أخرج من جهة عملي ، مثقلة بساقىَّ المتورمتين، فقد ظللتُ فترة طويلة ، في وضع قائم، يُحَوِّمُ حول رأسي ، كروان يصدح بصوته الشجيِّ ، يجوب السماءَ ، وفضَاءً لايضيق به، غير مثقلٍ بهمٍّ وكأن العالم خلق من أجله، رهن إشارته ، وتشريحيًّا يحمل داخله حويصلة هوائية ، ليصبح وزنه وزنه خفيفًا، تدعمه في الحركة والطيران ، فينطلق دون معوق، صوته يعبر في دفقات من حنين ونقاء ، وسهولة في التعبير ، عن مكنونٍ ينفض عن نفسه ، أية قيود تحجب عنه انطلاقًا هو له تواق، أدير رأسي تجاه بائعة الخضروات، اقترب لأشتري (كسبرة)، أبحث بعيني عن مبتغاي قبل الوصول إليها، تفترش خضرواتها صندوقًا متهالكًا ، تغطيها بقطعة من الخيش المبلل ، وبيدها كوزا من الصفيح ، توالي به رش الخيشة بين الحين والآخر ، إمرأة طاعنة في السن ، نحيفة الجسد ، ترتسم على وجهها خطوط الزمن الطويل الذي عاشته ، وجه قد من الشقاء ، يتصدره ثغر ككهف مظلم فارغ ، يشكو انطفاء قناديله، استرعى انتباهي منظر ساقيها ، وقد انحسر عنهما سروالها ، حتى ركبتيها، فبدتا شديدتا النحول ، ازدهرت في خاطري أمنية مستحيلة ، ماذا لو أجرينا عملية تبادل فيما بيننا ، فتأخذ هي ساقيَّ ، وآخذ أنا ساقيها ، مضافا إليها طبقة كثيفة ، من الشعر كساقي عنز ، وأقسم بأغلظ الأيمان ألا أجتهد أبدا ، في إزالتة وليذهب الرجال وأذواقهم إلى الجحيم، فكم أعاقت ساقاى حركتي، ثم أطلق العنان لخيالي لأرسم لنفسي عالما آخر يخصني ، فأراني بساقي العنز ، أجري أو أسير هرولة ، أو باستخدام الباتيناج ، الذي يضاف إليه محرك نفاث ، وليس العجلات التقليدية ، فأسبق ذلك الطفل ، الذي رأيته يعبر الشارع به ، بل ولصنعت لنفسي جناحين ، فأطير بدلا من السير على الأرض، أمنية قديمة استدعيها من اللاوعي ، إنها الصورة التي حفرت داخلي ، منذ أن كنت طفلة ، أتطلع إلى العالم اكتشفه من خلال قضبان الحديد التي تتخلل الفضاء المفضي إلى النافذة، أمسك بكلتا يدي بتلك القضبان لأنظر بعيوني متفكرة ، فيما يفعله جارنا صاحب برج الحمام، إنه القائد الفعلي لذلك السرب المهيب من الحمام ، الذي درَّبه على الخروج والتحليق أنى يشاء حتى إذا أوشكت الشمس على
الأفول وقف يطلق صفيرًا بفمه ، ويصفق بيديه ، ليجمع حمائمه التي تجوب الفضاء، إنه المنطق المشترك ، بينه وبين سرب الحمام ، فلا هو عُلِّمَ منطق الطير ، ولا الطير يعلمُ منطقَ الإنسان ، والذي يبدو لي أن القريب من هذا السرب ، ينبِّه البعيد منه لوجوب العودة إلى البرج امتثالا لأمر القائد ، الذي لولاه لطواه التيه ، وتفرقت جموع السرب المحلق ، ولسار كل منهم في وادٍ آخر، كان كثير الاهتمام بذلك الجمع المختار ، فقد رأيته يوما ، وهو يضمد جناح حمامةٍ كان كثير الاعتناء بها ، حتى تعاود التحليق بعد أن أقعدها كسر الجناح، كنت أراها كل يوم في محاولات فاشلةٍ للتحليق ، كأنها تختبر قدراتها على الطيران ، فيخذلها الجناح المهيض ، وترفر بجناح واحد ، كانت كل يوم تفعل الشيء نفسه ، تختبر قدرتها على الطيران ، حتى تعافت وعادت لتشارك أقرانها ، فانفرجت أساريري ، وخفق قلبي وسعدت بتحليقها ، ولولا القائد ما استطاعت تجاوز أزمتها ، التي خرجت منها أقوى من ذي قبل، أرفع عيني للسماء لأرى السرب الذي يحلق في حضن السحاب ، كأنه يتدثر به ، يواريه عن عدو محتمل ، حتى ولو كان رياحا باردة ، وكأنه قوة أخرى تضاف إلى قوة السرب ، الذي يقوده القائد ، فيستدعيه وقت الأفول ويطلقه في عين الشمس ، متحديا حرارتها بقدرة السرب على التخلص من رمضائها.
أقف أمام تلك الطاعنة في السن أسألها : "عندك كسبرة" ؟ . …
نعم مشيرة إليها، استغرب شكلها قبل أن أمسكها، أوراقها شعرية رفيعة ، وليست عريضة على نحو ما كما هو المعتاد، اقبض عليها بيدي أقلبها ، أتشممها لاستبين رائحتها المميزة. تتقلص ملامح المرأة وهي تنظر إلي باستنكار بين لاستشعارها ريبتي.
قالت هازِئة : لي " نِطِلَة قَوي " .
أضحك تندرا على استنكارها ، وتوبيخها العفوي المهذب، أول مرة أسمع هذه المفردة ياترى هل هي عربية أم من بقايا لغة أقوام مروا علينا هجرة أو غزوا.
ثم تستطرد لتقول "مدارس إيه دي اللي إتعلمت فيها"
أضعها لعدم اقتناعي بها وأقف حائرة تتردد عيني بين النظر إلى البائعة والكسبرة ، فزادها تصرفي ذلك حنقا ، فعاجلتني صرخةً : " مدي يدك خذيها يانسوان آخر زمن"
رددت عليها باسمة ، لأنفي عن نفسي هذا الادعاء : "أنا مش نسوان".
قالت : " لا والله أنت عَجَبَةْ " بنفس ملامحها المستنكرة .
كان علىَّ أن آخذها ، وانا أضحك من استغراقها في تندرها.
بينما يتبادل الخلق الذين يعج بهم السوق ، الأخبار المؤسفة عن الثورات في البلدان المجاورة التقطت منهم خيط الحديث ، وقالت بفخر "أبويا الرجل البسيط سار في ثورة 19 وكل المظاهرات التي كانت تندد بالاحتلال الانجليزي ، ونادى بعودة دستور ١٩٢٣ ، جلس ليشرح لنا
معنى دستور ١٩٢٣ ، ونادى بعودة سعد باشا من المنفى، كان متنور أكثر ممن تعلموا وتخرجوا من الجامعة ، ولا يعرفون الكسبرة من الشبث ، الناس البسطاء كانوا فاهمين وعارفين بالفطرة ولا يمكن حد يستغفلهم، كان نفسي أمشي في ثورة مثل أبي ، ولكن مضى عمري ولم تتحقق أمنيتي والآن أصبحت عظمة كبيرة لا أستطيع اللحاق بالشباب"
هممت بإعطائها النقود ، فجاء حفيدها الشاب ليخبرها : أن والده أرسل إليها دعوة لتحج هذا العام، فوقفت في خفة لا تناسب عمرها ولكن تناسب نحافتها وقامت بربط جلبابها حول وسطها وفردت ذراعيها تتمايل وتهز مفردات جسدها وأخذت ترقص فرحا ليهتز منها اليسير الذي تهدل وكادت أن تغيب ملامحه، ابتسم ابتهاجا لسعادتها، وأنشأت تغني:
لأجل النبي لأجل النبي لأجل النبي دي القعدة حلوة والنبي عند النبي ثم أخذت تصفق بيديها وتزغرد، فما زال الصوت فتيًّا،تنهرني أنا وبعض النسوة اللاتي تحلقن من حولها وتقول"صفقي يابت أنت وهي" ضحكنا ابتهاجا وقلنا لها في صوت جماعي"مشينا " .
مازلت أحلم بساقيها ، وانصرف ودقتهما عالقة بذهني ، الذي يأخذني في تطواف غير مؤطر فأقول في نفسي : لو كان سىاقاى ، مثلها لكنت الآن أسبق من ذلك الصبي ، الذي غادر مرحلة الطفولة ، ويقبل على الانضمام لصفوف الشباب ، يشي بذلك شارب مازال يرسم ملامحه في وجهٍ أمرد، رأيته يعبر شارع قصر النيل ، سيرا بالبتيناج فانتابني شيئا من الخوف عليه أن تصيبه سيارة مارقة ، بينما هو يمضي غير هيابٍ ولا خائفٍ من شلال السيارات المتدفق، محمولا بنقائه وانطلاقه الشفيف غير مجبولٍ على الجبن ، الذي يعكر صفو داخله، يناطح الهواء بذراعيه كجناحي نسر يجوب الفضاء فخرا وتيها بقوته ، التي لا تماثلها قوة طائر آخر، يقتحم فضاء الشارع مجبرا السيارات والمارة ، على إفساح الطريق له لاويًا أذرعهم جميعا ليريهم أنه صاحب الكلمة العليا ، ولا سلطان قاهر عليه ، بل هو الذي يقهرهم بما يرون منه من رعونة حسب مقاييسهم ، ضاربا عرض الحائط بالتحذيرات ، فهو ذلك الذي يهز كتفيه استخفافا ويلوح بذراعيه في الهواء كمجدافين يجوب بهما معترك الحياة بكل ما فيها، يتطلع وهو الصبي إلى جديد العالم من حوله فيرى النازحين والمطرودين من بيوتهم ، وبلادهم حاملين أرواحا مهترئة ووجوها مذعورة ، من مجهول يترقبهم أو يترقبونه ، وهم في حاجة ماسة إلى المخلِّص الفارس فهو من يرى نفسه المعقود عليه آمالهم ، والذي سيعيد كل شيء إلى نصابه وسيخلصهم من المتاجرين بهم ، وهم كثر فلم تعد تجارة الرقيق بمعناها المحدود ، الذي نعرفه وإنما تاجر الرقيق قد تكون بضاعته خطبة رنانة طنانة تنهمر على أثرها الأموال من آخرين ، لهم مآرب عدة لتتماهى المصالح وتتداخل وتتلاقح بعدها يرتسم الخذلان ، على نفس الوجوه المتطلعة بعد أن قبضوا بأيديهم على الوهم ، فقد خبروا أنهم أروج سلعة وأرخص سلعة تماما ، كالمنادين بحرية المرأة في بلادنا يتلون منمق الحرف والمفردة التي يجيدون تنسيقها أمام الشاشات فتلمع أسمائهم الصدئة لكيانات تجوس الأوحال ، بينما ثوب الخلاص مبرأ من دنسهم جميعا ولن يرتديه إلا حدث صغير مثل الذي قطع شارع قصر النيل بالباتيناج ، شفيف الروح وثاب الخطى صادق العزم نقي السريرة، إنه هو وهو فقط من يحدد وجهته التي يضعها في لوحة تنشينه على أهدافه واحدة تلو الأخرى فهو من يرى نفسه الأحق بالريادة ولا يعوق حركته تقدم في السن ولا سيقان متورمة.
الأفول وقف يطلق صفيرًا بفمه ، ويصفق بيديه ، ليجمع حمائمه التي تجوب الفضاء، إنه المنطق المشترك ، بينه وبين سرب الحمام ، فلا هو عُلِّمَ منطق الطير ، ولا الطير يعلمُ منطقَ الإنسان ، والذي يبدو لي أن القريب من هذا السرب ، ينبِّه البعيد منه لوجوب العودة إلى البرج امتثالا لأمر القائد ، الذي لولاه لطواه التيه ، وتفرقت جموع السرب المحلق ، ولسار كل منهم في وادٍ آخر، كان كثير الاهتمام بذلك الجمع المختار ، فقد رأيته يوما ، وهو يضمد جناح حمامةٍ كان كثير الاعتناء بها ، حتى تعاود التحليق بعد أن أقعدها كسر الجناح، كنت أراها كل يوم في محاولات فاشلةٍ للتحليق ، كأنها تختبر قدراتها على الطيران ، فيخذلها الجناح المهيض ، وترفر بجناح واحد ، كانت كل يوم تفعل الشيء نفسه ، تختبر قدرتها على الطيران ، حتى تعافت وعادت لتشارك أقرانها ، فانفرجت أساريري ، وخفق قلبي وسعدت بتحليقها ، ولولا القائد ما استطاعت تجاوز أزمتها ، التي خرجت منها أقوى من ذي قبل، أرفع عيني للسماء لأرى السرب الذي يحلق في حضن السحاب ، كأنه يتدثر به ، يواريه عن عدو محتمل ، حتى ولو كان رياحا باردة ، وكأنه قوة أخرى تضاف إلى قوة السرب ، الذي يقوده القائد ، فيستدعيه وقت الأفول ويطلقه في عين الشمس ، متحديا حرارتها بقدرة السرب على التخلص من رمضائها.
أقف أمام تلك الطاعنة في السن أسألها : "عندك كسبرة" ؟ . …
نعم مشيرة إليها، استغرب شكلها قبل أن أمسكها، أوراقها شعرية رفيعة ، وليست عريضة على نحو ما كما هو المعتاد، اقبض عليها بيدي أقلبها ، أتشممها لاستبين رائحتها المميزة. تتقلص ملامح المرأة وهي تنظر إلي باستنكار بين لاستشعارها ريبتي.
قالت هازِئة : لي " نِطِلَة قَوي " .
أضحك تندرا على استنكارها ، وتوبيخها العفوي المهذب، أول مرة أسمع هذه المفردة ياترى هل هي عربية أم من بقايا لغة أقوام مروا علينا هجرة أو غزوا.
ثم تستطرد لتقول "مدارس إيه دي اللي إتعلمت فيها"
أضعها لعدم اقتناعي بها وأقف حائرة تتردد عيني بين النظر إلى البائعة والكسبرة ، فزادها تصرفي ذلك حنقا ، فعاجلتني صرخةً : " مدي يدك خذيها يانسوان آخر زمن"
رددت عليها باسمة ، لأنفي عن نفسي هذا الادعاء : "أنا مش نسوان".
قالت : " لا والله أنت عَجَبَةْ " بنفس ملامحها المستنكرة .
كان علىَّ أن آخذها ، وانا أضحك من استغراقها في تندرها.
بينما يتبادل الخلق الذين يعج بهم السوق ، الأخبار المؤسفة عن الثورات في البلدان المجاورة التقطت منهم خيط الحديث ، وقالت بفخر "أبويا الرجل البسيط سار في ثورة 19 وكل المظاهرات التي كانت تندد بالاحتلال الانجليزي ، ونادى بعودة دستور ١٩٢٣ ، جلس ليشرح لنا
معنى دستور ١٩٢٣ ، ونادى بعودة سعد باشا من المنفى، كان متنور أكثر ممن تعلموا وتخرجوا من الجامعة ، ولا يعرفون الكسبرة من الشبث ، الناس البسطاء كانوا فاهمين وعارفين بالفطرة ولا يمكن حد يستغفلهم، كان نفسي أمشي في ثورة مثل أبي ، ولكن مضى عمري ولم تتحقق أمنيتي والآن أصبحت عظمة كبيرة لا أستطيع اللحاق بالشباب"
هممت بإعطائها النقود ، فجاء حفيدها الشاب ليخبرها : أن والده أرسل إليها دعوة لتحج هذا العام، فوقفت في خفة لا تناسب عمرها ولكن تناسب نحافتها وقامت بربط جلبابها حول وسطها وفردت ذراعيها تتمايل وتهز مفردات جسدها وأخذت ترقص فرحا ليهتز منها اليسير الذي تهدل وكادت أن تغيب ملامحه، ابتسم ابتهاجا لسعادتها، وأنشأت تغني:
لأجل النبي لأجل النبي لأجل النبي دي القعدة حلوة والنبي عند النبي ثم أخذت تصفق بيديها وتزغرد، فما زال الصوت فتيًّا،تنهرني أنا وبعض النسوة اللاتي تحلقن من حولها وتقول"صفقي يابت أنت وهي" ضحكنا ابتهاجا وقلنا لها في صوت جماعي"مشينا " .
مازلت أحلم بساقيها ، وانصرف ودقتهما عالقة بذهني ، الذي يأخذني في تطواف غير مؤطر فأقول في نفسي : لو كان سىاقاى ، مثلها لكنت الآن أسبق من ذلك الصبي ، الذي غادر مرحلة الطفولة ، ويقبل على الانضمام لصفوف الشباب ، يشي بذلك شارب مازال يرسم ملامحه في وجهٍ أمرد، رأيته يعبر شارع قصر النيل ، سيرا بالبتيناج فانتابني شيئا من الخوف عليه أن تصيبه سيارة مارقة ، بينما هو يمضي غير هيابٍ ولا خائفٍ من شلال السيارات المتدفق، محمولا بنقائه وانطلاقه الشفيف غير مجبولٍ على الجبن ، الذي يعكر صفو داخله، يناطح الهواء بذراعيه كجناحي نسر يجوب الفضاء فخرا وتيها بقوته ، التي لا تماثلها قوة طائر آخر، يقتحم فضاء الشارع مجبرا السيارات والمارة ، على إفساح الطريق له لاويًا أذرعهم جميعا ليريهم أنه صاحب الكلمة العليا ، ولا سلطان قاهر عليه ، بل هو الذي يقهرهم بما يرون منه من رعونة حسب مقاييسهم ، ضاربا عرض الحائط بالتحذيرات ، فهو ذلك الذي يهز كتفيه استخفافا ويلوح بذراعيه في الهواء كمجدافين يجوب بهما معترك الحياة بكل ما فيها، يتطلع وهو الصبي إلى جديد العالم من حوله فيرى النازحين والمطرودين من بيوتهم ، وبلادهم حاملين أرواحا مهترئة ووجوها مذعورة ، من مجهول يترقبهم أو يترقبونه ، وهم في حاجة ماسة إلى المخلِّص الفارس فهو من يرى نفسه المعقود عليه آمالهم ، والذي سيعيد كل شيء إلى نصابه وسيخلصهم من المتاجرين بهم ، وهم كثر فلم تعد تجارة الرقيق بمعناها المحدود ، الذي نعرفه وإنما تاجر الرقيق قد تكون بضاعته خطبة رنانة طنانة تنهمر على أثرها الأموال من آخرين ، لهم مآرب عدة لتتماهى المصالح وتتداخل وتتلاقح بعدها يرتسم الخذلان ، على نفس الوجوه المتطلعة بعد أن قبضوا بأيديهم على الوهم ، فقد خبروا أنهم أروج سلعة وأرخص سلعة تماما ، كالمنادين بحرية المرأة في بلادنا يتلون منمق الحرف والمفردة التي يجيدون تنسيقها أمام الشاشات فتلمع أسمائهم الصدئة لكيانات تجوس الأوحال ، بينما ثوب الخلاص مبرأ من دنسهم جميعا ولن يرتديه إلا حدث صغير مثل الذي قطع شارع قصر النيل بالباتيناج ، شفيف الروح وثاب الخطى صادق العزم نقي السريرة، إنه هو وهو فقط من يحدد وجهته التي يضعها في لوحة تنشينه على أهدافه واحدة تلو الأخرى فهو من يرى نفسه الأحق بالريادة ولا يعوق حركته تقدم في السن ولا سيقان متورمة.