جاءتْ وكأنها تحمل جسدها على كتفها، حتى خطواتها على سديم "قسم الإرشاد الأسري" ليس له دبيب أو أثر من الخجل والاستيحاء الواضح كلياً على محياها. الإدارة قد وضعت اختصاصيات عند المدخل، عارفات بعملهن النسوي والنفسي ومتدربات جيداً لاحتواء أي حالة مهما كانت..! فعيون المرأة تعكس الواقع، وتضفي عليه بريقاً عميقاً ما يساعد على دقة الوضوح، فالمرأة الناضجة اجتماعياً ونفسياً تتمتع بصفاء ذهني كبير مما يساعدها على تحليل الأمور وتفحصها بدقةٍ وروية وهدوء.
كانت امرأة في العقد الرابع من عمرها، ربة أسرة، ولديها خمسة أبناء، استقبلتها الإخصائية الاجتماعية بكل تفانٍ. شعرت الإخصائية بأنها سيدة متحفظة وخجولة، هيأت لها مكانا خاصا، انفردت بها لتسمع ما يجول في خاطرها من الهموم والمصاعب التي جعلتها تبحث عن مكانٍ آمن كي تسرد حكايتها عسى أن تجد حلاً لعذاباتها؛ فالتي تسعى سعيها من أجل المحافظة على أسرتها تستحق الحياة. ضآلة أن يشعر الأنسان بأنه ليس أنسانا، ولا حتى في مرتبة من مراتب الحياة، أي ولا حتى من مرتبة الحيوان.. أحيانا يرتقي الإنسان إلى درجة الملاك، نتيجة جوهر تصرفاته الإنسانية، أو ينزل إلى ابشع من تصرفات الوحشية للحيوان. وفي أغلب الأحيان يعيش الإنسان بينهن وهو الإنسان الفعلي، الذي يرضى بنعم الله وقدره بقناعة مطلقة..
قصتها بدأت ككل القصص العنيفة التي تدل على إن صاحبها يعيش حالة ظلم ومظلومية من أقرب الأشخاص عليهم. قالت لها الإخصائية : بماذا استطيع أن أساعدك..؟. تحدثي عن كل ما يجول في خاطرك..؟ ورقتي لا تحمل سوى أسمك، وعدد أبنائك، وان زوجك ميسور الحال.
رفعت رأسها ببطء شديد وكأنها تدرس بعينيها المكان، ما زاد في أمانها: إن الإرشاد الأسري أحد منافذ العتبة الحسينية المقدسة التي ترعاها المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف. تنهدت بحسرة موجعة، تخللتها ابتسامة خجولة رغم التي أمامها امرأة مثلها. فقالت :
-الشعور بالأمان للمرأة هو كل ما تبحث عنه في حياتها، وزواجها هو المصدر الحقيقي لسعادتها. وشعور الزوجة بالأمن رغم أهمية وخطورته في حياة الزوجة التي قبلت بمصيرها مبكراً .. إلا أنها لا تملك مفتاحه، المفتاح دائماً في يد الرجل..
أحسستُ بهذا الشعور من أول أيام حياتي الزوجية، كنت في منتهى القلق، وهذا القلق كان أول أعراض انعدام الأمن بحياتي الزوجية، واستمر معي لساعة وجودي أمامك. فأصبحت قلقة أخاف أن أفقد زوجي. فأنا ليست من الزوجات اللواتي يحيط ازواجهن بسياج رهيب من الشك والمراقبة والمحاسبة والتذمر، والتمارض وغيرهن من أسباب تشعل غيرة الرجل وتجعله لا يرى أمامه سوى شبح زوجته وكيف يروضها ليرضيها.. اسمع كثيراً من النساء يعملن ابشع من ذلك في أزواجهن..؟! ولكنني أنا أختلف بحكم تربيتي الاجتماعية والدينية والسلوكية.. فقد علمتني أمي على سلوك احترام رب العمل، وهذبني أبي على أن أكون مطيعة لمن لا يهين كرامتي أو يتصرف معي بخيانة؟. لكن الخوف يرافق حياتي الزوجية في كل دقيقة، وساعة، ويوم، وسنة..
دخلت حرب الصبر على تغيير وضعي ووضع زوجي معي، فبخله يتفاقم، وسوء حالة البيت تزداد بشاعة.. كل من يزورنا لا يرغب بالعودة إلينا لأسباب كثيرة منها معروفة للجميع. فمن أجل ازالة الخوف من الرجوع لبيت أهلي.. فكرت بالإنجاب بأسرع وقت ممكن.. كان كل اعتقادي لإزالة الخوف والقلق والبخل المخيف من زوجي، هو انجاب له طفل ليكون خير ضمان لاستمرار حياتي بلا قلق وخوف، وسيفتح لي خاصته وأملك مفتاح قلبه وخزانة أمواله، وأخرجه من عالم البخل المقيت، وأظل معه حتى الممات. فالولد هو القيد الحديدي الذي يكبل الزوج لأسرته إلى الأبد. ولكن ما حصل هو العكس تماماً. أنجبت خمسة أولاد، ولم استطع تغييره.. رجل ملكني كجارية، لا يجد فيّ سوى زوجة سرير فقط وهذه الحقيقة صدقوني. رغم أنني أعطيته كل ما يريده الزوج من زوجته؛ وهو أعطاني الهجر في آحايين كثيرة، وجعل البيت الممتلئ بشموع أبنائه، فندقاً وبنكاً لجمع الأموال. لا أنكر أن عملية التفاهم المتبادلة أصبحت شاقة بيني وبينه، لأنها بنيت على الرضا بالمقسوم لي، أن أتزوج شخصاً بخيلاً، وقبولي بصعوبة التحدي إلى تغييره اسرياً واجتماعياً وفشلت؟!، وأعلنت فشلي أمام أهلي أولاً، والآن أمامك قد يكون أسلوبي غير مجدٍ أو مقنع لشخص مثل زوجي.. واعترف أنني وطيلة سنوات زواجي قد ضحيت كإنسانة تعرف طريق الشرع، وتحترم القيم الزوجية والاجتماعية، وأن أكون زوجة واعية نحو زوجي وبيتي.. لذا أيقنت وآمنت بان الزوجة لن تفوز بالشعور بالأمان عند إنجابها الأولاد فهي في خطر دائم، وأسرتها بخطر من هكذا رجال لا يرون إلا انفسهم، وزوجي خاصة لا يرى نفسه من شدة البخل..!.
بعد كل هذا العمر وجدُت إن اصعب قرار تتخذه المرأة في حياتها؛ قرار الزواج بشخص لم تعرفه ولم تحبه وترضى أن تعيش معه. إن حياتي أصبحت تخيفني كلما تقدّم العمر بي.. أولادي يكبرون أمام عيني، وبدأوا يفهمون وضع أبيهم البخيل إلى حد مكشوف جداً للجميع رغم كل ما يملكه من أموال وعقارات. أصبحت أعيش في هذا العذاب الدائم، وكل من ينظر إلي أو يحدثني أتصور أنه يعرف حكاية أسرتي وزوجي الغارق في البخل؛ فأنا ليس ليّ ذنب فيها، فهذا نصيبي وعليّ أن أعيشه.. وما يزعجني أن أرى زوجتي وخيمتي التي لا بديل لها سوى الله تعالى، كل يوم يزداد ثروة وبخلاً. وأولادي يهربون من الأقرباء والجيران والأصدقاء وبدأوا يعتكفون في البيت خجلاً من أي كلام أو نظرة ، حتى الابتسام هجرهم وأخذوا يتحسسون من كل من يبتسم لهم.. أنا اغرق في عالمي الحقيقة والوهم بين الصدق والكذب، وأمور أسرية واجتماعية من المخجل أن اطرحها في كل مكان. لكن لجوئي إليكم كان بحثاً عن حل ينقذني أسرتي من الغرق والتفكك.
هنا نظرت الإخصائية لها بنظرة متفحصة، وجدت أن المرأة واعية لحياتها، ولكن لم تحسن التصرف خوفاً من شيء مجهول.. وهذا الشيء قد يكون الحاجة التي تفتقدها كل أنثى، أو مشاكل فقر وعوز عند الأهل، أو السّعي إلى الخروج من حياة العزوبية ووحدتها القاتلة التي تعرفها أغلب النساء..
هذه السيدة مختلفة تماماً، فهي ليست من النساء اللواتي يحطن أزواجهن بسياج رهيب من المطاليب والشك، أو تراقب يقظته ونومه في كل تحركاته وسكناته.. بل تحملت سلوك زوجها بعذابٍ وشقاءٍ، وصبرٍ حتى طفح بها الكيل لتبحث عن حل تحافظ به على ما تبقى من الحياة الزوجية..! تبحث عن حل لخروج زوجها من دوامة جمع المال وخزنه وحرمان أسرته من نعم الله تعالى...
نطقت بهدوءٍ كيس وناعم الأخصائية كأنها تهمس همساً رقيقاً لإنسانة لم تتغير ولم تغير من حياتها شيئاً:
- لِمَ لم تحاولِ البحث عن السبب الرئيسي وراء بخل زوجك.. المدمن بالبخل..؟. لماذا لا تبحثي عن ماضيه عند أهلهِ..؟ أكيد ستعرفين من أرحامهِ، والمقربين منه ليسهل إيجاد حل مناسب.
لم ترد عن سؤال الإخصائية، بصورة مباشرة بل اطرقت برأسها كأنه يهوي إلى حجرها ومن ثم رفعته بشكل بطيء جداً لتقول:
- منذ أول يوم من زواجي لم اشعر أنني زوجته. ولكن حاولت أن أكون زوجة صالحة كما ربياني والدي. فنعمة الدين والعقيدة والمذهب كانا يلازمان ويسكنان في روحي وشخصيتي وتصرفي.. فلم أشعره إنني أتذمر من بخله أو تركه للبيت من الصباح حتى المساء، فالبيت لدى زوجي عبارة عن فندق وبنك. فضيلته الوحيدة كان يؤمن بأنني لن أخونه في عرضه وماله.
لم تستسلم الإخصائية من فتح قريحة الألم فيها، رغم أن ورقة متابعة الحالة التي نظمتها من خلال الحديث كانت ممتلئة، بأغلب ما تصرفت به المرأة مع زوجها.. فهي لم تنجح بأخذه للتسوق ولم تنعته بالبخل يوماً ولم تتشاجر معه أو تسخر منه.. ولم تقصر في تربية أولاده، وترتيبهم في الأناقة والنظافة والدراسة وتعليمهم علوم وفقه الشريعة المحمدية.. بقي هذا الزوج البخيل يعتمد على زوجته في بناء أسرته من مساعدة أهلها اليسيرة ولكنها حولتها إلى الكثير بصبرها..
هنا وجهت الإخصائية سؤالاً مباشراً لها كمواجهة للاستفزاز ها وإخراج ما بداخلها، وما لم تتحدث به بصورة حقيقية :
• لماذا رضيتِ بمساعدة أهلك؟ لماذا فتحت باب المساعدة وأنت تعلمين ببخلهِ؟.. إذن أنت كنت تساعدينه على البخل دون أن تشعري.؟!
أجابت بسرعة وكأن عصبية ظهرت على محياها فجأة، لم تتمالك نفسها:
- من أجل أولادي أن لا يشعروا بالعوز أمام الأخرين، لم أكن اقل له عن أهلي أي شيء هو كان يعرف بطريقته الخاصة. وقد قلت له عدة مرات إن أمي وأبي حالتهم فقيرة وقد توقفوا عن مساعدتي.. لم يهتم كثيراً، ولم يغير من تصرفه البخيل، نأكل بقايا طعام يجلبه معه وغالباً من يأخذ (قدور البيت) يضعها في سيارته ليستعد لأية – توزيعة- طعام بثواب الإمام الحسين(عليه السلام) أو الأئمة -عليهم السلام- في الشارع. وهذا افخر طعام نأكله طيلة السنة. فمحرم الحرام حتى أربعين الإمام، رحمة لأسرتي.. ولا أزيد على ذلك فالعاقل يفهمْ ما يفعله البخل بالبخيل، ومن حوله ومن يعيشون معه !..
وبعد هذا التهيج النفسي الذي خلقته الاختصاصية ساد صمت للحظات ومن ثم استرسلت في حديثها:
- هجرت العالم خلف بيت أمي وأبي، وتفرغت لزوجي لإسعاده، لإعطائه كل ما أملك. والمرأة تملك الكثير وبقيت أنتظر التغيير بصبر أيوب. غير إنني لا أشبه أحدا في تعاملي معه، لي أساليب وطرق في المحافظة عليه كزوج وأب لأولادي. فالرجل يشعر بالخوف من فقدان المال والعمل، أما أنا فخوفي معلن أساساً هو البقاء في بيته زوجة. لذلك تجرعت مرارتي بصمت وشربت كأس شقائي. أنا زوجة ولا أريد أن أخسره. لذا حاولت أن اشرح وجهة نظري لكم دون أن يسمعني أحد. وعندما أحاول أن أدافع عن نفسي وأتحدث مثلما اتحدت معك الآن، غالباً ما كان لزوجي لغة يهددني بها بالطرد إن فتحت ملف البخل والمال والحاجة والبيت. وتصورت نفسي مطلقة مشردة .. وأسال نفسي اذا طلقني أين اذهب. العودة إلى بيت أهلي، وتفكيك أواصر أسرتي.. لا أتحمل كأس البخل المرّ على هجر أولادي. ولا انكر رغم كل هذه الجروح حاولت معه مرة أخرى. وكان رده جملة واحدة لا زال طنينها يدوي في إذني إلى هذا اليوم : أنا رجل بالرغم من الكل.. هكذا خلقني الله ومن لم يردّ طبعي ..الباب يسع جَمّلاً.
• هل حاولتِ بالتحدث معه، عن حاجة البيت للإنفاق المادي؟ وما أهمية واجبات رجل البيت..؟
- نعم حاولت افهمه إن قيمة الرجل في حرصه على البيت. وأعترف بانني خائفة منه، وأشعر بنفس الوقت بخوفهِ، وهو حال كل الرجال يخافون، ولكن يتهربون من المواجهة.. أتهمه بالبخل أحياناً وأعتبر هذا انتصارا، حين يرد عليّ : أنا رجل مستور هذا هو المهم، أما أن احقد على من يملك اكثر مني فهذا هو الغباء.. ويتعكز على مثل يطلقه على نفسه دائماً " رحم الله رجلاً عرف قدر نفسه" ولا يعلم أو يعلم انه في هذا المثل مثلبة على شخصيته البخيلة.
• هل خرجت معه يوماً الى السوق ؟.. كيف كان يرى الأسعار والسوق ؟ .
- ماذا تريدين أن أقول لك ..زوجي ابن سوق وتاجر يعرف الناس جميعها واغلبهم يعرفونه لذلك كان يتجنب أن أخرج معه.. والأسعار هو سيدها يعرف كل شاردة وواردة حول المواد الغذائية.. في هذه الأمور زوجي لم يغامر أن أخرج معه.. فعندما أطلب الخروج إلى السوق معه، يصبح شخصاً قاسياً إلى حد الخوف منه والخوف عليه.
حسمت الإخصائية الأمر وعرفت إن المرأة تريد أن تصل إلى نتيجة، كيف تغير زوجها نحن الكرم والدين، والشهامة، والغيرة على أسرته وأهله والفقراء من حوله. تريد أن تصنع منه رجلا آخر غير الذي تعرفه فسفينة الحياة لم تتوقف بعد والعمر لا زال به بقية.. ولأنه زوجها جاءت من أجل التغيير النفسي والاجتماعي وكأنها ترمي الحصى في الظلمات إن صابت فهي قد نجحت وان خابت فهي لا تخسر شيئاً وتستمر في حياتها صابرة محتسبة.
ومن خلال التدوينات ورسم حركات المرأة عرفت الإخصائية لا نتيجة واضحة رغم تطابقت الآراء.. رأي الإخصائية، ورأي المرأة الصابرة ..
فكان القرار المخفي في انفسهن أن تستمر بصبرها وتربية أولادها فظل زوجا بخيلا الآن خير من تحطيم كيان الأسرة.. واتفقا أن يكون الدعاء هو الدواء الشافي لعدول الزوج عن مرض البخل.
لكن الإخصائية لكونها باحرة بالتجربة في عالم الثقافة النفسية والاجتماعية، حاولت أن تجعل من الحالة عمومية مفيدة يستفيد منها كل من يمرّ مثل هكذا ظروف.. فلخصت لقاءها بأمور توعوية أسرية، وجعلت منه درسا للأسرة التي فيها زوجان أحدهما بخيل زوجاً كان أم زوجة. ومن تجربتها العملية في قسم الإرشاد الأسري للعتبة الحسينية المقدسة، وجدت إن كل النعوت والسمات التي اتسمت بها شخصية المرأة العراقية، إن هناك مجموعة من السمات مهمة اتصفت بها النساء العراقيات على وجه الخصوص على مدى طويل في ربط أزواجهن برباط الأنجاب واغلبهن لم ينجحن، وما ساعد على ذلك التغيير السريع بل المفرط في السرعة أحيانا، الزواج والطلاق دون رادع خاصة بعد تحرر البلاد من جحوف التسلط المميت ما بعد 2003. وما اثبته ورقة الإخصائية إن المرأة بارزة في إيمانها العميق والمتغلغل بخواص العقيدة والمذهب ومزايا إيمانية أخرى. والاعتماد على النفس صفة من الصفات التي تتميز بها المرأة، رغم إن شخصيتها كزوجة وأم لم تكن ثابتة تماماً، بل إنها مرت بتغيرات كبرى في بعض المجالات وقد تمر مستقبلا بمزيد من المتغيرات فيما اذا التزمت بما يقدمه الإرشاد الأسري من خصوصية خاصة في إعادة البناء الأسري بشكله الدائم والآمن.
ولعل ما تابعناه في حالة الزوجة وزوجها الميسور البخيل تغير أصاب المرأة وبعث بها القلق في الاجتهاد والاقتصاد في الإنفاق وقبول كل عيوب الزوج من اجل الأولاد والمحافظة على الكيان الأسري من التفكك. ولكن هذه العراقية شعرت بعد أن نضج أولادها بالخسارة الفادحة التي حلت بها، وإرادة أن تستمر في المحافظة على أسرتها رغم قلقها وفقدان الثقة بنفسها في السنوات الأخيرة. ما شجعها إن هناك مراجع دين عظام ذوي رحمة الهية سخروا طاقاتهم العلمية والدينية للمرأة المسلمة وغيرها مع وضع ابسط السبل الحياتية لمعالجة المشاكل التي تعاني منها المرأة داخل اسرتها وإنقاذها بحلول في احلك الظروف..
فكانت نتيجة اللقاء نقاطا إرشادية كتبتها الإخصائية لتجعلها منفذا إصلاحيا عسى أن يحقق المراد مع التضرع بالعودة إلى طبيعة الإنسان الاعتيادية..
وقبل أن تفترق المرأة عن مرآتها في التوعية وشعرت برضا وخوف في آن واحد.. بعد رفضها دعوة زوجها للتحدث معه لحساسية مشاعره قدمت الإخصائية في ختام جلستها هذه النصائح التي ستكون في المستقبل القريب دراسة تعالج القيم النفسية الاجتماعية في كيفية تعامل الزوجة مع زوجها البخيل؟.
فكتبت على لائحتها، لمن تعاني من بخل زوجها عليها اتباع هذه الإرشادات:
1- ابحثِي عن السبب الرئيسي وراء بخل الزوج وحاولي إيجاد حل أو طريقة للتعامل معه.
2- بيني له ان المال ليس سوى وسيلة للرفاه وان الشيء الأهم الذي تطلبه هو الأنفاق عليها وعلى أولادها لكي يشعروا بالسعادة.
3- لا تتذمري من بخله ولا تشعريه باشمئزاز من بخله بل تحدثي عن كرمه واثني عليه أمام الناس لكي تشجعيه على الابتعاد عن البخل.
4- قومي بالتحدث معه بين الحين والأخر عن ان الأنفاق المادي هو من واجبات الرجل واحرصي دائما على ان تقدري له تعبه وأنفاقه وأشعريه بانك تتعاونين معه .
5- لا تشتكي منه او تشاجري او تسخري منه بل اثني عليه وتحدثني عن عطائه أمام الناس حتى يسعى الى الحفاظ على هذه الصورة.
6- لا تصفيه بالبخل عندما تتحدثين معه ولكن بالحرص الزائد مثلا.
7- اخرجي معه الى السوق ودعيه يرى الأسعار لكي يحكم بنفسه على غلاء المعيشة وأنت لا تبذرين أمواله.
8- كوني كريمة عليه وعلى أولادك لكي تشعريه ببخله وعوديه مع الوقت ان يصبح مثلك لأنك بما انه زوجته فسوف يتعلم منك الكثير.
9- ان الزوجة الصالحة هي التي تتحمل الزوج فعليك بالصبر والدعاء له فانه لابد من ان يحدث تغير في يوما ما وتذكري ان المال الذي يذخره في النهاية يكون لك ولأطفالك.
كانت امرأة في العقد الرابع من عمرها، ربة أسرة، ولديها خمسة أبناء، استقبلتها الإخصائية الاجتماعية بكل تفانٍ. شعرت الإخصائية بأنها سيدة متحفظة وخجولة، هيأت لها مكانا خاصا، انفردت بها لتسمع ما يجول في خاطرها من الهموم والمصاعب التي جعلتها تبحث عن مكانٍ آمن كي تسرد حكايتها عسى أن تجد حلاً لعذاباتها؛ فالتي تسعى سعيها من أجل المحافظة على أسرتها تستحق الحياة. ضآلة أن يشعر الأنسان بأنه ليس أنسانا، ولا حتى في مرتبة من مراتب الحياة، أي ولا حتى من مرتبة الحيوان.. أحيانا يرتقي الإنسان إلى درجة الملاك، نتيجة جوهر تصرفاته الإنسانية، أو ينزل إلى ابشع من تصرفات الوحشية للحيوان. وفي أغلب الأحيان يعيش الإنسان بينهن وهو الإنسان الفعلي، الذي يرضى بنعم الله وقدره بقناعة مطلقة..
قصتها بدأت ككل القصص العنيفة التي تدل على إن صاحبها يعيش حالة ظلم ومظلومية من أقرب الأشخاص عليهم. قالت لها الإخصائية : بماذا استطيع أن أساعدك..؟. تحدثي عن كل ما يجول في خاطرك..؟ ورقتي لا تحمل سوى أسمك، وعدد أبنائك، وان زوجك ميسور الحال.
رفعت رأسها ببطء شديد وكأنها تدرس بعينيها المكان، ما زاد في أمانها: إن الإرشاد الأسري أحد منافذ العتبة الحسينية المقدسة التي ترعاها المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف. تنهدت بحسرة موجعة، تخللتها ابتسامة خجولة رغم التي أمامها امرأة مثلها. فقالت :
-الشعور بالأمان للمرأة هو كل ما تبحث عنه في حياتها، وزواجها هو المصدر الحقيقي لسعادتها. وشعور الزوجة بالأمن رغم أهمية وخطورته في حياة الزوجة التي قبلت بمصيرها مبكراً .. إلا أنها لا تملك مفتاحه، المفتاح دائماً في يد الرجل..
أحسستُ بهذا الشعور من أول أيام حياتي الزوجية، كنت في منتهى القلق، وهذا القلق كان أول أعراض انعدام الأمن بحياتي الزوجية، واستمر معي لساعة وجودي أمامك. فأصبحت قلقة أخاف أن أفقد زوجي. فأنا ليست من الزوجات اللواتي يحيط ازواجهن بسياج رهيب من الشك والمراقبة والمحاسبة والتذمر، والتمارض وغيرهن من أسباب تشعل غيرة الرجل وتجعله لا يرى أمامه سوى شبح زوجته وكيف يروضها ليرضيها.. اسمع كثيراً من النساء يعملن ابشع من ذلك في أزواجهن..؟! ولكنني أنا أختلف بحكم تربيتي الاجتماعية والدينية والسلوكية.. فقد علمتني أمي على سلوك احترام رب العمل، وهذبني أبي على أن أكون مطيعة لمن لا يهين كرامتي أو يتصرف معي بخيانة؟. لكن الخوف يرافق حياتي الزوجية في كل دقيقة، وساعة، ويوم، وسنة..
دخلت حرب الصبر على تغيير وضعي ووضع زوجي معي، فبخله يتفاقم، وسوء حالة البيت تزداد بشاعة.. كل من يزورنا لا يرغب بالعودة إلينا لأسباب كثيرة منها معروفة للجميع. فمن أجل ازالة الخوف من الرجوع لبيت أهلي.. فكرت بالإنجاب بأسرع وقت ممكن.. كان كل اعتقادي لإزالة الخوف والقلق والبخل المخيف من زوجي، هو انجاب له طفل ليكون خير ضمان لاستمرار حياتي بلا قلق وخوف، وسيفتح لي خاصته وأملك مفتاح قلبه وخزانة أمواله، وأخرجه من عالم البخل المقيت، وأظل معه حتى الممات. فالولد هو القيد الحديدي الذي يكبل الزوج لأسرته إلى الأبد. ولكن ما حصل هو العكس تماماً. أنجبت خمسة أولاد، ولم استطع تغييره.. رجل ملكني كجارية، لا يجد فيّ سوى زوجة سرير فقط وهذه الحقيقة صدقوني. رغم أنني أعطيته كل ما يريده الزوج من زوجته؛ وهو أعطاني الهجر في آحايين كثيرة، وجعل البيت الممتلئ بشموع أبنائه، فندقاً وبنكاً لجمع الأموال. لا أنكر أن عملية التفاهم المتبادلة أصبحت شاقة بيني وبينه، لأنها بنيت على الرضا بالمقسوم لي، أن أتزوج شخصاً بخيلاً، وقبولي بصعوبة التحدي إلى تغييره اسرياً واجتماعياً وفشلت؟!، وأعلنت فشلي أمام أهلي أولاً، والآن أمامك قد يكون أسلوبي غير مجدٍ أو مقنع لشخص مثل زوجي.. واعترف أنني وطيلة سنوات زواجي قد ضحيت كإنسانة تعرف طريق الشرع، وتحترم القيم الزوجية والاجتماعية، وأن أكون زوجة واعية نحو زوجي وبيتي.. لذا أيقنت وآمنت بان الزوجة لن تفوز بالشعور بالأمان عند إنجابها الأولاد فهي في خطر دائم، وأسرتها بخطر من هكذا رجال لا يرون إلا انفسهم، وزوجي خاصة لا يرى نفسه من شدة البخل..!.
بعد كل هذا العمر وجدُت إن اصعب قرار تتخذه المرأة في حياتها؛ قرار الزواج بشخص لم تعرفه ولم تحبه وترضى أن تعيش معه. إن حياتي أصبحت تخيفني كلما تقدّم العمر بي.. أولادي يكبرون أمام عيني، وبدأوا يفهمون وضع أبيهم البخيل إلى حد مكشوف جداً للجميع رغم كل ما يملكه من أموال وعقارات. أصبحت أعيش في هذا العذاب الدائم، وكل من ينظر إلي أو يحدثني أتصور أنه يعرف حكاية أسرتي وزوجي الغارق في البخل؛ فأنا ليس ليّ ذنب فيها، فهذا نصيبي وعليّ أن أعيشه.. وما يزعجني أن أرى زوجتي وخيمتي التي لا بديل لها سوى الله تعالى، كل يوم يزداد ثروة وبخلاً. وأولادي يهربون من الأقرباء والجيران والأصدقاء وبدأوا يعتكفون في البيت خجلاً من أي كلام أو نظرة ، حتى الابتسام هجرهم وأخذوا يتحسسون من كل من يبتسم لهم.. أنا اغرق في عالمي الحقيقة والوهم بين الصدق والكذب، وأمور أسرية واجتماعية من المخجل أن اطرحها في كل مكان. لكن لجوئي إليكم كان بحثاً عن حل ينقذني أسرتي من الغرق والتفكك.
هنا نظرت الإخصائية لها بنظرة متفحصة، وجدت أن المرأة واعية لحياتها، ولكن لم تحسن التصرف خوفاً من شيء مجهول.. وهذا الشيء قد يكون الحاجة التي تفتقدها كل أنثى، أو مشاكل فقر وعوز عند الأهل، أو السّعي إلى الخروج من حياة العزوبية ووحدتها القاتلة التي تعرفها أغلب النساء..
هذه السيدة مختلفة تماماً، فهي ليست من النساء اللواتي يحطن أزواجهن بسياج رهيب من المطاليب والشك، أو تراقب يقظته ونومه في كل تحركاته وسكناته.. بل تحملت سلوك زوجها بعذابٍ وشقاءٍ، وصبرٍ حتى طفح بها الكيل لتبحث عن حل تحافظ به على ما تبقى من الحياة الزوجية..! تبحث عن حل لخروج زوجها من دوامة جمع المال وخزنه وحرمان أسرته من نعم الله تعالى...
نطقت بهدوءٍ كيس وناعم الأخصائية كأنها تهمس همساً رقيقاً لإنسانة لم تتغير ولم تغير من حياتها شيئاً:
- لِمَ لم تحاولِ البحث عن السبب الرئيسي وراء بخل زوجك.. المدمن بالبخل..؟. لماذا لا تبحثي عن ماضيه عند أهلهِ..؟ أكيد ستعرفين من أرحامهِ، والمقربين منه ليسهل إيجاد حل مناسب.
لم ترد عن سؤال الإخصائية، بصورة مباشرة بل اطرقت برأسها كأنه يهوي إلى حجرها ومن ثم رفعته بشكل بطيء جداً لتقول:
- منذ أول يوم من زواجي لم اشعر أنني زوجته. ولكن حاولت أن أكون زوجة صالحة كما ربياني والدي. فنعمة الدين والعقيدة والمذهب كانا يلازمان ويسكنان في روحي وشخصيتي وتصرفي.. فلم أشعره إنني أتذمر من بخله أو تركه للبيت من الصباح حتى المساء، فالبيت لدى زوجي عبارة عن فندق وبنك. فضيلته الوحيدة كان يؤمن بأنني لن أخونه في عرضه وماله.
لم تستسلم الإخصائية من فتح قريحة الألم فيها، رغم أن ورقة متابعة الحالة التي نظمتها من خلال الحديث كانت ممتلئة، بأغلب ما تصرفت به المرأة مع زوجها.. فهي لم تنجح بأخذه للتسوق ولم تنعته بالبخل يوماً ولم تتشاجر معه أو تسخر منه.. ولم تقصر في تربية أولاده، وترتيبهم في الأناقة والنظافة والدراسة وتعليمهم علوم وفقه الشريعة المحمدية.. بقي هذا الزوج البخيل يعتمد على زوجته في بناء أسرته من مساعدة أهلها اليسيرة ولكنها حولتها إلى الكثير بصبرها..
هنا وجهت الإخصائية سؤالاً مباشراً لها كمواجهة للاستفزاز ها وإخراج ما بداخلها، وما لم تتحدث به بصورة حقيقية :
• لماذا رضيتِ بمساعدة أهلك؟ لماذا فتحت باب المساعدة وأنت تعلمين ببخلهِ؟.. إذن أنت كنت تساعدينه على البخل دون أن تشعري.؟!
أجابت بسرعة وكأن عصبية ظهرت على محياها فجأة، لم تتمالك نفسها:
- من أجل أولادي أن لا يشعروا بالعوز أمام الأخرين، لم أكن اقل له عن أهلي أي شيء هو كان يعرف بطريقته الخاصة. وقد قلت له عدة مرات إن أمي وأبي حالتهم فقيرة وقد توقفوا عن مساعدتي.. لم يهتم كثيراً، ولم يغير من تصرفه البخيل، نأكل بقايا طعام يجلبه معه وغالباً من يأخذ (قدور البيت) يضعها في سيارته ليستعد لأية – توزيعة- طعام بثواب الإمام الحسين(عليه السلام) أو الأئمة -عليهم السلام- في الشارع. وهذا افخر طعام نأكله طيلة السنة. فمحرم الحرام حتى أربعين الإمام، رحمة لأسرتي.. ولا أزيد على ذلك فالعاقل يفهمْ ما يفعله البخل بالبخيل، ومن حوله ومن يعيشون معه !..
وبعد هذا التهيج النفسي الذي خلقته الاختصاصية ساد صمت للحظات ومن ثم استرسلت في حديثها:
- هجرت العالم خلف بيت أمي وأبي، وتفرغت لزوجي لإسعاده، لإعطائه كل ما أملك. والمرأة تملك الكثير وبقيت أنتظر التغيير بصبر أيوب. غير إنني لا أشبه أحدا في تعاملي معه، لي أساليب وطرق في المحافظة عليه كزوج وأب لأولادي. فالرجل يشعر بالخوف من فقدان المال والعمل، أما أنا فخوفي معلن أساساً هو البقاء في بيته زوجة. لذلك تجرعت مرارتي بصمت وشربت كأس شقائي. أنا زوجة ولا أريد أن أخسره. لذا حاولت أن اشرح وجهة نظري لكم دون أن يسمعني أحد. وعندما أحاول أن أدافع عن نفسي وأتحدث مثلما اتحدت معك الآن، غالباً ما كان لزوجي لغة يهددني بها بالطرد إن فتحت ملف البخل والمال والحاجة والبيت. وتصورت نفسي مطلقة مشردة .. وأسال نفسي اذا طلقني أين اذهب. العودة إلى بيت أهلي، وتفكيك أواصر أسرتي.. لا أتحمل كأس البخل المرّ على هجر أولادي. ولا انكر رغم كل هذه الجروح حاولت معه مرة أخرى. وكان رده جملة واحدة لا زال طنينها يدوي في إذني إلى هذا اليوم : أنا رجل بالرغم من الكل.. هكذا خلقني الله ومن لم يردّ طبعي ..الباب يسع جَمّلاً.
• هل حاولتِ بالتحدث معه، عن حاجة البيت للإنفاق المادي؟ وما أهمية واجبات رجل البيت..؟
- نعم حاولت افهمه إن قيمة الرجل في حرصه على البيت. وأعترف بانني خائفة منه، وأشعر بنفس الوقت بخوفهِ، وهو حال كل الرجال يخافون، ولكن يتهربون من المواجهة.. أتهمه بالبخل أحياناً وأعتبر هذا انتصارا، حين يرد عليّ : أنا رجل مستور هذا هو المهم، أما أن احقد على من يملك اكثر مني فهذا هو الغباء.. ويتعكز على مثل يطلقه على نفسه دائماً " رحم الله رجلاً عرف قدر نفسه" ولا يعلم أو يعلم انه في هذا المثل مثلبة على شخصيته البخيلة.
• هل خرجت معه يوماً الى السوق ؟.. كيف كان يرى الأسعار والسوق ؟ .
- ماذا تريدين أن أقول لك ..زوجي ابن سوق وتاجر يعرف الناس جميعها واغلبهم يعرفونه لذلك كان يتجنب أن أخرج معه.. والأسعار هو سيدها يعرف كل شاردة وواردة حول المواد الغذائية.. في هذه الأمور زوجي لم يغامر أن أخرج معه.. فعندما أطلب الخروج إلى السوق معه، يصبح شخصاً قاسياً إلى حد الخوف منه والخوف عليه.
حسمت الإخصائية الأمر وعرفت إن المرأة تريد أن تصل إلى نتيجة، كيف تغير زوجها نحن الكرم والدين، والشهامة، والغيرة على أسرته وأهله والفقراء من حوله. تريد أن تصنع منه رجلا آخر غير الذي تعرفه فسفينة الحياة لم تتوقف بعد والعمر لا زال به بقية.. ولأنه زوجها جاءت من أجل التغيير النفسي والاجتماعي وكأنها ترمي الحصى في الظلمات إن صابت فهي قد نجحت وان خابت فهي لا تخسر شيئاً وتستمر في حياتها صابرة محتسبة.
ومن خلال التدوينات ورسم حركات المرأة عرفت الإخصائية لا نتيجة واضحة رغم تطابقت الآراء.. رأي الإخصائية، ورأي المرأة الصابرة ..
فكان القرار المخفي في انفسهن أن تستمر بصبرها وتربية أولادها فظل زوجا بخيلا الآن خير من تحطيم كيان الأسرة.. واتفقا أن يكون الدعاء هو الدواء الشافي لعدول الزوج عن مرض البخل.
لكن الإخصائية لكونها باحرة بالتجربة في عالم الثقافة النفسية والاجتماعية، حاولت أن تجعل من الحالة عمومية مفيدة يستفيد منها كل من يمرّ مثل هكذا ظروف.. فلخصت لقاءها بأمور توعوية أسرية، وجعلت منه درسا للأسرة التي فيها زوجان أحدهما بخيل زوجاً كان أم زوجة. ومن تجربتها العملية في قسم الإرشاد الأسري للعتبة الحسينية المقدسة، وجدت إن كل النعوت والسمات التي اتسمت بها شخصية المرأة العراقية، إن هناك مجموعة من السمات مهمة اتصفت بها النساء العراقيات على وجه الخصوص على مدى طويل في ربط أزواجهن برباط الأنجاب واغلبهن لم ينجحن، وما ساعد على ذلك التغيير السريع بل المفرط في السرعة أحيانا، الزواج والطلاق دون رادع خاصة بعد تحرر البلاد من جحوف التسلط المميت ما بعد 2003. وما اثبته ورقة الإخصائية إن المرأة بارزة في إيمانها العميق والمتغلغل بخواص العقيدة والمذهب ومزايا إيمانية أخرى. والاعتماد على النفس صفة من الصفات التي تتميز بها المرأة، رغم إن شخصيتها كزوجة وأم لم تكن ثابتة تماماً، بل إنها مرت بتغيرات كبرى في بعض المجالات وقد تمر مستقبلا بمزيد من المتغيرات فيما اذا التزمت بما يقدمه الإرشاد الأسري من خصوصية خاصة في إعادة البناء الأسري بشكله الدائم والآمن.
ولعل ما تابعناه في حالة الزوجة وزوجها الميسور البخيل تغير أصاب المرأة وبعث بها القلق في الاجتهاد والاقتصاد في الإنفاق وقبول كل عيوب الزوج من اجل الأولاد والمحافظة على الكيان الأسري من التفكك. ولكن هذه العراقية شعرت بعد أن نضج أولادها بالخسارة الفادحة التي حلت بها، وإرادة أن تستمر في المحافظة على أسرتها رغم قلقها وفقدان الثقة بنفسها في السنوات الأخيرة. ما شجعها إن هناك مراجع دين عظام ذوي رحمة الهية سخروا طاقاتهم العلمية والدينية للمرأة المسلمة وغيرها مع وضع ابسط السبل الحياتية لمعالجة المشاكل التي تعاني منها المرأة داخل اسرتها وإنقاذها بحلول في احلك الظروف..
فكانت نتيجة اللقاء نقاطا إرشادية كتبتها الإخصائية لتجعلها منفذا إصلاحيا عسى أن يحقق المراد مع التضرع بالعودة إلى طبيعة الإنسان الاعتيادية..
وقبل أن تفترق المرأة عن مرآتها في التوعية وشعرت برضا وخوف في آن واحد.. بعد رفضها دعوة زوجها للتحدث معه لحساسية مشاعره قدمت الإخصائية في ختام جلستها هذه النصائح التي ستكون في المستقبل القريب دراسة تعالج القيم النفسية الاجتماعية في كيفية تعامل الزوجة مع زوجها البخيل؟.
فكتبت على لائحتها، لمن تعاني من بخل زوجها عليها اتباع هذه الإرشادات:
1- ابحثِي عن السبب الرئيسي وراء بخل الزوج وحاولي إيجاد حل أو طريقة للتعامل معه.
2- بيني له ان المال ليس سوى وسيلة للرفاه وان الشيء الأهم الذي تطلبه هو الأنفاق عليها وعلى أولادها لكي يشعروا بالسعادة.
3- لا تتذمري من بخله ولا تشعريه باشمئزاز من بخله بل تحدثي عن كرمه واثني عليه أمام الناس لكي تشجعيه على الابتعاد عن البخل.
4- قومي بالتحدث معه بين الحين والأخر عن ان الأنفاق المادي هو من واجبات الرجل واحرصي دائما على ان تقدري له تعبه وأنفاقه وأشعريه بانك تتعاونين معه .
5- لا تشتكي منه او تشاجري او تسخري منه بل اثني عليه وتحدثني عن عطائه أمام الناس حتى يسعى الى الحفاظ على هذه الصورة.
6- لا تصفيه بالبخل عندما تتحدثين معه ولكن بالحرص الزائد مثلا.
7- اخرجي معه الى السوق ودعيه يرى الأسعار لكي يحكم بنفسه على غلاء المعيشة وأنت لا تبذرين أمواله.
8- كوني كريمة عليه وعلى أولادك لكي تشعريه ببخله وعوديه مع الوقت ان يصبح مثلك لأنك بما انه زوجته فسوف يتعلم منك الكثير.
9- ان الزوجة الصالحة هي التي تتحمل الزوج فعليك بالصبر والدعاء له فانه لابد من ان يحدث تغير في يوما ما وتذكري ان المال الذي يذخره في النهاية يكون لك ولأطفالك.