سعد الشديدي

لو كنتِ تُنصتينَ لي .. لما تأخّرَ الربيعُ عن مَوعدهِ وغابت النجومُ في لقائِنا المُؤجلِ وما أنتهى حبٌّ بَسيطٌ رائعٌ وما ذَوى تحتَ غُصونِ التينِ والسفرجلِ. لو كنتِ تُنصتينَ يا صَديقتي لهاجرتْ طيورُ عينيكِ الى حَديقتي وغيّرَ الزمانُ من فُصولهِ ورتَّبَ الدُنيا على طريقَتي. لو كنتِ تُنصتينَ يا...
أمامَ المرايا وقارورةُ العطرِ تسألني: - تأخرّتْ اليوم، ألم تتصّل بعدُ؟ أما كتبتْ إنّها اليومَ مشغولةٌ؟ أو أنّ الزحامَ يؤخرها؟ أو ربما نزلتْ من بيتِها والتقتْ – مثلًا – بصديقتِها ودارت عليها فصولُ الحكاياتِ والذكرياتِ ولم تنتبّه لقطارِ المساءِ الذي فاتَها؟ ليس عادتها أن تؤجلَ موعدَها - فجأةً -...
بغتةً يفتحُ الشهداءُ توابيتهم.. يفلتون من الغيبِ بعد انتهاءِ الطريقِ. يطلبون قليلاً من الماءِ.. سيجارةً.. حبة الأسبرينِ التي ستداوي صداع الهدوء العميق. * * * سنيناً وليس لهم غير صمت النهاياتِ في زحمةِ الأرض، ثمّ لا يذكرون سوى آخرَ الطعناتِ.. آخر الصفعات آخر الطلقات. يعيشونها كلّ يومٍ على وقعِ...
اضعتُكِ في البحرِ، في لُجّةِ البحرِ. كنّا نحاولُ ترتيبَ ذاكَ المكان الذي ورَثناه عن جَدِّنا! طَوينا الشراعَ لكيلا تبعثرهُ الريحْ .. والريحُ طاحونةُ التائهين. وحين هُزمنا، توهمّتُ أن الطريقَ اليكِ على بُعدِ يومٍ وليلة. طويتُ الزمانَ الى نورِ عينيكِ وكانت خطايا البلادِ تدورُ ... وَتعوي. أضعتُكِ...
في صفحةِ الألبومِ نامتْ صورتانِ وراءَ غيمِ اللاصقِ الشفّافِ. بالألوانِ واحدةٌ، وأخرى صورةٌ شمسيةٌ لَم تمسحِ الأيامُ جذوتَها. تأملتُ الأخيرةَ، من يكونُ الجالسُ المسحورُ ما بين الجدارِ وآلةِ التصويرِ؟ مستندًا الى الكرسيِّ، مندهشًا.. يداري خوفَهُ بالكبرياءِ وبدلةِ الكشّافِ. لونُ الوجهِ بنيٌّ، ولونُ...
(الى شهداء ثورة تشرين 2019 العراقية .. غابة الورد التي أزهرت بأرواحكم مازالت نديّة) كان على الشهداء الذين رحلوا أن يمرّوا من البوابة التي تؤدي الى الأسبوع التالي من ثورتهم. لكنهم – دونما قصد – تجمعوّا واحداً بعد الآخر في ملفٍ لا يتسّع إلا لعشرين ميغابايت. تنقلوا من صفحات تتزين بصورهم وأسماءهم،...
لو كنتُ أذكى منَ اللهِ لاكتفيتُ ببُعدينِ إثنينِ: أنتِ وأنِت التي ستكونينَ بعد دقائقْ. لو كنتِ أذكى منَ اللهِ لأخترتِ وقتَ المساءِ لكي تخلقيني - على مَهلٍ - كما ترغبين. لو كانَ هذا الزمانُ النهائيُّ أذكى منَ اللهِ كان تحوّلَ في لحظةٍ لا نهائيةٍ الى صخرةٍ تَعبنا ونُمنا عليها ولا نفترقْ الى أبدِ...
صورٌ على الجدرانِ، قافلةٌ من الصورِ التي تمشي على الجدرانِ في ليلٍ شتائيٍّ ضَنينْ ... وبقيةُ الأشياءِ نائمةٌ ... فلا الصحراء تعرفُ من يكون القادمين ولا الندى يدري بأنّ الغيمَ مسكونٌ بأرواحِ التواريخِ البعيدة والسنينْ. مرّوا كأنّ ظلالهم غابات نخلٍ وابتسامتهم حنينْ. وتبدّدوا، في لحظةٍ،مثلَ...
(1) هي التي رأت كلّ شئ.. فألهجي بذكرها يا بلادي. هي التي اسرفت في زينتها حتى حسدتها الحُرّة والبغيّ. وهي التي تخمّرت في جرار الزمان حتى صارت كأشهى ما يكون النبيذ. (2) تناسلت في قطرات المياه العميقة.. في عرق الأله آبو، الذي سال على جبين البراري. و رقصت شرارةً وحيدةً على دقّاتِ قلبِ البقرة...

هذا الملف

نصوص
24
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى