حاميد اليوسفي - عزيزة ولد رياض العروس ! وشم في الذاكرة

شاب وسيم وجميل ما بين سن السادسة عشرة والسابعة عشرة ، من مواليد منتصف الخمسينات ، معروف في أحياء رياض العروس وسيدي عبد العزيز والمواسين وغيرها بأنه خُنثى ، أي مثلي بلغة اليوم . كان يسكن بحي رياض العروس في نهاية الستينات من القرن الماضي . وتعلم بمدرسة درب أسنان الابتدائية أمام مدخل حي سيدي بن سليمان . اسمه الأصلي عزيز فتحول إلى عزيزة . لم يرفض الناس الاسم الجديد رغم ما كان يثيره تحول شخص من رجل إلى أنثى من مشاكل داخل الأسرة في مجتمع محافظ وذكوري . تعايشت الأسرة والجيران والناس مع وضع عزيزة كقضاء وقدر .
تستعمل عزيزة الكحل والسّواك وقصة (كوب جارسون) ، وترتدي الجلباب ، وتمر مع صديقاتها من أغلب أحياء المدينة العتيقة دون مشاكل تذكر ، باستثناء تحرش بعض الأطفال الصغار عن طريق النداء جماعة ، أو بشكل لا يخلو من غمز باسم عزيزة . وكانت عزيزة تنفحهم أحيانا ببعض الريالات لشراء الحلوى .
كبرت عزيزة ، واشتغلت مع مجموعة من النساء (الشيخات) ، ونشّطت أعراسا كثيرة ، غنت فيها ورقصت ، وتعلمت النقش بالحناء ، وأصبحت مثل نار على علم في باقي أحياء المدينة .
ألفت عزيزة أن تدخل حمام النساء بحي سيدي عبد العزيز مع والدتها تارة ، ومع صديقاتها تارة أخرى . تسير وهي تحمل ثيابها في بُقْجَة بيد ، وتحمل سطلا أو سطلين في اليد الأخرى . ترتدي الجلباب والشربيل ، وتتخايل في مشيتها كباقي فتيات المدينة العتيقة . تستمع بانتباه مثلهن إلى كل التعابير الغزلية الجميلة التي تدغدغ المشاعر الأنثوية في المرأة ، وهي تصدر من حين لآخر عن بعض المارة ، أو أصحاب الدكاكين .
رحلت عزيزة إلى العالم الآخر ، لترقد روحها بسلام .
لكن منذ أكثر من أربعين سنة ، لم تتعرض عزيزة للضرب في الشارع العام لا بالأيدي ولا بالأرجل .

مراكش 01 يوليوز 2015

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى