جمعني القدر به في قصة حب طويلة خلال سنوات الدراسة في كلية الطب، وخلالها تعرفت على لؤي، كان مثالا للطيبة والوضوح وأصبحنا شبه متماثلين بطريقة التفكير والتعامل.
وفي فترة الإقامة بالمستشفى، عرفني على والده الدكتور عامر أمهر جراحي الكلى في العراق، ولا أحد يضاهيه في عمليات زرع الكلى.
قد وعدني لؤي بأنه سيتقدم لي، وفعلاً حصل واوفى بوعده وتمت خطوبتي في حفلة جميلة في بيت اخي حيث اعيش.
وبعد شهر عسل أكثر من رائع انتقلنا للعيش في جناح فخم في بيت أهله ، عشت أياما جميلة، وكان لؤي يبهرني اكثر في كل يوم يمر، لقد سكب في روحي كل ما روى ظمأها الى الحب والحنان والطمأنينة، كان بالنسبة لي المثل والقدوة، وخلال سنوات عملنا في المستشفى الحكومي وجدته انسان طيب النفس محب للخير ويساعد الناس وكنت ارى انعكاس انسانيته على الاخرين.
واصبحت له مهارات جراحية في عمليات استئصال الكلى.
لذلك كان يعمل ايضاً في المستشفى الخاص مع والده عند زراعة الكلى لأحد المرضى، لانه يجب ان يكون هناك فريقين عمل احدهما باشراف لؤي يقوم بأستئصال الكلية من المتبرع والفريق الاخر باشراف والده لزراعة الكلية للشخص المتبرع له، وكان ياخذني معه للمستشفى الخاص للاشراف ومراقبة حالة المتبرع بعد العملية.
وفي احد ايام خفارتي في المستشفى الحكومي جاءت الممرضة لتبلغني بحالة فتاة تغرق بنوبة بكاء وترفض اخذ العلاج، ذهبت معها لأرى فتاة في العشرين من العمر حامل في شهرها الأخير مذعورة وتبكي بشدة، أمسكت الطبلة لالقي نظرة على حالتها كان اسمها (الاء فلاح) وكانت تعاني من ضيق في التنفس والام في المعدة، وضعت السماعة على بطنها لافحصها وتفاجئت باثار عملية للكلية اليسرى وتذكرت قبل سنتين الفتاة اسراء التي تبرعت باحدى كليتيها لابيها السيد روكان وكنت قد اشرفت على رعايتها بعد العملية، ركزتُ في وجهها جيدا، نعم اعرفها انها هي، رمقتها بنظرة فاحصة وقلت لها: اليس اسمك اسراء؟ تبرعت بكليتك لابيك؟ ولكنها ارتبكت وتوقفت عن البكاء وانكرت ذلك وقالت: انها تبرعت بكليتها لوالدتها. حضر زوجها فوصفت لها دواء مهدئ لتنام وعدت الى غرفتي، وفي الصباح الباكر ذهبت اليها واحضرتها الى غرفتي واجهتها وضغطت عليها بالكلام فانهارت وتوسلت بي كثيرا لكي لا افضح سرها ووعدتها خيرا، فاعترفت بان زوجها باع كليتها للسيد روكان، وانها اجبرت على ذلك لانه كان سيتبرع بكليته لضيق ذات اليد ولكن نتيجة الفحوصات كانت غير متوافقة، بينما كان هناك تطابق مناسب في تحليلاتها مع السيد روكان، وان الوسيط هو من زور شهادة الميلاد وجعلها ابنة روكان لكي يبدو الامر تبرعا من ابنة الى ابيها لان تجارة بيع الاعضاء غير شرعية، واسترسلت بالكلام واخبرتني بان ما وصلنا هو نصف المبلغ المتفق عليه لان الوسطاء والمستشفى يتقاضون مبالغ هائلة، وان زوجها اشترى بالمبلغ سيارة اجرة بسيطة يعمل عليها لانه مسؤول عن امه واخواته ايضا.
عندئذ سالتها ولما هي مذعورة ومكتئبة الآن،
اجابت بان السيد روكان قد توفي قبل عدة ايام وانها مذعورة وفي حالة خوف شديد لان جزء منها مدفون معه في القبر، واصبحت تلاحقها الكوابيس ليل نهار... اشفقت على حالها وطمأنتها بالكلام ووعدتها بالاشراف على ولادتها، فشكرتني وذهبت.
التقيت مع لؤي على الغداء وسألته عن حالة السيد روكان، استغرب سؤالي لاول وهلة ثم اجاب بان حالته انتكست بعد اربعة أشهر من العملية وحدثت عنده استجابة مناعية مضادة للكلية المزروعة وتدهورت كليته ورجع الى عمليات غسيل الكلى، ولكن بعد اكثر من سنة توقفت الكليتين وساءت حالته وانتقل الى رحمة الله قبل ايام قليلة... وحينئذ اخبرته عن قصة المريضة الاء، تفاجأت بان لؤي لم يستغرب الامر ونصحني بتجاهل الموضوع لان الناس لهم خصوصيات لايجوز التدخل بها... ولكني صدمت لموقفه، وصارحته بان مايعمله هو و والده عمل غير اخلاقي... ولكنه برر الموضوع بانه يقوم بعمل انساني وان الكل يستفيد سواء المريض او البائع.
قلت له بعصبية: بان هذه العمليات هي انتهاك لحقوق الانسان لانها تتم بشكل قسري واستغلال للناس الفقراء.
ولكنه اجابني بنبرة هادئة بان اتجنب الجدل وان اشتري بالصمت راحة بالي، وان الذكي هو من يغتنم الفرصة ويستغل الامور لصالحه.
صدمت بكلامه لقد كان نبيل الاخلاق ، ماالذي جعله هكذا ينقلب على مبادئه؟
لقد وجدت ان تبريراته سطحية وغير منطقية وبلا نزاهة فكرية او اخلاقية..
وسرحت بافكاري بعيدا، هل الاخلاق نسبية؟
كيف نحدد المعايير الاخلاقية؟
من الذي يقيم اسس العدل والظلم، والخير والشر.
ولكني اقتنعت بان تأثير والده عليه قد قلب الموازين لديه، كنت مخدوعة بابيه لقد تصورته انسان محترم يساعد الناس ويسدي النصيحة ويقطر حكمة.
واخيرا بكل برود طلب مني ان اذهب معه غدا لاحدى عمليات زرع الكلى في المستشفى الخاص لوالده.
ولكني وبذهول قلت له : ياويلك غداً بين يدي الله، ثم تركته ومشيت.
وفي صباح اليوم التالي وعدني بانه عقد نيته واتخذ قراره بانها ستكون آخر عملية يقوم بها بالمستشفى الخاص ثم ودعني وذهب مع والده في نفس السيارة.
احتسيت القهوة في غرفتي بالمستشفى وانا في غمرة افكاري، رن الموبايل واستلمت مكالمة من طبيب صديقه يخبرني بحصول حادث على الطريق وان لؤي ووالده بالمستشفى، دارت بي الدنيا واسرعت الى سيارتي واتصلت بوالدة زوجي وانا اسابق الريح للوصول الى الطوارئ، وعندما وصلت رأيت والد زوجي على السرير مصاب بكسور بيديه ولكن لؤي كان في حالة غيبوبة وعلى جهاز التنفس الاصطناعي... احسست بضيق في صدري والالم ينهش روحي وتوجهت الى الله اسأله الشفاء العاجل،
امسكت يده وانا اتوسل به : ارجوك استيقظ لأجلي.
ولكن حالته كانت خطرة وقد تدهورت كلتا كليتيه، وابوه يبكي بغزارة لانه ليس بيده حيلة وعاجز عن انقاذ ابنه .
بعد يومين توفى لؤي اصبت بصدمة كبيرة وشعرت كأن روحي اقتلعت مني وان الكون اصبح ضيقا عليّ. واصبحت حياتي بلامعنى وبقيت الوم نفسي كان يجدر بي ان امنعه من الخروج، ولكني تيقنت ان الانسان يعيش بقدره ويموت بقدره..
وفي فترة الإقامة بالمستشفى، عرفني على والده الدكتور عامر أمهر جراحي الكلى في العراق، ولا أحد يضاهيه في عمليات زرع الكلى.
قد وعدني لؤي بأنه سيتقدم لي، وفعلاً حصل واوفى بوعده وتمت خطوبتي في حفلة جميلة في بيت اخي حيث اعيش.
وبعد شهر عسل أكثر من رائع انتقلنا للعيش في جناح فخم في بيت أهله ، عشت أياما جميلة، وكان لؤي يبهرني اكثر في كل يوم يمر، لقد سكب في روحي كل ما روى ظمأها الى الحب والحنان والطمأنينة، كان بالنسبة لي المثل والقدوة، وخلال سنوات عملنا في المستشفى الحكومي وجدته انسان طيب النفس محب للخير ويساعد الناس وكنت ارى انعكاس انسانيته على الاخرين.
واصبحت له مهارات جراحية في عمليات استئصال الكلى.
لذلك كان يعمل ايضاً في المستشفى الخاص مع والده عند زراعة الكلى لأحد المرضى، لانه يجب ان يكون هناك فريقين عمل احدهما باشراف لؤي يقوم بأستئصال الكلية من المتبرع والفريق الاخر باشراف والده لزراعة الكلية للشخص المتبرع له، وكان ياخذني معه للمستشفى الخاص للاشراف ومراقبة حالة المتبرع بعد العملية.
وفي احد ايام خفارتي في المستشفى الحكومي جاءت الممرضة لتبلغني بحالة فتاة تغرق بنوبة بكاء وترفض اخذ العلاج، ذهبت معها لأرى فتاة في العشرين من العمر حامل في شهرها الأخير مذعورة وتبكي بشدة، أمسكت الطبلة لالقي نظرة على حالتها كان اسمها (الاء فلاح) وكانت تعاني من ضيق في التنفس والام في المعدة، وضعت السماعة على بطنها لافحصها وتفاجئت باثار عملية للكلية اليسرى وتذكرت قبل سنتين الفتاة اسراء التي تبرعت باحدى كليتيها لابيها السيد روكان وكنت قد اشرفت على رعايتها بعد العملية، ركزتُ في وجهها جيدا، نعم اعرفها انها هي، رمقتها بنظرة فاحصة وقلت لها: اليس اسمك اسراء؟ تبرعت بكليتك لابيك؟ ولكنها ارتبكت وتوقفت عن البكاء وانكرت ذلك وقالت: انها تبرعت بكليتها لوالدتها. حضر زوجها فوصفت لها دواء مهدئ لتنام وعدت الى غرفتي، وفي الصباح الباكر ذهبت اليها واحضرتها الى غرفتي واجهتها وضغطت عليها بالكلام فانهارت وتوسلت بي كثيرا لكي لا افضح سرها ووعدتها خيرا، فاعترفت بان زوجها باع كليتها للسيد روكان، وانها اجبرت على ذلك لانه كان سيتبرع بكليته لضيق ذات اليد ولكن نتيجة الفحوصات كانت غير متوافقة، بينما كان هناك تطابق مناسب في تحليلاتها مع السيد روكان، وان الوسيط هو من زور شهادة الميلاد وجعلها ابنة روكان لكي يبدو الامر تبرعا من ابنة الى ابيها لان تجارة بيع الاعضاء غير شرعية، واسترسلت بالكلام واخبرتني بان ما وصلنا هو نصف المبلغ المتفق عليه لان الوسطاء والمستشفى يتقاضون مبالغ هائلة، وان زوجها اشترى بالمبلغ سيارة اجرة بسيطة يعمل عليها لانه مسؤول عن امه واخواته ايضا.
عندئذ سالتها ولما هي مذعورة ومكتئبة الآن،
اجابت بان السيد روكان قد توفي قبل عدة ايام وانها مذعورة وفي حالة خوف شديد لان جزء منها مدفون معه في القبر، واصبحت تلاحقها الكوابيس ليل نهار... اشفقت على حالها وطمأنتها بالكلام ووعدتها بالاشراف على ولادتها، فشكرتني وذهبت.
التقيت مع لؤي على الغداء وسألته عن حالة السيد روكان، استغرب سؤالي لاول وهلة ثم اجاب بان حالته انتكست بعد اربعة أشهر من العملية وحدثت عنده استجابة مناعية مضادة للكلية المزروعة وتدهورت كليته ورجع الى عمليات غسيل الكلى، ولكن بعد اكثر من سنة توقفت الكليتين وساءت حالته وانتقل الى رحمة الله قبل ايام قليلة... وحينئذ اخبرته عن قصة المريضة الاء، تفاجأت بان لؤي لم يستغرب الامر ونصحني بتجاهل الموضوع لان الناس لهم خصوصيات لايجوز التدخل بها... ولكني صدمت لموقفه، وصارحته بان مايعمله هو و والده عمل غير اخلاقي... ولكنه برر الموضوع بانه يقوم بعمل انساني وان الكل يستفيد سواء المريض او البائع.
قلت له بعصبية: بان هذه العمليات هي انتهاك لحقوق الانسان لانها تتم بشكل قسري واستغلال للناس الفقراء.
ولكنه اجابني بنبرة هادئة بان اتجنب الجدل وان اشتري بالصمت راحة بالي، وان الذكي هو من يغتنم الفرصة ويستغل الامور لصالحه.
صدمت بكلامه لقد كان نبيل الاخلاق ، ماالذي جعله هكذا ينقلب على مبادئه؟
لقد وجدت ان تبريراته سطحية وغير منطقية وبلا نزاهة فكرية او اخلاقية..
وسرحت بافكاري بعيدا، هل الاخلاق نسبية؟
كيف نحدد المعايير الاخلاقية؟
من الذي يقيم اسس العدل والظلم، والخير والشر.
ولكني اقتنعت بان تأثير والده عليه قد قلب الموازين لديه، كنت مخدوعة بابيه لقد تصورته انسان محترم يساعد الناس ويسدي النصيحة ويقطر حكمة.
واخيرا بكل برود طلب مني ان اذهب معه غدا لاحدى عمليات زرع الكلى في المستشفى الخاص لوالده.
ولكني وبذهول قلت له : ياويلك غداً بين يدي الله، ثم تركته ومشيت.
وفي صباح اليوم التالي وعدني بانه عقد نيته واتخذ قراره بانها ستكون آخر عملية يقوم بها بالمستشفى الخاص ثم ودعني وذهب مع والده في نفس السيارة.
احتسيت القهوة في غرفتي بالمستشفى وانا في غمرة افكاري، رن الموبايل واستلمت مكالمة من طبيب صديقه يخبرني بحصول حادث على الطريق وان لؤي ووالده بالمستشفى، دارت بي الدنيا واسرعت الى سيارتي واتصلت بوالدة زوجي وانا اسابق الريح للوصول الى الطوارئ، وعندما وصلت رأيت والد زوجي على السرير مصاب بكسور بيديه ولكن لؤي كان في حالة غيبوبة وعلى جهاز التنفس الاصطناعي... احسست بضيق في صدري والالم ينهش روحي وتوجهت الى الله اسأله الشفاء العاجل،
امسكت يده وانا اتوسل به : ارجوك استيقظ لأجلي.
ولكن حالته كانت خطرة وقد تدهورت كلتا كليتيه، وابوه يبكي بغزارة لانه ليس بيده حيلة وعاجز عن انقاذ ابنه .
بعد يومين توفى لؤي اصبت بصدمة كبيرة وشعرت كأن روحي اقتلعت مني وان الكون اصبح ضيقا عليّ. واصبحت حياتي بلامعنى وبقيت الوم نفسي كان يجدر بي ان امنعه من الخروج، ولكني تيقنت ان الانسان يعيش بقدره ويموت بقدره..