محمد محمود غدية - الشباك

ترقبه كل يوم من شباكها فى موعد ثابت لا يتغير، تتبعه عيناها حتى يختفى عن الأنظار، ملبسه أنيق خطواته منتظمة، فى غير إبطاء، لاتدرى سببا لهذا الإهتمام المفاجئ به،
هل هذا مايسمونه الحب ؟
وإن حدث فهو من طرف واحد، إنه لايشعر بها وابدا لم يتطلع يوما لشباكها، تتمنى لو إنها إختارت ملابسه، بنطاله قميصه ولون حذائه، تراه دائما وحده لا أحد بصحبته،
ألقت بوردة من الشباك سقطت بعد مروره، وأتلفتها أقدام المارة، لابد من محادثته، فى اليوم التالى غادرت المنزل فى ميعاد وصوله وإصطدمت به، معتذرة عن تعثرها المفاجئ، لملم معها ثمر التفاح الذى أسقطته عمدا، لم تفلح عيناه عن التحول عنها، وهى الغادة الفارعة، منحوتة باأزميل نحات ماهر، لا يمكن للمرء تجاهلها، فى عينيه شواظ من لهب، تركت ندوبها فى أغوار روحه القلقة، لديها القدرة على قراءة الوجوه وهى الدارسة لعلم النفس، أعطته رسالة مطوية،
- قالت : أنها سقطت منه بعد أن شكرته منصرفة، لأول مرة تشعر باإنتصارها بعد أن حطمت التابوهات وتسلقت الأسوار، وقد طال إنتظارها بعد التخرج لعريس لا يأتى،
ترسم أقمار وشموس فى بهو روحها، عازمة على إحتواء عينيه وغسلهما من الهموم، وزرع آلاف النجمات فيهما، فى المساء رن هاتفها، نمرة غريبة إنها من أعطته رقم هاتفها، كل يوم يتطلع إلى شباكها
فتمده باابتسامة واسعة وطاقة إيجابية، وأجنحة تعينه على الطيران، لاتستطيع جاذبية الأرض على الإمساك به،
حاول أن يدعوها إلى الذهاب معه للسينما، رفضت غاضبة، أسبوعان لاترد على هاتفه، ولاتفتح شباكها، حتى كان يوما طرق بابها فى صحبة والدته يطلبها للزواج، بين إبتسامتها الواسعة، هى من إختارته ورسمت الخطط ونفذتها باإقتدار، وهى تستأذنكم الآن فى الإنصراف لبيت الزوجية .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى