"إنك لن تظل منشغلاً بالعالم..فأنت جزء لا يُرى منه. والأحداث تصنعها مؤسسات لا تُرى بدورها، ولكن من عظمتها لا من تفاهتها مثلك.
وقال آخر داخل جسدي: المنشغل بالعالم كائن بلا هدف..
وقال العمق الأنثوي في ذكورتي المهددة: العظماء من انشغلوا بالعالم.
وكل تلك الكيانات الاعتبارية داخلي تصارعت لتثبت نزوعاتي المشردة هنا وهناك. فأخذت أصفر بلحن لا أعرفه، لم يكن لحناً، بل ربما كان صوت زوبعات الريح المختلطة بالأفكار.
ابتسم فسيحين وقت البكاء عما قريب. وسر بلا هدف، فإن الحياة هي التي تخلق الأهداف وتوزعها على البشر رغماً عنهم. لكنها غفلت عنك..فانتهز غفلتها إلى حين".
يحكي الغجري تلك القصة وتنحسر عن قلبه النجوم العالقة في قلبه.. تتساقط.. فيحمل بندقية وهمية ويغمض إحدى عينيه ثم يصوب نحو الأمام متحفزاً كجندي صارم..
- بفف..
يخرج من فمه ذلك الصوت وهو يعصر سبابته على الزناد الوهمي.
متى كان للغجري أعداء.. إنه لا يضيع وقته في ذلك..
كان الفيلم الوحيد الذي شاهده في المدينة الضاجة بالأوساخ والفقراء والأغنياء، كان فيلماً عن بوهيمي.. غير أن البوهيمي قُتل في نهاية الفيلم، ولم يجد الغجري سبباً لتلك النهاية.
"العالم منشق كعادته بين المحافظين والليبراليين"..
سمع هذه الجملة من جنرال في الجيش، عمل معه ليومين ثم سرق نياشينه الذهبية وفر هارباً.
لقد تلقى تعليم التراحيل الحكومي بين ثلاث دول. ذلك التعليم الذي خصصوه لمن لا يستقرون في مكان واحد من البدو والغجر. غير أنه لم يسمع بالمحافظين والليبراليين من المدرسين حتى نهاية سنته السادس التي هجر بعدها ذلك الغباء. تعلم الحساب والكتابة. ولم يهتم بأيهما. فهو لا يملك ما يحسبه، ولا لديه علاقة مع شخص آخر ليرسل له خطابات. ربما لديه ابن الجنرال الذكي.
"إنك لن تظل منشغلاً بالعالم"
هكذا قال له وشجعه على سرقة نياشين والده والهرب.
كان ابن الجنرال مقعداً. وربما كان يجد في فرار الغجري عزاءً له.
ولكن أين سأبيع كل هذا الذهب رقيق السُمك كأوراق الشجر الجافة؟
التقى به تاجر الذهب في السينما، وأخذ منه الذهب ليفحصه ثم لم يعد. غير أن فيلم البوهيمي كان أهم من بيع الذهب. لقد كان قتل البوهيمي سبباً لخوفه من المصير الذي سيلاقيه إن بقى في مكان واحد.
"من أسماكم بالغجر؟"
وحار جواباً.. لكنه لم يفكر أكثر من ذلك. بل أخذ الذهب وغادر قصر الجنرال، ثم سُرق منه في السينما، وأيضاً لم يفكر في الأمر كثيراً بل غادر كعادته. وأخذ يصفر بلحن حقيقي وليس بزوبعات الريح كما فعل ابن الجنرال الكسيح..
"أنت تمتلك أقداماً أيها الغجري فلا تبقَ في مكان واحد.. لذلك أسموك غجرياً".. كان يقول له ذلك وعيناه تتلألآن.. كان يرى دموعاً مندسة خلف جفنيه. لذلك وعده بالفرار..
وحين ودعه صاح الشاب:
"لا تعد إلى نفس النقطة.. بل تحرر إلى الأبد"..
كانت الوديان تمتد على مد بصره، لقد علموه بأن الارض قارات منفصلة، لكنه لم يرَ ذلك أبداً.. كان امتداداً لا نهائياً في الأفق.. زوبعات الريح إلى جانب نسائم الربيع، الخضرة إلى جانب الصحراء.. الحياة إلى جانب الحياة.. إنه الخلود...
(تمت)
وقال آخر داخل جسدي: المنشغل بالعالم كائن بلا هدف..
وقال العمق الأنثوي في ذكورتي المهددة: العظماء من انشغلوا بالعالم.
وكل تلك الكيانات الاعتبارية داخلي تصارعت لتثبت نزوعاتي المشردة هنا وهناك. فأخذت أصفر بلحن لا أعرفه، لم يكن لحناً، بل ربما كان صوت زوبعات الريح المختلطة بالأفكار.
ابتسم فسيحين وقت البكاء عما قريب. وسر بلا هدف، فإن الحياة هي التي تخلق الأهداف وتوزعها على البشر رغماً عنهم. لكنها غفلت عنك..فانتهز غفلتها إلى حين".
يحكي الغجري تلك القصة وتنحسر عن قلبه النجوم العالقة في قلبه.. تتساقط.. فيحمل بندقية وهمية ويغمض إحدى عينيه ثم يصوب نحو الأمام متحفزاً كجندي صارم..
- بفف..
يخرج من فمه ذلك الصوت وهو يعصر سبابته على الزناد الوهمي.
متى كان للغجري أعداء.. إنه لا يضيع وقته في ذلك..
كان الفيلم الوحيد الذي شاهده في المدينة الضاجة بالأوساخ والفقراء والأغنياء، كان فيلماً عن بوهيمي.. غير أن البوهيمي قُتل في نهاية الفيلم، ولم يجد الغجري سبباً لتلك النهاية.
"العالم منشق كعادته بين المحافظين والليبراليين"..
سمع هذه الجملة من جنرال في الجيش، عمل معه ليومين ثم سرق نياشينه الذهبية وفر هارباً.
لقد تلقى تعليم التراحيل الحكومي بين ثلاث دول. ذلك التعليم الذي خصصوه لمن لا يستقرون في مكان واحد من البدو والغجر. غير أنه لم يسمع بالمحافظين والليبراليين من المدرسين حتى نهاية سنته السادس التي هجر بعدها ذلك الغباء. تعلم الحساب والكتابة. ولم يهتم بأيهما. فهو لا يملك ما يحسبه، ولا لديه علاقة مع شخص آخر ليرسل له خطابات. ربما لديه ابن الجنرال الذكي.
"إنك لن تظل منشغلاً بالعالم"
هكذا قال له وشجعه على سرقة نياشين والده والهرب.
كان ابن الجنرال مقعداً. وربما كان يجد في فرار الغجري عزاءً له.
ولكن أين سأبيع كل هذا الذهب رقيق السُمك كأوراق الشجر الجافة؟
التقى به تاجر الذهب في السينما، وأخذ منه الذهب ليفحصه ثم لم يعد. غير أن فيلم البوهيمي كان أهم من بيع الذهب. لقد كان قتل البوهيمي سبباً لخوفه من المصير الذي سيلاقيه إن بقى في مكان واحد.
"من أسماكم بالغجر؟"
وحار جواباً.. لكنه لم يفكر أكثر من ذلك. بل أخذ الذهب وغادر قصر الجنرال، ثم سُرق منه في السينما، وأيضاً لم يفكر في الأمر كثيراً بل غادر كعادته. وأخذ يصفر بلحن حقيقي وليس بزوبعات الريح كما فعل ابن الجنرال الكسيح..
"أنت تمتلك أقداماً أيها الغجري فلا تبقَ في مكان واحد.. لذلك أسموك غجرياً".. كان يقول له ذلك وعيناه تتلألآن.. كان يرى دموعاً مندسة خلف جفنيه. لذلك وعده بالفرار..
وحين ودعه صاح الشاب:
"لا تعد إلى نفس النقطة.. بل تحرر إلى الأبد"..
كانت الوديان تمتد على مد بصره، لقد علموه بأن الارض قارات منفصلة، لكنه لم يرَ ذلك أبداً.. كان امتداداً لا نهائياً في الأفق.. زوبعات الريح إلى جانب نسائم الربيع، الخضرة إلى جانب الصحراء.. الحياة إلى جانب الحياة.. إنه الخلود...
(تمت)