مؤمن سمير - كيفَ حالكَ اليوم.. أيها البدائيُّ الشقيق؟.. شعر

كان الدَوْرُ اليومَ على جِلْدِهِ ليتقمص دور المُعَلِّم، يحقِنُ طاقةً سحريةً في الخلايا لتمزق نفسها وهي تبتسم ثم تحضنهُ و تسقيهِ على مَهَلٍ: كيف أن نظرة عينيها أخطر من خَمْشات النمر الأرقط.. في نفس الوقت، كانت رغبتها تعصف بها، تجعلها تلفُّ وتدورُ في الكهفِ و ذكرى اللبؤة الجريحة تتبعها كظِلِّها، فقط كي تُعَلِّمها أنه لا مفر من ابتسامةٍ جميلةٍ تقولُ تعال.. هذا الكهفُ طيبٌ وسهلٌ ويشبه المطاط، يتَّسعُ مع التنهدات الحرَّى و يضيق كلما كزَّت الأسنان على نفسها وطارت اللعنات.. لكنَّ الثابت أنني كلما سمِعتُ صوتاً و التفتُّ خلفَ ظهري بسرعة، وجدتُ مساحة تزيد في بسطتها كلما نظرتُ و لها كذلكَ حفيفٌ وهمس.. لم لا أرسم عليها قطة تغني أو تضحكَ لعفاريتها(أنا مخلصٌ في حبي لكل حبلٍ وديع، اختارَ ألا يزحف حول عنقي في الأحلام).. من الممكن كذلك أن أرسمَ الوردةَ التي تنتظرني خارج الكهفِ كلما عدتُ من الحربِ.. و دائماً ما كنتُ أتحرج أن أذوقها بسبب احمرار وجنتيْها المجرم.. لكنهُ وهو يرتعش، قرر أن يُخرج قلبَهُ ويرشقه على الحائطْ.. منذ سنواتٍ و هذا الغامض يحيره، وها قد آن الأوان لأن يكشفهُ ويملأ المكان بصدى السؤال: لماذا تربكني يا جاري رغم أني تركت لك ضلوعي لترعى وتغني وقت الأصيل؟.. لمَّا أَغْلَقَ عيناً وفتح الأخرى وكانت الدنيا تمطرُ خارجَ أذنيهِ، قَسَّمَ الأصوات التي وراء الكهف بجملةٍ قاطعةٍ كالإزميل، راقَهُ رنينها فلصقها في سقف الكهف لتصفو أكثر: قَسَّمها إلى “شهيق الأرض وزفير السماء”.. عشنا عمرنا كله وكلام السماء المتلعثم هذا، كلما زارنا، نرتعب.. و حديث الأرض، طبعاً، مكارٌ كأنهُ ثعلبٌ عجوز.. لكن بالنسبة لأمرٍ سهلٍ مثل الصيف مثلاً، فإنهُ لا يبذل أي جهدٍ: يقول ببساطة، هو دائماً أبٌ متعالٍ بلا أذنيْن وهذه الشتاءُ أمٌ جافةٌ وظِلُّها ناشف، كلما دَلَقت تعليماتها في العمود الفقري، تنكسر الجناحات.. أخيراً، و بالنسبة ليومنا الجميل هذا، فإنهُ قد استيقظَ نشيطاً وقوياً، فهداً واثقاً، تحمَّسَ وأخذَ يربط كل أفكارهِ المتوهجة في حبلٍ واحد.. كان سعيداً وهو يضعُ كل إنجازاته تحت فخذهِ و يفتلها كأنهُ مُعَلِّمٌ ماهر.. يريد أن يقدمها، هذا المِقدامُ، لعيونها الواسعة التي تتمشى داخله بجنونٍ، ولذراعها التي تدغدغُ روحه بانسيابيةٍ، وشَعْرِها الذي ألهمَهُ رسمة الوسادة المتكلمة.. لكنهُ فوجئَ بأقدامه تتقدم خطوة ثم ترجع.. الظاهرُ أنهُ ما زال متردداً، رغم أنهُ وقف في وجه السَيْل و انتصرَ على الخوفِ أمام الناس كلهم.. يبدو أنهُ ظَلَّ حَذِراً بالسليقة، يغلق عيناً ويفتحُ الأخرى كلما لمَحَ ابتسامةً تتنهد وراء باب الكهفِ.. ابتسامةً تكبرُ في ضوء النيران.. تكبرُ وتقولُ تعال..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى