دفع الهواء كرة بالونية حمراء باهتة نحو فجوة صغيرة بين صخرتين. توجعت الكرة وقالت:
- أخيراً وجدت مكانا للمخاض..حيث لا بد أن تبدأ القصص العظيمة بالولادة لتحجب سؤال العلة الأولى القديم.
بدأت الكرة تئن محاولة إخراج الهواء من داخلها، ثم صرخت وانفجرت لتقفز من جوفها كرتان حمراوان صغيرتان، ثم تبتعدان ببطء خارج البروز الصخري المظلم. سارت كل كرة في اتجاه مختلف، وتوقفتا عند حافة الجبل. توقفت كرة منهما شرق الجبل، والأخرى غربه.. غير أن الهواء ظل ساكناً، وسقطت أعمدة الشمس الحارة على سطح الكرتين فتمدد قليلا وقد بدأ جوفهما في الانتفاخ. غمغمت الكرة في الشرق:
- آه.. ما هذا؟
وبان العالم منداحاً تحت الجبل من صخور وجبال وأشجار عالية وسحب، وكذلك حدث للكرة الغربية. كانتا لا زالتا تحملان قليلاٍ من آلام الخروج، وزادتهما حرارة الشمس ألماً.
- آه.. ما هذا؟
على قمم الجبال وفوق رؤوس الأشجار وتحتها وعلى الأنهار انتشرت الكريات البالونية الحمراء، بعضها ضخم وبعضها ضئيل الحجم، بعضها منفجر ومشتت الأشلاء التي توزعت بين الصخور والأحجار وجروف الأنهار..
- آه.. ما هذا؟
قالت الكرة على الشرق، وكذلك التي في الغرب..كانت الكرة التي في الشرق تتأمل بصمت، وأما التي في الغرب فقد بدا عليها القلق. كانت الغربية تحاول أن تختار موقفها المناسب والذي ستتخذه داخل هذه الفوضى الكروية. أما الكرة الشرقية فظلت تتأمل دون التفكير في اتخاذ موقف. كانت روح أمهما (الكرة الكبيرة) تراقبهما من أعلى.
رات الكرة الغربية صخوراً حادة وقررت تجنب السقوط من تلك الجهة، ولذلك حلقت ببصرها للسماء في انتظار الرياح المناسبة. بالفعل جاءت رياح خفيفة فنفخت الكرة نفسها لتزداد خفة وبدأت تتحرك ببطء شديد إلى اليسار لكي تبتعد عن الصخور حادة الزوايا..ثم نفخت نفسها قليلاً فازدادت سرعة حركتها وبدأت تنحدر مبتعدة عن الزوايا الحادة ومتجنبة بمهارة كل الصخور الأخرى.
على الجهة الأخرى؛ لم تأت الرياح إلى الكرة الشرقية، فظلت هذه الأخيرة تتأمل العالم بصمت وبلا اكتراث.
في جهة الكرة الغربية، كانت هذه الاخيرة تتدحرج من مكان إلى آخر، لم تكن تنجح دائماً في تجنب الصخور الحادة، لكنها كانت تقاوم، أحياناً كانت تحتجزها بعض الصخور الكبيرة، فتعلمت كيف تنكمش ثم تنفخ نفسها بسرعة لكي تستفيد من عبور النسمات الباردة بها والمرور حول الصخرة.
أما الكرة الشرقية فتفاجأت بدفق ريح قوية، نفضها من مكانها فطارت ثم انزلقت في الجرف الصخري بلا هدى. كانت تصرخ ولكن بلا أمل. جرحتها الكثير من الصخور الحادة، أصيبت بتورمات في محيطها المطاطي، وكان انفجارها راجحاً في كل لحظة.
الكرة الغربية، بدأت تضع لنفسها قانوناً لتتعلم السقوط الأمثل، درست قوة الرياح وقارنتها بزوايا الانحدار وبصلادة الأحجار. كانت تبرع كل لحظة في تحقيق سقوط أمثل.
اما الشرقية فظلت تتخبط، احيانا تنزلق بسلاسة وأحيانا ترفعها الريح إلى أعلها ثم تعود لتسقطها يمينا ويساراً، إلى الأمام والخلف.
كانت الكرة الغربية ترى السفح وقد اقترب، لذلك جهزت نفسها للسقوط المريح على امتداد رملي لضفة النهر.
الكرة الشرقية ظلت تطير بلا هدى، هنا وهناك.. تسقط وترتفع..
خلافاً لذلك تدحرجت الكرة الغربية نحو الرمل بسلام ولكن الرمال كانت ساخنة فتمدد طبقة الكرة المطاطية ثم انفجرت بألم وتوزعت اشلاؤها بين مكونات الطبيعة.
الكرة الشرقيةسقطت عمودياً على صفحة النهر ثم انزلقت مع تياره بلا مقاومة. فدفعها تيار النهر إلى شلال كبير فانحشرت بين مياهه التي ضغطت على أنفاسها، واستمر الظلام يغمرها ثم انفرجت السماء فجأة لتجد الكرة نفسها فوق بحيرة واسعة هادئة تحيط بها خضرة قاتمة. بسرعة دفعها تيار البحيرة الخفيف إلى اليابسة، وهناك تدحرجت لتلتصق بكرة أخرى مستقرة بين جزعي شجرتين.
ومضت سنوات ثم قرون في انتظار الصدفة المناسبة لتلد الكرة الشرقية توأميها الجميلين.
(تمت)
- أخيراً وجدت مكانا للمخاض..حيث لا بد أن تبدأ القصص العظيمة بالولادة لتحجب سؤال العلة الأولى القديم.
بدأت الكرة تئن محاولة إخراج الهواء من داخلها، ثم صرخت وانفجرت لتقفز من جوفها كرتان حمراوان صغيرتان، ثم تبتعدان ببطء خارج البروز الصخري المظلم. سارت كل كرة في اتجاه مختلف، وتوقفتا عند حافة الجبل. توقفت كرة منهما شرق الجبل، والأخرى غربه.. غير أن الهواء ظل ساكناً، وسقطت أعمدة الشمس الحارة على سطح الكرتين فتمدد قليلا وقد بدأ جوفهما في الانتفاخ. غمغمت الكرة في الشرق:
- آه.. ما هذا؟
وبان العالم منداحاً تحت الجبل من صخور وجبال وأشجار عالية وسحب، وكذلك حدث للكرة الغربية. كانتا لا زالتا تحملان قليلاٍ من آلام الخروج، وزادتهما حرارة الشمس ألماً.
- آه.. ما هذا؟
على قمم الجبال وفوق رؤوس الأشجار وتحتها وعلى الأنهار انتشرت الكريات البالونية الحمراء، بعضها ضخم وبعضها ضئيل الحجم، بعضها منفجر ومشتت الأشلاء التي توزعت بين الصخور والأحجار وجروف الأنهار..
- آه.. ما هذا؟
قالت الكرة على الشرق، وكذلك التي في الغرب..كانت الكرة التي في الشرق تتأمل بصمت، وأما التي في الغرب فقد بدا عليها القلق. كانت الغربية تحاول أن تختار موقفها المناسب والذي ستتخذه داخل هذه الفوضى الكروية. أما الكرة الشرقية فظلت تتأمل دون التفكير في اتخاذ موقف. كانت روح أمهما (الكرة الكبيرة) تراقبهما من أعلى.
رات الكرة الغربية صخوراً حادة وقررت تجنب السقوط من تلك الجهة، ولذلك حلقت ببصرها للسماء في انتظار الرياح المناسبة. بالفعل جاءت رياح خفيفة فنفخت الكرة نفسها لتزداد خفة وبدأت تتحرك ببطء شديد إلى اليسار لكي تبتعد عن الصخور حادة الزوايا..ثم نفخت نفسها قليلاً فازدادت سرعة حركتها وبدأت تنحدر مبتعدة عن الزوايا الحادة ومتجنبة بمهارة كل الصخور الأخرى.
على الجهة الأخرى؛ لم تأت الرياح إلى الكرة الشرقية، فظلت هذه الأخيرة تتأمل العالم بصمت وبلا اكتراث.
في جهة الكرة الغربية، كانت هذه الاخيرة تتدحرج من مكان إلى آخر، لم تكن تنجح دائماً في تجنب الصخور الحادة، لكنها كانت تقاوم، أحياناً كانت تحتجزها بعض الصخور الكبيرة، فتعلمت كيف تنكمش ثم تنفخ نفسها بسرعة لكي تستفيد من عبور النسمات الباردة بها والمرور حول الصخرة.
أما الكرة الشرقية فتفاجأت بدفق ريح قوية، نفضها من مكانها فطارت ثم انزلقت في الجرف الصخري بلا هدى. كانت تصرخ ولكن بلا أمل. جرحتها الكثير من الصخور الحادة، أصيبت بتورمات في محيطها المطاطي، وكان انفجارها راجحاً في كل لحظة.
الكرة الغربية، بدأت تضع لنفسها قانوناً لتتعلم السقوط الأمثل، درست قوة الرياح وقارنتها بزوايا الانحدار وبصلادة الأحجار. كانت تبرع كل لحظة في تحقيق سقوط أمثل.
اما الشرقية فظلت تتخبط، احيانا تنزلق بسلاسة وأحيانا ترفعها الريح إلى أعلها ثم تعود لتسقطها يمينا ويساراً، إلى الأمام والخلف.
كانت الكرة الغربية ترى السفح وقد اقترب، لذلك جهزت نفسها للسقوط المريح على امتداد رملي لضفة النهر.
الكرة الشرقية ظلت تطير بلا هدى، هنا وهناك.. تسقط وترتفع..
خلافاً لذلك تدحرجت الكرة الغربية نحو الرمل بسلام ولكن الرمال كانت ساخنة فتمدد طبقة الكرة المطاطية ثم انفجرت بألم وتوزعت اشلاؤها بين مكونات الطبيعة.
الكرة الشرقيةسقطت عمودياً على صفحة النهر ثم انزلقت مع تياره بلا مقاومة. فدفعها تيار النهر إلى شلال كبير فانحشرت بين مياهه التي ضغطت على أنفاسها، واستمر الظلام يغمرها ثم انفرجت السماء فجأة لتجد الكرة نفسها فوق بحيرة واسعة هادئة تحيط بها خضرة قاتمة. بسرعة دفعها تيار البحيرة الخفيف إلى اليابسة، وهناك تدحرجت لتلتصق بكرة أخرى مستقرة بين جزعي شجرتين.
ومضت سنوات ثم قرون في انتظار الصدفة المناسبة لتلد الكرة الشرقية توأميها الجميلين.
(تمت)
