بالأمس بلغتُ سبعين خريفًا من العمر، مهزومٌ بالشيب ونقص المناعة وفقد البصر.
أعدّدُ أثاث منزلي..
لي أريكةٌ وكرسيٌ وشماعةُ ملابسٍ منتصبة إلى جوار الباب ولا شيء أكثر.
تعرَّت لي الحياة فما اخترت منها إلّا مسبحةً. حباتٌ تراصت في شعرةٍ من رأسي دون عددٍ إلى جوار بعضها البعض. جمّعت من كل أرضٍ دخلتها حبة، من تحت قدم كريشنا ومن جوار بوذا ومن أعلى جبل الطور ومن أقصى يمين الحجر الأسود ومن وسط حائط المبكى ومن عباءة الحسين ومن داخل مقام أمه ومن قلب أبيها، وعقدت عليهم ثمَّ علقتها في رقبتي عشرة أعوام حتى تعرت ليَّ الحياة آخرى وقالت: هيت لك..
فهممت بها وما جاءني برهان، فعلمتُ أن الولايةَ "ذق لِتعرف"،
وذقتُ، فطفتُ..وطفتُ..وطفتُ..حتى سكرت.
قلتُ: ما النبوءة؟
قالت: حبةٌ من المسبحة.
فضاجعت كل امراة عرفتها ومنحتها حبةً من المسبحةِ فلم يتبق في شعرتي إلَّا حبةً واحدة كلما ضممتها تُدركني سكرةً وأغمض عيني وأرفع حبتي لتصافح السماء، (أقول: لي أهلٌ بينكم. فتردُ: قدّم صلاتك، أنت وحدك من تناجينا).
فأحكي لها عن عجوزٍ قال للرب ارفع يدك عني، وعن عجوزٍ ترك ساراي في الخلاء وعن عجوزٍ أرتحل فسكر فتعرى...
***
فكانت الحكايات صلاتي للوصول إلى إصحاحٍ لم يكمله "نشيد الأنشاد".
أضمُّ مسبحتي ذات الحبةِ إلى فمي فتلثمني، وتغرق شفتاي بصلاة التوحيد،
"وكفاني التوحيد ذُخرًا فإني لم أُعددُ في ديني الأرباب" –عمر الخيام
أيا حبة مسبحتي شفتاكِ عذراوان برغم كل الحروب التي مرَّت بهما، ألف عامٍ وأنا أدخنُ كل أنواع التبغ جيدها ورديئها دون لذةٍ أو حاجةٍ لي بها،
كنتُ أريد ملء هذا الفراغ بداخلي حتى لو كان بالقطران والنيكوتين، ولكنكِ حينما منحتني دخانكِ امتلأ هذا البراح عبر ذرةٍ من الزمن، واستبدل كل سرطان صدري بحديقةٍ من الياسمين، فآمنتُ أن القُبلَ تهزم السرطان.
***
ذات سكرةٍ تعانقنا إلى جوار ساريةِ بصحن مسجد الحاكم بأمر الله فحلَّقت العصافير فوقنا وسبَّحت، فلكزني خادم المسجد أن قم فقد حان وقت العصر، فقلتُ: لقد قصَرتُ الخمس في صلاةٍ واحدةٍ بقبلةٍ لحبةِ مسبحتي إلى جوار السارية.
***
ألف عامٍ احتجتها كي أملأ صدري بكل هذا الدخان،
ألف فنجان قهوة شربتها كي أعرف طعم القهوة،
ألف صلاةٍ قضيتها كي أصل إلى الله،
ولكن قُبلة واحدة منكِ كفتني كي أعرف أن لي شفتين.
"والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلّا الذين آمنوا"، فآمنت بمن خلق الجمال وصوَّره ومن خلق الحب وسيَّره ومن فتنني بحبة مسبحةٍ خلقت كل هذه الحكايات في صدري.
وفي آخر قطرةٍ من السُكرِ، قالت: كم كانت عدد حبات مسبحتك؟
فقلتُ: ما كانت إلّا واحدة.
* نقلا عن بتانة
أعدّدُ أثاث منزلي..
لي أريكةٌ وكرسيٌ وشماعةُ ملابسٍ منتصبة إلى جوار الباب ولا شيء أكثر.
تعرَّت لي الحياة فما اخترت منها إلّا مسبحةً. حباتٌ تراصت في شعرةٍ من رأسي دون عددٍ إلى جوار بعضها البعض. جمّعت من كل أرضٍ دخلتها حبة، من تحت قدم كريشنا ومن جوار بوذا ومن أعلى جبل الطور ومن أقصى يمين الحجر الأسود ومن وسط حائط المبكى ومن عباءة الحسين ومن داخل مقام أمه ومن قلب أبيها، وعقدت عليهم ثمَّ علقتها في رقبتي عشرة أعوام حتى تعرت ليَّ الحياة آخرى وقالت: هيت لك..
فهممت بها وما جاءني برهان، فعلمتُ أن الولايةَ "ذق لِتعرف"،
وذقتُ، فطفتُ..وطفتُ..وطفتُ..حتى سكرت.
قلتُ: ما النبوءة؟
قالت: حبةٌ من المسبحة.
فضاجعت كل امراة عرفتها ومنحتها حبةً من المسبحةِ فلم يتبق في شعرتي إلَّا حبةً واحدة كلما ضممتها تُدركني سكرةً وأغمض عيني وأرفع حبتي لتصافح السماء، (أقول: لي أهلٌ بينكم. فتردُ: قدّم صلاتك، أنت وحدك من تناجينا).
فأحكي لها عن عجوزٍ قال للرب ارفع يدك عني، وعن عجوزٍ ترك ساراي في الخلاء وعن عجوزٍ أرتحل فسكر فتعرى...
***
فكانت الحكايات صلاتي للوصول إلى إصحاحٍ لم يكمله "نشيد الأنشاد".
أضمُّ مسبحتي ذات الحبةِ إلى فمي فتلثمني، وتغرق شفتاي بصلاة التوحيد،
"وكفاني التوحيد ذُخرًا فإني لم أُعددُ في ديني الأرباب" –عمر الخيام
أيا حبة مسبحتي شفتاكِ عذراوان برغم كل الحروب التي مرَّت بهما، ألف عامٍ وأنا أدخنُ كل أنواع التبغ جيدها ورديئها دون لذةٍ أو حاجةٍ لي بها،
كنتُ أريد ملء هذا الفراغ بداخلي حتى لو كان بالقطران والنيكوتين، ولكنكِ حينما منحتني دخانكِ امتلأ هذا البراح عبر ذرةٍ من الزمن، واستبدل كل سرطان صدري بحديقةٍ من الياسمين، فآمنتُ أن القُبلَ تهزم السرطان.
***
ذات سكرةٍ تعانقنا إلى جوار ساريةِ بصحن مسجد الحاكم بأمر الله فحلَّقت العصافير فوقنا وسبَّحت، فلكزني خادم المسجد أن قم فقد حان وقت العصر، فقلتُ: لقد قصَرتُ الخمس في صلاةٍ واحدةٍ بقبلةٍ لحبةِ مسبحتي إلى جوار السارية.
***
ألف عامٍ احتجتها كي أملأ صدري بكل هذا الدخان،
ألف فنجان قهوة شربتها كي أعرف طعم القهوة،
ألف صلاةٍ قضيتها كي أصل إلى الله،
ولكن قُبلة واحدة منكِ كفتني كي أعرف أن لي شفتين.
"والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلّا الذين آمنوا"، فآمنت بمن خلق الجمال وصوَّره ومن خلق الحب وسيَّره ومن فتنني بحبة مسبحةٍ خلقت كل هذه الحكايات في صدري.
وفي آخر قطرةٍ من السُكرِ، قالت: كم كانت عدد حبات مسبحتك؟
فقلتُ: ما كانت إلّا واحدة.
* نقلا عن بتانة