محمد السلاموني - عن سيادة المعيار الدينى فى الحياة الإجتماعية

فى المجتمعات التقليدية القديمة يسود المعيار الأخلاقى بمرجعيته الدينية، ذلك أنها مجتمعات طبيعية، تحيا فى كنف الطبيعة، وليس الدين سوى الطبيعة ذاتها كما تنعكس على مرايا أساطيرية عديدة.
فى المجتمعات الحديثة التى تشكلت على مرجعيات أخرى تتمحور حول "هيمنة الإنسان على الطبيعة بالمعرفة العقلية"، تتحول المعايير الأخلاقية القديمة - المجردة والمطلقة - إلى معايير عملية محددة لازمة للإنجاز المجتمعى.
مما يعنى أن المفاهيم المجردة المتعلقة بالخير والشر، تتحول إلى برنامج سلوكى واجب اتباعه لضمان تحقيق مشروع حضارى "إقتصادى، إجتماعى، سياسى..." محدد، على مرجعيته يتم الحكم على الفرد بمعايير "الكفاءة- بماهى شرط الإنجاز"، وليس بمعايير الخير والشر.
فى مصر، ومنذ سنوات، تعود لزمن ما يسمَّى بـ "الصحوة الإسلامية"، تراجعت المعايير السلوكية الحضارية- المتعلقة بالكفاءة- وعادت المعايير الإخلاقية بمرجعيتها الدينية لتحل محلها.
ومن الملاحظ أن عودة المعايير الأخلاقية، الدينية، ترافقت مع تحول المجتمع المصرى إلى الإرتكاز على "الفردية الضفدعية" ؛ وهى ظاهرة يرصدها علماء الإجتماع، وتعنى الفرد الذى يقفز كالضفدع إلى الثروة والسلطة دون سند قانونى غالبا.
هذا الترافق أو التلازم بين ظهور "الفردية الضفدعية" و"الأخلاقية الدينية"، يعنى الغياب القسرى للمشروع الحضارى "الحديث أو التحديثى أو الحداثى"، سَمِّه ما شئت، وهو ما يعنى الكثير:
الإستعادة الشكلية للمظاهر الدينية "فى الملبس والمظهر عامة، واللغة والسلوك والمرجعيات والمفاهيم... إلخ" ، لا يعنى سوى أننا أمام انحطاط حضارى شامل،
يتم فيه إعادة توظيف الدين أيديولوجيا لخدمة مصالح فردية ضفدعية ضحلة، تسعى لمحو العمق العقلانى الحضارى الحداثى وصب الفراغ والعته والخرافة والتصحُّر... فى الواقع المجتمعى المعيش.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى