محمد محمود غدية - ادراك الآخر

عيناها ليستا زرقاوين أو خضراوين إنما مزيج منهما ، يجردانه على الفور من أسلحته، حين ينظر إليهما، شعرها خصلات من المطر، عطرها يستفزه ويستدرجه إلى الجنون، راحتها تستكين بين كفيه مثل طائر حنون ، حط فى العش الآمن .
إنه الحب، ذلك الزائر المفاجئ الذى تفتح له كل الأبواب دون استئذان، يعيدنا إلى طهارتنا الأولى، أنقياء كالثلج، له القدرة على التمرد والجنون، والرغبة فى إكتمال إنسانيتنا المنقوصة، وتغيير ما بأنفسنا أولاً، وتغيير العالم، يغسل الروح ويشع الفرح فى أقصى اللحظات قتامة الكلمات رقراقة، مغسولة بماء مضمخ بعطر الحب، كنهر يعجز عن تفسير سبب جريانه فى مسار محدد،
وهو موجود فحسب، مثل جرثومة، تدخل دورتنا الدموية، فتجعلنا أجمل وأنضر، يجمل كل شئ يلمسه،
ما تعجز نساء كثيرات عن اعطائه، تستطيع امرأة واحدة أن تعطيه، شريطة أن يسكنها الحب،
الأشياء العظيمة، لا تقاس بحجمها وقدرتها وثقل وزنها، بل بالتأثير الذى تحدثه، مثل الفراشات الملونة بجمالها وروعتها، رغم صغر حجمها،
ولأن الحب فى حالته المتفردة، يعنى شمولية إدراك الآخر،
وهذا ما لم تدركه المحبوبة، فانفرط الدر، وتبعثرت حباته، السماء زرقاء صافية، غير مبالية بما يحدث فوق الأرض من أوجاع، تتضاعف فى الغياب، ترتعش الأضواء الصغيرة، المتناثرة فى الطرقات وخلف الواجهات،
نجوم توشك على الإنطفاء، لا يقدر على تغيير الفصول، ولا التحدث إلى الأقمار والأزهار، فهو ليس بشاعر يكتب كلما أورق حزناً، ستتوقف عذاباته حين يفرغ من كتابة ديوانه،
لا ينبغى أن يلوم الحب وإنما من أحب،
هى لا تغدو سوى حكاية مثل آلاف الحكايات، هنا وفى كل الدنيا، ستمر شئنا أم أبينا،
فقط لا ينبغى أن يسمح لها، بصبغ حياته باللون الرمادى، لأن الحياة فى حلوها ومرها، ينبغى أن تعاش، وأن الألم طريق للصعود، لا السقوط .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى