عجيب هذا الرجل، به لوثة لا ندري من أين جاءته؟
آثار كيي بالنار في وجهه الذي يشبه قرص عسل النحل، أخاديد حفرت في وجهه بسكين حمراء، ترى من أحدث كل هذه التشوهات في وجه ولي من أولياء الله؟ اقتنعت جهة عليا بأنه لا يستحق كل ما جرى له؛ رغم أنهم كشفوا ألاعيبه، كل ما حدث لا يمكن قبوله.
حين يعجزون عن تفسير ما يجدون يلجأون إلى إجابات ماكرة؛
على كل ما يزال حيا يسعى، يتدحرج أشبه بكائن خرافي، عين واحدة، أنف طويل مثقوب المنخار الأيسر، أصابع يديه متساوية لكنها ويا للعجب متباعدة كأنما هي في عراك مع بعضها البعض!
بات من المؤكد أنه يحظى بأسرار تخفى علينا، لسبب أجهله يتبعه الفقراء، مساكين هؤلاء يظنون السراب ماء، عدة تفسيرات لهذا، يهبهم أرغفة محشوة بطعام لا نعلمه، يقال إنه مجذوب هذا تفسير لا يصدقه العقلاء، أخيرا اهتدوا لسر يخفيه؛ إنه متعلق بأبواب السماء.
لديه حبل يمسك به كل ليلة ومن ثم يوهم هؤلاء المخبولين بمقدرته الفائقة، لا أنكر أنه سحر لي، صرت أصدقه حتى ظننت أنه ولي سره باتع، في صحراء التيه تتداخل الأوهام بالأحلام الكاذبة، ترى القطط أسودا، تتراقص الثعابين كأنما هي بحيرة البجع؛ تبنى من رمال الشواطيء قصور بلقيس يحسبها جن سليمان كأنها هي!
شارع الحدادين مسكون بقوم غرباء، ألقت بهم سفن مجهولة في ليلة شاتية، سحنهم مختلفة، لايتكلمون إلا وأياديهم مطارق تحدث صخبا، ما عادت لنا راحة في نوم ولا هدوء في نهار، دخان أسود يغطى الحارة.
عم كبران ولي من أولياء الله؛ يوزع الخيرات ومن ثم يكتبون في السجلات الصفراء ما يظهر مقدرته، حكمته المبالغة، الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام، يلوكها شيخ المسجد، أتمنى من أصحاب الأحذية اللامعة أن يقصوا لسانه، أي فقر يتحدث عنه؟
ينظر حواليه حين يمشط لحيته المدلاة، أشبعها بالحناء، وهي توسعه مالا، تضج بطنه المدورة بحملها الكاذب، يظهر ما يخفيه، تماثل عجيب بينه وبين إخوته الذين ركبوا السيارات الفارهة، لكم أكره هذا الخداع، يقال إن الدين أفيون!
حتى النسوة الأربعة -مؤكد أن كبران ليست له أنثى يتسرى بها- من وراءه يشبهن الغربان، تتمطى الواحدة منهن في زهو، كائنات لزجة، لمولاهم السرر المفروشة بالورود المثيرة، لياليه زاعقة، أي فخر نحظى به حين يكون إمام الزاوية التي تسكنها الفئران جارا لنا!
أشاع الولد المخفي أن كبران أرضعته امرأة غجرية؛ هؤلاء نسوة يهبن لبنا للصغار مقابل حفنة من قمح، الأغرب من هذا ؛ جاءت به أمه التي لا نعلم من تكون، أسنانه مكتملة، يقضم نصف رغيف في طرفة عين، صارت حكايته عجيبة، لديه أسرار وعجائب.
حين تسلل إلى زاويتنا الفتى الذى يقال له المخفي؛ بتنا نخاف منه، يتسمع أخبار ذي اللحية الصفراء أو الحمراء، بل أحيانا الخضراء؛ أشبه بألوان قوس قزح تلك التى تبدو عليها لحيته.
نجلس في الزاوية ننتظر ما يخبرنا به الفتى المخفي، تخيلوا يقول: تلك لحية مصنعة، رآه يركبها في مهارة، يحك جبهته بجدار الحداد، كثيرون مثله مروا بهذا الحائط، كبران لا يأبه بمن يلوك سيرته؛ يمضى في طريقه يتمسح بكل حوائط شارع الحدادين التي تبول عليها الكلاب الضالة، يلتمس من هؤلاء دعوة من على المنبر ساعة صلاة الجمعة؛ يا للعجب كلما طاف به الشيخ المعمم تلفح وجهه نار موقدة منذ تركها له أبوه وجده ما تزال تلتهم الحكايات، يتراقص عندها؛ الولد المخفي يدعي أن كبران من عبدة الشيطان، نسبه بأمه، إنه لم يغادر كفرنا، وهل الشيطان لم يجد غير هذا الأسود الطويل الذي يشبه شجرة الكافور اليابسة حتى يخدعه؟!
نخاف منه، ما ترويه الجدات من أفاعيله ترك في نفوسنا الفزع، يمشي على الماء، يعبر النهر في طرفة عين، يطوف بالبيت الحرام كل جمعة سبع مرات، ياله من ولي صاحب أسرار وأحوال!
الولد المخفي يمسك بكتاب عليه منجل ومطرقة؛ يقسم إنه وجده في الموضع الذي كان ينام فيه العم كبران، يشرح لنا المخفي بعض الكلمات الصعبة، تبين لنا بعدها أن كبران عميل أحمر، تفرقنا في فزع؛ لا نقدر على السياط أو صعود السلالم المزيفة سيما وحوائط شارع الحدادين نار الله الموقدة.
كبران يجري في الكفر بلا سروال، تبدو البلاهة قد وجدت جسدا تمرح فيه، شعر صدره كثيف، لا يعرف شتاء من صيف، طالت لحيته كثيرا هذه الأيام، يعظ الفقراء يعدهم المن والسلوى مأدبة من السماء، الراهب في البندر يحذر من فتنته، كبران ملتاث وقد يحدث فتنة، يترنم بآيات من نشيد الأناشيد، يصورها في مشهد عابث؛ الرجل ذو رابطة العنق المنسقة والمزينة بزهور الربيع، يمسك بقلم ويسجل رأيه.
ينام كبران بلا غطاء، تتشممه الكلاب، تأنس به، في الصباح وحين نمر بجواره نجد القطط والعصافير بل وحتى الأفاعي تنام في طمأنينة.
يدعي الولد المخقي أن العم كبران ساحر من أهل المغرب، تذكر جدتي أنهم كانوا يأتون كفرنا في طريقهم إلى الحج، يتعممون بشيلان خضراء، يهبون الفقراء التمر وزيت الزيتون، نساؤهم جميلات، يبدو أن كبران كان عبدا زنجيا هرب من شيخ الطريقة الشاذلية فدعا الله أن يعاقبه بالمسخ، فكان كبران.
بتنا نألفه، تركناه يسكن الزاوية،يعلم الصغار حكمته، كل يوم وبعد الانتهاء من صلاة العصر نلتف حوله- نعلم أنه مصاب بالخرف- يقسم أنه سرق ابنة ملك الجن الأحمر بعدما صرع المردة، يخفيها في صندوق من حديد في حجرته التي لم يدخلها أحد، يطوف بالكعبة يوم الجمعة، يزور القدس في طريقه إلينا، تجادل مع هتلر ونصحه أن يتزوج ملكة الإنجليز الشقراء، أعطى لعمر المختار عهدا أن يجاهد معه، أوصى الصغار أن يرددوا اسمه كل يوم ثلاث مرات، لم يكن عم كبران ملتاثا.
آثار كيي بالنار في وجهه الذي يشبه قرص عسل النحل، أخاديد حفرت في وجهه بسكين حمراء، ترى من أحدث كل هذه التشوهات في وجه ولي من أولياء الله؟ اقتنعت جهة عليا بأنه لا يستحق كل ما جرى له؛ رغم أنهم كشفوا ألاعيبه، كل ما حدث لا يمكن قبوله.
حين يعجزون عن تفسير ما يجدون يلجأون إلى إجابات ماكرة؛
على كل ما يزال حيا يسعى، يتدحرج أشبه بكائن خرافي، عين واحدة، أنف طويل مثقوب المنخار الأيسر، أصابع يديه متساوية لكنها ويا للعجب متباعدة كأنما هي في عراك مع بعضها البعض!
بات من المؤكد أنه يحظى بأسرار تخفى علينا، لسبب أجهله يتبعه الفقراء، مساكين هؤلاء يظنون السراب ماء، عدة تفسيرات لهذا، يهبهم أرغفة محشوة بطعام لا نعلمه، يقال إنه مجذوب هذا تفسير لا يصدقه العقلاء، أخيرا اهتدوا لسر يخفيه؛ إنه متعلق بأبواب السماء.
لديه حبل يمسك به كل ليلة ومن ثم يوهم هؤلاء المخبولين بمقدرته الفائقة، لا أنكر أنه سحر لي، صرت أصدقه حتى ظننت أنه ولي سره باتع، في صحراء التيه تتداخل الأوهام بالأحلام الكاذبة، ترى القطط أسودا، تتراقص الثعابين كأنما هي بحيرة البجع؛ تبنى من رمال الشواطيء قصور بلقيس يحسبها جن سليمان كأنها هي!
شارع الحدادين مسكون بقوم غرباء، ألقت بهم سفن مجهولة في ليلة شاتية، سحنهم مختلفة، لايتكلمون إلا وأياديهم مطارق تحدث صخبا، ما عادت لنا راحة في نوم ولا هدوء في نهار، دخان أسود يغطى الحارة.
عم كبران ولي من أولياء الله؛ يوزع الخيرات ومن ثم يكتبون في السجلات الصفراء ما يظهر مقدرته، حكمته المبالغة، الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام، يلوكها شيخ المسجد، أتمنى من أصحاب الأحذية اللامعة أن يقصوا لسانه، أي فقر يتحدث عنه؟
ينظر حواليه حين يمشط لحيته المدلاة، أشبعها بالحناء، وهي توسعه مالا، تضج بطنه المدورة بحملها الكاذب، يظهر ما يخفيه، تماثل عجيب بينه وبين إخوته الذين ركبوا السيارات الفارهة، لكم أكره هذا الخداع، يقال إن الدين أفيون!
حتى النسوة الأربعة -مؤكد أن كبران ليست له أنثى يتسرى بها- من وراءه يشبهن الغربان، تتمطى الواحدة منهن في زهو، كائنات لزجة، لمولاهم السرر المفروشة بالورود المثيرة، لياليه زاعقة، أي فخر نحظى به حين يكون إمام الزاوية التي تسكنها الفئران جارا لنا!
أشاع الولد المخفي أن كبران أرضعته امرأة غجرية؛ هؤلاء نسوة يهبن لبنا للصغار مقابل حفنة من قمح، الأغرب من هذا ؛ جاءت به أمه التي لا نعلم من تكون، أسنانه مكتملة، يقضم نصف رغيف في طرفة عين، صارت حكايته عجيبة، لديه أسرار وعجائب.
حين تسلل إلى زاويتنا الفتى الذى يقال له المخفي؛ بتنا نخاف منه، يتسمع أخبار ذي اللحية الصفراء أو الحمراء، بل أحيانا الخضراء؛ أشبه بألوان قوس قزح تلك التى تبدو عليها لحيته.
نجلس في الزاوية ننتظر ما يخبرنا به الفتى المخفي، تخيلوا يقول: تلك لحية مصنعة، رآه يركبها في مهارة، يحك جبهته بجدار الحداد، كثيرون مثله مروا بهذا الحائط، كبران لا يأبه بمن يلوك سيرته؛ يمضى في طريقه يتمسح بكل حوائط شارع الحدادين التي تبول عليها الكلاب الضالة، يلتمس من هؤلاء دعوة من على المنبر ساعة صلاة الجمعة؛ يا للعجب كلما طاف به الشيخ المعمم تلفح وجهه نار موقدة منذ تركها له أبوه وجده ما تزال تلتهم الحكايات، يتراقص عندها؛ الولد المخفي يدعي أن كبران من عبدة الشيطان، نسبه بأمه، إنه لم يغادر كفرنا، وهل الشيطان لم يجد غير هذا الأسود الطويل الذي يشبه شجرة الكافور اليابسة حتى يخدعه؟!
نخاف منه، ما ترويه الجدات من أفاعيله ترك في نفوسنا الفزع، يمشي على الماء، يعبر النهر في طرفة عين، يطوف بالبيت الحرام كل جمعة سبع مرات، ياله من ولي صاحب أسرار وأحوال!
الولد المخفي يمسك بكتاب عليه منجل ومطرقة؛ يقسم إنه وجده في الموضع الذي كان ينام فيه العم كبران، يشرح لنا المخفي بعض الكلمات الصعبة، تبين لنا بعدها أن كبران عميل أحمر، تفرقنا في فزع؛ لا نقدر على السياط أو صعود السلالم المزيفة سيما وحوائط شارع الحدادين نار الله الموقدة.
كبران يجري في الكفر بلا سروال، تبدو البلاهة قد وجدت جسدا تمرح فيه، شعر صدره كثيف، لا يعرف شتاء من صيف، طالت لحيته كثيرا هذه الأيام، يعظ الفقراء يعدهم المن والسلوى مأدبة من السماء، الراهب في البندر يحذر من فتنته، كبران ملتاث وقد يحدث فتنة، يترنم بآيات من نشيد الأناشيد، يصورها في مشهد عابث؛ الرجل ذو رابطة العنق المنسقة والمزينة بزهور الربيع، يمسك بقلم ويسجل رأيه.
ينام كبران بلا غطاء، تتشممه الكلاب، تأنس به، في الصباح وحين نمر بجواره نجد القطط والعصافير بل وحتى الأفاعي تنام في طمأنينة.
يدعي الولد المخقي أن العم كبران ساحر من أهل المغرب، تذكر جدتي أنهم كانوا يأتون كفرنا في طريقهم إلى الحج، يتعممون بشيلان خضراء، يهبون الفقراء التمر وزيت الزيتون، نساؤهم جميلات، يبدو أن كبران كان عبدا زنجيا هرب من شيخ الطريقة الشاذلية فدعا الله أن يعاقبه بالمسخ، فكان كبران.
بتنا نألفه، تركناه يسكن الزاوية،يعلم الصغار حكمته، كل يوم وبعد الانتهاء من صلاة العصر نلتف حوله- نعلم أنه مصاب بالخرف- يقسم أنه سرق ابنة ملك الجن الأحمر بعدما صرع المردة، يخفيها في صندوق من حديد في حجرته التي لم يدخلها أحد، يطوف بالكعبة يوم الجمعة، يزور القدس في طريقه إلينا، تجادل مع هتلر ونصحه أن يتزوج ملكة الإنجليز الشقراء، أعطى لعمر المختار عهدا أن يجاهد معه، أوصى الصغار أن يرددوا اسمه كل يوم ثلاث مرات، لم يكن عم كبران ملتاثا.