فاتن فاروق عبد المنعم - الإسلام الأصولي (٦) الإسلام في وسائل الإعلام الغربية:

(٦)
الإسلام في وسائل الإعلام الغربية:


بموضوعية يفتقر إليها حتى بعض ممن دون في بطاقاتهم أنهم مسلمون، يقول إدوارد سعيد:

«لا يمكن القول عن أي دين أو تجمعات ثقافية أنها تمثل تهديدا للحضارة الغربية بمثل التوكيد نفسه الذي يعتمد الآن عند الحديث عن الإسلام،

وليس من قبيل المصادفة أن الاضطراب والعنف والقلاقل التي تحدث الآن في العالم الإسلامي قد عرت الحدود الضيقة للأكليشيهات الاستشراقية الساذجة المتعلقة بالمسلمين القدريين (الذين توارثوا الدين من آبائهم) دون أن تولد بديلا يحل محلها في الوقت نفسه،

ما عدا الحنين للأيام الغابرة حين حكمت الجيوش الأوروبية العالم الإسلامي برمته تقريبا امتدادا من شبه القارة الهندية وحتى شمال أفريقيا»

بالطبع هذا هو القول الأقرب للمنطقية والإنسان السوي هو من يقول ذلك، فلا يوجد فئة من البشر إلا والشر والخيرية موجود فيها ولكنه نسبي وقد لا نشعر بذلك في فئة بعينها نظرا لطغيان وتغلب الأشرار على الأخيار، مصداقا لحديث رسول الله «خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام» والحديث يعني أنه يوجد أخيار في الجاهلية، أو الكفر.

لاحظ معي،

المستشرقون أصلوا لمفاهيم عامة عن المسلمين سماها سعيد بالأكليشيهات الاستشراقية الساذجة،

بالطبع هم ليسوا سذج ولكنه التعصب الديني الموروث هو الذي دفعهم اتخاذ موقف مسبق مهما ادعوا الموضوعية،

ورغم حالة الاحتواء الشاملة لكل مناحي الحياة من الغرب بعامة للعالم الإسلامي إلا أنهم يتوقون للتواجد العسكري التقليدي بشكل مباشر في بلادنا،

في المقابل فإن كل من يعلو صوته من بيننا بضرورة العودة للسير على هدي السلف الصالح من المسلمين الأول

فإنه يقابل بجيش عرمرم «بوق الغرب بيننا» يتهمونه بأنه يريد أن يعيدنا إلى العصور الوسطى وإلى عصر الجمال…….

وألخ من الاتهامات المحفوظة ممن استزلهم المستشرقين والمفكرين الغربيين بإذعانهم الدائم لكل ما يتلقونه منهم.

وقال سعيد أن نجاح دعوات كتب ومجلات وشخصيات تدعو إلى إعادة احتلال منطقة الخليج ومبرراتها في ذلك «الهمجية الإسلامية»

هؤلاء دأبوا على إطلاق ونسب كل نقيصة للإسلام مثل: إرهاب إسلامي، تطرف إسلامي، وغيرها الكثير من النقائص

كيلي:

هو أستاذ سابق للتاريخ الامبريالي في جامعة ويسكونسن، وسبق أن عمل مستشارا للشيخ زايد رئيس الإمارات العربية المتحدة «سدوم وعامورة زماننا»

يقول كيلي الذي قربه منه الشيخ زايد وجعله مستشاره:

«من المستحيل أن نتنبأ بالكم الزماني المتاح أمام أوروبا الغربية للحفاظ على إرثها الاستراتيجي شرقي السويس أو لاستعادته،

فطالما استمر السلام البريطاني،

أي من العقد الرابع أو الخامس من القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن الحالي «العشرين وقت صدور الكتاب»،

ساد الهدوء في البحار الشرقية وحول سواحل المحيط الهندي الغربية، ومازال يتردد هناك بعض الهدوء الهش،

وما هو إلا أطلال النظام الإمبريالي القديم، وإن كان لتاريخ السنين الأربعمائة أو الخمسمائة أي دلالة فهي أن السلام الهش لن يصمد طويلا،

ذلك أن معظم آسيا يعود القهقري مسرعا إلى عهود الطغيان والاستبداد، ويتردى معظم أفريقيا في الهمجية،

أي باختصار عودة إلى تلك الحالة التي كانوا عليها حين قام فاسكو ديجاما بدورته حول رأس الرجاء الصالح ليرسي قواعد السيطرة البرتغالية في الشرق،

ولا تزال عمان مفتاح السيطرة على الخليج ومفاتحه البحرية،

تماما كما أن عدن لا تزال مفتاح العبور إلى البحر الأحمر، لقد تخلت القوى الغربية عن أحدى هذين المفتاحين،

إلا أن الآخر مازال في متناولنا ولا نعرف بعد فيما إذا كانوا يملكون الشجاعة للحصول عليه،

كما فعل الأميرال البرتغالي منذ زمن بعيد، بل إن ذلك رهن بالمستقبل»

وهذا الحديث يعني

أن مستشار الشيخ زايد يرى أن الطريقة المثلى في التعامل معنا هي الاحتلال المباشر لأنه فقط هو ما يؤدي إلى الاستقرار المنشود من جانبا،

ولا يهمهم ما نعانيه من جراء الاحتلال طالما أنهم سيحصلون على ما يريدون من مناطق استراتيجية جغرافيا وسياسيا، وأيدي عاملة رخيصة،

أما كيلي مستشار الشيخ زايد رئيس «سدوم وعامورة زماننا» فإنه يرى أن استقلال بلادنا ليس إلا ردة إلى الهمجية والاستبداد،

فهل هناك استكبار واحتقار معلن لنا كمسلمين وللإسلام نفسه أكثر من هذا؟

ينتهي سعيد إلى القول بأن هناك هوة شاسعة بين الإسلام الذي يدرس في الأكاديميات الغربية وبين الصورة الكاريكاتورية للإسلام في إعلام الغرب وبين واقع الإسلام المعاش على الأرض في الدول الإسلامية.

«أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه»

هذا أمر إلهي لعموم المسلمين بإقامة الدين الذي يهدم طول الوقت،

وهذا ليس أمر لعلماء الدين فقط وإنما لعموم المسلمين، كل بأدواته، كل بإمكاناته المحدودة،

مهما كانت محدودة، كل في مكانه، فالتخلق بخلق الإسلام، هذا في حد ذاته هو إقامة للدين، فهل نحن نتخلق بخلق الإسلام؟!

طبقا لما قاله برنارد لويس وإدوارد سعيد،

فإن الغرب يتعامل معنا بنفس النظرة والانطباع الأول الذي رسمه رجال دينهم ومن بعدهم المستشرقين حتى يومنا هذا،

فهم من يرسمون صورتنا في إعلامهم من ميراثهم التراكمي المسبق والذي لا يتبنى إلا كل ما هو سيء تجاهنا،

أما بوقهم بيننا من الكتاب والإعلاميين المتصدرين للمشهد وكتاب الدراما فإنهم متبنون لنفس وجهة نظرهم دون خجل،

ويقومون في إعلام الرايات الحمر بالسب العلني للإسلام،

والإسلام فقط دون غيره لأنهم لا يحترمون سوى الآخر، أي آخر عدا الإسلام والمسلمين، ولأننا قبلنا فالأمر في ازدياد

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ۩ 18 الحج)

وهنا علينا ألا ننشغل بصورتنا في الغرب والتي اصطنعوها لأنفسهم وعلينا التسليم بأنهم لن يرضوا عنا مهما فعلنا،

ولكن الانشغال يكون «بإقامة الدين» حقا وحقيقة ومعنى وسلوك،

ذلك لأن هناك إجماع لديهم على اتخاذ الإسلام كبش فداء لكل ما لا يروق لهم من أنماط سياسية واجتماعية واقتصادية.

فالبنسبة لليمين يمثل الإسلام الهمجية.

وبالنسبة لليسار يمثل الإسلام الثيوقراطية في العصور الوسطى(حكم رجال الدين وهذا كان في بلادهم ويعملون إسقاط علينا)

وبالنسبة للوسط فهو يمثل الغرائبية الممجوجة.

{وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ

قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ

وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}

120 البقرة

جماعات الضغط والنفوذ:

هذه الجماعات هي مؤسسات أكاديمية، شركات متعددة الجنسيات، الإعلام، الحكومة، هؤلاء يمارسون التحايل بطريقة ما لتحقيق أهدافا بعينها مثل:

إثارة حربا باردة جديدة، إضرام عدم التعاطف العنصري، التعبئة ضد غزو محتمل،

الاستمرار في تشويه صورة العرب والمسلمين،

مثل هذه الأهداف يتم التعتيم عليها وتحجب بحجاب من الخبرة المختصة المتعالمة،

أما المعلن يكون أهداف أخرى تماما للتعمية وطمس الحقيقة،

ومما يذكر في هذا السياق أنه عندما تتبرع البلدان الإسلامية للجامعات الأمريكية لإنجاز دارسات عربية أو إسلامية تنطلق صيحة ليبرالية ضد التدخل الأجنبي في الجامعة الأمريكية،

أما حين تتبرع اليابان أو ألمانيا لنفس الجامعات لإنجاز دراسة ما تخصهم فإنه لا يحدث أي تذمر يذكر من هذا القبيل، هكذا قال سعيد.

وللحديث بقية

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى