محمد محمود غدية - رجل فى منتصف الحزن

الحياة مسرح كبير، يمثل فيه البعض أدوار تراجيدية كتبت بعناية،
أوأدوار كوميدية هزلية تبعث على الضحك والمتعة، وهناك النظارة، الذين يشاهدون المسرح إما للمتعة الذهنية والإرتقاء بالفكر، أو للتسلية وتذكية الوقت، وغالبا مايكونوا مسكونين بالدهشة طول الوقت، وكما قال عميد المسرح العربى يوسف وهبى : أن الدنيا ماهى إلا مسرح كبير،
بطلنا يسير بتمهل نحو الخمسين، متوج رأسه بشعر أشبه بسبائك الفضة،
يثير حسد المتزوجين لأناقته والعناية بملبسه وعدم زواجه،
يرى الزواج ماهو إلا مجلب لتعساء جدد فى هذا العالم،
البعض يرى الخمسينى، أشبه بقطرة مطر تتساقط فوق سطح صفيح ساخن، فتذوب وتتبخر وتتلاشى،
يرى التلفاز حامل لكوارث الدنيا الطبيعية والبشرية، يصيب الإنسان بالمرارة والألم، كأنه لا يكفيه مايتجرعه الإنسان، من مرارات وكوارث طول الوقت، والإنسان بطبعه متمردا على قيم العصر الذى يعيشه، يكتب الشعر الذى يرى فيه متنفس للبوح الراقى، والقدرة على زحزحة الهم قليلا، وهو يتيح مسافة مأمونة بينه وبين الجنون، فى حياته فوضى لكنها منظمة،
هاتفه فى أغلب الأحيان مغلق، مخافة الرنين والإزعاج فى منتصف الليل أو منتصف الحزن كما يراه، عيناه تلمعان ببريق يخطفك، جميل الحكى،
يرى الغنى والفقر، أشبه بشرب الماء فى كوب من البللور، أو كوب من الخزف الطينى، كلاهما يطفئ الظمأ، الماء واحد والإختلاف فى نوع الكوب،
كذلك الحياة واحدة، والإختلاف فى إستقبال كل واحد منا لها،
أحببت بساطته .. فلسفته .. طيبته، نجلس معا بالساعات فى مقهانا القديم، نحتسى القهوة التى يرشفها فى تمهل وتلذذ بالغ،
أحدثه عن المستجدات وكوارث العصر فى معظم بقاع الأرض، يصيغ السمع دون أن تطرأ على وجهه آى تعبيرات،
لا يؤيد ولا يستنكر، لا يبتسم ولا يعبس، ولا يدهش، فقط عيناه تشعان ألقا ودفئا، يشجعننى على الكلام،
ولا أدرى إن كان حكيما أو فنان، يتقن تمثيل أحد الأدوار الهزلية على مسرح الحياة ؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى