د. سيد شعبان - هذا السرد!

لعل بعضكم يتساءل: لماذا أكتب وأدون على حائط صفحتي كل هذه الكتابات؛ هل أنا مجنون؟
أم تراني أقضى على وقتي ومن ثم أشغله بسرد قد يمله القراء؟
مؤكد أن هذا في جملته صحيح؛ لكنني أكتب لأوجد معنى مغايرا؛ دفء مفرداتي يرتبط بوهج مشاعري، حلمت أن أغير العالم؛ وجدتها فرصة مناسبة لأنطلق من صفحتي؛ أن أكون معبرا عن معاني الحب ونبذ الكراهية؛ أوجد مساحة من التفاهم والالتقاء عبر سرد يضرب في عمق وطني؛ كتبت عن المجاذيب والبهاليل؛ عن الخيال الشعبي وموروثات البيئة؛ حكايات الأجداد؛ عالمي يتسم بالغرابة؛ تسكنه الجن وغيلانها؛ القطط السوداء والنداهة؛ الموتى الذين يركبون القطارات؛ عن أولياء الله الصالحين، مؤكد أنها أشياء صغيرة لا يهتم بها أحد؛ رغم هذا هي جميلة وتستحق أن نباهي بها؛ جاريت ماركيز وعايشت هوبكنج؛ قرأت روائع الأدب العربي وعانيت وما أزال من سطوة الفقر المادي والمعنوي؛ راجعت أفكاري وغيرت كثيرا من ثيابي؛ أومن بأن الإنسان داخلي يستحق الحياة؛ أتتبع شخصيات قصصي في رحلاتها؛ أعايشها ومن ثم أكتب بشغف؛ كل نصوصي أراها تطورا في مسيرة سردي؛ لدي خزانة تمتليء بالحكايات؛ أسترفد من واقعي وأعانق حلمي؛ أمسك بأهداب لغتي؛ تركت الألاعيب والزخارف بت أبحث عن المعنى لكن في قالب سوي؛ لست غير ذات تكتب عن أملها؛ قد يراني بعضكم أقلد السابقين وأقتفي أثرهم؛ وهل أنا إلا أحدهم؟
لم أكتب غير ما أومن به، قال جابرييل ماركيز أعيش لكي أحكي؛ أما أنا فأحكي لكي أعيش؛ أبدد ذلك الظلام الذي يحيط بي؛ أدون أحوال يومي وما عاصرته من أحداث؛ ثمة حلم لما أدون أحداثه؛ أدور حوله وأتتبع خيوطه فأنسج ذلك الرداء السردي؛ أقتات مفرداتي وأتدثر أحزاني؛ في رحلة الحياة ندوب ونتوءات؛ أفراح وأحزان لكنها أقدارنا التي لا نجاة منها بغير الصبر عليها، كثيرا ما ترددت في أن أسرد؛ أجد الحكايات مملة بل وقد تكون مؤلمة؛ أهرب من قلمي بأن أمرره على الأوراق فيأتي بأخرى؛ في جل كتاباتي أبحث عن التشويق وحفظ الذاكرة الشعبية من أن تندثر؛ أولادنا لم يروا الساقية ولم يسمعوا من الجدات فقط لأنهن ارتحلن تاركات فراغا لايسد؛ أجدني مؤتمنا على ذلك الحكي؛ بعضه حقيقة وأكثره يعمل فيه الراوي خياله.


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى