د. محمد عباس محمد عرابي - لغة الشعر عند الصعاليك للباحث/ وائـل الحربـي

لغة الشعر عند الصعاليك قبل الإسلام (دراسة لغوية أسلوبية) رسالة تقدم بها الباحث /
وائـل الحربـي إلى مجلس كلية التربية في جامعة بابل، وهي جزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها بإشراف الأستاذ الدكتور/علـي ناصـر غالب في ذي الحجة 1423 هـ / شباط 2003 م
وتنطلق هذه الدراسة "دراسة لغوية أسلوبية لشعر الصعاليك، في عصر ما قبل الإسلام "من أن الشعر تعامل فني مع اللغة. وقد تناولت الدراسة بالبحث: لغة الشعر بهدف الكشف عن العلاقة بين اللغة والشعر، وأثر كل منها في الآخر، وذلك عن طريق الدراسة التطبيقية على شعر الصعاليك.
وفيما يلي عرض لمكونات الدراسة ونتائجها من خلال محورين:
المحور الأول: مكونات الدراسة:
واشتملت الدراسة على مقدمة وتمهيد وأربعة فصول:
المقدمة
*التمهيد: تعريف بلغة الشعر والشعراء الصعاليك .
ودار حول:
طبيعة لغة الشعر
الصعلكة والشعراء الصعاليك
شعر الصعاليك: مصادره وأهميته
الفصل الأول: المستوى الصوتي
مدخل
التركيب الصوتي: الائتلاف والتنافر
الدلالة الصوتية: قيمة الصوت التعبيرية
ظواهر صوتية
اختلاف الروايات والتفسير الصوتي
اللهجات
القلب المكاني
الفصل الثاني : المستوى الصرفي
مدخل
الأسماء
المصادر والمشتقات
الجموع
الأفعال
الفصل الثالث: المستوى التركيبي
مدخل
بناء الجملة في شعر الصعاليك
ظواهر نحوية
التقديم والتأخير
التعريف والتنكير
الحذف والذكر
ظواهر أسلوبية
الفصل الرابع: المستوى الدلالي
مدخل
الترادف
الاشتراك اللفظي
الغريب
اللفظ بين الحقيقة والمجاز
المحور الثاني: نتائج الدراسة:
توصل الباحث لعدة نتائج نذكرها بنصها كما ذكرها الباحث:
يمتاز شعر الصعاليك بالتآلف الصوتي، والبعد عن تنافر الأصوات، أو تعاظلها، إلاّ ما ندر مما ذكر في أثناء البحث. أما ما يبدو على شعرهم من غرابة صوتية أو ثقل أو نشوز صوتيين ، فقد أرجعه البحث إلى غرابة بعض الألفاظ ، وقلة استعمالها ، مما يوحي بثقلها ، أو تنافر أصواتها .
*امتاز شعر الصعاليك بالاستعمال الشفاف للكلمات والأصوات، ولاسيما الألفاظ التي تتكرر فيها الأصوات، كالأفعال الرباعية المضاعفة. وكشف البحث عن الظواهر الصوتية في شعرهم، مثل: حذف الصوت، أو زيادته، وتخفيف الهمز ، والإبدال ، وغير ذلك . وعرض ذلك على الميزان العروضي لمعرفة أثر الجانب الموسيقي – بوصفه مزية من مزايا الشعر – في الجانب اللغوي والصوتي للمفردة .
* نتجت بعض الروايات الشعرية من تقارب الأصوات : صفة أو مخرجاً ، وهذا يؤكد ما ذهبت إليه بعض الدراسات الحديثة في هذا المجال . كما تم تحديد أهم الظواهر اللهجية في المستوى الصوتي.
تأكيد الرأي القائل بأن الشاعر قد يسمع لغة غيره من القبائل فيستعملها في شعره ، وظهر أن استعمالهم اللهجات يمثل جذراً لما نجده من اقتراض الشعراء المحدثين والمعاصرين للهجات في شعرهم ، وان الشعراء الصعاليك كانوا يقترضون – في أغلب الأحيان – من لهجات قبائل لا ينتمون إليها ، ماعدا صعاليك هذيل ، وهذا ناتج من اغتراب الصعاليك عن قبائلهم وكثرة تنقلهم بين القبائل .
وحصرت الدراسة أهم الألفاظ التي أصاب صورتها الصوتية تغير صوتي ناتج عن طريقة الشاعر في نطق الكلمة، وهو ما عده كثير من الدارسين مظهراً من مظاهر اختلاف اللهجات ، وقد ظهر ان بعض الألفاظ المقلوبة ناتج عن ميول لهجية ، وأن معظم الألفاظ المقلوبة أكثر استعمالاً من اللفظ الأصلي ، وقد أضافت الدراسة ألفاظاً جديدة مقلوبة إلى ما أحصاه الدكتور عبد الفتاح الحموز ، وهذا يوفر لنا عملاً جامعاً للألفاظ المقلوبة في العربية .
وقد درس البحث الصيغة الصرفية وأثرها في النص الأدبي ، على وفق ما ظهر في الدراسات اللغوية الحديثة ، فتبين أن استعمالهم للأبنية الصرفية موافق لما عليه الشعر العربي عامة ، نحو كثرة بناء ( فعل ) في الأسماء والمصادر ، وظهر أن الشاعر الصعلوك يكثر من أبنية المشتقات ويحشدها في البيت أو الأبيات المتقاربة مما يشكل ملمحاً أسلوبياً في شعرهم ، ثم أن الصعلوك قد يلجأ إلى استعمال أبنية تدل على المبالغة ، وحشدها في مواطن متقاربة ، تعبيراً عن شدة انفعاله ، واتضح أن جموع التكسير تكثر في شعرهم بشكل واضح ، مما يضفي على النص دلالات وثراءً موسيقياً ، لما تمتلكه هذه الجموع من تعدد في الأبنية واختلاف دلالة كل بناء ، واحتواء كثير منها على أصوات مد تساعد الشاعر في عملية الإنشاد .
وكشفت الدراسة عن أهم الكلمات التي عدها الصرفيّون – فيما بعد -شاذة أو نادرة في الجموع ، وقد كان من خصائص شعرهم الأسلوبية نزوعهم إلى استعمال الفعل بشكل واضح وهو غالباً ما يكون دالاً على الماضي ، بدلالة صيغته ، أو بدلالة السياق . ومن الملامح الأخرى، ظاهرة التناوب بين صيغتي ( فعل ، وأفعل ) وكثرة الفعل المزيد ، الذي كان عاملاً في إبعاد الشعر عن المألوف ، وإضفاء الجدة عليه ، أو زيادة مبالغته وقوته ، وكثرة الأفعال الرباعية ، لاسيما المضاعفة ، مجردة ومزيدة ، وهي تضفي على الشعر نغماً موسيقياً ، وقد امتاز شعر الشنفرى بكثرة الأفعال المبنية للمجهول موازنة بغيره من الشعراء الصعاليك .
أن انتشار الأفعال في شعرهم ، يشكل ملمحاً أسلوبياً يعبر عن طبيعة حياة الصعلوك ، لما فيها من حركة وتنقل وقلق ، وجدت طريقها في الإفصاح عن طريق الفعل الذي يمثل الحدث
وقد قدمت الدراسة دراسة للجملة في شعر الصعاليك ، فعرف بأهم أنماطها وأساليبها من حيث كثرة الاستعمال ، فاتضح – على سبيل المثال – أن الجملة الشرطية كثيرة في شعرهم ، وهذا يعود – في أغلب الظن – إلى ما يمتاز به هذا الأسلوب من مرونة لغوية ، نابعة من تعدد أدواته ، مما يوفر أفقاً أكثر رحابة في القول ، والإعراب عن مكنونات النفس ، ثم إنه أسلوب مركب يوافق طبيعة الشاعر الصعلوك وحدة طبعه ، وإحساسه بالخطر والموت الداهمين .
وحددت الدراسة مجموعة من الظواهر النحوية التي جاءت آراء بعض النحاة غير موافقة لما فيها، مثل ورود الاسم في موضع الفعل خبراً لـ ( كاد ) ، أو تقدم خبر كان على اسمها ، وهو ما منعه الكوفيون ، وغير ذلك .
ودرست الدراسة ظواهر لغوية مهمة في بناء الجملة، وهي: التقديم والتأخير، والتعريف والتنكير، والحذف والذكر، وقد كان لها أثرها في اكتناز النص بالدلالات وتعميق إيحاءاته . ورسم البحث أهم الملامح الأسلوبية الأخرى، في بناء الجملة، نحو تشاكل بناء الجملة ، ومد التركيب النحوي ، وانتشار الجملة الفعلية ... وغير ذلك .
ودرست الدراسة ظاهرتي الترادف والاشتراك اللفظيّ لمعرفة العلاقة بينهما ، بصورة تطبيقية على شعر الصعاليك ، وقد اتضح أن ظاهرة الترادف تمدّ الشعراء بمادة لغوية تغنيهم في الإفصاح عن أفكارهم المتشعبة ، وأن كثيراً من المترادفات في شعرهم كان ناتجاً عن المجاز ، وأن أغلب هذه المترادفات كانت تعبّر عن حالة انفعال شديدة ، مثل المبالغة لإخافة العدو بذكر السيف وصفاته مثلاً ، وغير ذلك . وقد كانت الألفاظ المترادفة في شعرهم مفردات محورية ، لأنها لم ترد في سياق الوصف ، وإنما هي جزء من حياة الصعلوك التي يمثلها شعره ، وظهر أنّ أكثر الألفاظ التي وردت في الاشتراك اللفظيّ ، تعود إلى اختلاف دلالة الألفاظ بين لهجات القبائل العربية آنذاك ، وقد تأكد أن للمجاز أثره في خلق هذه الظاهرة، إذ يؤدي إلى تنوع الدلالة ، أو نقلها إلى دلالة جديدة ، قد يصعب تمييزها من الدلالة الأصلية .
وحصرت الدراسة أهم الألفاظ الغريبة والنادرة في شعرهم، في ضوء آراء العلماء، كما ذكرنا ألفاظاً لم تذكرها المعجمات اللغوية القديمة ، يمكن ، عن طريق استدراكها وغيرها ، ثم تأصيلها ، بناء معجم موسوعي للغة العربية ، كما تبين أنهم كانوا يقصدون إلى الدلالات الحقيقية غالباً ، لأنهم يطلبون الوضوح ، فهم طرقوا أموراً واقعية ومحسوسة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى