محمد محمود غدية - عطر البرتقال

على الطاولة التى لا يغيرها فى المقهى، جلس الخمسيني، الذى كثيرا مايشير لأصدقائه المتزوجين. ساخرا وضاحكا : أن القطار قد دهسهم وفرمهم، وأنه فى فى مأمن دون زواج،
يتابع رواد المقهى، فى رياضة يعشقها، ألا وهى قراءة وجوه الناس، وفك بعض الطلاسم التى تستعصى على الأفهام، ورسم بورتريهات للوجوه التى تمسك به،
تلك المرأة ذات العينين اللوزتين بحدقتيها السوداوين الساحرتين، والتى لم تفرغ بعد من إحتساء قهوتها، لابد وأنها هجرت الحب فالوجود حولها رمادي بارد كئيب، مشوقة للعشق، شعرها ينعس فيه الليل، ويسافر فى كل الدنيا، صمتها متواطئ لابد من وجود الآخر الذى يفجره،
أربعينية تقلب فى دفتر الذكرى وهى تأتى على آخر رشفة من فنجانها الثانى، مثل كثيرين عشقت وأحبت وهجرها من أحبته، مازالت تتجرع لوعة الغياب، بعد أن جفت فى حدائقها ثمار اللوز والبرتقال،
تزوج حبيبها تحت ضغط من أسرته من أرملة شقيقه الذى أستشهد فى لغم زرعه إرهابى وكان لابد من الزواج وتربية طفليه،
الخمسينى المختبئ خلف عدساته الزجاجية وطاولة المقهى، رسم بورتريه رائع للأربعينية بقلم الفحم وإنتقل الى طاولتها وهى فى دهشة أمام صورتها وإحترافيته فى الرسم، مضيفا إهداء الى عطر البرتقال،
تسأله من بين إبتسامتها لماذا عطر البرتقال ؟
لأننا فى فصل ينضج فيه ثمر البرتقال بالإضافة لرائحته العطرية، ترقبه بشوق وهو يتكلم، تتلألأ فى عيونهما شموس وأقمار هل يمكن أن يرسما معا خطوط المستقبل وكلاهما عطشى للحب ؟
سؤال يبقى إجابته لديهما .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى