حوار مع الكاتب والروائي الكردي إبراهيم اليوسف

في رحاب الأدب
رست سفينتنا هذه المرة على شواطىء الكاتب والأديب إبراهيم يوسف
هذه القامة الأدبية التي تركت بصمتها على الشارع العربي والكردي معاً صاحب بال طويل في ميادين الأدب والسياسة والإعلام وأردنا خلال حوارنا هذا الغوص في عالم إبراهيم يوسف من جميع هذه النواحي ونتمنى أن نقدم لكم مع أديبنا المتميز أفق أرحب في ميادين الفكر والثقافة ونبدأ معه بسؤالنا الإعتيادي

س1- حبذا لو عرّف الكاتب: إبراهيم يوسف بنفسه، وقدمها لمحبيه وقرائه وبالتفصيل؟

بكل سرور، وإن كانت المهمة جد صعبة. مهمة أن أعرف بي، لأن صورة أي منا، في مرايا الآخرين. الآخرين، أنقياء القعر. أنقياء المعدن، هي المتوخاة، من لدني، ومن لدن الآخر، المعني، المهتم. لاضير، أنا امرؤ حالم. فتحت عيني على العالم، وأنا أخطط لتحقيق منجز منا، كان هذا المنجز غيرياً، في أكثره. كنت من أولئك الذين آثروا أن يعيشوا لأجل خدمة سواهم، والخطأ الكبير-هنا- هونسياني مقربي. أسرتي- أحياناً- في اللجة. ثمة ما اعرفه. ما لا أريد إثارته، لا أخفي عنك أنني لست نادماً البتة، على ماقمت به، ولو أنه كتب لي أن أعيش، مرة أخرى، لاخترت هذا الدرب. ثمة تفاصيل صغيرة يعرفها المقربون مني ألا وهي أنني كنت أعدني صاحب مشروع عام، حتى في الثقافة، فمنذ أول خطواتي في هذا العالم أردت أن أمد اليد للآخرين، إلى درجة نسيان الذات. مع مرور الزمن أحسست أني بالغت في إيذاء ذاتي. أسرتي، أن هناك من لم يكن في الصورة التي رسمتها له، إلا إنني فعلت ما يرضيني، لأتباهى، بما قمت به، بين وبين نفسي، تاركاً للتاريخ تقويم ذلك، وإن كنت أدرك أننا نعيش زمن التزوير، وصناعة التواريخ الكاذبة، من لدن كثيرين، في هذا الزمن الافتراضي.
س2 - البدايات دوما لها ذكريات تحفر في الذاكرة وبدايات إبراهيم يوسف كانت المسرح لنعد معا للحديث ولو عن جزء من تلك البدايات هل هذا ممكن؟
كانت التمثيلية الأولى- شبه الرسمية- التي لعبت فيها دوراً، في المدرسة الابتدائية في القرية التي ولدت فيها، إلا إنها كانت حالة متطورة-قليلاً- عن تمثيليات الأطفال التي تندرج تحت إطار- الألعاب- إلا إنه في بدايات المرحلة الإعدادية تعرفت على حالة مسرحية أكثر تطوراً، من المرحلتين السابقتين، لأواصل العمل المسرحي المدرسي في المرحلة الثانوية، ويكون المسرح أحد أسباب تعرضي للمتاعب، في المدرسة، ومن ثم خارجه، لأدع المسرح، لاسيما بعد أن لم أفلح في الالتحاق ب-فحص المقابلة- في المعهد العالي للتمثيل في العاصمة، لأسباب ذكرتها كثيراً، لأدع المسرح- جانباً- بعد أن تم توقيفنا في مخفرالمدينة بسببه.
علاقتي مع المسرح، كما أقرؤها الآن، كانت مريرة، سببت لي المتاعب، كما ستكون علاقتي مع الكتابة، التي دفعت ثمن ممارستها، إلا إنهما عنواني تحد جميلين، أعتز بهما!


س3 - متعة التسعينيات كانت لنا هي انتظار صدور مجلة المواسم هل لكم أن تحدثونا والمتابعين عن ظروف ولادة المواسم والصعوبات التي اعترضتكم خلال مسيرتها ؟



كان لدي مشروع للعمل الثقافي في الحزب الشيوعي السوري، وحدث أنه في أول التسعينيات استطاع بعض- التكنوقراط- بعض أصحاب العقول أن يصلوا إلى سدة العمل الحزبي في منطقة الجزيرة. أحد أصحاب الكفايات ألا وهو د. يوسف سعدون تبنى المشروع، ورافع عنه، ولأشهد هنا أن مسؤول اللجنة المنطقية- آنذاك- عثمان إبراهيم ساند المشروع، وهكذا قيادة الحزب، إلا إن د. يوسف سافر، وأسندت المهمة إلى الصديق حسن قاسم الذي واصل الانفتاح على المشروع، وعملنا خلاله، ليتم تشجيع منابركردية أخرى، كي تظهر، وتكون بداية التسعينات مرحلة نهضة ثقافية إعلامية، لما يتم إنصافها، وتناولها، بعد. عبرمجلة مواسم، وملتقى الثلاثاء، الذي سميناه فيما بعد- منتدى الثلاثاء- تبني أصحاب مواهب صارلها الآن حضورها، ومن بينها أسماء جد مهمة.
النظام حاول التضييق على المجلة لأننا تبنينا خلالها نشر الأدب الكردي، إلى جانب الآداب الأخرى في المنطقة، كما إن بعض غيرالأكفياء حاولوا التدخل وتقديم بعض الأعداد، محاولين- تضييق إطارها- بعد أن خططنا لتكون منفتحة على الآخرين، إذ إن حضورالمجلة، وجماهيريتها كانا يدفعان بعضهم لكبح مسيرتها.
في البداية اخترت هيئة تحرير من أصدقاء مقربين، إلا إن السياسي، حاول فرض أسماء من قبله على هيئة التحرير، حاولنا استيعابها إلى حين، لاسيما إن مثل هذه الأسماء مستقدمة لميدان هو ليس لها.
من بين منجزات المجلة أننا سعينا لتوثيق سير أوائل الشيوعيين، وكلفنا عدداً من الزملاء في إجراء حوارات معهم، ونشربعض ذلك، وضاع أهم مشروع عملنا عليه، بعد العام2000،إذ بقيت التسجيلات أسيرة- الكاسيتات- لتضيع مع وفاة سكرتير اللجنة المنطقية، إلى جانب أرشيف مهم كنت قد تكلفت بإدارة- تصنيفه- والآن، أناشد بالبحث عنه، لأن فيه جزءاً مهماً من ذاكرة المنطقة، والبلد!



س4 - الحديث عن إبراهيم يوسف في الصحافة والإعلام لا ينتهي وهو صاحب بصمة على الكثير من الصحف والمجلات كيف يستطيع الكاتب إبراهيم يوسف أن يحدثنا عن دور الإعلام قديما وحديثا ودوره الفعلي على مزاج الجماهير؟
منذ أن فتحت عيني في قرية-تل أفندي- كان في داخلي ذلك الإعلامي الصغير، كما يبدو لي، الآن، إذ كنت شغوفاً بقراءة قصاصات الصحف والمجلات التي أحصل عليها، حتى وغن كانت مرمية في قارعة الطرقات، أو كانت لفافات حوائج يجلبها أبي أو بعض القرويين من المدينة. جريدة الحائط المدرسية الأولى التي أعدها أحد معلمي الابتدائية الأولى، شدتني إليها، وحاولت أن أعد مثلها في بيتي وأنا طفل، ومن ثم وأنا أب، أوصلت في الأولى صوتي إلى أبي الذي كان يندهش من طريقة خطابي له فيها، وحاولت أن أورث ذلك لأطفالي وتكون لنا مجلتنا التي ينقدونني فيها، وأتقبل ما يدون فيها من ملاحظات.
لقد كنت طالباً على مقاعد المدرسة الثانوية عندما بدأت أراسل بعض الصحف، أكتب رأيي في قضايا اجتماعية، وأن أنقل-هموم الناس- وأواجه رموز الاستبداد، ويتم تهديدي ذات مرة من قبل أحد المحافظين، عندما أكتب نقداً يمسه، لأنحاز إلى الفقراء. إلى المظلومين، في مواجهة الظالمين، ويكون ذلك خياري الذي لم أحد عنه، مهما كانت ضريبة ذلك، مدركاً أن بعضهم يجعل من- الصحافة- أداة للتكسب، من دون أن يكون له أي موقف!
منذ عقود، وأنأ أكتب، أتناول معاناة الناس. حلمهم. تطلعاتهم، حالماً بوطن معافى، يعاد الاعتبارفيه لإنساننا، بعد أن أنهكته دورة الزمن، في محطاتها العديدة، نتيجة وفائه. إخلاصه. نبله، من دون أن أنسى معاناة أي من شركاء المكان، أنى كانت، انطلاقاً من روح إنسانية أعتز بها، وأنا أتمسك بكرديتي التي رضعتها مع حليب أمي. تلك هي معادلتي التي لم أحد عنها يوماً ما
أعترف، أنني، ونتيجة غواية نارالصحافة التي اجتذبت فراشات روحي خسرت الكثير، على كل الأصعدة، بما في ذلك انشغالي عن التفرغ للإبداع، بل وحتى عن الاشتغال على أرشيفي الذي تعرض للضياع مرات عدة، إلا إن مرافعاتي عن المظلومين تجعلني أشعربراحة كبرى، ليكون ذلك أعظم كنز حققته!



س5- إبراهيم يوسف مدقق لغوي للكثير الكثير من الكتب وكاتب الكثير من المقدمات لتلك الكتب والتي دون مبالغة كانت دافعا لأي قارئ لمتابعة تلك الكتب أو الإصدارات بشغف ما هو رأيك بالقسم الأكبر الذي بدء يقارن اسمه بالمدقق اللغوي وهو مجرد وسيط يسقط النص على البرنامج المصحح دون جهد يذكر بالإضافة الى وجود العشرات من الأخطاء ؟
يكاد لايمريوم، إلا وأدقق نصوصاً لبعض مقربي، على نحو سريع، إلى جانب إضاعتي الكثيرمن الوقت على تدقيق مخطوطات سواي. كنت أفعل ذلك بمتعة كبيرة، الآن، ونتيجة أسباب عديدة، بت أنفرمن مثل هذه المهمة، حتى مع مخطوطاتي، ولأعلن سراً لأول مرة، ألا وهو أنني منذ أن كتبت أول مقال لي، وأرسلته للصحف، لا أراجع ما أكتبه قبل النشر. تلك عادة سيئة، وإن كانت دورالنشر ستشدد علي لأعيد النظرفي- بروفات مخطوطاتي- قبل النشر. إن أصعب مهمة أقوم بها في حياتي هي تدقيق ما أكتب، ولعله الآن في قائمة الانتظار بضعة مخطوطات لأصدقاء تنتظرالتدقيق، إلى جانب مخطوطات لي، من بين مخطوطاتي ما مرت عليه سنوات كثيرة من دون أن أتجرأ وأبدأ تدقيقه!؟


س6 - عالم الرواية هذا العالم الممتع الذي يأخذنا إلى أحداث لا يستطيع القارئ ترك تسلسلها حتى يصل الى النهاية" شارع الحرية" .."جرس الإنذار ..جمهورية الكلب" .. "شنكالنامة" ووووو
لم تكن كتابة الرواية في يوم ما هدفاً كبيراً بالنسبة إلي، رغم كتابتي للقصة القصيرة، والسرد عامة، ومن بين ذلك إنجاز مخطوط روائي بعنوان" على هذا العنوان رجاء"، إلا إن سنوات مابعد الحرب دفعتني إلى هذه المغامرة، لأن في إمكاني أن أتناول ما لاتتمكن- القصيدة- من تناوله، باعتبارمرحلة مابعد الثورة. ما بعد الحرب أغرقتنا بالتفاصيل التي لابد من التقاطها، ناهيك عن أن بعض مفردات هذه الحرب جعلتني أخوض غمارأول رواية في المهجر-شارع الحرية- التي أعلنت عنها قبل العمل الإرهابي الذي طال الشوارع المحيطة بشارع بيتي- شارع الحرية- الذي كان مستهدفاً من قبل إرهابيي تنظيم داعش، وهذا مايقال على- شنكالنامة- التي تناولت فيها مأساة أهلنا الإيزيديين في شنكال/ سنجار، لتكون رواية جمهورية الكلب عن واقع مهجري هذه الحرب، مع آلة الإندماج في مهاجرهم، وهكذا بالنسبة إلى- جرس إنذار- التي تناولت فيها حرباً كونية أعظم من كل حروب العالم، إلا وهي حرب كوفيد التاسع عشر التي استهدفت وجود الإنسان، في كوكبه!
مازلت أراني الشاعرالذي اكتشفته في، ولم أسع كثيراً للتفرغ له، بقدرسعيي للاهتمام بسواي، في مراحل مفصلية حاسمة من تجربتي الحياتية، إلا إنه كانت لي-قصيدتي- التي عشتها، وما زلت أمتلك روح الاشتغال عليها، وإن كانت ملكة- التسويف- القاتلة تثنيني عن منجز اللحظة لأقايضه بالحلم، في دورة لما تزل مستمرة.





هل وجد إبراهيم يوسف نفسه في الرواية أكثر كما وجده القارئ وحبذا لو حدثنا بصورة موجزة عن تكوين فكرة شارع الحرية وشخوصها ؟
لا أنكر، أن ما كتب عما أنجزته في الرواية خلال سنوات قصيرة ضعف ما تناول تجربتي في الشعر، أي إن صورتي كناص وصلت إلى قارئي عبردائرة السرد، أو الرواية- تحديداً- على نحو أسرع، وأوسع، ولعل كتابة الرواية تستهلك وقت الروائي أكثر، لما تحتاجه أدواتها، من أناة، وعمق، بعكس عفوية الشعر- كطبيعة- وفي هذا غواية كبيرة لاسيما عندما يلمس الشاعر/ الروائي أن نصه الروائي هو الأكثر مقروئية، واهتماماً، ومتابعة، في زمن نكاد لانرى فيه الكثيرمن النصوص التي تحقق منجز القراءة والتأثير.
أما بالنسبة لشارع الحرية، فقد كتبت- كشكولاً- أنوي خلاله تناول مدينة-قامشلي- من خلال محض شارع، وكتبت فصلاً من- ممحاة المسافة- عن هذا الشارع، لتتغيراستراتيجية هذا المشروع، بعد التفجيرالإرهابي الذي تعرض له الحي الغربي في-قامشلي- إذ كتبت مقالاًت عن هذا العمل الجبان، كما كتبت- نصوصاً شعرية عن وجوه الضحايا الذين كنت أعرفهم، باعتبار أكثرهم من الجيران والمعارف، إلا إن إحساسي بأن الحدث أعظم من هذين الشكلين، من مقاربة الحدث، دفعني لأن أخوض غمارتجربة جديدة في كتابتي، لم يكن الشكل الكتابي هاجسها، وإن جاء هذا الشكل، ضمن إطارالسرد، وبات يكتسب ملامحه التي سرعان ما سماها من اطلعوا عليه من النقاد والقراء- قبل طباعته- بأنه في عمق الرواية، بحسبهم، أو في تخومها، كما خيل إلي!

س7-ما رأيكِ بالأنترنيت ( الشبكة العنكبوتيَّة ) وهل يمكنُ للأنترنيت (الصَّحافة الإلكترونية ) أن يحَّلَّ مكانَ الكتاب والصَّحافة الورقيَّة ( كتب وصحف ومجلات ) ؟؟
بعيداً عن أية مكابرة، أو مجانبة للواقع، فإن العالم الافتراضي أثرفي كل مبحر منا، في أيمته، إلى حد بعيد، إلى الدرجة التي يعد كائن ماقبل هذا العالم مختلفاً عنه فيما قبل، إن لم أقل سواه- بشيء من التطرف- كشخص، استطاع عقدان ونيف من تاريخ علاقتي بهذا العالم أن أكاد أنسى رفيقاً دائماً لي، ألا وهو: القلم الذي كنت أصحبه معي، لكتابة رؤوس أقلام الأفكارالتي تخطرفي بالي، لأتناولها فيما بعد في مقالات، أو نصوص شعرية، أو قصصية، إلا إنني إذا كنت قد خسرت على إحدى الجبهات الافتراضية، فيما يخص أحد ركني النص: كتابته وقراءته، أي: جبهة الكتابة التي كنت أزعم أني سأظل أكتب القصيدة قلمياً، فحسب، إلا إنني لما أزل أتشبث في جبهة القراءة بما هو ورقي أنى توافر وعاء النشر، وإن كانت جرعات القراءة السريعة: مقالات وأخباراً ونصوصاً لابد من تناولها إلكترونياً.


س8- في تقديرك ما قيمة الرؤية الفكرية كمحور للعمل السردي؟ هل مشكلة التعامل مع هذه الأعمال هي مشكلة قارئ، أم هي مشكلة كاتب؟ حيث يحرص الكاتب قبل كل شيء على تقديم عمل يمتع القارئ ولا يجهده في القراءة؟
إنها متعة عابرة التي يتركها أي عمل كتابي، أو فني، من دون أن تكون له رؤيته الجمالية، ومن هنا، فإن الرواية تعد مختبراً لتفاعل عناصركثيرة، من بينها المعلومة، والرؤى وغيرذلك، ليترك هذا العمل أثره، وفقاً لدرجة نجاح معادلته الداخلية التي تمس دائرة اهتمام القارىء!

س9 - إبراهيم يوسف له باع طويل وبصمات لا تمحى في مجال حقوق الإنسان إلى أي مدى استطاعت تلك المنظمات الوصول الى مراكز القرار والتأثير عليها ورأيك في الكم الهائل منها حاضراً ؟
أجل، كنت أحد الأوائل الذين اشتغلوا- كردياً- في مجال حقوق الإنسان، واستطعنا عبرأدواتنا المتاحة رصد مايتم من انتهاكات، إلا إن اتساع دائرة الحرب والتهامها الأخضر واليابس دعلنا في حاجة إلى جهود ورش كبرى في هذا المجال، لا نستطيع توفيرها ضمن حيز إمكاناتنا، كمتطوعين، ناهيك عن مسألة أخرى أن هناك متوالية مفروضة على هذا العالم الذي أنظرإليه بعناية تصل القدسية لأنه يعنى بحيوات ومصائر الناس، إذ إن السياسة تظل متحكمة، وعلى نطاق دولي، وحتى على نطاق: المعارضة أو النظام بماهو مدني، إذ يتم الاهتمام بماهو سوري ويتم استبعاد ماهو كردي، حتى بالنسبة لمراكز حقوق الإنسان الكبرى، ناهيك عن وجه المعارضة الأول عنى بمنظمات محددة، على حساب أخرى. لعل هذه الإشارات خطيرة، إلا إنه لابد من كشف النقاب عنها، لأننا أمام محاكمة تاريخية، عندما يقال لنا: ماذا قدمتم؟، ورغم كل ذلك، فإننا ومنذ الإحدى عشرة سنة من الحرب لم ننقطع عن إصدار تقاريرشهرية- كفيدرالية حقوق إنسان- تضم أولى المنظمات الحقوقية السورية والكردية المهمشة والتي عملت بمهنية عالية، إذ كنا سباقين لرصد انتهاكات المعارضة المسلحة وتعرضنا لذلك للنقد، ولربما ندفع ضريبة ذلك!؟

س10- اتحاد الواقع مع الخيال في- جمهورية الكلب- خلال التركيز على ثقافة الموقف من الكلب وبحث سبل تغيير الذات واندماج المغترب او اللاجئ مع تلك الثقافة هل يستطيع الكاتب إبراهيم يوسف أن يبسط لنا أكثر لماذا خطر في بالك عنوان جمهورية الكلب دون غيره؟
قد لايكون لدي جواب كاف، إلا إنني اهتممت بموضوعة اندماج المهجرين أو المهاجرين في مجتمعهم الجديد، ووجدت أن ثيمة الموقف من الكلب قد تكون نواة رصد ذلك، ثمة شرارات أولى قدحت في خيالي، سرعان ماتزاوجت مع أدوات مسبقة: المذكرة- السيرة- بعض الشخصيات- المعلومة التاريخية إلخ، لأكون أمام- اندماج- فني، هوصهر لمجمل هذه الأدوات، ولتكون الحكاية الخيالية التي انطلقت منها عماد هذا النص الذي تمت قراءته على نحو مقبول، ناهيك عن حظوته بقراءات نقدية قاربت عالم النص، لتبقى هناك، وفق تقديري محاورلم تتناول بعد، رغم بساطة وسلاسة هذا العمل، كما أزعم.

س11 - الحديث مع إبراهيم يوسف ك قامة أدبية وثقافية وإعلامية لا ينتهي والغوص في عالمه يحتاج إلى عشرات اللقاءات ولكن نريد أن نعرف رأي الكاتب إبراهيم يوسف عن التأثير السلبي للسياسة على المثقف وتهمش دوره الرائد من خلال المئات من الحركات والأحزاب السياسية التي اجتاحت الساحة السورية خصوصاً والعالمية عموماً ؟
عزل الكاتب عما حوله، بشكل آلي، في منتهى الصعوبة، إذ إنني لا أظن كاتباً ما وهوحيادي في حضرة ما يجري أمام عينيه، إذ هناك ضحية وجلاد، ولعل دوافع ما- من بينها العامل المنفعي- قد تجعله يضل عن جادة الصواب. احتكام الكاتب إلى بوصلة دقيقة يجنبه من أي سقوط يهدده، شخصياً، عشت مرحلة جد حساسة وخطرة، كما الملايين، وكان لابد لي من أن أبدي موقفي إزاء ما يجري، ولربما إنه وفي مناخ تضبب ماحولنا قد ياتبس الأمر-إلى حين- إلا إن النضوج الفكري ينقذ صاحبه، كيلا ينخدع ببريق ما هومهيمن، لاسيما أمام ثنائية الخيارأمام: الدكتاتور والمظلوم. القاتل والضحية، وثمة تفاصيل كثيرة هنا يمكن شرحها، في مبحث خاص!؟

س12 - كلمة أخيرة ل أعضاء ومتابعي مجلة هيلما الأدبية وآخر همسة في أذن القراء ؟
أتابع مشروعكم، ثمة رؤية واضحة. رؤية تحض على التفكيرلاتخاذ موقف ما إزاء ما يجري، سلباً أو إيجاباً، وفي مثل هذا الخيار ما يحدد ثقافة أي منا. شخصيته، وهوما أقوله- كمحايد- هنا، إذ يسجل للمشروع أنه ينطلق من رؤية أولى- أياً كان تقويمها من قبل المتابع- وهوما يميزها عن أي مشروع اعتباطي.
لكم تقديري، وشكراً على أسئلتكم التي تنم عن روح متابعة حقاً، في حدود بعض الخطوط والملامح العامة، الرئيسة!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى