محمد محمود غدية - كهوف الصمت

أجمل حب هو الذى يصادفنا أثناء بحثنا عن شئ آخر، تمر الصور خاطفة والأحداث غير مترابطة، شئ يومض فى السماء يأخذ شكل امرأة بمثابة المسرة، أو فى شكل نورس مائى ما أن يطل برأسه من الماء حتى يغيب، إختارتهما طاولة على رصيف شتوى تنتظر تسكع بعض العشاق، المقهى متخفف من رواده الساعين لأرزاقهم فى هذا الوقت من النهار، إنهما مثل طائرين فوق صخرة وحيدة، عائمة فوق بحر مضطرب، كاد النادل أن يتعثر فى حجارة الطرق الممتدة أشجارها حتى قلبيهما، إستطاع فى مهارة الإحتفاظ بتوازنه، حتى لا تسقط أقداح الشاى، رقيقة كالنسيم ندية كالفجر، فى خصل شعرها ينعس الليل،
أمامهما منفضة الصمت المتواطئ، وأعقاب الكلمات المرتعشة، وبضعةدقائق من الفرح المسروق من بشاعة الحياة، أمامهما متسع من العمر للعذاب، لكن يمكنهما بقليل من الحب والتسامح أن يجعلاها أفضل، بينهما أشواق مدخرة وكثير من غيوم غير ممطرة، حزم الضوء بدأت إنسحابها من على الطاولات، إحتضنت راحته التى سكنت مثل عصفور نام فى العش الآمن، لم يطل أحد من شرفة هذا اليوم لابائعة الورد ولا الأطفال الذين يطاردون العصافير، ترجوه من بين دموعها أن لايطرق أبواب الماضى المغلق، كفاها ماتجرعته من حزن وأشواق معطوبة، لا ينبغى التوقف عندها، ينبغى الإستمتاع بفضائل اللحظة التى يعيشوها كما تعيش البلابل والجداول والزهور، لا يحفلا بالدنيا إذا كانت تدور بأهلها أو لا تدور، تعده بأنها هى الأخرى لن تدخل كهف صمته، ولن تطرق أبوابه ولن تنفخ فى الرماد، حتى لا تشتعل الحرائق .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى