هذا أوان التفرح بما كان من شأنها؛ تتساءلون وما حديثها ؟
هذه حكاية لم تدونها الكتب الصفراء في بطونها إذ تركوها للعجائز يتندرن بها ليالي الشتاء الطويلة حيث الريح تلطم خدود البيوت.
المترفون في المدينة يسرقون منا الأحلام والواقع، لم يعد لنا ما نعيش عليه، حجزوا لأنفسهم ولصغارهم كل شيئ، تلك كانت الفقرة الأولى من رواية طالعتها الليلة الماضية، دارت الأفكار في رأسي، فتحت النافذة خشية أن يكونوا أخفوا القمر، يقال في تفسير غيابه خبر عجيب: لأصحاب القصور وحدهم يبزغ وينير، يتراقصون على ضوئه؛ يشبهون به نساءهم، يرسمون لهن أجمل اللوحات، وحين تشرق الشمس تعابث أسرتهم أولا؛ إنهم يسكنون الأدوار العليا، هل ترى الشمس بيوت الفقراء إلا بعد انتصاف النهار؟
أخرجت قلمي الرصاص الذي أكل الزمن منه حتى أتخمه عجزي، أوراقي متهرئة، لا أجد تفسيرا لما أمر به من ضيق غير شعور بالعجز؛ لا شمس تشرق مجددا، بل ولا قمر يهبني خيالات تعبر بي حيث دنيا الآخرين ممن يفترشون شواطيء المدن الذهبية التى يسكنها الأثرياء، يمتلكون السيارات الفارهة يتسوقون من محالات تأتيها خيرات الدنيا؛ نساؤها قطعة من ضوء القمر، أما نحن فقد ملت منا الفئران وهربت؛ نشاركها الجحور، وتعبث في أجسادنا كل براغيث الأرض، يبدو أن العالم يحوي البؤس ليختال بفرائسه في منازلنا.
هذا صعب على رجل اعتاد أن يرضى بواقعه، أفلح شيخ الزاوية التى يصلي فيها أن يجري له جراحة في وصلات عقله: الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف ألف من السنين؛ احتار في عد أيامها، انشغل بحصر ساعاتها، لديه إذا ما يسبق به هؤلاء المتخمين في البنايات العالية.
وهذه قصة هيسة التي قيلت عنها وعن جمالها حكاية وراء أخرى حتى بلغت الألف؛ هانحن نجتر ما سلف؛ نتباهى بما فعل السابقون.
لا أعلم عنه إلا ما حكته جدتي والعهدة على ذاكرتها التي ربما تكون معطوبة؛ فتخلط في كلامها حيث بلغت المائة من عمرها وما تزال ترفدني بما أقصه عليكم.
قالت جدتي: كانت هيسة امرأة جميلة تدور بالحديث عن مفاتنها النساء في الحواري والأزقة؛ تسامع بها الملك؛ وكلكم يعلم شغفه بالنساء ذوات الخدود الحمراء والخصور الضامرة ؛ يعتصر عشر حمامات ويلتهم بعدها أية أنثى تحلو له أو يؤتى بها لعرينه؛ إلا أن هيسة كانت غجرية ذات مطمع في قصر الملك حلا لها المقام؛ يراودها فتتأبى؛ ألبسها الحرير الخسرواني، والذهب الخالص، عطور باريسية؛ هيهات تستجيب لغرامه أو تطاوع نزعاته؛ ثار في قصره وزأر؛ أتمتنع عنه بنت أنثى؟
أصابه هم ولازمه كرب؛ اعتل وشفاؤه عند هيسة؛ رق قلبها واشترطت أن يعطيها نصف المحروسة؛ فالبلاد توهب للغانيات وتمنح مقابل ليلة أنس!
جاءت بكاتب المواثيق والعهود؛ شرطت على الملك شاهدين من كفرنا؛ وهل تفضح امرأة بين الفلاحين والبدو والغجر؟ أدار حيلته: يكتب وتقطع رقابهم عند باب القلعة؛ وكم في القبو رءوس!
وﻷن الحيلة تغلب العصا وتجعل الأسد هرا؛ خادعته بشفة معسولة وصبت كأس الهوى نار شوق فخر تائها؛ والحاشية يدها مغلولة؛ فما ﻷحد أن يتدخل بين هيسة وعشيق برح به الهوى.
من طرف خفي سحبت الورقة وجعلتها في معقد شعرها، تمتلك نصف المحروسة بورقة ممهورة بخاتم الملك، وهاهي الآن الملكة غير متوجة؛ جاءت بعد ليال ملها، تسوق الأغنام والأبقار؛ ألفا من العبيد؛ مئات من الجنود، خيول وسفن تجري في النيل؛ شاد لها قصرا في كفرنا، تصرف البلاد برأيها، نسيت أنها كانت محظية من الغجر؛ أرسلت رسائل إلى شاه إيران وإلى ملكة البحار"فيكتوريا" ظنت نفسها بلقيس؛ سليمان يخطب ودها ويجعل لها سرحا ممردا من قوارير، أو يجعل لها خلخالا من ذهب تتمايل به وتتثنى، فلهيسة مطامح لا تنتهي.
حسدتها نسوة في المدينة أن لم يعجبن أمير أو يغازلهن وزير، فللنساء غيرة ومكيدة تعجز الجن أن تغلبهن، تكثر الوشايات، بنت من الغجر تأخذ نصف مملكة يتعب في حصر خزائنها عبقري من الجن؟
جمعن وشايات؛ جلبن مردة السحر ألقين بالشر في طريقها، كانت حية تسعى التهمت ما يأفكون.
دارت برأسها الخيالات؛ حيث يضرب الجنين رحمها؛ تمنت أن يكون ولدا فيرث النصف الباقي من مملكة مترهلة؛ لقد وهب الملك لسبع نسوة نصف ملك المحروسة؛ كان شيطانه يغلبه أن تأتي كل واحدة بصبي يجعله على البلاد وليا لعهده؛ وما ولاية الأمر إلا نزوة طامح ومغامرة ليال في صهوة العراك خمرا تهب له ما يشتهي؛ من فحولة.
كفت جدتي عن حكيها وأمسكت لسانها؛ أن ينشر جسدها ويلقى بها في هاوية بئر كما يفعل شيوخ الحكمة بمن يذكر مباذلهم أو يقترب من لحاهم، ضربني النعاس وتناهى إلى أذني خبط على الباب؛ صياح الديوك ونباح كلبنا الوفي، اشتدت الريح في ليلة عاصفة؛ نذر شر قادمة.
وفجأة حمدت جدتي ربها وصلت على نبيه المصطفى المختار!
هذه حكاية لم تدونها الكتب الصفراء في بطونها إذ تركوها للعجائز يتندرن بها ليالي الشتاء الطويلة حيث الريح تلطم خدود البيوت.
المترفون في المدينة يسرقون منا الأحلام والواقع، لم يعد لنا ما نعيش عليه، حجزوا لأنفسهم ولصغارهم كل شيئ، تلك كانت الفقرة الأولى من رواية طالعتها الليلة الماضية، دارت الأفكار في رأسي، فتحت النافذة خشية أن يكونوا أخفوا القمر، يقال في تفسير غيابه خبر عجيب: لأصحاب القصور وحدهم يبزغ وينير، يتراقصون على ضوئه؛ يشبهون به نساءهم، يرسمون لهن أجمل اللوحات، وحين تشرق الشمس تعابث أسرتهم أولا؛ إنهم يسكنون الأدوار العليا، هل ترى الشمس بيوت الفقراء إلا بعد انتصاف النهار؟
أخرجت قلمي الرصاص الذي أكل الزمن منه حتى أتخمه عجزي، أوراقي متهرئة، لا أجد تفسيرا لما أمر به من ضيق غير شعور بالعجز؛ لا شمس تشرق مجددا، بل ولا قمر يهبني خيالات تعبر بي حيث دنيا الآخرين ممن يفترشون شواطيء المدن الذهبية التى يسكنها الأثرياء، يمتلكون السيارات الفارهة يتسوقون من محالات تأتيها خيرات الدنيا؛ نساؤها قطعة من ضوء القمر، أما نحن فقد ملت منا الفئران وهربت؛ نشاركها الجحور، وتعبث في أجسادنا كل براغيث الأرض، يبدو أن العالم يحوي البؤس ليختال بفرائسه في منازلنا.
هذا صعب على رجل اعتاد أن يرضى بواقعه، أفلح شيخ الزاوية التى يصلي فيها أن يجري له جراحة في وصلات عقله: الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف ألف من السنين؛ احتار في عد أيامها، انشغل بحصر ساعاتها، لديه إذا ما يسبق به هؤلاء المتخمين في البنايات العالية.
وهذه قصة هيسة التي قيلت عنها وعن جمالها حكاية وراء أخرى حتى بلغت الألف؛ هانحن نجتر ما سلف؛ نتباهى بما فعل السابقون.
لا أعلم عنه إلا ما حكته جدتي والعهدة على ذاكرتها التي ربما تكون معطوبة؛ فتخلط في كلامها حيث بلغت المائة من عمرها وما تزال ترفدني بما أقصه عليكم.
قالت جدتي: كانت هيسة امرأة جميلة تدور بالحديث عن مفاتنها النساء في الحواري والأزقة؛ تسامع بها الملك؛ وكلكم يعلم شغفه بالنساء ذوات الخدود الحمراء والخصور الضامرة ؛ يعتصر عشر حمامات ويلتهم بعدها أية أنثى تحلو له أو يؤتى بها لعرينه؛ إلا أن هيسة كانت غجرية ذات مطمع في قصر الملك حلا لها المقام؛ يراودها فتتأبى؛ ألبسها الحرير الخسرواني، والذهب الخالص، عطور باريسية؛ هيهات تستجيب لغرامه أو تطاوع نزعاته؛ ثار في قصره وزأر؛ أتمتنع عنه بنت أنثى؟
أصابه هم ولازمه كرب؛ اعتل وشفاؤه عند هيسة؛ رق قلبها واشترطت أن يعطيها نصف المحروسة؛ فالبلاد توهب للغانيات وتمنح مقابل ليلة أنس!
جاءت بكاتب المواثيق والعهود؛ شرطت على الملك شاهدين من كفرنا؛ وهل تفضح امرأة بين الفلاحين والبدو والغجر؟ أدار حيلته: يكتب وتقطع رقابهم عند باب القلعة؛ وكم في القبو رءوس!
وﻷن الحيلة تغلب العصا وتجعل الأسد هرا؛ خادعته بشفة معسولة وصبت كأس الهوى نار شوق فخر تائها؛ والحاشية يدها مغلولة؛ فما ﻷحد أن يتدخل بين هيسة وعشيق برح به الهوى.
من طرف خفي سحبت الورقة وجعلتها في معقد شعرها، تمتلك نصف المحروسة بورقة ممهورة بخاتم الملك، وهاهي الآن الملكة غير متوجة؛ جاءت بعد ليال ملها، تسوق الأغنام والأبقار؛ ألفا من العبيد؛ مئات من الجنود، خيول وسفن تجري في النيل؛ شاد لها قصرا في كفرنا، تصرف البلاد برأيها، نسيت أنها كانت محظية من الغجر؛ أرسلت رسائل إلى شاه إيران وإلى ملكة البحار"فيكتوريا" ظنت نفسها بلقيس؛ سليمان يخطب ودها ويجعل لها سرحا ممردا من قوارير، أو يجعل لها خلخالا من ذهب تتمايل به وتتثنى، فلهيسة مطامح لا تنتهي.
حسدتها نسوة في المدينة أن لم يعجبن أمير أو يغازلهن وزير، فللنساء غيرة ومكيدة تعجز الجن أن تغلبهن، تكثر الوشايات، بنت من الغجر تأخذ نصف مملكة يتعب في حصر خزائنها عبقري من الجن؟
جمعن وشايات؛ جلبن مردة السحر ألقين بالشر في طريقها، كانت حية تسعى التهمت ما يأفكون.
دارت برأسها الخيالات؛ حيث يضرب الجنين رحمها؛ تمنت أن يكون ولدا فيرث النصف الباقي من مملكة مترهلة؛ لقد وهب الملك لسبع نسوة نصف ملك المحروسة؛ كان شيطانه يغلبه أن تأتي كل واحدة بصبي يجعله على البلاد وليا لعهده؛ وما ولاية الأمر إلا نزوة طامح ومغامرة ليال في صهوة العراك خمرا تهب له ما يشتهي؛ من فحولة.
كفت جدتي عن حكيها وأمسكت لسانها؛ أن ينشر جسدها ويلقى بها في هاوية بئر كما يفعل شيوخ الحكمة بمن يذكر مباذلهم أو يقترب من لحاهم، ضربني النعاس وتناهى إلى أذني خبط على الباب؛ صياح الديوك ونباح كلبنا الوفي، اشتدت الريح في ليلة عاصفة؛ نذر شر قادمة.
وفجأة حمدت جدتي ربها وصلت على نبيه المصطفى المختار!