مصطفى نصر - المصير

عاد إلى البيت وهو يلهث، تابعه الخدم في دهشة، نظر حوله مضطرباً، قال:
- أغلقوا كل الأبواب، فسوف يأتون بعد قليل.
أسرع بعض الخدم لغلق الأبواب. وعادت الزوجة مذعورة، قالت:
- ماذا بك؟
نظر إلى باقي الخدم الذين يتابعون المشهد في دهشة، فصاحت:
- اذهبوا إلى أعمالكم الآن.
فانفضوا مسرعين، اقتربتْ منه، قالت:
- اجلس وأحك لي ما حدث؟
- لقد فشلنا في ثورتنا على الحاكم.
وقفتْ من هول الصدمة:
- وهل علم بما كنتم ستفعلونه؟
- أحد الزملاء خاننا، وأبلغه بما كنا ننوي فعله.
- هل تم القبض على البعض؟
- نعم. ويعذبونهم الآن في قسوة.
- وما الذي اتفقتم عليه؟
- الانتحار.
قامت منتفضة وقالت:
- هذا هو الحل، لابد من أن ننتحر الآن.
- ولماذا أنتِ؟!
- الحاكم سيعذب الثوار وأقاربهم جميعا، أنا أعرفه جيداً.
سارت ببطء شديد وجاءت بسيف طويل، وقدمته إليه:
- ها هو السيف، ابدأ أنت.
أمسكه بيد مرتعشة، وضعه نحو صدره، لكنه لم يستطع أن يدفعه نحو جسده. ثم جلس منهارا يكاد يبكي والسيف يهتز بجواره.
تابعته باهتمام، كان يغمض عينيه، وجسده كله يرتعش.
قامت من مكانها وهي مازالت تتابعه، أمسكت السيف منه، وضعته نحو صدرها وهي تنظر إلى الزوج المنهار، ثم دفعته نحو الجسد في عنف، تغير لون وجهها، لم يعد أبيضاً كما كان، كان مزيجاً من الأحمر والأزرق.
انتزعت السيف ثانية في عنف، وهو يقطر دماً، وتماسكت رغم شدة الألم. وقدمته لزوجها قائلة:
- زوجي الحبيب، صدقني إنه لا يؤلم كثيراً.
فامسكه بيد قوية، واغمده في صدره قائلا:
- نعم يا حبيبتي، لا يؤلم كثيرا.
وسقطا معا على الأرض جثتين هامدتين، وسط دهشة الخدم حولهم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى