ومما يحكى أنه كان ببغداد رجل ذو مقدار وكان موسر بالمال والعقار وهو من التجار الكبار وقد سهل عليه دنياه ولم يبلغه من الذرية ما يتمناه ومضت عليه مدة من الزمان ولم يرزق بأناث ولا ذكور، فكبر سنه ورق عظمه وانحنى ظهره وكثر وهنه وهمه فخاف ذهاب ماله ونسبه إذ لم يكن له ولد يرثه ويذكر به فتضرع إلى الله تعالى وصام النهار، وقام الليل، ونذر النذور لله تعالى الحي القيوم، وزار الصالحين، وأكثر التضرع إلى الله تعالى فاستجاب الله له وقبل دعاؤه ورحم تضرعه وشكواه فما كان إلا قليل من الأيام حتى جامع إحدى نسائه فحملت منه في ليلتها ووقتها وساعتها وأتمت أشهرها ووضعت حملها وجاءت بذكر كأنه فلقة قمر، فأوفى بالنذر وشكر الله عز وجل وصدق وكسا الأرامل والأيتام، وليلة سابع الولادة سماه بأبي الحسن فرضعته المراضع وحضنته الحواضن وحملته المماليك والخدم إلى أنكبر ونشأ وترعرع وانتشى، وتعلم القرآن العظيم وفرائض الإسلام وأمور الدين القويم والخط والشعر والحساب والرمي بالنشاب، فكان فريد دهره وأحسن أهل زمانه وعصره، ذا وجه مليح ولسان فصيح، يتهادى تمايلاً واعتدالاً ويترامى تدللاً واختيالاً بخد أحمر وجبين أزهر وعذار أخضر، كما قال فيه بعض واصفيه:
بدا الربيع العذار للـحـدق والورد بعد الربيع كيف بقي
أما ترى النبت فوق عارضه بنفسجاً طالعاً مـن الـورق
فأقام مع أبيه برهة من الزمن في أحسن حال وأبوه به فرح وسرور إلى أن بلغ مبالغ الرجال فأجلسه أبوه بين يديه يوماً من الأيام وقال له: يا ولدي غنه قد قرب الأجل وحانت وفاتي ولم يبق غير لقاء الله عز وجل وقد خلفت لك ما يكفيك إلى ولد الولد من المال المتين والضياع والأملاك والبساتين فاتق الله تعالى يا ولدي فيما خلفته لك ولا تمتع من رفدك، فلم يكن إلا قليل حتى مرض الرجل ومات فجهزه ولده أحسن تجهيز ودفنه ورجع إلى منزله وقعد للعزاء أياماً وليالي وإذا بأصحابه قد دخلوا عليه وقالوا له: من خلف مثلك ما مات، وكل ما فات فقد فات وما يصلح العزاء إلا للبنات والنساء المخدرات ولم يزالوا به حتى دخل الحمام ودخلوا عليه وفكوا حزنه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن أبا الحسن لما دخل عليه أصحابه الحمام وفكوا حزنه نسي وصية أبيه وذهل لكثرة المال وظن أن الدهر يبقى معه على حال، وأن المال ليس له زوال فأكل وشرب ولذ وطرب وخلع ووهب وجاد بالذهب ولازم أكل الدجاج وفض ختم الزجاج وقهقهة القناني واستماع الأغاني، ولم يزل على هذا الحال إلى أن نفذ المال وقعد الحال وذهب ما كان لديه وسقط في يديه، ولم يبق له بعد أن أتلف ما أتلف غير وصيفة خلفها له والده من جملة ما خلف وكانت الوصيفة هذه ليس لها نظير في الحسن والجمال والبهاء والكمال والقد والاعتدال وهي ذات فنون وآداب وفضائل تستطاب قد فاقت أهل عصرها وأوانها، وصارت أشهر من علم في افتتانها وزادت على الملاح بالعلم والعمل والتثني والميل مع كونها خماسية القد مقارنة للسعد بجبينين كأنهما هلال شعبان وحاجبين أزجين، وعيون كعيون غزلان وأنف كخد الحسام، وخد كشقائق النعمان، وفم كخاتم سليمان وأسنان كأنها عقود الجمان، وسرة تسع أوقية دهن بان، وخصر أنحل من جسم من أضناه الهوى وأسقمه الكتمان وردف أثقل من الكثبان، وبالجملة فهي في الحسن والجمال جديرة بقول من قال:
إن أقبلت بحسـن قـوامـهـا أو أدبرت قتلت بصد فراقهـا
شمسية بـدرية غـصـن ليس الجفا والبعد من أخلاقها
جنات عدن تحت جيب قميصها والبدر في فلك على أطواقها
تسلب من يراها بحسن جمالها وبريق ابتسامتها وترميه بعيونا نبل سهامها وهي مع هذا كله فصيحة الكلام حسنة النظام فلما نفذ جميع ماله وتبين سوء حاله ولم يبق معه غير هذه الجارية أقام ثلاثة أيام، وهو لم يذق طعم طعام ولم يسترح في منام، فقالت له الجارية: يا سيدي احملني إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الواحدة والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية قالت لسيدها: يا سيدي احملني إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد الخامس من بني العباس واطلب ثمني منه عشرة آلاف دينار فإن استغلاني فقل له: يا أمير المؤمنين وصيفتي تساوي أكثر من ذلك فاختبرها يعظم قدرها في عينك لأن هذه الجارية ليس لها نظير ولا تصلح إلا لمثلك. ثم قالت له: إياك أن تبيعني بدون ما قلت لك من الثمن فإنه قليل في مثلي وكان سيد الجارية لا يعلم قدرها ولا يعرف أنها ليس لها نظير في زمانها.
ثم أنه حملها إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد وقدمها له وذكر ما قالت، فقال لها الخليفة: ما اسمك؟ قالت: اسمي تودد قال: يا تودد ما تحسنين من العلوم؟ قالت: يا سيدي إني أعرف النحو والشعر والفقه والتفسير واللغة وأعرف فن الموسيقى وعلم الفرائض والحساب والقسمة والمساحة وأساطير الأولين، وأعرف القرآن العظيم وقد قرأته بالسبع والعشر وبالأربع عشرة وأعرف عدد سوره وآياته وأحزابه وأنصافه وأرباعه وأثمانه وأعشاره وسجداته وعدد أحرفه وأعرف ما فيه من الناسخ والمنسوخ والمدنية والمكية، وأسباب التنزيل وأعرف الحديث الشريف دراية ورواية المسند منه والمرسل ونظرت في علوم الرياضة والهندسة والفلسفة وعلم الحكمة والمنطق والمعاني والبيان وحفظت كثيراً من العلم وتعلقت بالشعر وضربت العود، وعرفت مواضع النغم فيه ومواقع حركات أوتاره فإن غنيت ورقصت فتنت وإن تزينت وتطيبت قتلت وبالجملة فإني وصلت إلى شيء لم يعرفه إلا الراسخون في العلم. فلام سمع الخليفة هارون الرشيد كلامها على صغر سنها تعجب من فصاحة لسانها والتفت إلى مولاها وقال: إني أحضر من يناظرها في جميع ما ادعته فإن أجابت دفعت لك ثمنها وزيادة وإن لم تجب فأنت أولى بها فقال مولاها: يا أمير المؤمنين حباً وكرامة فكتب أمير المؤمنين إلى عامل البصرة بأن يرسل إليه إبراهيم بن سيار النظام وكان أعظم أهل زمانه في الحجة والبلاغة والشعر والمنطق وأمره أن يحضر القراء والعلماء والأطباء والمنجمين والحكماء والمهندسين والفلاسفة، وكان ابراهيم أعلم من الجميع فما كان إلا قليل حتى حضروا دار الخلافة وهم لا يعلمون الخبر فدعاهم أمير المؤمنين إلى مجلسه وأمرهم بالجلوس فجلسوا ثم أمر أن تحضر الجارية تودد فحضرت وأظهرت نفسها وهي كأنها كوكب دري فوضع لها كرسي من ذهب فسلمت، ونطقت بفصاحة لسان وقالت: يا أمير المؤمنين مر من حضر من العلماء والقراء والأطباء والمنجمين والحكماء والمهندسين والفلاسفة أن يناظروني. فقال لهم أمير المؤمنين: أريد منكم أن تناظروا هذه الجارية في أمر دينها وأن تدحضوا حجتها في كل ما ادعته فقالوا: السمع والطاعة لله ولك يا أمير المؤمنين فعند ذلك أطرقت الجارية برأسها إلى الأرض وقالت: أيكم الفقيه العالم المقري المحدث؟ فقال أحدهم: أنا ذلك الرجل الذي طلبت فقالت له: اسأل عما شئت قال لها: أنت قرأت كتاب الله العزيز وعرفت ناسخه ومنسوخه وتدبرت آياته وحروفه قالت: نعم فقال لها: أسألك عن الفرائض الواجبة والسنن القائمة فأخبريني أيتها الجارية عن ذلك ومن ربك ومن إمامك وما قبلتك وأخوانك وما طريقك وما منهاجك؟ قالت: الله ربي ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيي والقرآن إمامي والكعبة قبلتي والمؤمنون أخواني والخير طريقي والسنة منهاجي. فتعجب الخليفة من قولها ومن فصاحة لسانها على صغر سنها ثم قال لها: أيتها الجارية أخبريني بما عرفت الله تعالى؟ قالت: بالعقل، قال: وما العقل؟ قالت: العقل عقلان عقل موهوب وعقل مكسوب. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثانية والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية قالت: قالت: العقل عقلان موهوب ومكسوب، فالعقل الموهوب هو الذي خلقه الله عز وجل يهدي به من يشاء من عباده، والعقل المكسوب هو الذي يكسبه المرء بتأدبه وحسن معروفه فقال لها: أحسنت ثم قال: أين يكون العقل؟ قالت: يقذفه الله في القلب فيصعد شعاعه في الدماغ حتى يستقر قال لها: أحسنت ثم قال: أخبريني بما عرفت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: بقراءة كتاب الله تعالى وبالآيات والدلالات والبراهين والمعجزات قال: أحسنت فأخبريني عن الفرائض الواجبة والسنن القائمة؟ قالت: أما الفرائض الواجبة فخمس: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمد عبده ورسوله، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلاً، وأما السنن فهي أربع: الليل والنهار والشمس والقمر، وهن يدنين العمر والأمل وليس يعلم ابن آدم أنهن يهدمن الأجل.
قال: أحسنت فأخبريني ما شعائر الإيمان؟ قالت: شعائر الإيمان الصلاة والزكاة والصوم والحج واجتنبا الحرام. وقال: أحسنت أخبريني بأي شيء تقومين إلى الصلاة؟ قالت: بنية العبودية مقرة بالربوبية قال: فأخبريني كم فرض الله عليك قبل قيامك إلى الصلاة؟ قالت: الطهارة وستر العورة واجتناب الثياب المتنجسة والوقوف على مكان طاهر والتوجه للقبلة والنية وتكبيرة الإحرام. قال: أحسنت فاخبريني بم تخرجين من بيتك إلى الصلاة؟ قالت: بنية العبادة قال: فبأي نية تدخلين المسجد؟ قالت: بنية الخدمة قال: فبماذا تستقبلين القبلة؟ قالت: بثلاث فرائض وسنة قال: أحسنت فأخبريني ما مبدأ الصلاة وما تحليلها وما تحريمها؟ قالت: مبدأ الصلاة الطهور وتحريمها تحريمة تكبيرة الإحرام وتحليل السلام من الصلاة قال: فماذا يجب على من تركها؟ قالت: روي في الصحيح من ترك الصلاة عامداً متعمداً من غير عذر فلا حظ له في الإسلام. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثالثة والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما ذكرت الحديث الشريف قال لها الفقيه: أحسنت فأخبريني عن الصلاة ما هي؟ قالت: الصلاة سر بين العبد وربه وفيها عشرة خصال: تنور القلب وتضيء الوجه، وترضي الرحمن وتغضب الشيطان، وتدفع البلاء وتكفي شر الأعداء، وتكثر الرحمة، وتدفع النقمة وتقرب العبد من مولاه وتنهي عن الفحشاء والمنكر وهي من الواجبات المفروضات المكتوبات وهي عماد الدين، قال: أحسنت فأخبريني ما مفتاح الصلاة؟ قالت: الوضوء قال: ما مفتاح الوضوء؟ قالت: التسمية قال: فما مفتاح التسمية؟ قالت: اليقين قال: فما مفتاح اليقين؟ قالت: التوكل قال: فما مفتاح التوكل؟ قالت: الرجاء قال: فما مفتاح الرجاء؟ قالت: الطاعة قال: فما مفتاح الطاعة؟ قالت: الاعتراف لله تعالى بالوحدانية والإقرار له بالربوبية.
قال: أحسنت فأخبريني عن فروض الوضوء قالت: ستة أشياء على مذهب الإمام الشافعي محمد بن ادريس رضي الله عنه، النية عند غسل الوجه وغسل اليدين مع المرفقين، ومسح بعض الرأس وغسل الرجلين مع الكعبين والترتيب، وسنته عشرة أشياء: التسمية، وغسل الكفين قبل إدخالهما الإناء، والمضمضة، والاستنشاق، ومسح بعض الرأس، ومسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما بماء جديد وتخليل اللحية الكثة وتخليل أصابع اليدين والرجلين وتقديم اليمنى على اليسرى والطهارة ثلاثاً ثلاثاً والموالاة فإذا فرغ من الوضوء قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المطهرين سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك فقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قالها عقب كل وضوء فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء. قال: أحسنت فغذا أراد الإنسان الوضوء ماذا يكون عنده من الملائكة والشياطين؟ قالت: إذا تهيأ الإنسان للوضوء، أتت الملائكة عن يمينه والشياطين عن شماله فإذا ذكر الله تعالى في ابتداء الوضوء فرت منه الشياطين واستولت عليه الملائكة بخيمة من نور لها أربعة أطناب، مع كل طنب ملك يسبح الله تعالى ويستغفر له ما دام في إنصات أو ذكر، فإن لم يذكر الله عز وجل عند ابتداء الوضوء ولم ينصت استولت عليه الشياطين وانصرفت عنه الملائكة ووسوس له الشيطان حتى يدخل عليه الشك والنقص في وضوئه. فقد قال عليه الصلاة والسلام: الوضوء الصالح يطرد الشيطان ويؤمن من جور السلطان وقال أيضاً: من نزلت عليه بلية وهو على غير وضوء فلا يلومن إلا نفسه قال: أحسنت فأخبريني عما يفعل الشخص إذا استيقظ من منامه؟ قالت: إذا استيقظ الشخص من منامه فليغسل يديه ثلاثاً قبل إدخالهما في الإناء قال: أحسنت فأخبريني عن فروض الغسل وعن سننه؟ قالت: فروض الغسل النية وتعميم البدن بالماء إلى جميع الشعر والبشرة، وأما سننه فلوضوء قبله، والتدليك وتخليل الشعر وتأخير غسل الرجلين في قول آخر الغسل قال ك أحسنت. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الرابعة والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما أخبرت الفقيه عن فروض الغسل وسننه قال: أحسنت فأخبريني عن أسباب التيمم وفرضه وسننه؟ قالت: أما أسبابه فسبعة: فقد الماء والخوف والحاجة إليه، وإضلاله في رحلة والمرض والجبيرة والجراح. وأما فروضه فأربعة: النية والتراب وضربة للوجه وضربة لليدين وأما سننه فالتسمية وتقديم اليمنى على اليسرى قال: أحسنت فأخبريني عن شروط الصلاة وعن أركانها وسننها؟ قالت: أما شروطها فخمسة أشياء: طهارة الأعضاء وستر العورة ودخول الوقت يقيناً أو ظناً واستقبال القبلة والوقوف على مكان طاهر، وأما أركانها فالنية وتكبيرة الإحرام والقيام مع القدرة وقراءة الفاتحة وبسم الله الرحمن الرحيم آية منها على مذهب الإمام الشافعي والركوع والطمأنينة فيه والاعتدال والطمأنينة فيه والسجود والطمأنينة فيه والجلوس بين السجدتين والطمأنينة فيه والتشهد الأخير والجلوس له والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه والتسليمة الأولى ونية الخروج من الصلاة في قول، وأما سننها فالأذان والإقامة ورفع اليدين عند الإحرام ودعاء الإفتتاح والتعوذ والتأمين وقراءة السورة بعد الفاتحة والتكبيرات عند الإنتقالات وقول سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد والجهر في موضعه والإسرار في موضعه والتشهد الأولى والجلوس له والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه والصلاة على الآل في التشهد الأخير والتسليمة الثانية قال: أحسنت فأخبريني فبماذا تجب الزكاة؟ قالت: تجب في الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم والحنطة والشعير والدخن والذرة والفول والحمص والأرز والزبيب والتمر، قال أحسنت فأخبريني في كم تجب الزكاة في الذهب؟ قالت: لا زكاة فيما دون عشرين مثقالاً فإذا بلغت العشرين ففيها نصف مثقال وما زاد فبحسابه قال: فأخبريني في كم يجب الزكاة في الإبل؟ قالت: في كل خمس شاة إلى خمس وعشرين فيها بنت مخاض قال: أحسنت فأخبريني في كم تجب الزكاة في الورق قال: ليس فيما دون مائتي درهم فإذا بلغت المائتين فيها خمسة دراهم وان زاد فبحسابه قال: أحسنت فأخبريني في كم تجب الزكاة في الشاة؟ قالت: إذا بلغت أربعين فيها شاة قال: أحسنت فأخبريني عن الصوم وفرضه قالت: أما فروض الصوم فالنية والإمساك عن الأكل والشرب والجماع وتعم القيء وهو واجب على كل مكلف خال عن الحيض والنفاس ويجب رؤية الهلال أو بإخبار عدل يقع في قلب المخبر صدقه، ومن واجباته تثبيت النية، وأما سننه فتعجيل الفطور وتأخير السحور وترك الكلام إلا في الخير والذكر وتلاوة القرآن قال: أحسنت فأخبريني عن شيء لا يفسد الصوم قالت: الأذهان والإكتحال وغبار الطريق وابتلاع الريق وخروج المني بالإحتلام أو النظر لامرأة أجنبية والفصادة والحجامة هذا كله لا يفسد الصوم. قال: أحسنت فأخبريني عن صلاة العيدين قالت: ركعتان وهما سنة من غير آذان وإقامة ولكن يقول الصلاة جامعة ويكبر في الأولى سبعاً ى تكبيرة الإحرام وفي الثانية خمساً سوى تكبيرة القيام على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الخامسة والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما أخبرت الفقيه عن صلاة العيدين قال لها: أحسنت فأخبريني عن صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر قالت: ركعتان بغير آذان ولا إقامة يأتي ركعة بقيامين وركوعين وسجودين ويجلس وينشد ويسلم ثم يخطب ويستغفر الله تعالى مكان التكبير في خطبتي العيدين ويحول رداءه بأن يجعل أعلاه أسفله ويدعوا ويتضرع قال: أحسنت فأخبريني عن صلاة الوتر قالت: الوتر أقله ركعة واحدة وأكثره إحدى عشر ركعة قال: أحسنت فأخبريني عن صلاة الضحى قالت: أقلها ركعتان وأكثرها اثنتي عشر ركعة قال: أحسنت فأخبريني عن الإعتكاف قالت: هو سنة قال: فما شروطه؟ قالت: النية وأن لا تخرج من المسجد إلا لحاجة ولا يباشر النساء وأن يصوم ويترك الكلام. قال: أحسنت فأخبريني بماذا يجب الحج؟ قالت: بالبلوغ والعقل والإسلام والاستطاعة وهو واجب في العمر مرة واحدة قبل الموت قال: فما فروض الحج؟ قالت: الإحرام والوقوف بعرفة والطواف والسعي والحلق والتقصير قال: فما فروض العمرة؟ قالت: الإحرام بها وطوافها وسعيها قال: فما فروض الإحرام؟ قالت: التجرد من المخيط واجتناب الطيب وترك حلق الرأس وتقليم الأظافر وقتل الصيد والنكاح قال: فما سنن الحج؟ قالت: التلبية وطواف القدوم والوداع والمبيت بالمزدلفة ورمي الجمار. قال: أحسنت فما الجهاد وما أركانه؟ قالت: أما أركانه فخروج الكفار علينا ووجود الإمام والعدة والثبات عند لقاء العدو وأما سننه فهو التحريض على القتال لقوله تعالى: يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال، قال: أحسنت فأخبريني عن فروض البيع وسننه قالت: أما فروض البيع فالإيجاب والقبول وأن يكون البيع مملوكاً منتفعاً به مقدوراً على تسليمه وترك الربا وأما سننه فالإقالة والخيار قبل التفريق لقوله صلى الله عليه وسلم: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا قال: أحسنت فأخبريني عن شيء لا يجوز بيع بعضه ببعض قالت: حفظت في ذلك حديثاً صحيحاً عن نافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع التمر بالرطب والتين باليابس والقديد باللحم والزبد بالسمن وكل ما كان من صنف واحد مأكول فلا يجوز بيع بعضه ببعض.
فلما سمع الفقيه كلامها وعرف أنها ذكية فطنة حاذقة عالمة بالفقه والحديث والتفسير وغير ذلك قال في نفسه: لا بد أن أتحيل عليها حتى أغلبها في مجلس أمير المؤمنين فقال لها: يا جارية ما معنى الوضوء في اللغة؟ قالت: الوضوء في اللغة النظافة والخلوص من الأدناس قال: فما معنى الصلاة في اللغة؟ قالت: الدعاء بخير قال: فما معنى الغسل في اللغة؟ قالت: التطهير قال: فما معنى الصوم في اللغة؟ قالت: الإمساك قال: فما معنى الزكاة في اللغة؟ قالت: الزيادة قال: فما معنى الحج في اللغة؟ قالت: القصد قال: فما معنى الجهاد في اللغة؟ قالت: الدفاع، فانقطعت حجة الفقيه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة السادسة والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الفقيه لما انقطعت حجته قام على قدميه وقال: أشهد الله يا أمير المؤمنين بأن الجارية أعلم مني في الفقه فقالت له الجارية: أسألك عن شي فأتني جوابه سريعاً إن كنت عارفاً قال: اسألي قالت: ما سهام الدين؟ قال: هي عشرة: الأولى الشهادة وهي الملة، الثاني الصلاة وهي الفطرة، الثالث الزكاة وهي الطهارة، الرابع الصوم وهي الجنة، الخامس الحج وهي الشريعة، السادس الجهاد وهي الكفاية، السابع والثامن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهما الغيرة، التاسع الجماعة وهي الألفة، العاشر طلب العلم وهي الطريق الجيدة.
قالت: أحسنت وقد بقيت عليك مسألة فما أصول الإسلام؟ قال: هي أربعة: صحة العقد، وصدق العقد، وحفظ الحد، والوفاء بالعهد.
قالت: بقيت مسألة أخرى فإن أجبت وإلا أخذت ثيابك قال: قولي يا جارية قالت: فما فروع الإسلام؟ فسكت ساعة ولم يجب بشيء فقالت: انزع ثيابك وأنا أفسرها لك قال أمير المؤمنين: فسريها وأنا أنزع لك ما عليه من الثياب قالت: اثني وعشرون فرعاً التمسك بكتاب الله والإقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم وكف الأذى وأكل الحلال واجتناب الحرام ورد المظالم إلى أهلها والتوبة والفقه في الدين وحب الجليل واتباع التنزيل والتأهب للرحيل وقوة اليقين والعفو عند المقدرة والقوة عند الضعف والصبر عند المصيبة ومعرفة الله تعالى ومعرفة ما جاء به نبيه صلى الله عليه وسلم ومخالفة اللعين إبليس ومجاهدة النفس ومخالفتها والإخلاص لله. فلما سمع أمير المؤمنين ذلك منها أمر أن تنزع ثياب الفقيه وطيلسانه فنزعهما ذلك الفقيه وخرج مقهوراً منها خجلاً من بين يدي أمير المؤمنين، ثم قام رجل آخر وقال: يا جارية اسمعي مني مسائل قليلة قالت له: قل، قال: فما شرط صحة المسلم؟ قالت: القدر المعلوم والجنس المعلوم والأجل المعلوم، قال: أحسنت فما فروض الأكل وسننه؟ قالت: فروض الأكل الإعتراف بان الله تعالى رزقه وأطعمه وسقاه والشكر لله تعالى على ذلك، قال: فما الشكر؟ قالت: صرف العبد لجميع ما أنعم الله به عليه فيما خلق لأجله قال: فما سنن الأكل؟ قالت: التسمية وغسل اليدين والجلوس على الورك الأيسر والأكل بثلاث أصابع والكل مما لك قال:: أحسنت فأخبريني ما آداب الأكل؟ قالت: أن تصغر اللقمة وتقل النظر إلى جليسك قال: أحسنت. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة السابعة والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما سئلت عن آداب الأكل وذكرت الجواب قال لها الفقيه السائل: أحسنت فأخبريني عن عقائد القلب وأضدادها قالت: هن ثلاث وأضدادها ثلاث: الأولى اعتقاد الإيمان وضدها مجانية الكفر، والثانية اعتقاد السنة وضدها مجانية البدعة، والثالثة اعتقاد الطاعة وضدها مجانية المعصية، قال: أحسنت فأخبريني عن شروط الوضوء قالت: الإسلام والتميز وطهور الماء وعدم المانع الحسن وعدم المانع الشرعي قال: أحسنت فأخبريني عن الإيمان قالت: الإيمان ينقسم إلى تسعة أقسام: إيمان بالمعبودة وإيمان بالعبودية وإيمان بالخصوصية وإيمان بالقبضتين وإيمان بالناسخ وإيمان بالمنسوخ وإن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره وحلوه ومره. قال: أحسنت فأخبريني عن ثلاث تمنع ثلاثاً، قالت: نعم. روي عن سفيان الثوري أنه قال: ثلاث تذهب ثلاثاً: الاستخفاف بالصالحين يذهب الآخرة والاستخفاف بالملوك يذهب الروح، والاستخفاف بالنفقة يذهب المال، قال: أحسنت فأخبريني عن مفاتيح السموات وكم لها من باب؟ قالت: قال الله تعالى: وفتحت السماء فكانت أبواباً. وقال عليه الصلاة والسلام: وليس يعلم عدة أبواب السماء إلا الذي خلق السماء وما من أحد من بني آدم إلا وله بابان في السماء باب ينزل منه رزقه وباب يصعد منه عمله ولا يغلق باب رزقه حتى ينقطع أجله ولا يغلق باب عمله حتى تصعد روحه.
قال: أحسنت فأخبريني عن شيء وعن نصف شيء وعن لا شيء؟ قالت: الشيء هو المؤمن ونصف الشيء هو المنافق وأن لا شيء هو الكافر قال: أحسنت فأخبريني عن القلوب قالت: قلب سليم وقلب سقيم وقلب منيب وقلب نذير وقلب منير، فالقلب السليم هو قلب الخليل والقلب السقيم هو قلب الكافر والقلب المنيب هو قلب المتقين الخائفين والقلب النذير هو قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والقلب المنير هو قلب من يتبعه وقلوب العلماء ثلاثة: قلب متعلق بالدنيا وقلب متعلق بالآخرة وقلب متعلق بمولاه وقيل: إن القلوب ثلاثة: قلب معلق وهو قلب الكافر، وقلب معدوم وهو قلب المنافق، وقلب ثابت وهو قلب المؤمن، وقيل هي ثلاثة: قلب مشروح بالنور والإيمان وقلب مجروح من خوف الهجران، وقلب خائف من الخذلان، قال: أحسنت. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثامنة والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما سألها الفقيه الثاني وأجابته وقال لها: أحسنت قالت: يا أمير المؤمنين إنه قد سألني حتى عيي وأنا أسأله مسألتين فإن أتى بجوابهما فذاك وإلا أخذت ثيابه وانصرف بسلام فقال لها الفقيه: سليني ما شئت، قالت: فما تقول في الإيمان؟ قال: الإيمان إقرار باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح وقال عليه الصلاة والسلام: لا يكمل المرء في الإيمان حتى يكمل فيه خمس خصال التوكل على الله والتفويض إلى الله والتسليم لأمر الله والرضا بقضاء الله وأن تكون أموره لله فإنه من أحب الله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان. قالت: فأخبرني عن فرض الفرض وعن فرض في ابتداء كل فرض وعن فرض يحتاج إليه كل فرض وعن سنة داخلة في الفرض وعن سنة يتم بها الفرض فسكت ولم يجب بشيء فأمرها أمير المؤمنين بأن تفسرها وأمره أن ينزع ثيابه ويعطيها إياها فعند ذلك قالت: يا فقيه أما فرض الفرض فمعرفة الله تعالى وأما الفرض الذي في ابتداء كل فرض فهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وأما الفرض الذي يحتاج إليه كل فرض فهو الوضوء وأما الفرض المستغرق كل فرض فهو الغسل من الجنابة وأما السنة الداخلة في الفرض فهي تخليل الأصابع وتخليل اللحية الكثيفة وأما السنة التي يتم بها الفرض فهو الإختتان فعند ذلك تبين عجز الفقيه وقام على قدميه وقال: أشهد الله يا أمير المؤمنين أن هذه الجارية أعلم مني بالفقه وغيره ثم نزع ثيابه وانصرف مقهوراً.
وأما حكايتها مع المقرئ فإنها التفتت إلى من بقي من العلماء الحاضرين وقالت: أيكم الأستاذ المقرئ بالعالم بالقرآن السبع والنحو واللغة؟ فقام إليها المقرئ وجلس بين يديها وقال لها: هل قرأت كتاب الله تعالى وأحكمت معرفة آياته وناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومكيه ومدنيه وفهمت تفسيره وعرفتيه على الروايات والأصول في القرآن؟ قالت: نعم. قال: أخبريني عن عدد سور القرآن وكم فيه من عشر وكم فيه من آيات وكم فيه من حرف وكم فيه من سجدة وكم فيه من نبي مذكور وكم فيه من سورة مدنية وكم فيه من سورة مكية وكم فيه من طير؟ قالت: يا سيدي أما سور القرآن فمائة وأربع عشرة سورة المكي منها سبعون والمدني أربع وأربعون وأما أعشاره فستمائة عشر واحد وعشرون عشراً وأما الآيات فست آلاف ومائتان آية وأما أحرفه فثلاثة وعشرون ألفاً وستمائة وسبعون حرفاً وللقارئ بكل حرف عشر حسنات وأما السجدات فأربع عشر سجدة. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة التاسعة والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن لما سألها المقرئ عن القرآن الكريم أجابته وقالت له: وأما الأنبياء الذين ذكرت أسماؤهم في القرآن فخمسة وعشرون نبياً وهم: آدم ونوح وإبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب ويوسف واليسع ولوط وصالح وهود وشعيب وداود وسليمان وذو الكفل وإدريس وإلياس ويحيى وزكريا وأيوب وموسى وهارون ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين، وأما الطير فهن تسع، قال: ما اسمهن؟ قالت: البعوض والذباب والنمل والهدهد والغراب والجراد والأبابيل وطير عيسى عليه السلام وهو الخفاش. قال: أحسنت أي سورة في القرآن أفضل؟ قالت: سورة البقرة، قال: فأي آية أعظم؟ قالت: آية الكرسي وهي خمسون كلمة مع كل كلمة خمسون بركة، قال: فأي آية فيها تسع آيات؟ قالت قوله تعالى: (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس) إلى آخر الآية. قال: أحسنت فأخبريني أي آية أعدل؟ قالت: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، قال: فأي آية أطمع؟ قالت: قوله تعالى:(أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة النعيم)، قال: فأي جنة أرجى؟ قالت: قوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم). قال: أحسنت فأخبريني بأي قراءة تقرأين؟ قالت: بقراءة أهل الجنة وهي قراءة نافع، قال: فأي آية كذب فيها الأنبياء؟ قالت: قوله تعالى: (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) وهم أخوة يوسف، قال: فأخبريني أي آية صدق فيها الكفار؟ قالت: قوله تعالى: (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب) فهم صدقوا جميعاً، قال: فما آية قالها الله لنفسه؟ قالت: قوله تعالى: (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون)، قال: فأي آية فيها قول الملائكة؟ قالت: قوله تعالى: (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك)، قال: فأخبريني عن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وما جاء فيها؟ قالت: التعوذ واجب أمر الله به عند القراءة والدليل عليه قوله تعالى: (فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم).
قال: أخبريني ما لفظ الاستعاذة وما الخلاف فيها؟ قالت: منهم من يستعيذ بقوله: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ومنهم من يقول: أعوذ بالله القوي والأحسن ما نطق به القرآن العظيم ووردت به السنة، وكان صلى الله عليه وسلم إذا استفتح القرآن قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وروي عن نافع عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي في الليل قال: الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً، ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن همزات الشياطين ونزعاتهم.
وروي عن ابن عباس رضي الله قال: أول ما نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم علمه الإستعاذة وقال له: قل يا محمد أعوذ بالله السميع العليم ثم قل بسم الله الرحمن الرحيم ثم اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق. فلما سمع المقرئ كلامها تعجب من لفظها وفصاحتها ثم قال لها: يا جارية ما تقولين في قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم هل هي آية من آيات القرآن؟ قالت: نعم آية من القرآن في النمل وآية بين كل سورتين والاختلاف في ذلك بين العلماء كثير، قال: أحسنت. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
.../...
.
بدا الربيع العذار للـحـدق والورد بعد الربيع كيف بقي
أما ترى النبت فوق عارضه بنفسجاً طالعاً مـن الـورق
فأقام مع أبيه برهة من الزمن في أحسن حال وأبوه به فرح وسرور إلى أن بلغ مبالغ الرجال فأجلسه أبوه بين يديه يوماً من الأيام وقال له: يا ولدي غنه قد قرب الأجل وحانت وفاتي ولم يبق غير لقاء الله عز وجل وقد خلفت لك ما يكفيك إلى ولد الولد من المال المتين والضياع والأملاك والبساتين فاتق الله تعالى يا ولدي فيما خلفته لك ولا تمتع من رفدك، فلم يكن إلا قليل حتى مرض الرجل ومات فجهزه ولده أحسن تجهيز ودفنه ورجع إلى منزله وقعد للعزاء أياماً وليالي وإذا بأصحابه قد دخلوا عليه وقالوا له: من خلف مثلك ما مات، وكل ما فات فقد فات وما يصلح العزاء إلا للبنات والنساء المخدرات ولم يزالوا به حتى دخل الحمام ودخلوا عليه وفكوا حزنه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن أبا الحسن لما دخل عليه أصحابه الحمام وفكوا حزنه نسي وصية أبيه وذهل لكثرة المال وظن أن الدهر يبقى معه على حال، وأن المال ليس له زوال فأكل وشرب ولذ وطرب وخلع ووهب وجاد بالذهب ولازم أكل الدجاج وفض ختم الزجاج وقهقهة القناني واستماع الأغاني، ولم يزل على هذا الحال إلى أن نفذ المال وقعد الحال وذهب ما كان لديه وسقط في يديه، ولم يبق له بعد أن أتلف ما أتلف غير وصيفة خلفها له والده من جملة ما خلف وكانت الوصيفة هذه ليس لها نظير في الحسن والجمال والبهاء والكمال والقد والاعتدال وهي ذات فنون وآداب وفضائل تستطاب قد فاقت أهل عصرها وأوانها، وصارت أشهر من علم في افتتانها وزادت على الملاح بالعلم والعمل والتثني والميل مع كونها خماسية القد مقارنة للسعد بجبينين كأنهما هلال شعبان وحاجبين أزجين، وعيون كعيون غزلان وأنف كخد الحسام، وخد كشقائق النعمان، وفم كخاتم سليمان وأسنان كأنها عقود الجمان، وسرة تسع أوقية دهن بان، وخصر أنحل من جسم من أضناه الهوى وأسقمه الكتمان وردف أثقل من الكثبان، وبالجملة فهي في الحسن والجمال جديرة بقول من قال:
إن أقبلت بحسـن قـوامـهـا أو أدبرت قتلت بصد فراقهـا
شمسية بـدرية غـصـن ليس الجفا والبعد من أخلاقها
جنات عدن تحت جيب قميصها والبدر في فلك على أطواقها
تسلب من يراها بحسن جمالها وبريق ابتسامتها وترميه بعيونا نبل سهامها وهي مع هذا كله فصيحة الكلام حسنة النظام فلما نفذ جميع ماله وتبين سوء حاله ولم يبق معه غير هذه الجارية أقام ثلاثة أيام، وهو لم يذق طعم طعام ولم يسترح في منام، فقالت له الجارية: يا سيدي احملني إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الواحدة والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية قالت لسيدها: يا سيدي احملني إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد الخامس من بني العباس واطلب ثمني منه عشرة آلاف دينار فإن استغلاني فقل له: يا أمير المؤمنين وصيفتي تساوي أكثر من ذلك فاختبرها يعظم قدرها في عينك لأن هذه الجارية ليس لها نظير ولا تصلح إلا لمثلك. ثم قالت له: إياك أن تبيعني بدون ما قلت لك من الثمن فإنه قليل في مثلي وكان سيد الجارية لا يعلم قدرها ولا يعرف أنها ليس لها نظير في زمانها.
ثم أنه حملها إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد وقدمها له وذكر ما قالت، فقال لها الخليفة: ما اسمك؟ قالت: اسمي تودد قال: يا تودد ما تحسنين من العلوم؟ قالت: يا سيدي إني أعرف النحو والشعر والفقه والتفسير واللغة وأعرف فن الموسيقى وعلم الفرائض والحساب والقسمة والمساحة وأساطير الأولين، وأعرف القرآن العظيم وقد قرأته بالسبع والعشر وبالأربع عشرة وأعرف عدد سوره وآياته وأحزابه وأنصافه وأرباعه وأثمانه وأعشاره وسجداته وعدد أحرفه وأعرف ما فيه من الناسخ والمنسوخ والمدنية والمكية، وأسباب التنزيل وأعرف الحديث الشريف دراية ورواية المسند منه والمرسل ونظرت في علوم الرياضة والهندسة والفلسفة وعلم الحكمة والمنطق والمعاني والبيان وحفظت كثيراً من العلم وتعلقت بالشعر وضربت العود، وعرفت مواضع النغم فيه ومواقع حركات أوتاره فإن غنيت ورقصت فتنت وإن تزينت وتطيبت قتلت وبالجملة فإني وصلت إلى شيء لم يعرفه إلا الراسخون في العلم. فلام سمع الخليفة هارون الرشيد كلامها على صغر سنها تعجب من فصاحة لسانها والتفت إلى مولاها وقال: إني أحضر من يناظرها في جميع ما ادعته فإن أجابت دفعت لك ثمنها وزيادة وإن لم تجب فأنت أولى بها فقال مولاها: يا أمير المؤمنين حباً وكرامة فكتب أمير المؤمنين إلى عامل البصرة بأن يرسل إليه إبراهيم بن سيار النظام وكان أعظم أهل زمانه في الحجة والبلاغة والشعر والمنطق وأمره أن يحضر القراء والعلماء والأطباء والمنجمين والحكماء والمهندسين والفلاسفة، وكان ابراهيم أعلم من الجميع فما كان إلا قليل حتى حضروا دار الخلافة وهم لا يعلمون الخبر فدعاهم أمير المؤمنين إلى مجلسه وأمرهم بالجلوس فجلسوا ثم أمر أن تحضر الجارية تودد فحضرت وأظهرت نفسها وهي كأنها كوكب دري فوضع لها كرسي من ذهب فسلمت، ونطقت بفصاحة لسان وقالت: يا أمير المؤمنين مر من حضر من العلماء والقراء والأطباء والمنجمين والحكماء والمهندسين والفلاسفة أن يناظروني. فقال لهم أمير المؤمنين: أريد منكم أن تناظروا هذه الجارية في أمر دينها وأن تدحضوا حجتها في كل ما ادعته فقالوا: السمع والطاعة لله ولك يا أمير المؤمنين فعند ذلك أطرقت الجارية برأسها إلى الأرض وقالت: أيكم الفقيه العالم المقري المحدث؟ فقال أحدهم: أنا ذلك الرجل الذي طلبت فقالت له: اسأل عما شئت قال لها: أنت قرأت كتاب الله العزيز وعرفت ناسخه ومنسوخه وتدبرت آياته وحروفه قالت: نعم فقال لها: أسألك عن الفرائض الواجبة والسنن القائمة فأخبريني أيتها الجارية عن ذلك ومن ربك ومن إمامك وما قبلتك وأخوانك وما طريقك وما منهاجك؟ قالت: الله ربي ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيي والقرآن إمامي والكعبة قبلتي والمؤمنون أخواني والخير طريقي والسنة منهاجي. فتعجب الخليفة من قولها ومن فصاحة لسانها على صغر سنها ثم قال لها: أيتها الجارية أخبريني بما عرفت الله تعالى؟ قالت: بالعقل، قال: وما العقل؟ قالت: العقل عقلان عقل موهوب وعقل مكسوب. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثانية والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية قالت: قالت: العقل عقلان موهوب ومكسوب، فالعقل الموهوب هو الذي خلقه الله عز وجل يهدي به من يشاء من عباده، والعقل المكسوب هو الذي يكسبه المرء بتأدبه وحسن معروفه فقال لها: أحسنت ثم قال: أين يكون العقل؟ قالت: يقذفه الله في القلب فيصعد شعاعه في الدماغ حتى يستقر قال لها: أحسنت ثم قال: أخبريني بما عرفت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: بقراءة كتاب الله تعالى وبالآيات والدلالات والبراهين والمعجزات قال: أحسنت فأخبريني عن الفرائض الواجبة والسنن القائمة؟ قالت: أما الفرائض الواجبة فخمس: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمد عبده ورسوله، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلاً، وأما السنن فهي أربع: الليل والنهار والشمس والقمر، وهن يدنين العمر والأمل وليس يعلم ابن آدم أنهن يهدمن الأجل.
قال: أحسنت فأخبريني ما شعائر الإيمان؟ قالت: شعائر الإيمان الصلاة والزكاة والصوم والحج واجتنبا الحرام. وقال: أحسنت أخبريني بأي شيء تقومين إلى الصلاة؟ قالت: بنية العبودية مقرة بالربوبية قال: فأخبريني كم فرض الله عليك قبل قيامك إلى الصلاة؟ قالت: الطهارة وستر العورة واجتناب الثياب المتنجسة والوقوف على مكان طاهر والتوجه للقبلة والنية وتكبيرة الإحرام. قال: أحسنت فاخبريني بم تخرجين من بيتك إلى الصلاة؟ قالت: بنية العبادة قال: فبأي نية تدخلين المسجد؟ قالت: بنية الخدمة قال: فبماذا تستقبلين القبلة؟ قالت: بثلاث فرائض وسنة قال: أحسنت فأخبريني ما مبدأ الصلاة وما تحليلها وما تحريمها؟ قالت: مبدأ الصلاة الطهور وتحريمها تحريمة تكبيرة الإحرام وتحليل السلام من الصلاة قال: فماذا يجب على من تركها؟ قالت: روي في الصحيح من ترك الصلاة عامداً متعمداً من غير عذر فلا حظ له في الإسلام. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثالثة والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما ذكرت الحديث الشريف قال لها الفقيه: أحسنت فأخبريني عن الصلاة ما هي؟ قالت: الصلاة سر بين العبد وربه وفيها عشرة خصال: تنور القلب وتضيء الوجه، وترضي الرحمن وتغضب الشيطان، وتدفع البلاء وتكفي شر الأعداء، وتكثر الرحمة، وتدفع النقمة وتقرب العبد من مولاه وتنهي عن الفحشاء والمنكر وهي من الواجبات المفروضات المكتوبات وهي عماد الدين، قال: أحسنت فأخبريني ما مفتاح الصلاة؟ قالت: الوضوء قال: ما مفتاح الوضوء؟ قالت: التسمية قال: فما مفتاح التسمية؟ قالت: اليقين قال: فما مفتاح اليقين؟ قالت: التوكل قال: فما مفتاح التوكل؟ قالت: الرجاء قال: فما مفتاح الرجاء؟ قالت: الطاعة قال: فما مفتاح الطاعة؟ قالت: الاعتراف لله تعالى بالوحدانية والإقرار له بالربوبية.
قال: أحسنت فأخبريني عن فروض الوضوء قالت: ستة أشياء على مذهب الإمام الشافعي محمد بن ادريس رضي الله عنه، النية عند غسل الوجه وغسل اليدين مع المرفقين، ومسح بعض الرأس وغسل الرجلين مع الكعبين والترتيب، وسنته عشرة أشياء: التسمية، وغسل الكفين قبل إدخالهما الإناء، والمضمضة، والاستنشاق، ومسح بعض الرأس، ومسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما بماء جديد وتخليل اللحية الكثة وتخليل أصابع اليدين والرجلين وتقديم اليمنى على اليسرى والطهارة ثلاثاً ثلاثاً والموالاة فإذا فرغ من الوضوء قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المطهرين سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك فقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قالها عقب كل وضوء فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء. قال: أحسنت فغذا أراد الإنسان الوضوء ماذا يكون عنده من الملائكة والشياطين؟ قالت: إذا تهيأ الإنسان للوضوء، أتت الملائكة عن يمينه والشياطين عن شماله فإذا ذكر الله تعالى في ابتداء الوضوء فرت منه الشياطين واستولت عليه الملائكة بخيمة من نور لها أربعة أطناب، مع كل طنب ملك يسبح الله تعالى ويستغفر له ما دام في إنصات أو ذكر، فإن لم يذكر الله عز وجل عند ابتداء الوضوء ولم ينصت استولت عليه الشياطين وانصرفت عنه الملائكة ووسوس له الشيطان حتى يدخل عليه الشك والنقص في وضوئه. فقد قال عليه الصلاة والسلام: الوضوء الصالح يطرد الشيطان ويؤمن من جور السلطان وقال أيضاً: من نزلت عليه بلية وهو على غير وضوء فلا يلومن إلا نفسه قال: أحسنت فأخبريني عما يفعل الشخص إذا استيقظ من منامه؟ قالت: إذا استيقظ الشخص من منامه فليغسل يديه ثلاثاً قبل إدخالهما في الإناء قال: أحسنت فأخبريني عن فروض الغسل وعن سننه؟ قالت: فروض الغسل النية وتعميم البدن بالماء إلى جميع الشعر والبشرة، وأما سننه فلوضوء قبله، والتدليك وتخليل الشعر وتأخير غسل الرجلين في قول آخر الغسل قال ك أحسنت. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الرابعة والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما أخبرت الفقيه عن فروض الغسل وسننه قال: أحسنت فأخبريني عن أسباب التيمم وفرضه وسننه؟ قالت: أما أسبابه فسبعة: فقد الماء والخوف والحاجة إليه، وإضلاله في رحلة والمرض والجبيرة والجراح. وأما فروضه فأربعة: النية والتراب وضربة للوجه وضربة لليدين وأما سننه فالتسمية وتقديم اليمنى على اليسرى قال: أحسنت فأخبريني عن شروط الصلاة وعن أركانها وسننها؟ قالت: أما شروطها فخمسة أشياء: طهارة الأعضاء وستر العورة ودخول الوقت يقيناً أو ظناً واستقبال القبلة والوقوف على مكان طاهر، وأما أركانها فالنية وتكبيرة الإحرام والقيام مع القدرة وقراءة الفاتحة وبسم الله الرحمن الرحيم آية منها على مذهب الإمام الشافعي والركوع والطمأنينة فيه والاعتدال والطمأنينة فيه والسجود والطمأنينة فيه والجلوس بين السجدتين والطمأنينة فيه والتشهد الأخير والجلوس له والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه والتسليمة الأولى ونية الخروج من الصلاة في قول، وأما سننها فالأذان والإقامة ورفع اليدين عند الإحرام ودعاء الإفتتاح والتعوذ والتأمين وقراءة السورة بعد الفاتحة والتكبيرات عند الإنتقالات وقول سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد والجهر في موضعه والإسرار في موضعه والتشهد الأولى والجلوس له والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه والصلاة على الآل في التشهد الأخير والتسليمة الثانية قال: أحسنت فأخبريني فبماذا تجب الزكاة؟ قالت: تجب في الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم والحنطة والشعير والدخن والذرة والفول والحمص والأرز والزبيب والتمر، قال أحسنت فأخبريني في كم تجب الزكاة في الذهب؟ قالت: لا زكاة فيما دون عشرين مثقالاً فإذا بلغت العشرين ففيها نصف مثقال وما زاد فبحسابه قال: فأخبريني في كم يجب الزكاة في الإبل؟ قالت: في كل خمس شاة إلى خمس وعشرين فيها بنت مخاض قال: أحسنت فأخبريني في كم تجب الزكاة في الورق قال: ليس فيما دون مائتي درهم فإذا بلغت المائتين فيها خمسة دراهم وان زاد فبحسابه قال: أحسنت فأخبريني في كم تجب الزكاة في الشاة؟ قالت: إذا بلغت أربعين فيها شاة قال: أحسنت فأخبريني عن الصوم وفرضه قالت: أما فروض الصوم فالنية والإمساك عن الأكل والشرب والجماع وتعم القيء وهو واجب على كل مكلف خال عن الحيض والنفاس ويجب رؤية الهلال أو بإخبار عدل يقع في قلب المخبر صدقه، ومن واجباته تثبيت النية، وأما سننه فتعجيل الفطور وتأخير السحور وترك الكلام إلا في الخير والذكر وتلاوة القرآن قال: أحسنت فأخبريني عن شيء لا يفسد الصوم قالت: الأذهان والإكتحال وغبار الطريق وابتلاع الريق وخروج المني بالإحتلام أو النظر لامرأة أجنبية والفصادة والحجامة هذا كله لا يفسد الصوم. قال: أحسنت فأخبريني عن صلاة العيدين قالت: ركعتان وهما سنة من غير آذان وإقامة ولكن يقول الصلاة جامعة ويكبر في الأولى سبعاً ى تكبيرة الإحرام وفي الثانية خمساً سوى تكبيرة القيام على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الخامسة والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما أخبرت الفقيه عن صلاة العيدين قال لها: أحسنت فأخبريني عن صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر قالت: ركعتان بغير آذان ولا إقامة يأتي ركعة بقيامين وركوعين وسجودين ويجلس وينشد ويسلم ثم يخطب ويستغفر الله تعالى مكان التكبير في خطبتي العيدين ويحول رداءه بأن يجعل أعلاه أسفله ويدعوا ويتضرع قال: أحسنت فأخبريني عن صلاة الوتر قالت: الوتر أقله ركعة واحدة وأكثره إحدى عشر ركعة قال: أحسنت فأخبريني عن صلاة الضحى قالت: أقلها ركعتان وأكثرها اثنتي عشر ركعة قال: أحسنت فأخبريني عن الإعتكاف قالت: هو سنة قال: فما شروطه؟ قالت: النية وأن لا تخرج من المسجد إلا لحاجة ولا يباشر النساء وأن يصوم ويترك الكلام. قال: أحسنت فأخبريني بماذا يجب الحج؟ قالت: بالبلوغ والعقل والإسلام والاستطاعة وهو واجب في العمر مرة واحدة قبل الموت قال: فما فروض الحج؟ قالت: الإحرام والوقوف بعرفة والطواف والسعي والحلق والتقصير قال: فما فروض العمرة؟ قالت: الإحرام بها وطوافها وسعيها قال: فما فروض الإحرام؟ قالت: التجرد من المخيط واجتناب الطيب وترك حلق الرأس وتقليم الأظافر وقتل الصيد والنكاح قال: فما سنن الحج؟ قالت: التلبية وطواف القدوم والوداع والمبيت بالمزدلفة ورمي الجمار. قال: أحسنت فما الجهاد وما أركانه؟ قالت: أما أركانه فخروج الكفار علينا ووجود الإمام والعدة والثبات عند لقاء العدو وأما سننه فهو التحريض على القتال لقوله تعالى: يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال، قال: أحسنت فأخبريني عن فروض البيع وسننه قالت: أما فروض البيع فالإيجاب والقبول وأن يكون البيع مملوكاً منتفعاً به مقدوراً على تسليمه وترك الربا وأما سننه فالإقالة والخيار قبل التفريق لقوله صلى الله عليه وسلم: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا قال: أحسنت فأخبريني عن شيء لا يجوز بيع بعضه ببعض قالت: حفظت في ذلك حديثاً صحيحاً عن نافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع التمر بالرطب والتين باليابس والقديد باللحم والزبد بالسمن وكل ما كان من صنف واحد مأكول فلا يجوز بيع بعضه ببعض.
فلما سمع الفقيه كلامها وعرف أنها ذكية فطنة حاذقة عالمة بالفقه والحديث والتفسير وغير ذلك قال في نفسه: لا بد أن أتحيل عليها حتى أغلبها في مجلس أمير المؤمنين فقال لها: يا جارية ما معنى الوضوء في اللغة؟ قالت: الوضوء في اللغة النظافة والخلوص من الأدناس قال: فما معنى الصلاة في اللغة؟ قالت: الدعاء بخير قال: فما معنى الغسل في اللغة؟ قالت: التطهير قال: فما معنى الصوم في اللغة؟ قالت: الإمساك قال: فما معنى الزكاة في اللغة؟ قالت: الزيادة قال: فما معنى الحج في اللغة؟ قالت: القصد قال: فما معنى الجهاد في اللغة؟ قالت: الدفاع، فانقطعت حجة الفقيه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة السادسة والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الفقيه لما انقطعت حجته قام على قدميه وقال: أشهد الله يا أمير المؤمنين بأن الجارية أعلم مني في الفقه فقالت له الجارية: أسألك عن شي فأتني جوابه سريعاً إن كنت عارفاً قال: اسألي قالت: ما سهام الدين؟ قال: هي عشرة: الأولى الشهادة وهي الملة، الثاني الصلاة وهي الفطرة، الثالث الزكاة وهي الطهارة، الرابع الصوم وهي الجنة، الخامس الحج وهي الشريعة، السادس الجهاد وهي الكفاية، السابع والثامن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهما الغيرة، التاسع الجماعة وهي الألفة، العاشر طلب العلم وهي الطريق الجيدة.
قالت: أحسنت وقد بقيت عليك مسألة فما أصول الإسلام؟ قال: هي أربعة: صحة العقد، وصدق العقد، وحفظ الحد، والوفاء بالعهد.
قالت: بقيت مسألة أخرى فإن أجبت وإلا أخذت ثيابك قال: قولي يا جارية قالت: فما فروع الإسلام؟ فسكت ساعة ولم يجب بشيء فقالت: انزع ثيابك وأنا أفسرها لك قال أمير المؤمنين: فسريها وأنا أنزع لك ما عليه من الثياب قالت: اثني وعشرون فرعاً التمسك بكتاب الله والإقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم وكف الأذى وأكل الحلال واجتناب الحرام ورد المظالم إلى أهلها والتوبة والفقه في الدين وحب الجليل واتباع التنزيل والتأهب للرحيل وقوة اليقين والعفو عند المقدرة والقوة عند الضعف والصبر عند المصيبة ومعرفة الله تعالى ومعرفة ما جاء به نبيه صلى الله عليه وسلم ومخالفة اللعين إبليس ومجاهدة النفس ومخالفتها والإخلاص لله. فلما سمع أمير المؤمنين ذلك منها أمر أن تنزع ثياب الفقيه وطيلسانه فنزعهما ذلك الفقيه وخرج مقهوراً منها خجلاً من بين يدي أمير المؤمنين، ثم قام رجل آخر وقال: يا جارية اسمعي مني مسائل قليلة قالت له: قل، قال: فما شرط صحة المسلم؟ قالت: القدر المعلوم والجنس المعلوم والأجل المعلوم، قال: أحسنت فما فروض الأكل وسننه؟ قالت: فروض الأكل الإعتراف بان الله تعالى رزقه وأطعمه وسقاه والشكر لله تعالى على ذلك، قال: فما الشكر؟ قالت: صرف العبد لجميع ما أنعم الله به عليه فيما خلق لأجله قال: فما سنن الأكل؟ قالت: التسمية وغسل اليدين والجلوس على الورك الأيسر والأكل بثلاث أصابع والكل مما لك قال:: أحسنت فأخبريني ما آداب الأكل؟ قالت: أن تصغر اللقمة وتقل النظر إلى جليسك قال: أحسنت. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة السابعة والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما سئلت عن آداب الأكل وذكرت الجواب قال لها الفقيه السائل: أحسنت فأخبريني عن عقائد القلب وأضدادها قالت: هن ثلاث وأضدادها ثلاث: الأولى اعتقاد الإيمان وضدها مجانية الكفر، والثانية اعتقاد السنة وضدها مجانية البدعة، والثالثة اعتقاد الطاعة وضدها مجانية المعصية، قال: أحسنت فأخبريني عن شروط الوضوء قالت: الإسلام والتميز وطهور الماء وعدم المانع الحسن وعدم المانع الشرعي قال: أحسنت فأخبريني عن الإيمان قالت: الإيمان ينقسم إلى تسعة أقسام: إيمان بالمعبودة وإيمان بالعبودية وإيمان بالخصوصية وإيمان بالقبضتين وإيمان بالناسخ وإيمان بالمنسوخ وإن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره وحلوه ومره. قال: أحسنت فأخبريني عن ثلاث تمنع ثلاثاً، قالت: نعم. روي عن سفيان الثوري أنه قال: ثلاث تذهب ثلاثاً: الاستخفاف بالصالحين يذهب الآخرة والاستخفاف بالملوك يذهب الروح، والاستخفاف بالنفقة يذهب المال، قال: أحسنت فأخبريني عن مفاتيح السموات وكم لها من باب؟ قالت: قال الله تعالى: وفتحت السماء فكانت أبواباً. وقال عليه الصلاة والسلام: وليس يعلم عدة أبواب السماء إلا الذي خلق السماء وما من أحد من بني آدم إلا وله بابان في السماء باب ينزل منه رزقه وباب يصعد منه عمله ولا يغلق باب رزقه حتى ينقطع أجله ولا يغلق باب عمله حتى تصعد روحه.
قال: أحسنت فأخبريني عن شيء وعن نصف شيء وعن لا شيء؟ قالت: الشيء هو المؤمن ونصف الشيء هو المنافق وأن لا شيء هو الكافر قال: أحسنت فأخبريني عن القلوب قالت: قلب سليم وقلب سقيم وقلب منيب وقلب نذير وقلب منير، فالقلب السليم هو قلب الخليل والقلب السقيم هو قلب الكافر والقلب المنيب هو قلب المتقين الخائفين والقلب النذير هو قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والقلب المنير هو قلب من يتبعه وقلوب العلماء ثلاثة: قلب متعلق بالدنيا وقلب متعلق بالآخرة وقلب متعلق بمولاه وقيل: إن القلوب ثلاثة: قلب معلق وهو قلب الكافر، وقلب معدوم وهو قلب المنافق، وقلب ثابت وهو قلب المؤمن، وقيل هي ثلاثة: قلب مشروح بالنور والإيمان وقلب مجروح من خوف الهجران، وقلب خائف من الخذلان، قال: أحسنت. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثامنة والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما سألها الفقيه الثاني وأجابته وقال لها: أحسنت قالت: يا أمير المؤمنين إنه قد سألني حتى عيي وأنا أسأله مسألتين فإن أتى بجوابهما فذاك وإلا أخذت ثيابه وانصرف بسلام فقال لها الفقيه: سليني ما شئت، قالت: فما تقول في الإيمان؟ قال: الإيمان إقرار باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح وقال عليه الصلاة والسلام: لا يكمل المرء في الإيمان حتى يكمل فيه خمس خصال التوكل على الله والتفويض إلى الله والتسليم لأمر الله والرضا بقضاء الله وأن تكون أموره لله فإنه من أحب الله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان. قالت: فأخبرني عن فرض الفرض وعن فرض في ابتداء كل فرض وعن فرض يحتاج إليه كل فرض وعن سنة داخلة في الفرض وعن سنة يتم بها الفرض فسكت ولم يجب بشيء فأمرها أمير المؤمنين بأن تفسرها وأمره أن ينزع ثيابه ويعطيها إياها فعند ذلك قالت: يا فقيه أما فرض الفرض فمعرفة الله تعالى وأما الفرض الذي في ابتداء كل فرض فهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وأما الفرض الذي يحتاج إليه كل فرض فهو الوضوء وأما الفرض المستغرق كل فرض فهو الغسل من الجنابة وأما السنة الداخلة في الفرض فهي تخليل الأصابع وتخليل اللحية الكثيفة وأما السنة التي يتم بها الفرض فهو الإختتان فعند ذلك تبين عجز الفقيه وقام على قدميه وقال: أشهد الله يا أمير المؤمنين أن هذه الجارية أعلم مني بالفقه وغيره ثم نزع ثيابه وانصرف مقهوراً.
وأما حكايتها مع المقرئ فإنها التفتت إلى من بقي من العلماء الحاضرين وقالت: أيكم الأستاذ المقرئ بالعالم بالقرآن السبع والنحو واللغة؟ فقام إليها المقرئ وجلس بين يديها وقال لها: هل قرأت كتاب الله تعالى وأحكمت معرفة آياته وناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومكيه ومدنيه وفهمت تفسيره وعرفتيه على الروايات والأصول في القرآن؟ قالت: نعم. قال: أخبريني عن عدد سور القرآن وكم فيه من عشر وكم فيه من آيات وكم فيه من حرف وكم فيه من سجدة وكم فيه من نبي مذكور وكم فيه من سورة مدنية وكم فيه من سورة مكية وكم فيه من طير؟ قالت: يا سيدي أما سور القرآن فمائة وأربع عشرة سورة المكي منها سبعون والمدني أربع وأربعون وأما أعشاره فستمائة عشر واحد وعشرون عشراً وأما الآيات فست آلاف ومائتان آية وأما أحرفه فثلاثة وعشرون ألفاً وستمائة وسبعون حرفاً وللقارئ بكل حرف عشر حسنات وأما السجدات فأربع عشر سجدة. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة التاسعة والثلاثين بعد الأربعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن لما سألها المقرئ عن القرآن الكريم أجابته وقالت له: وأما الأنبياء الذين ذكرت أسماؤهم في القرآن فخمسة وعشرون نبياً وهم: آدم ونوح وإبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب ويوسف واليسع ولوط وصالح وهود وشعيب وداود وسليمان وذو الكفل وإدريس وإلياس ويحيى وزكريا وأيوب وموسى وهارون ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين، وأما الطير فهن تسع، قال: ما اسمهن؟ قالت: البعوض والذباب والنمل والهدهد والغراب والجراد والأبابيل وطير عيسى عليه السلام وهو الخفاش. قال: أحسنت أي سورة في القرآن أفضل؟ قالت: سورة البقرة، قال: فأي آية أعظم؟ قالت: آية الكرسي وهي خمسون كلمة مع كل كلمة خمسون بركة، قال: فأي آية فيها تسع آيات؟ قالت قوله تعالى: (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس) إلى آخر الآية. قال: أحسنت فأخبريني أي آية أعدل؟ قالت: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، قال: فأي آية أطمع؟ قالت: قوله تعالى:(أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة النعيم)، قال: فأي جنة أرجى؟ قالت: قوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم). قال: أحسنت فأخبريني بأي قراءة تقرأين؟ قالت: بقراءة أهل الجنة وهي قراءة نافع، قال: فأي آية كذب فيها الأنبياء؟ قالت: قوله تعالى: (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) وهم أخوة يوسف، قال: فأخبريني أي آية صدق فيها الكفار؟ قالت: قوله تعالى: (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب) فهم صدقوا جميعاً، قال: فما آية قالها الله لنفسه؟ قالت: قوله تعالى: (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون)، قال: فأي آية فيها قول الملائكة؟ قالت: قوله تعالى: (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك)، قال: فأخبريني عن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وما جاء فيها؟ قالت: التعوذ واجب أمر الله به عند القراءة والدليل عليه قوله تعالى: (فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم).
قال: أخبريني ما لفظ الاستعاذة وما الخلاف فيها؟ قالت: منهم من يستعيذ بقوله: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ومنهم من يقول: أعوذ بالله القوي والأحسن ما نطق به القرآن العظيم ووردت به السنة، وكان صلى الله عليه وسلم إذا استفتح القرآن قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وروي عن نافع عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي في الليل قال: الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً، ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن همزات الشياطين ونزعاتهم.
وروي عن ابن عباس رضي الله قال: أول ما نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم علمه الإستعاذة وقال له: قل يا محمد أعوذ بالله السميع العليم ثم قل بسم الله الرحمن الرحيم ثم اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق. فلما سمع المقرئ كلامها تعجب من لفظها وفصاحتها ثم قال لها: يا جارية ما تقولين في قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم هل هي آية من آيات القرآن؟ قالت: نعم آية من القرآن في النمل وآية بين كل سورتين والاختلاف في ذلك بين العلماء كثير، قال: أحسنت. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
.../...
.