د. معاذ الروبي - الاضطرابات العاطفية الموسمية

الاضطراب العاطفي الموسمي (Seasonal affective disorder) هو شكل من أشكال الاكتئاب الفصلي المرتبط بتغير مستويات الضوء والتعرض للشمس مع اختلاف الفصول والتي تبدأ عادةً في النصف الثاني من الخريف خصوصاً مع حدوث قصر في نهار الأيام مروراً بفصل الشتاء والنصف الأول من الربيع، ولكن هذا قد يختلف من مكان لآخر. يُعرف هذا الاضطراب أيضًا باسم "اكتئاب الشتاء" أو "حالة السبات الشتوي" لكونه أكثر حدوثا في فصل الشتاء من حيث شدة ووضوح الأعراض. تختلف طبيعة وحدّة الاضطراب العاطفي الموسمي من شخص لآخر، فبالنسبة للبعض يمكن أن يكون لها تأثير كبير على حياتهم اليومية. عادةً ما تأتي الأعراض وتختفي مع تغير المواسم، وتبدأ دائمًا في نفس الوقت من العام، غالبًا في الخريف. تشمل الأعراض تدني الحالة المزاجية، وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية، والتهيج، واليأس، والشعور بالذنب وعدم القيمة، والاحساس بالضيق.

يفتقر الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب إلى الطاقة والنشاط، حيث يشعرون بالنعاس أثناء النهار، وينامون لفترة أطول من المعتاد في الليل، ويجدون صعوبة في الاستيقاظ في الصباح. يصاب واحد من كل ثلاثة أشخاص بهذا الاضطراب. يمكن أن تجعل الطبيعة الموسمية للاضطراب العاطفي الموسمي عملية التشخيص صعبة. ينظر التقييم النفسي إلى الحالة المزاجية للشخص، وأسلوب الحياة، والنظام الغذائي، والسلوك الموسمي، وتغيرات في نمط التفكير، والتاريخ العائلي المرضي.

يتسبب تغير معدل التعرض لضوء الشمس بهذا الاضطراب كون ضوء الشمس له تأثير على جزء من الدماغ يسمى الوطاء (hypothalamus) عن طريق تغيير إنتاج مادتين كيميائيتين: الميلاتونين (الذي يتحكم في النوم) والسيروتونين (الذي يتحكم في الحالة المزاجية). ملاحظة: إفراز الميلاتونين يتم بواسطة الغدة الصنوبرية (pineal gland) ويحفز ذلك وجود الظلام، بينما يثبطه الضوء، ويتم التحكم بعملية الافراز من خلال الوطاء (hypothalamus).
-في الشتاء: يزيد افراز الميلاتونين حتى يتعب الشخص ويريد النوم، وينخفض إنتاج السيروتونين، مما يجعل الشخص يشعر بمزاج منخفض. كذلك قد تؤدي الرغبة في البقاء في السرير والنوم إلى تقليل التواصل الاجتماعي. وأيضاً قد يؤدي اشتهاء الكربوهيدرات إلى الإفراط في تناول الطعام وزيادة الوزن. ينجم عن ذلك تأثير سلبي على العمل والحياة الأسرية بسبب الشعور بالتعب المستمر أثناء النهار.
-في الصيف: يقل افراز الميلاتونين بحيث يكون لدى الشخص المزيد من الطاقة. أيضاً يزيد إنتاج السيروتونين، مما يحسن الحالة المزاجية والتوقعات. النوم يكون جيد، لكنه ليس طويل، لذا يتمتع الشخص بطاقة أكبر. يتحسن النظام الغذائي مع تلاشي الرغبة الشديدة بالكربوهيدرات. كذلك يؤدي تحسين الطاقة إلى زيادة النشاط وزيادة التواصل الاجتماعي.

يشمل علاج هذا الاضطراب المعالجات النفسية الكلامية مثل العلاج المعرفي السلوكي والاستشارة الشخصية.
بالإضافة إلى ذلك، يتم إدارة نمط الحياة من خلال تحسين الوصول إلى الضوء مثل الجلوس بالقرب من النوافذ عندما يكون الشخص في الداخل، واستخدام مصباح يحاكي ضوء الشمس، وزيادة النشاط اليومي في الهواء الطلق.


د. معاذ الروبي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى