دخلت هالة العراقية المغتربة في باريس شقتها مرتمية على أول كرسي اعترض طريقها وحزنها مرتسم على ملامحها الجذابة.. امرأة في منتصف عقدها الثالث، طويلة، رشيقة، عينيها العسليتين الواسعتين برموشهما الكثيفة الطويلة توقع أي شخص في غرامهما باستسلام، شعرها الأسود المنساب على كتفها، أنفها المرسوم بدقة، وجهها الدائري العريض الذي نوره كبدر مكتمل في ليلة كالحة السواد، ناحت بشجن:
- لماذا تركتني ورحلت؟، منْ لي بعدك؟، هل تسمعني؟ أجبني بالله عليك، باكية: بعدك حياتي لا تطاق مستحيلة الاحتمال، أفهمك دون كلام أو جدال، تحسني بالحال، فراقك دموع لا تكفي أنهاراً تسال، روحي هجرتني دون سؤال، عد لي بأي حال، داخلي من اليوم أصبح بارتحال، شاركتني بضراء والفال، أنساك محال، انظر حالي إلى ما هو آل، هل تعد بالمال؟ معارفي، أصدقائي حتى أهلي ضحكوا باستغفال، مجنونه أكيد يقال، بحبي ضربوا الأمثال، في مرضك لم أنم ليال، اليوم لم تنتظرني ساعات قلال. بهتت أمها مصدومة عندما دخلت غرفة الجلوس ورأتها بهذا الحال:
- ماذا جرى؟، لا تقولي قد فارقنا ورحل؟
بحزن وألم، بدموعٍ تجري من المقل:
- نعم، تركنا ورحل.
- هوني عليك يا حبيبتي، كلنا على هذا المسار حان أم أجل.
- أتذكرين كيف ينتظرني بالشرفة والباب ليالٍ طوال؟
- متى تواري جثمانه الثرى؟
- غدا، أدفنه في الحديقة تحت الشجرة الذي أحب.
- هل أنت متأكدة؟!
- نعم، كل التأكيد يا أمي.
- يقال بعيد عن العين بعيداً عن القلب!
- كلا، لن ولم أفعل هذا، أنه في روحي وداخلي سيهون علي وجوده بقربي.
- كما تشائين، أنك حرة، ما سبب وفاة كلبك توتي، بماذا علل الطبيب؟
أجهشت بالبكاء:
- المرض أكل أحشاءه وزاد ألمه، رجوته أن يحقنه أبره ويريحه.
- خيراً فعلتي.
- لو كان الآن هنا لقفز في حضني، حجمه صغير بحبة كبير، فراء شعره الذهبي الناعم يزيدني دفئ وحنان.
برهة صمت إجابتها أمها بقهر:
- الموت في بلدنا أصبح على الهوية جار، بالمال جار باع جار، الإنسان يذبح كالأبقار، بدون سعر أو استغفار، سكن الخوف قلوب الكبار قبل الصغار، سنون مضت زاده اندثار، لا كلاماً نفع ولا حوار، لوعتنا استوطنت أبداننا الأكدار، استسلمنا رامين حملنا على الأقدار، ماذا دهاك يا وطن وما الذي صار؟، فيروز غنت لك أعذب الألحان منذ كنا صغار، نظمت القصائد فيك وأحلى الأشعار، أنهض شامخاً لكل محب وبار، خرجنا جبراً وعيوننا شاخصة بالانتظار،.. فلا تطل أننا سأمنا الانتظار..
- لماذا تركتني ورحلت؟، منْ لي بعدك؟، هل تسمعني؟ أجبني بالله عليك، باكية: بعدك حياتي لا تطاق مستحيلة الاحتمال، أفهمك دون كلام أو جدال، تحسني بالحال، فراقك دموع لا تكفي أنهاراً تسال، روحي هجرتني دون سؤال، عد لي بأي حال، داخلي من اليوم أصبح بارتحال، شاركتني بضراء والفال، أنساك محال، انظر حالي إلى ما هو آل، هل تعد بالمال؟ معارفي، أصدقائي حتى أهلي ضحكوا باستغفال، مجنونه أكيد يقال، بحبي ضربوا الأمثال، في مرضك لم أنم ليال، اليوم لم تنتظرني ساعات قلال. بهتت أمها مصدومة عندما دخلت غرفة الجلوس ورأتها بهذا الحال:
- ماذا جرى؟، لا تقولي قد فارقنا ورحل؟
بحزن وألم، بدموعٍ تجري من المقل:
- نعم، تركنا ورحل.
- هوني عليك يا حبيبتي، كلنا على هذا المسار حان أم أجل.
- أتذكرين كيف ينتظرني بالشرفة والباب ليالٍ طوال؟
- متى تواري جثمانه الثرى؟
- غدا، أدفنه في الحديقة تحت الشجرة الذي أحب.
- هل أنت متأكدة؟!
- نعم، كل التأكيد يا أمي.
- يقال بعيد عن العين بعيداً عن القلب!
- كلا، لن ولم أفعل هذا، أنه في روحي وداخلي سيهون علي وجوده بقربي.
- كما تشائين، أنك حرة، ما سبب وفاة كلبك توتي، بماذا علل الطبيب؟
أجهشت بالبكاء:
- المرض أكل أحشاءه وزاد ألمه، رجوته أن يحقنه أبره ويريحه.
- خيراً فعلتي.
- لو كان الآن هنا لقفز في حضني، حجمه صغير بحبة كبير، فراء شعره الذهبي الناعم يزيدني دفئ وحنان.
برهة صمت إجابتها أمها بقهر:
- الموت في بلدنا أصبح على الهوية جار، بالمال جار باع جار، الإنسان يذبح كالأبقار، بدون سعر أو استغفار، سكن الخوف قلوب الكبار قبل الصغار، سنون مضت زاده اندثار، لا كلاماً نفع ولا حوار، لوعتنا استوطنت أبداننا الأكدار، استسلمنا رامين حملنا على الأقدار، ماذا دهاك يا وطن وما الذي صار؟، فيروز غنت لك أعذب الألحان منذ كنا صغار، نظمت القصائد فيك وأحلى الأشعار، أنهض شامخاً لكل محب وبار، خرجنا جبراً وعيوننا شاخصة بالانتظار،.. فلا تطل أننا سأمنا الانتظار..