هَذَا الزَّمَانِ أَلِيكَ ، وَجُنْحَةِ حُبِّكَ لِلْأَرَضِ .. تَظَاهُرٌ بأَنّكَ لَم تَرَّ غَزَّةَ فِي مَوْتِهَا وَوِلَاَدَتِهَا. وَتُحَدِّثْ عَن الْاِحْتِبَاسِ الْحَرَارِيِّ عَن طَلَاَقِ الْمَشَاهِيرِ عَن...
لا أنوي الشكوى. فالشكوى "للّه مش للبشر" كما تقول ميادة حناوي. ولكنني مع ذلك لا أجد بُداً من رفع صوتي عالياً، ومن له آذانٌ للسمع فليسمع. انا طائرٌ من فصيلة اللقالق. في منتصف العمر، أو هكذا يحلو لي أن أصفَ حالي حين أقدم نفسي الى لقلقةٍ بيضاء الريش ناصعته، ذات ساقين حمراوين نحيفتين طويلتين. وانا،...
وداءٌ يجمّلُ بعضَ الحماقاتِ والهفواتِ. الحنين صلاةُ المفارقِ في حلمهِ قبلِ الولادةِ في الفجرِ وفي الليل بعد الوفاةِ. سماعُ نجاةِ الصغيرةِ من شرفةِ الجارِ وقضاءُ السنينِ الطويلةِ في غرفةِ الانتظارِ. الحنينُ محاولةٌ في الفراغِ لإعادةِ فصلٍ قديمِ من المسرحيةِ دونَ المساسِ بديكورها والستارِ...
بوّابةُ البيتِ كانت رماديةً. الآن سوداءَ شاحبة اللونِ، الرصيفُ ليسِ نظيفاً كَما كانَ. والنُهير - خُريسانُ – ما زالَ يجري الى مستقّرٍ لهُ في البساتينِ. لا بأس ... فالبقايا تقولُ بأنّ الُخطى أصبَحتْ أثقلَ من قبلُ، أنَّ الطريقَ الى سُلّم الدارِ، أطول مما تعوّدتَ وأنت تهّمُ بأن توقظَ البابَ...
تطيرُ من غصنٍ الى غصنٍ ومن قلبٍ الى قلبٍ، لتعلو في سماءِ الخطرِ المُفاجئ.. القريبِ، ينمو بين ريشها آبارُ بترولٍ، وأرتالٌ من القتلى.. وغاباتُ شجنْ. مليونَ بندقيةٍ تبحثُ عنها في كتابِ النحوِّ، والتاريخِ، في أنسجةِ الروحِ.. وبين القُبلةِ الأولى ورعشةِ الكَفنْ. هذا هو الوطنْ رياحُه سُمومْ. ومائهُ،...
قوانينُ شرطةِ الأخلاقِ تمنعُ النحلَ أن يمارسَ الحبّ مع زهرةٍ مراهقة. شرطةُ الأخلاقِ ... ترى القبلات قبلَ أن يقترحها الهرمونُ الذكريّ للعاشق. تقطعُ اليدَّ التي تمتدّ باحثةً عن دفء. تفرّقُ بين الكمثرى والماءِ الباردِ في الصيف. تغطي رأسَ الغزالةِ بورقةٍ من كتابٍ سماويّ. تغلقُ الفنادقَ أمامَ الربيع...
كأنّي ورثتُ حروفي عن الغيبِ أو من أرضِ كنعان، حيثُ الخيولُ تسابقُ فرسَانها وأميّ تخيطُ النهارَ قميصاً لأختي الصغيرة. ودون اجتهادِ، كتبتُ حروفي الثلاثةَ 1- بالأكديةِ 2- والنبطيِّة 3- والخطّ السريانيّ – العربيّ، بعد عبور الزمانِ وموجِ الفراتِ الى يومنا. أعملُ في أيّ شيء يصادفُني ولا أستعينُ سَوى...
أيها الوطنُ ابتعدْ عنّي – رجاءً – كي أغيبَ دقيقةً وأعودُ أحفرُ في حَياتي لأُعيدَها شيئاً فَشيئاً للطبيعةِ. أمشي الى القنديلِ فوقَ الجسرِ مبتهجاً لتعبرَ أمنياتي للجانبِ الشرقيّ من رُوحي وتسكنُ غابةَ الطرقِ السريعةِ. أيها المخفيُّ في المبنى وفي المعنى بين العشبِ والجذرِ السويِّ لصورةِ الحنّاءِ في...
لا نجيدُ المراثي كما يجبُ، وحينَ نحاولُ تقليدَ آباءنا السومريين يجفلُ فينا الرثاءُ ويكبرُ في أوراقنا النَصبُ. أوَ نحنُ الذين وُلدنا من الماءِ والطينِ ثمّ ابتعدنا عن الجرفِ خمسينَ عاماً؟ الذين نمدّدُ أرجلَنا أكثرَ مما يطيقُ غطاءُ الوطن؟ لماذا نعودُ الى بلدةٍ أجهشت بالغبارِ وما زالَ فيها قوانينُ...
أيها البحرُ يا صاحبي يحاصركُ المدُّ والجَزرُ ولا تستطيعُ الخلاص من القمرِ الأجنبيّ. فكن مرّةً هائجاً وكن مرّةً هادئاً. أيها البحرُ لا نريدُ سوى أن تكونَ مجالاً لاتساعِ الرؤى، فالسماءُ لها لونها الخاص والشوارعُ فيها حدائقُ مسحورةٌ .. ومتسعٌ للخلاص. ونحنُ على أولِ الصيفِ مثلَ فَراشٍ يمزّقُ فستانَ...
أكتبُ ما أريدُ. فلستُ شاعراً يخافُ أن يطالَهُ القانون ولا نبيّاً طاهراً يخافُ أن يُقالَ أنهُ مجنون، لأنني أريدُ أن أكتبَ ما أريدُ، أكتبُ ما أريدُ. لا ما يريدهُ الأستاذُ في محاضراتِ بعدَ الظهرِ … والسيدُ المديرْ. ولا يهمني رأيّ صديقي الشاعرِ القديرْ، وهيئة التحريرْ. ولا يخيفني صوتُ إمامِ الجامعِ...

هذا الملف

نصوص
28
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى