محمد محمود غدية - صداقة

أخذ يقطع الخبز لقيمات صغيرة، يقدمها لكلبه الذى بدأ يشتد عوده، يغمس اللقيمات فى اللبن، يلهث ويقفز علي ركبته ، لاعقا وجهه مقبلا متمتما شاكراً، الحوار بينهما تغلبه الإشارات المتفق عليها وغير المتفق، يسافر يومياً بالقطار، لم يغير طقوسه اليومية منذ أن أصبح مديراً لفرع المؤسسة التى يعمل بها، والتى تبعد عن مسكنه مسافة ليست بالقصيرة، يبتاع الجريدة لا يشغله منها سوى الكلمات المتقاطعة، البسكويت مع الشاى، وبعدها تتكدس الدوسيهات و الملفات، التى تنتظر توقيعه كل صباح، يوزع الإبتسامة بالتساوى بين الموظفين دون إفراط، قراراته صائبة فى غير إبطاء، حياته منتظمة بدقة،
كلبه هو تميمة الحظ التى تصاحبه مرتين فى اليوم الواحد ،
وهو يغادر مسكنه حتى محطة القطار، ومثلها فى العودة، الكلب يختال بذيله وأذنيه المهتزة طرباً لرؤية صاحبه، تفضحه عيناه اللامعتين، كلاهما مستمتع بصحبة الآخر،
- حتى كان يوماً : تغيب صاحبه وعاد القطار دونه ، نتيجة الإرهاق الذى أصابه فى العمل،
لم يفلح الأطباء فى المستشفى الخاص من إنقاذه
- الكلب يرفض أن يغادر المحطة دون صاحبه، رفض أن يأكل بقايا الساندوتش الذى ألقاه له أحد الصبية،
كل يوم يراقب القطار، حتى أخر راكب يغادره، يبحث عن صاحبه دون جدوى، وهو يلهث وقد تدلى لسانه وبانت عظامه، التى كان يكسوها اللحم بعد وفرة وحب منحاها له صاحبه،
- يذوى وينكسر، وينطفئ البريق الذى كان يلمع في عينيه، ويلحق بصاحبه .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى