محمد محمود غدية - موت شاعر

ترتشف المرارة من فنجان قهوتها الثانى،
منفضة السجائر إمتلأت بأعقاب إحترقت وأحرقت إصبعها، تسبح فى سحب الدخان، وجدت نفسها متلبسة باابتسامة كادت أن تضل طريقها إلى شفتيها الأشبه بحبة الفراولة وقت النضج، زوارق الحياة غير مأمونة
العواقب، تعبث بها الرياح فى أزمنة الموج الهادر، أطل وجهه فى ذاكرتها، كان بمثابة النجم الذى لا ينطفئ، فكيف إنطفئ وإندثر ؟ عطرها كان يستفزه ويستدرجه إلى بساتين البهجة، عيناها لا يستطيع تحديد لونهما، تجردانه من أسلحته مثل طائر أتعبه الطيران وإهتدى إلى العش الآمن، يكتب الشعر أهداها ديوانه الأول، إلى من فجرت صمته وفتحت له بساتين البهجة، يرى أن عمره قصير كما الزهور ماتلبث أن تذبل، يردد ماقاله الشاعر أمل دنقل : كل باقة / بين إغفاءة وإفاقة / تتنفس مثلى / بالكاد ثانية ثانية / وعلى صدرها حملت راضية / إسم قاتلها فى بطاقة
يقاوم الموت بالكتابة، طبيب يصل الليل بالنهار فى مستشفيات عزل الكورونا، أصابته عدوى المرض ومات، كان له قلب عصفور صغير لم ينبت له جناحان، مخيفة هى الكتابة
لأنها تأخذ لنا موعدا مع كل الأشياء التى نخاف مواجهتها والتعمق فى فهمها،
حاولت الكتابة فلم تفلح، رغم الأوراق الكثيرة التى كومتها وألقت بها فى سلة المهملات،
فى هذا الركن وعلى نفس الطاولة التى كانت تجمعها وحبيبها، الريح تزأر فى الخارج غضبى، فتتساقط زخات المطر الذى تسلل بعضه من زجاج نافذة المقهى، يوما إلتقط حبيبها قطرتا ماء فى كفيه وقال : هما دمعتان/ أسقطتهما السماء / لتنبت الأرض زهرتان / عيناك ووجهك الفتان
تنزف الوجع والدمع من عينيها، مثل غريق يتوسل النجاة، تبحث عن يداه التى قاسمتها الأحزان، أشعلت السيجارة الأخيرة فى العلبة التى تحذر من أضرار التدخين، بخيلة هى الحياة التى لاتعطى مانريد، مازال أمامها متسع من العمر للعذاب، وكلمات أمل دنقل الذى إنتصر للغياب .
محمد محمود غدية / مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى