(وجد أحد النقاد هذه الورقة علي الرصيف، وهو يقدمها لكم، عسي أن تعرفوا العلاقة الوثيقة بين الملوخية البلدي والأدب المعاصر ) لست مسئولًا بالطبع عما وجده هذا الناقد، لكنني أنقلها لكم كما وردت، فلربما نكتشف نظرية معاصرة للأدب أو للنقد ..قولوا يارب
...
أعزائي الاصدقاء :
أعتذر لأصدقائي وأحبائي عن الكتابة في النقد والأدب، فما عدت أقوى علي شيء، فقد مال الشراع، وتصدعت السغينة وهي في أوج قوتها، لذا فإن البُعاد أفضل، ، والصمت أبلغ من أي كلام، ولن يبقي سواه ، هو العدل، واليقين، والحق ...
لقد قدمت للحياة الأدبية أكثر من ثلاثين كتابًا، إلي جانب مئات المقالات النقدية والثقافية، كما كتبت مقدمة كتب كثير من الأدباء الكبار والشباب، وحاولت جاهدًا أن أضع البسمة علي الوجوه، وأن أقدم الحب علي مزهرية الروح، ولم أبخل علي الجميع من أجل رفعة الوطن والثقافة والنقد، وأحسب أنني قدمت - أو حاولت - أن أقدم الجديد والمغاير، والمابعد حداثي لأضع اسم "مصر " - وكما هو دومًا - في صدارة المشهد الثقافي العربي، وأحسب أنني راضٍ عما قدمت ، وان كان لدي الكثير بعد ، لكنها أقدار تضعنا حسبما ترى، وأنا راضٍ بقدر الله في كل الأمور ، وأعتذر لمن لم أكتب عنهم، فقد كُسر القلم، وجف الحبر ، وعافت النفس الكتابة، بل والأصدقاء، وكل شيء .
لست مريضًا، أو محمومًا، ولست ضعيفًا كذلك، لكنني أترككم وأنا حزين ، لأنني أحببتكم جميعًا، والحمد لله ليس لدي أعداء، بل أصدقاء في كل قرية ومدينة ،وبلد ودولة، ولقد أديت الكثير، وخدمت الثقافة المصرية والعربية، وأحسب أنني قد أنجزت أقل مما تمنيت، وكان من الممكن أن أستمر لأكمل مشروعي النقدي والثقافي، لكنها الأقدار توجه السفينة حسب رياحها التي اختارت، وأنا مؤمن بذلك، وراض تمامًا، وليس لي من خيار ...
ربما غيابي عنكم سيحزن الكثير من المخلصين، وسيخذل الكثير ممن ينتظرون أن أكتب عنهم ، لكنها أقدار، ولا أحد له اختيار في الأمر .
لقد اختبرتني الحياة، واختبرت الأصدقاء، فما وجدت سوي القليل جدًا من المخلصين والمحبين، واختبرت القلم فوجدته حزينًا كذلك، واختبرت نفسي فوجدتها أهون من بيت العنكبوت، وإن كانت لها أمل في المزيد، لكن لا خيار لنا في الحياة - ربما - سوى الصمت .
لقد كان آخر مقالاتي عن أدب الصمت والسكون، وما أجمله من طريق أتغياها، لأقضي بقية الحياة في صمت ممتد، مهيب ، وحزين، وربما جميل كذلك ...
لست ضعيفًا أقول، ولست قويًا كذلك، فلأجعل الصمت عكازي الأخير ،ألوذ به من هشاشة العالم والناس، ومن مواجد الدنيا ، وصروفها ، ولأتأمل الحياة من بعيد أيضًا ...
ما أجمل أن تكون بعيدًا عن كل شيء، في الصحراء، أو بين الجبال، أو في غرفة صغيرة علي شاطيء الحياة، تقتات الحزن، وتشرب من ماء الصمت، وتسأل ذاتك المقروحة : هل أنا هذا الذي ...... ...... ، ثم تدمع، وتقهقه في ذات الوقت، وتقف وتجلس، ثم تسير وحيدًا عبر شوارع الحياة !! .
لست أنا من يستسلم للحزن، ولست عنترة الذي سيزعق في برية العالم بحثًا عن النوق العصافير ، أنا فقط من أَحَبكم، وأحب الوطن، ولاعزاء لأحدٍ لديّ ، فقد أضعتموني، سامحكم الله جميعًا .
حين يهدر البحر سأراكم، وحين يعلو الزبد ، سأنظر لكم بعين جريحة، واتألم من أجلكم كذلك، لكنني لن أركب معكم السفينة، وسأفِرُّ منكم إلي الله ،هناك ...
حزينة - هي - الأوراق الزرقاء ، فعربة الحياة لم تعد بقادرة لتجر ريشة في مهب الريح، بعد أن كانت قادرة علي أن تجر قافلة للحب هناك !! .
أعدكم،
إن عدت لأكتب من جديد
فلا تنزعجوا حين أكتب عن علاقة ما بعد الحداثة بالملوخية البلدي ،
أو عن علاقة النقد الحديث بعالم المخللات
أو عن علاقة الرقص البلدي بطبق اللصيمة المميز
أو عن العلاقة الوثيقة بين الشعر وصينية المحشي
أو كيف نفكر في نظرية نقدية محشوة بالباذجان وبالبهارات
كل ذلك وغيره موضوعات جديدة للتنويريين، وكتاب النقد المابعد حداثي الجديد...
لكنني لن أعدكم بأكثر من هذا ، كي لا يقول أحدهم : ماذا أبقيت لنا من حلة المحشي ؟! .
سأترك ذلك كله لضمائركم، لكن من الأمانة العلمية أن تذكروا أنني أول من نادى بمزج " سلطة السبانخ " بقصيدة النثر، وأول من وضع تنظيرًا لقصيدة المعني وعلاقتها بالتكتولوبيا ...
ستقولون : فقد الفتي صوابة، وأقول : الناقد والشاعر والمتلقي كلهم علي حق ، وتبقي نظرية التلقي هي المدخل لتأويل كل ما هو جديد، وحديث ...
من لم يعجبه كلامي هذا فليلحق بي في أول ميدان عام، سأسلمه سيفًا من خشب، وكرافتة يلبسها علي اللحم،و لننظم معًا المرور، ولنحتفي بالألفية الجديدة .
عليَّ - الآن - أن انفث " دخان " أرجيلتي "، وأشرب فنجان قهوتي في هدوء .
" تمت "
بقلم :
ناقد سيمولوجي سابق
نقلها لكم :
حاتم عبدالهادي السيد
...
أعزائي الاصدقاء :
أعتذر لأصدقائي وأحبائي عن الكتابة في النقد والأدب، فما عدت أقوى علي شيء، فقد مال الشراع، وتصدعت السغينة وهي في أوج قوتها، لذا فإن البُعاد أفضل، ، والصمت أبلغ من أي كلام، ولن يبقي سواه ، هو العدل، واليقين، والحق ...
لقد قدمت للحياة الأدبية أكثر من ثلاثين كتابًا، إلي جانب مئات المقالات النقدية والثقافية، كما كتبت مقدمة كتب كثير من الأدباء الكبار والشباب، وحاولت جاهدًا أن أضع البسمة علي الوجوه، وأن أقدم الحب علي مزهرية الروح، ولم أبخل علي الجميع من أجل رفعة الوطن والثقافة والنقد، وأحسب أنني قدمت - أو حاولت - أن أقدم الجديد والمغاير، والمابعد حداثي لأضع اسم "مصر " - وكما هو دومًا - في صدارة المشهد الثقافي العربي، وأحسب أنني راضٍ عما قدمت ، وان كان لدي الكثير بعد ، لكنها أقدار تضعنا حسبما ترى، وأنا راضٍ بقدر الله في كل الأمور ، وأعتذر لمن لم أكتب عنهم، فقد كُسر القلم، وجف الحبر ، وعافت النفس الكتابة، بل والأصدقاء، وكل شيء .
لست مريضًا، أو محمومًا، ولست ضعيفًا كذلك، لكنني أترككم وأنا حزين ، لأنني أحببتكم جميعًا، والحمد لله ليس لدي أعداء، بل أصدقاء في كل قرية ومدينة ،وبلد ودولة، ولقد أديت الكثير، وخدمت الثقافة المصرية والعربية، وأحسب أنني قد أنجزت أقل مما تمنيت، وكان من الممكن أن أستمر لأكمل مشروعي النقدي والثقافي، لكنها الأقدار توجه السفينة حسب رياحها التي اختارت، وأنا مؤمن بذلك، وراض تمامًا، وليس لي من خيار ...
ربما غيابي عنكم سيحزن الكثير من المخلصين، وسيخذل الكثير ممن ينتظرون أن أكتب عنهم ، لكنها أقدار، ولا أحد له اختيار في الأمر .
لقد اختبرتني الحياة، واختبرت الأصدقاء، فما وجدت سوي القليل جدًا من المخلصين والمحبين، واختبرت القلم فوجدته حزينًا كذلك، واختبرت نفسي فوجدتها أهون من بيت العنكبوت، وإن كانت لها أمل في المزيد، لكن لا خيار لنا في الحياة - ربما - سوى الصمت .
لقد كان آخر مقالاتي عن أدب الصمت والسكون، وما أجمله من طريق أتغياها، لأقضي بقية الحياة في صمت ممتد، مهيب ، وحزين، وربما جميل كذلك ...
لست ضعيفًا أقول، ولست قويًا كذلك، فلأجعل الصمت عكازي الأخير ،ألوذ به من هشاشة العالم والناس، ومن مواجد الدنيا ، وصروفها ، ولأتأمل الحياة من بعيد أيضًا ...
ما أجمل أن تكون بعيدًا عن كل شيء، في الصحراء، أو بين الجبال، أو في غرفة صغيرة علي شاطيء الحياة، تقتات الحزن، وتشرب من ماء الصمت، وتسأل ذاتك المقروحة : هل أنا هذا الذي ...... ...... ، ثم تدمع، وتقهقه في ذات الوقت، وتقف وتجلس، ثم تسير وحيدًا عبر شوارع الحياة !! .
لست أنا من يستسلم للحزن، ولست عنترة الذي سيزعق في برية العالم بحثًا عن النوق العصافير ، أنا فقط من أَحَبكم، وأحب الوطن، ولاعزاء لأحدٍ لديّ ، فقد أضعتموني، سامحكم الله جميعًا .
حين يهدر البحر سأراكم، وحين يعلو الزبد ، سأنظر لكم بعين جريحة، واتألم من أجلكم كذلك، لكنني لن أركب معكم السفينة، وسأفِرُّ منكم إلي الله ،هناك ...
حزينة - هي - الأوراق الزرقاء ، فعربة الحياة لم تعد بقادرة لتجر ريشة في مهب الريح، بعد أن كانت قادرة علي أن تجر قافلة للحب هناك !! .
أعدكم،
إن عدت لأكتب من جديد
فلا تنزعجوا حين أكتب عن علاقة ما بعد الحداثة بالملوخية البلدي ،
أو عن علاقة النقد الحديث بعالم المخللات
أو عن علاقة الرقص البلدي بطبق اللصيمة المميز
أو عن العلاقة الوثيقة بين الشعر وصينية المحشي
أو كيف نفكر في نظرية نقدية محشوة بالباذجان وبالبهارات
كل ذلك وغيره موضوعات جديدة للتنويريين، وكتاب النقد المابعد حداثي الجديد...
لكنني لن أعدكم بأكثر من هذا ، كي لا يقول أحدهم : ماذا أبقيت لنا من حلة المحشي ؟! .
سأترك ذلك كله لضمائركم، لكن من الأمانة العلمية أن تذكروا أنني أول من نادى بمزج " سلطة السبانخ " بقصيدة النثر، وأول من وضع تنظيرًا لقصيدة المعني وعلاقتها بالتكتولوبيا ...
ستقولون : فقد الفتي صوابة، وأقول : الناقد والشاعر والمتلقي كلهم علي حق ، وتبقي نظرية التلقي هي المدخل لتأويل كل ما هو جديد، وحديث ...
من لم يعجبه كلامي هذا فليلحق بي في أول ميدان عام، سأسلمه سيفًا من خشب، وكرافتة يلبسها علي اللحم،و لننظم معًا المرور، ولنحتفي بالألفية الجديدة .
عليَّ - الآن - أن انفث " دخان " أرجيلتي "، وأشرب فنجان قهوتي في هدوء .
" تمت "
بقلم :
ناقد سيمولوجي سابق
نقلها لكم :
حاتم عبدالهادي السيد