تستقبلني بصقة أمي الحارقة لوجهي:
ـ لست ابنتي ولا أعرفك... لكن (انضربي)، ادخلي كي أريح الناس من شرّك.
رأيت إخوتي بانتظاري، نظراتهم سيوف مسلّطة على رقبتي أعلم كم يحتقرونني،هم لا يعلمون كم كنت أبغضها.
خطفتْ الأبصار والقلوب، وُهبتْ جمالا ليس بأكثر مما وُهبتُ؛ لكنه حال بيني ومن أحب ،وزاد الطين بلة ثقافتها التي تسحر الألباب وجرأتها المذهلة المسيطرة على القلوب قبل العقول، تتودد إليّ، وتستعر نار الحقد في قلبي، كلما لمحتُ هيامه بها،وفي كل لقاء لنا، نحن الثلاثة؛ أشعر كأنني ألبس طاقية الإخفاء.
تثق بي وتطلعني على كل أسرارها،وكان حبه سرها الجميل يلدغ قلبي، وذكره المتواصل نار منسكبة في أذني، كنتُ أحسدها على حيويتها اللامتناهية، محاطة بحلقات مضاعفة من المحبة والإعجاب تتصنع البساطة، وكلما ازدادت تواضعا وعطاء ورقة؛ توَّجتها نظراتهم كأنها ملكة، لها قدرة رهيبة على اللعب على الحبال، في لحظة تتصدر الحوار كأنها قائدة، وفي أخرى تكون كقطة مسالمة،تتلوى تحت نظراته المتيمة، وأحايين كثيرةتكون محور المحاضرة التي يترك لها أستاذنا الكلام ويصمت بإعجاب.
تمتشق سيفها وترسها،تتقدم في كل الميادين، وما كنت سوى ظلها، لم أختر هذا الدور؛ بل هي من فرضته بحضورها الطاغي، لا تتأخر عن مساعدة الجميع، تعير كراساتها لمن يطلبها وتحضُّني على فعل ذلك (خطك جميل... بلا معنى)٭، وتقهقه كان لضحكها رنة العطر تجذب إليها كل من حولنا، والغريب أن الجميع يطلب كراساتها ويعيدها مع وردة معطرة، سرعان ما ترميها فوق كتبي،وكم انتظرتُ رسالة، وردة، بيت شعر... فلا يصلني، لجوجة لا تمل من إقناعي بقراءة كتاب اختارته، وما كنتُ أحبّ الكتب؛ بل أرضخ لرغبتها كي أشارك في نقاشات تديرها، ولسان حالي يقول: انتبه لي ليست وحدها المثقفة.
غيابها جعل الهواء مفعما بالأوكسجين ... أصبح للحياة طعم مختلف، تمردت على سواد الظل الذليل، وقاومت بقايا المُثل التي كانت تتشدق بها، العالقة نثراتها في ركن قصي من أعماقي.
أكثر ما كان يوقظ هذه النثرات دموع أمها إذ تراني.
- أنت ابنتي، لا تغيبي عني كثيرا، هي كانت تحبك جدا.
كنت أدهش، من أين لي بدموع التماسيح كلها،أذرفها أمامه عسى قلبه يراني ويصدق افتقادي لها؛
وكان حاله يؤلمني، فلا اسم على لسانه إلا اسمها، أقطفه من فمه قبل أن ينطق به.
ـ أخاف عليك أن يطالك مصيرها.
شهور عديدة وأنا أجلو الحزن عن قلبه كي أدخله في عالمي.
- ياحبيبي، الأسوار عالية وقد لا تخرج أبدا... لو صدق حبّها لك، لما خبّأت عنك، نضالها السري، وما عرضتك للخطر
- أنت وأنا نعلم أنها بريئة، ما يدهشني ويحيرني؛ مَن له مصلحة؟
حيرته وتكرار التساؤل مدية تنغرز في قلبي.
كان كل شيء قد انتهى، كنتُ قد حقّقتُ حلمي، ضمّ حفل زفافنا الأصدقاء والصديقات، كنتُ سعيدة بنسيانهم لها، وانشغالهم بفرحي، وللمرة الأولى أكون محط اهتمامهم.
كدتُ أنساها، وإن خطرتْ ببالي أُخمد ضميري بأعذار تبرده:
لو كان وفيّا لها لانتظرها... لو كان يحبّها... ما قبل عرضي، ولو... ولو...
عادت كلبوة أكثر شراسة من قبل، حتى في لحظات ضعفها يخدمها الحظ... ويصدف أن لها قريبا ذا موقع مرموق؛ ليساهم في إطلاق سراحها.
ـ (خطكِ الجميل) ٭ أعرفه؛ لكن لم أكن أعلم أنني أصادق أفعى وأعشق ذئبا.
زوجي بدا كصوص منتوف الريش، عاجزا عن الدفاع عن نفسه... غارقا في مؤامرة لا يعرف عنها شيئا، أراحتْني ثورتها في وجهه إذ أذابت مخاوفي من حنينها إليه...
رحتُ أجرّ حقائبي و قد واريت فيها الكثير من دموعي وانهزامي وحقدي، ويشيعني بصمت، تسحقني نظراته التي تصرخ بكل ما أوتيت من كره واشمئزاز... وبلقب جديد أمضي إلى دار أهلي الذي سيكون سجنا خانقا لروحي الناقمة.
صديقة علي
ـ لست ابنتي ولا أعرفك... لكن (انضربي)، ادخلي كي أريح الناس من شرّك.
رأيت إخوتي بانتظاري، نظراتهم سيوف مسلّطة على رقبتي أعلم كم يحتقرونني،هم لا يعلمون كم كنت أبغضها.
خطفتْ الأبصار والقلوب، وُهبتْ جمالا ليس بأكثر مما وُهبتُ؛ لكنه حال بيني ومن أحب ،وزاد الطين بلة ثقافتها التي تسحر الألباب وجرأتها المذهلة المسيطرة على القلوب قبل العقول، تتودد إليّ، وتستعر نار الحقد في قلبي، كلما لمحتُ هيامه بها،وفي كل لقاء لنا، نحن الثلاثة؛ أشعر كأنني ألبس طاقية الإخفاء.
تثق بي وتطلعني على كل أسرارها،وكان حبه سرها الجميل يلدغ قلبي، وذكره المتواصل نار منسكبة في أذني، كنتُ أحسدها على حيويتها اللامتناهية، محاطة بحلقات مضاعفة من المحبة والإعجاب تتصنع البساطة، وكلما ازدادت تواضعا وعطاء ورقة؛ توَّجتها نظراتهم كأنها ملكة، لها قدرة رهيبة على اللعب على الحبال، في لحظة تتصدر الحوار كأنها قائدة، وفي أخرى تكون كقطة مسالمة،تتلوى تحت نظراته المتيمة، وأحايين كثيرةتكون محور المحاضرة التي يترك لها أستاذنا الكلام ويصمت بإعجاب.
تمتشق سيفها وترسها،تتقدم في كل الميادين، وما كنت سوى ظلها، لم أختر هذا الدور؛ بل هي من فرضته بحضورها الطاغي، لا تتأخر عن مساعدة الجميع، تعير كراساتها لمن يطلبها وتحضُّني على فعل ذلك (خطك جميل... بلا معنى)٭، وتقهقه كان لضحكها رنة العطر تجذب إليها كل من حولنا، والغريب أن الجميع يطلب كراساتها ويعيدها مع وردة معطرة، سرعان ما ترميها فوق كتبي،وكم انتظرتُ رسالة، وردة، بيت شعر... فلا يصلني، لجوجة لا تمل من إقناعي بقراءة كتاب اختارته، وما كنتُ أحبّ الكتب؛ بل أرضخ لرغبتها كي أشارك في نقاشات تديرها، ولسان حالي يقول: انتبه لي ليست وحدها المثقفة.
غيابها جعل الهواء مفعما بالأوكسجين ... أصبح للحياة طعم مختلف، تمردت على سواد الظل الذليل، وقاومت بقايا المُثل التي كانت تتشدق بها، العالقة نثراتها في ركن قصي من أعماقي.
أكثر ما كان يوقظ هذه النثرات دموع أمها إذ تراني.
- أنت ابنتي، لا تغيبي عني كثيرا، هي كانت تحبك جدا.
كنت أدهش، من أين لي بدموع التماسيح كلها،أذرفها أمامه عسى قلبه يراني ويصدق افتقادي لها؛
وكان حاله يؤلمني، فلا اسم على لسانه إلا اسمها، أقطفه من فمه قبل أن ينطق به.
ـ أخاف عليك أن يطالك مصيرها.
شهور عديدة وأنا أجلو الحزن عن قلبه كي أدخله في عالمي.
- ياحبيبي، الأسوار عالية وقد لا تخرج أبدا... لو صدق حبّها لك، لما خبّأت عنك، نضالها السري، وما عرضتك للخطر
- أنت وأنا نعلم أنها بريئة، ما يدهشني ويحيرني؛ مَن له مصلحة؟
حيرته وتكرار التساؤل مدية تنغرز في قلبي.
كان كل شيء قد انتهى، كنتُ قد حقّقتُ حلمي، ضمّ حفل زفافنا الأصدقاء والصديقات، كنتُ سعيدة بنسيانهم لها، وانشغالهم بفرحي، وللمرة الأولى أكون محط اهتمامهم.
كدتُ أنساها، وإن خطرتْ ببالي أُخمد ضميري بأعذار تبرده:
لو كان وفيّا لها لانتظرها... لو كان يحبّها... ما قبل عرضي، ولو... ولو...
عادت كلبوة أكثر شراسة من قبل، حتى في لحظات ضعفها يخدمها الحظ... ويصدف أن لها قريبا ذا موقع مرموق؛ ليساهم في إطلاق سراحها.
ـ (خطكِ الجميل) ٭ أعرفه؛ لكن لم أكن أعلم أنني أصادق أفعى وأعشق ذئبا.
زوجي بدا كصوص منتوف الريش، عاجزا عن الدفاع عن نفسه... غارقا في مؤامرة لا يعرف عنها شيئا، أراحتْني ثورتها في وجهه إذ أذابت مخاوفي من حنينها إليه...
رحتُ أجرّ حقائبي و قد واريت فيها الكثير من دموعي وانهزامي وحقدي، ويشيعني بصمت، تسحقني نظراته التي تصرخ بكل ما أوتيت من كره واشمئزاز... وبلقب جديد أمضي إلى دار أهلي الذي سيكون سجنا خانقا لروحي الناقمة.
صديقة علي