على حلبة المصارعة، يمكن ان تجد نساء نادرات يجمعن خصال عدة، الطول والوزن والقوة المذهله والسرعة والمهارة، وهنالك من لا يصلحن لهذه اللعبة البتة، لكنهن دخيلات عليها سرعان ما يتركنها وقد حظين بخسارات مدوية وكبيرة.
خمائل البغدادية، كانت من ذلك الصنف القوي من المصارعات، قدمت للمنتخب بعد ان اجتازت انتصارات عديدة، واثبتت جدارتها على بساط اللعبة..
ورغم جمال منطقها، وطيب خلقها، الا اني لم اجعلها من صديقاتي المقربات، بل مجرد زميلة، ولربما لم تبادلني هي الاخرى المحبة، فبقينا غريمتين دون ان تبدي كل منا مشاعر عدم الارتياح للأخرى.
كان لعب خمائل قويا عنيفا، فعند بطولة بغداد وهي التي تؤهلنا للمشاركة في بطولة العراق كله، كانت لفرط قوتها، لا تتحرك شبرا واحدا من مكانها وهي تواجه خصمتها ، بل تقوم برفع الخصمة والقائها على الارض وتثبيتها، فاما ان تفقد الخصمة وعيها، او تستسلم تماما للتثبيت وهي محطمة.
اما عند التصفيات، فقد تمكنت انا من صرع هند خلال خمس ثوان، ولمياء خلال ثوان عشر، وفابيولا التي خسرت امامي بعدم التكافؤ.
في حين صرعت خمائل الشقيقتين سجا ونهى وغريمتها نوال بطريقتها التي عرفت بها، ترفعهن وترميهن ارضا فيفقدن القدرة على الصمود ويدركن ان لا نفع من مصارعة بلدوزر مثلها.
كانت جميع المصارعات يحسبن لنا الف حساب، واصبح الصراع بيني وببنها حتميا لاختيار بطلة بغداد، نزال رسمي بحضور الجميع.
حين دخلت علي حجرة اللاعبات ، صافحتني بحرارة ثم قالت لي:
- أقدم نفسي لك.. انا لبوة
- وانا أسد
- اسد؟ أسد؟ فتاة تلقب بالاسد؟؟
- نعم، امي من لقبتني بهذا اللقب منذ الطفولة.
- ولم هذا اللقب؟
- ربما لأني لا اخاف مخلوقا، وأفتك باللبوات، اوه ياحبيبتي لو تدركين كم من لبوة تركتها ممددة على البساط، حتى مللت من منظر الصريعات، فهو محزن يكسر القلب.
- اراك واثقة من نفسك كثيرا طيوب، لم لا نتصارع الان ونحسم الامر.
-لا مانع لدي البتة.
حاولت ان ترفعني كما تفعل مع الاخريات ففشلت، وخططت لرفعها وقلبها بعد صراع ارضي امتص فيه قوتها، ونشب بيننا صراع عنيف، تدخلت فيه المشرفه وانهته ، اذ باعدت بيننا وخاطبتنا بطيب وحنان:
- لا يجوز الصراع بينكن بحال، والصراع بعد غد ويمكن لكن تصفية الحساب وحسم النتيجة.
حملت حقيبتي وانا شبه غاضبه وقدت سيارتي نحو داري، ودخلت ضجره لم اكلم احدا، حتى امي موضع اسراري لم اخبرها بشي، واستسلمت لنوم عميق بعد يوم متعب طويل.
قبيل مغرب اليوم التالي، اخبرني اهلي أن فتاة تروم لقائي وقد ادخلوها باحة الدار، فخرجت مسرعة للقائها، وكم كانت صدمتي عظيمة حين اكتشفت انها خمائل، غريمتي وخصمتي التي انتظر منازلتها يوم غد، وهاي هي تزورني بداري اليوم.
رحبت بها وسحبتها من يدها الى الداخل بسرعة واوصدت الباب وانا اخمن ان امرا جللا قد جعلها تحضر لزيارة منافستها الاولى على البطولة، لكنني لم انس ان ابدي اطيب عبارات الترحيب والاعتزاز بزيارتها كضيفة عزيزة مكرمة.
ما ان اتخذت موضعها على الاريكة حتى بدات تبكي بصوت مكتوم، وهو ما صدمني وجعلني اجلس قربها مصدومة ، فاحتضنتني وبكت على كتفي بكاء مرا بحق.
همست باذنها ان تهدأ، وان تبوح لي بما يبكيها، فنحن الان صديقتان ولسنا خصمتين، فصارحتني انها تود الانسحاب من مباراتها معي يوم غد وتعتذر عن النزال!
فوجئت بكلامها الذي هبط علي مثل زلزال، لكنها اردفت وباختصار ان لها اخا وقحا يروم تزويجها من قريب لها دون مشورتها، لانهما شركاء في التجاره، وهو يعد زواجها من قريبها صفقة العمر، وقد نشبت بينهما مشادة عنيفة، صفعها على اثرها بشدة، وترك الدار غاضبا مهددا.
ثم اتمت كلامها بالقول : انها لن تستطيع حضور النزال او المواجهة، لكن ما تبتغيه هو الانسحاب بكرامة دون أن يعد ذلك هزيمة لها او تهربا، وقد طلبت مني ان اعينها قبل ان تعود لدارها،منتظرة عودة ابيها من سفره لينتصر لها.
حيرني طلبها، فكيف اعينها على امر صعب كهذا، وكيف يمكن لمخلوق متخلف مثل اخيها ان يفكر بهذه الطريقة الواطئة حتي اليوم ،ثم اننا يمكن لنا ان نكون اعز صديقتين، واقرب اختين، لكن ليس ليلة النزال، اذ كيف تنسحب والنزال مبني علينا نحن الاثنتين فحسب، وكيف تزورني اصلا وبيننا منافسة كبرى ؟؟
تذكرت قول امي الحبيبة : يا ابنتي لو كنت في الصحراء ووجدت ظمآنا فاعطه نصف ماعندك من ماء كي يعيش،وتعيشين مرتاحة البال والضمير..
هاهي تستنجد بي رغم انا لسنا بصديقتين، لكنني لايمكن ان اتخلى عنها، امر معيب ان تستنجد بي انسانة واتركها في ضياع.
دعوت الله ان ينجدني من هذا الموقف، واذا بابنة عمتي الطبيبة تطرق الباب في زيارة خاطفة لنا، ولي انا بالذات لشوقها العارم، وحين جالستنا عرفتها على صديقتي خمائل، التي ما ان لمحتها، حتى بدأت تشكو لها من اعراض صداع ودوار وزغللة العين .
طلبت الدكتوره فاتن من صاحبتي الاستلقاء على الاريكة ، ثم فحصتها بعناية تامه، وبدات بسؤالها عن اعراض محددة وهي تتفحص عينيها ، فاجابتها بالايجاب، عندئذ اخبرتها الطبيبة انها مصابة بالتهاب كبد حاد ، ويجب عليها الاعتزال عن الخلق مدة اسبوع، وكتبت لها توصية بدخول المستشفى للفحص والعلاج، وبأسرع وقت ممكن!!
يا الله كم انت كريم، ورحيم، وعطوف، ساسجد لك سجدة شكر طويلة، فها هي خمائل البطلة ستنسحب دون ان تكذب وبكل كرامة لانها مريضة، وها انذا لم اتخل عنها، ليس لترضى عني، بل كي ارضى انا عن نفسي ويرتاح ضميري.
حاولت خمائل معانقتي فصرخت الطبيبة وهي تضحك: لا عناق لا قبلات لا مصافحة، سارعي لدخول المستشفى حبيبتي.
تفهم الجميع مرض خمائل، وتم استبدالها بمصارعة اخرى تواجهني وهي البطلة رباب، التي سحقتها منذ اول جولة لافوز ببطولة العاصمة وتركتها طريحة ارضا ، ثم قدت عجلتي كي اعود نحو داري، مبتهجة بالنصر، واذا بالهاتف يرن، وصوت خمائل الذي بدا هادئا جميلا، وقد اهدتني قبلة شكر وامتنان، لم اجد اصدق منها ابدا.
خمائل البغدادية، كانت من ذلك الصنف القوي من المصارعات، قدمت للمنتخب بعد ان اجتازت انتصارات عديدة، واثبتت جدارتها على بساط اللعبة..
ورغم جمال منطقها، وطيب خلقها، الا اني لم اجعلها من صديقاتي المقربات، بل مجرد زميلة، ولربما لم تبادلني هي الاخرى المحبة، فبقينا غريمتين دون ان تبدي كل منا مشاعر عدم الارتياح للأخرى.
كان لعب خمائل قويا عنيفا، فعند بطولة بغداد وهي التي تؤهلنا للمشاركة في بطولة العراق كله، كانت لفرط قوتها، لا تتحرك شبرا واحدا من مكانها وهي تواجه خصمتها ، بل تقوم برفع الخصمة والقائها على الارض وتثبيتها، فاما ان تفقد الخصمة وعيها، او تستسلم تماما للتثبيت وهي محطمة.
اما عند التصفيات، فقد تمكنت انا من صرع هند خلال خمس ثوان، ولمياء خلال ثوان عشر، وفابيولا التي خسرت امامي بعدم التكافؤ.
في حين صرعت خمائل الشقيقتين سجا ونهى وغريمتها نوال بطريقتها التي عرفت بها، ترفعهن وترميهن ارضا فيفقدن القدرة على الصمود ويدركن ان لا نفع من مصارعة بلدوزر مثلها.
كانت جميع المصارعات يحسبن لنا الف حساب، واصبح الصراع بيني وببنها حتميا لاختيار بطلة بغداد، نزال رسمي بحضور الجميع.
حين دخلت علي حجرة اللاعبات ، صافحتني بحرارة ثم قالت لي:
- أقدم نفسي لك.. انا لبوة
- وانا أسد
- اسد؟ أسد؟ فتاة تلقب بالاسد؟؟
- نعم، امي من لقبتني بهذا اللقب منذ الطفولة.
- ولم هذا اللقب؟
- ربما لأني لا اخاف مخلوقا، وأفتك باللبوات، اوه ياحبيبتي لو تدركين كم من لبوة تركتها ممددة على البساط، حتى مللت من منظر الصريعات، فهو محزن يكسر القلب.
- اراك واثقة من نفسك كثيرا طيوب، لم لا نتصارع الان ونحسم الامر.
-لا مانع لدي البتة.
حاولت ان ترفعني كما تفعل مع الاخريات ففشلت، وخططت لرفعها وقلبها بعد صراع ارضي امتص فيه قوتها، ونشب بيننا صراع عنيف، تدخلت فيه المشرفه وانهته ، اذ باعدت بيننا وخاطبتنا بطيب وحنان:
- لا يجوز الصراع بينكن بحال، والصراع بعد غد ويمكن لكن تصفية الحساب وحسم النتيجة.
حملت حقيبتي وانا شبه غاضبه وقدت سيارتي نحو داري، ودخلت ضجره لم اكلم احدا، حتى امي موضع اسراري لم اخبرها بشي، واستسلمت لنوم عميق بعد يوم متعب طويل.
قبيل مغرب اليوم التالي، اخبرني اهلي أن فتاة تروم لقائي وقد ادخلوها باحة الدار، فخرجت مسرعة للقائها، وكم كانت صدمتي عظيمة حين اكتشفت انها خمائل، غريمتي وخصمتي التي انتظر منازلتها يوم غد، وهاي هي تزورني بداري اليوم.
رحبت بها وسحبتها من يدها الى الداخل بسرعة واوصدت الباب وانا اخمن ان امرا جللا قد جعلها تحضر لزيارة منافستها الاولى على البطولة، لكنني لم انس ان ابدي اطيب عبارات الترحيب والاعتزاز بزيارتها كضيفة عزيزة مكرمة.
ما ان اتخذت موضعها على الاريكة حتى بدات تبكي بصوت مكتوم، وهو ما صدمني وجعلني اجلس قربها مصدومة ، فاحتضنتني وبكت على كتفي بكاء مرا بحق.
همست باذنها ان تهدأ، وان تبوح لي بما يبكيها، فنحن الان صديقتان ولسنا خصمتين، فصارحتني انها تود الانسحاب من مباراتها معي يوم غد وتعتذر عن النزال!
فوجئت بكلامها الذي هبط علي مثل زلزال، لكنها اردفت وباختصار ان لها اخا وقحا يروم تزويجها من قريب لها دون مشورتها، لانهما شركاء في التجاره، وهو يعد زواجها من قريبها صفقة العمر، وقد نشبت بينهما مشادة عنيفة، صفعها على اثرها بشدة، وترك الدار غاضبا مهددا.
ثم اتمت كلامها بالقول : انها لن تستطيع حضور النزال او المواجهة، لكن ما تبتغيه هو الانسحاب بكرامة دون أن يعد ذلك هزيمة لها او تهربا، وقد طلبت مني ان اعينها قبل ان تعود لدارها،منتظرة عودة ابيها من سفره لينتصر لها.
حيرني طلبها، فكيف اعينها على امر صعب كهذا، وكيف يمكن لمخلوق متخلف مثل اخيها ان يفكر بهذه الطريقة الواطئة حتي اليوم ،ثم اننا يمكن لنا ان نكون اعز صديقتين، واقرب اختين، لكن ليس ليلة النزال، اذ كيف تنسحب والنزال مبني علينا نحن الاثنتين فحسب، وكيف تزورني اصلا وبيننا منافسة كبرى ؟؟
تذكرت قول امي الحبيبة : يا ابنتي لو كنت في الصحراء ووجدت ظمآنا فاعطه نصف ماعندك من ماء كي يعيش،وتعيشين مرتاحة البال والضمير..
هاهي تستنجد بي رغم انا لسنا بصديقتين، لكنني لايمكن ان اتخلى عنها، امر معيب ان تستنجد بي انسانة واتركها في ضياع.
دعوت الله ان ينجدني من هذا الموقف، واذا بابنة عمتي الطبيبة تطرق الباب في زيارة خاطفة لنا، ولي انا بالذات لشوقها العارم، وحين جالستنا عرفتها على صديقتي خمائل، التي ما ان لمحتها، حتى بدأت تشكو لها من اعراض صداع ودوار وزغللة العين .
طلبت الدكتوره فاتن من صاحبتي الاستلقاء على الاريكة ، ثم فحصتها بعناية تامه، وبدات بسؤالها عن اعراض محددة وهي تتفحص عينيها ، فاجابتها بالايجاب، عندئذ اخبرتها الطبيبة انها مصابة بالتهاب كبد حاد ، ويجب عليها الاعتزال عن الخلق مدة اسبوع، وكتبت لها توصية بدخول المستشفى للفحص والعلاج، وبأسرع وقت ممكن!!
يا الله كم انت كريم، ورحيم، وعطوف، ساسجد لك سجدة شكر طويلة، فها هي خمائل البطلة ستنسحب دون ان تكذب وبكل كرامة لانها مريضة، وها انذا لم اتخل عنها، ليس لترضى عني، بل كي ارضى انا عن نفسي ويرتاح ضميري.
حاولت خمائل معانقتي فصرخت الطبيبة وهي تضحك: لا عناق لا قبلات لا مصافحة، سارعي لدخول المستشفى حبيبتي.
تفهم الجميع مرض خمائل، وتم استبدالها بمصارعة اخرى تواجهني وهي البطلة رباب، التي سحقتها منذ اول جولة لافوز ببطولة العاصمة وتركتها طريحة ارضا ، ثم قدت عجلتي كي اعود نحو داري، مبتهجة بالنصر، واذا بالهاتف يرن، وصوت خمائل الذي بدا هادئا جميلا، وقد اهدتني قبلة شكر وامتنان، لم اجد اصدق منها ابدا.