حين نظرت إلى شاشة التلفاز وجدت إعلانا يحذر من النوم مبكرا؛ يخاطب المشاهدين: عليكم أن تظلوا متيقظين حتى منتصف الليل؛ توجست خيفة من أن يكون اللصوص سيداهمون بيوت القرية، يسرقون خزين القمح، يحلبون الأبقار؛ معاذ الله أن ينزوا على الأبكار، على أية حال سرى في جسدي الخدر فنمت؛ تلك عادتي التي لم تتغير منذ جاءت بي أمي إلى الدتيا، عبئا تخلصت منه، أتثاءب، ثم يفترسني الليل، مثلت لي أحداث النهار شخوصا تتحرك، شجاري مع باعة الصحف هؤلاء الذين يخفون المقالات المشاكسة، البقالون الذين يغالون في أسعار البضائع؛ سائق السيارة الذي يرفض أن أركب ومعي حقيبة ملابسي، شرطي المرور الذي يمسك بي؛ خشية أن أصطدم بعمود الإنارة- أنا بعين واحدة- كلاب ضالة تمزق سروالي؛ يسخر مني الصغار؛ يقذفونني بحصوات، يتبعونني ساخرين؛ أنتشي طربا ﻷول مرة أشعر بأنني ذو فائدة؛ كل واحد به مساحة لأن يلهو، أفر إلى حائط بناية قديمة، ينبح كلب أسود ويقف غراب فوق رأسي!
تخاف الأمهات أن يصاب صغارهن بمرضي، أسبح في النيل وتلك عادتي؛ أغسل ثيابي كل جمعة ومن ثم أظل حتى تجففها شمس الظهيرة، أجري في كل مكان، أقلد الحمام وألعب مع أبي قردان، ثم في جحر في باطن جسر النيل أترك جسدي يسبح في الأحلام.
نبأ عاجل؛ حريق يشتعل في سقف كنيسة نوترادم، المصلى المرواني تلتهمه النيران؛ يبدو أن حالة السعار تجتاح الكون،
حين كنت صغيرا ذهبت بي أمي إلى كتاب سيدنا، أوصته بي خيرا، تجلب له كل يوم رغيفا وبيضة حين ينتهي من تناولها، يعلمني كيف أمسك بالقلم؛ يدعني أفر هاربا بعد أن أرسم حرفا من تلك الشخوص، ثلاثون شهرا كانت كافية؛ جعلني العريف، أوصاني بأن آتيه بالوشايات والنمائم، صرت مولعا بما هو مدون على المحال، حكايات النسوة اللواتي فررن إلى المدينة، مولانا ينتشي طربا كلما سمع بما يثير شهيته.
نسيت أن أخبركم بأن شعر رأسي لم يعد موجودا؛ يقال إن أمي أوصت بي الحلاق؛ نزع شعري من جذوره لأوفر بضعة جنيهات، كتبت اسمي على كتفي، وضعت كفا تتدلى منه خرزة في رقبتي، تتبرك بي النسوة الحاملات أجنة ليسوا مثلي بالتأكيد!
الآن أخبركم بما خوفوا الناس منه، دائما ما يكمن الشيطان في الأشياء الدقيقة، لنتخلص من عقارب الساعة؛ تبدو متناهية الصغر؛ مولانا الكائن في جوف الزمن يخاف علينا من تسري لوثة تبديل الثياب إلينا؛ إنه يرانا أحق بحكمته، يهبنا خبزا كفاء نعمته!
يقال إن ثعلبا أخفى حبة قمح عملاقة، وجدوا سنبلتها ملقاة عند حافة النهر، احتاروا كيف يحملونها على ظهر ناقة بيضاء، وﻷنني كنت أحسن قراءة سورة يوسف، أجدت تأويل الرؤيا، سنوات تأتي بالقطر وأخرى يجف فيها النهر؛ حبة القمح تقسم شطرين؛ واحد للجوعى وآخر يختزن في القصر، أشادت بحكمتي صحيفة الطعام، انتشت النسوة في الشرفات البيضاء، تصارع المعدمون أيهم يحتاز الرغيف الأول.
عاودني النوم، تماديت في عالم الخيال، تنقلت من نجم إلى آخر؛ بساط سحري وامرأة مكتنزة، تفر أمامها القطط، نهر من الأحلام يتبعني، أصوات تهدر كما الشلال، فوضى في خريطة العرب، ليتهم استسلموا للخدر!
"يخربون بيوتهم بأيديهم" يعظهم مولانا الذي يعتلي أريكة الكتاب؛ أردد مقالته؛ أخبرتكم من قبل أنني عريفه المكلف بالبوق أنفث فيه كل آونة.
أتي فأر أبيض، بدأ يقرض في قدمي، أشعر أنه يعابثني، الدم يحيط بي، أتشمم رائحة اللحم الذي يتمزق، يظهر مذيع يلوك نفس المبردات التي صارت أكثر مواتا من ثلج الشتاء، أشعر بأنني أعيش حالة الغثيان؛ تشتعل كنيسة نوتردام، يا للخسارة، من يا ترى مولع بالحقد الأسود حتى يرتكب تلك الحماقة؛ أي عالم مجنون هذا!
لعنة الله على رايات سوداء تخيم في جنون، تفاءلت بالربيع، سرعان ما نعبت الغربان فوق أشجار البرتقال، في المرة القادمة سأصلح عيني، لكن الحدبة التي تعلو ظهري ستظل تشي بي؛ ليتني كنت أحدب نوتردام.
تخاف الأمهات أن يصاب صغارهن بمرضي، أسبح في النيل وتلك عادتي؛ أغسل ثيابي كل جمعة ومن ثم أظل حتى تجففها شمس الظهيرة، أجري في كل مكان، أقلد الحمام وألعب مع أبي قردان، ثم في جحر في باطن جسر النيل أترك جسدي يسبح في الأحلام.
نبأ عاجل؛ حريق يشتعل في سقف كنيسة نوترادم، المصلى المرواني تلتهمه النيران؛ يبدو أن حالة السعار تجتاح الكون،
حين كنت صغيرا ذهبت بي أمي إلى كتاب سيدنا، أوصته بي خيرا، تجلب له كل يوم رغيفا وبيضة حين ينتهي من تناولها، يعلمني كيف أمسك بالقلم؛ يدعني أفر هاربا بعد أن أرسم حرفا من تلك الشخوص، ثلاثون شهرا كانت كافية؛ جعلني العريف، أوصاني بأن آتيه بالوشايات والنمائم، صرت مولعا بما هو مدون على المحال، حكايات النسوة اللواتي فررن إلى المدينة، مولانا ينتشي طربا كلما سمع بما يثير شهيته.
نسيت أن أخبركم بأن شعر رأسي لم يعد موجودا؛ يقال إن أمي أوصت بي الحلاق؛ نزع شعري من جذوره لأوفر بضعة جنيهات، كتبت اسمي على كتفي، وضعت كفا تتدلى منه خرزة في رقبتي، تتبرك بي النسوة الحاملات أجنة ليسوا مثلي بالتأكيد!
الآن أخبركم بما خوفوا الناس منه، دائما ما يكمن الشيطان في الأشياء الدقيقة، لنتخلص من عقارب الساعة؛ تبدو متناهية الصغر؛ مولانا الكائن في جوف الزمن يخاف علينا من تسري لوثة تبديل الثياب إلينا؛ إنه يرانا أحق بحكمته، يهبنا خبزا كفاء نعمته!
يقال إن ثعلبا أخفى حبة قمح عملاقة، وجدوا سنبلتها ملقاة عند حافة النهر، احتاروا كيف يحملونها على ظهر ناقة بيضاء، وﻷنني كنت أحسن قراءة سورة يوسف، أجدت تأويل الرؤيا، سنوات تأتي بالقطر وأخرى يجف فيها النهر؛ حبة القمح تقسم شطرين؛ واحد للجوعى وآخر يختزن في القصر، أشادت بحكمتي صحيفة الطعام، انتشت النسوة في الشرفات البيضاء، تصارع المعدمون أيهم يحتاز الرغيف الأول.
عاودني النوم، تماديت في عالم الخيال، تنقلت من نجم إلى آخر؛ بساط سحري وامرأة مكتنزة، تفر أمامها القطط، نهر من الأحلام يتبعني، أصوات تهدر كما الشلال، فوضى في خريطة العرب، ليتهم استسلموا للخدر!
"يخربون بيوتهم بأيديهم" يعظهم مولانا الذي يعتلي أريكة الكتاب؛ أردد مقالته؛ أخبرتكم من قبل أنني عريفه المكلف بالبوق أنفث فيه كل آونة.
أتي فأر أبيض، بدأ يقرض في قدمي، أشعر أنه يعابثني، الدم يحيط بي، أتشمم رائحة اللحم الذي يتمزق، يظهر مذيع يلوك نفس المبردات التي صارت أكثر مواتا من ثلج الشتاء، أشعر بأنني أعيش حالة الغثيان؛ تشتعل كنيسة نوتردام، يا للخسارة، من يا ترى مولع بالحقد الأسود حتى يرتكب تلك الحماقة؛ أي عالم مجنون هذا!
لعنة الله على رايات سوداء تخيم في جنون، تفاءلت بالربيع، سرعان ما نعبت الغربان فوق أشجار البرتقال، في المرة القادمة سأصلح عيني، لكن الحدبة التي تعلو ظهري ستظل تشي بي؛ ليتني كنت أحدب نوتردام.