محمد محمود غدية - الزائرة

إزدادت نظراتها حدة، حين قررت فى وقاحة مقصودة طرق الباب بعد أن علقت بوجهها إبتسامة ميكانيكية باهتة لا روح فيها،
- هى جارة للزوجة التى فتحت لها الباب، الكلام بينهما محدود أو معدوم،
بقليل من الكلمات الهامسة والناعمة ، أبحرت الزائرة فى زوارق الزوجة التى بقيت مدهوشة لبعض الوقت !
لتكتب الزائرة أول سطر فى
موسوعة الخيانة، التى ساهمت الزوجة فى صنعها، حيث أفاضت بالكثير مما لا ينبغى أن يقال،
- الزائرة ذات وجه بيضاوى تحتله عينان واسعتان، تشبهان الجمرتين، تتلألأ فى سوادهما آلاف النجمات التى تبرق وتخطفك، ذات حضور أنثوى لافح لا يمكنك تجاهله،
فى البداية كانت الكلمات خفيفة راجفة، ثم تماسكت لتطحن تحت رحى صخرية، ضجيج الصمت ،
- رقصت الزوجة فى وليمة ذبحها، وهى مخدرة تحت تأثير الثقة الزائفة،
وببطء بدأت باإلتهام الجلد ثم اللحم فالعظم، حتى إستولت على دهاليز روحها كاملة،
- بعدها حولت بوصلتها نحو الزوج، ونجحت فى إختراق شرنقة أوجاعه، بما تمتلكه من أسرار معتقة، قدمتها الزوجة على طبق من الكرم الخرافى الغبى، وكانت فرصتها للإنقضاض،
بعد أن بثت مشاعر الود المفتقدة، وحلقت به فى سموات لم يألفها،
علمته لغة الأزهار والعشب، وهسيس الأنسام لتكون شمسه وأقماره، وناره المتوهجة وفردوسه وهاجسه،
إنهارت حصونه وتفجرت ينابيعه التى كانت محتبسة خلف سدود فولاذية، وتهاوت أشرعته، والزوجة مغيبة فى الثقة المزعومة،
وكان لابد من الإجهاز عليه، حين أدركت أن المسافة بينهما باتت قريبة، غير مرحب بعيش دونها، فى لغة ناصعة شفيفة مصقولة مغسولة فى نهر الأشواق، روضت مهرة روحه الجموح، وفجرت خمود البركان، وأشعلت الإنطفاء، دخلت عرينه وهيأته لما تريد، وزحزحت الزوجة وأخذت مكانها .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى