أول من أثار الموضوع هو محروس سائق المحافظ ، كان يجلس كعادته مع عبد الحليم موظف السويتش ، حين اتصل به محسن بيه ، مدير مكتب المحافظ ، ليخبره أن المحافظ سيغادر مكتبه ، يحدث هذا دائما قبل نزول المحافظ من مکتبه بربع ساعة ، يكون محروس خلالها قد قام بتسخين السيارة ، ووقف بها أمام الباب الرئيسى لديوان عام المحافظة ، في انتظار نزول المحافظ .
ولكن في هذا اليوم بالذات ، وأثناء وقوف محروس بسيارته أمام الباب ، التفت محروس إلى التمثال الذي يقف أمام المبني ، وخيل إليه أن التمثال ليس هو التمثال الذي اعتاد أن يراه طوال عشرين عاما ، هي مدة خدمته کسائق لهذا المحافظ وعدة محافظين سابقين .
عندما أعاد محروس النظر إلى التمثال لم يصدق عينيه ، فعركهما وعاود التطلع من جديد ، فطوال عشرين عاما كان رأس التمثال يبدو منحرفا بدرجة ملحوظة نحو اليسار ، ولكن ما يراه محروس أمامه الآن هو أن رأس التمثال قد انحرف إلى اليمين .
لم يفصح محروس إلى أي شخص بخصوص هذه الملاحظة ، التي يبدو أن أحدا غيره لم يعرها انتباها ، ولكنه في نفس الوقت ، ظل يتساءل كيف يمكن لتمثال نحت من الجرانيت الأحمر ، أن يحرك رقبته يمنة ويسرة كما يفعل البشر ، ولكن لأن محروس كان متأكدا من أن التمثال كان قبل ذلك يتطلع صوب اليسار ، فقد اضطر في النهاية أن يسر بذلك لعرفان الحارس الشخصي للمحافظ ، وقف عرفان طويلا أمام التمثال ، وعرك عينيه كما فعل محروس ، ثم نظر إلى محروس مليا وكأنه يشك في قواه العقلية ، وأجاب قائلا إنه ليس متأكدا ما إذا كان التمثال في الأصل يلتفت نحو اليمين أم اليسار ، وما حدث مع عرفان تكرر مع عبد الحليم موظف السويتش ، ولكن ما قاله عبد الحليم كان مختلفا عما قاله عرفان ، ذلك أن عبد الحليم ، بعد أن وقف طويلا أمام التمثال ، أعلن أن التمثال بالفعل كان يتوجه من قبل نحو اليسار ، وأن ما يراه بوضوح الآن هو أن رأس التمثال ورقبته قد انحرفتا نحو اليمين ، وأن هناك احتمالا لأن يكون التمثال قد سكنه جنی ، فالجان وحدهم هم الذين يمكن أن يأتوا بمثل هذه الخوارق .
وبمجرد أن وجد محروس أن هناك من يتفق معه في الرأي ، فكر في أن يخبر المحافظ شخصيا بالأمر ، ولم يطل تفكيره كثيرا ، فما أن استقل المحافظ السيارة ذات صباح ، حتى بادره محروس قائلا :
- بعد إذن سعادتك يا باشا
- فيه إيه يا محروس ؟
- كل خير يا سعادة الباشا .
- خلصنی یا محروس فيه إيه ؟
- التمثال یا باشا .
- تمثال إيه ؟
- التمثال اللي قدام المحافظة .
- ماله ؟
- فيه حاجة غريبة حصلت .
- حصل أيه ؟
- التمثال یا باشا طول عمره باصص شمال ، لكن دلوقت باصص يمين .
- إنت بتخرف بتقول أيه يا محروس ؟
- زي ما بقول لسعادتك يا باشا .. التمثال من يوم ما اتعمل وهو باصص شمال ، لكن من قيمة كام يوم لاحظت إن التمثال باصص يمين .
- إنت شارب حاجة يا محروس ؟
- أستغفر الله یا باشا ...لكن هى دى الحقيقة .
ورغم أن المحافظ لم يبد اهتماما كبيرا بما قاله محروس في البداية ، إلا أنه وجد نفسه في النهاية يفكر في الموضوع بطريقة أكثر جدية ، فماذا لو كان ما قاله محروس صحيحا ؟ فمحروس كما يعلم المحافظ جيدا رجل عاقل ومتدين وسمعته كاللبن الحليب ، ومع أن المحافظ حاول أن يطرد هذه الفكرة من ذهنه ، إلا أن الفكرة أخذت تنمو وتسيطر عليه شيئا فشيئا ، حتي وجد نفسه ذات صباح يستدعي مدير مكتبه ويطلب منه أن يقوم بندب سائق آخر يحل محل محروس ، ولكن قبل أن يبادر مدير المكتب بتنفيذ هذا الأمر ، كان المحافظ قد عاود الإتصال به ليطلب الإبقاء على محروس ، ولم يكن ذلك إلا لأن محروس كان قد نجح في أن يقدم للمحافظ دليل صدقه وبراءته من تعاطى ما يذهب العقل ، وكان الدليل الذي قدمه محروس هو صورة قديمة لمبنى ديوان عام المحافظ ، يظهر فيها تمثال الصياد واقفا أمام المبنى وهو يتلفت صوب اليسار .
راح المحافظ يمعن النظر في الصورة دون أن يصدق ما يراه ، ثم اتصل على الفور بالأرشيف يطلب جميع الصور التي التقطت لمبنى المحافظة والتمثال ، وكانت نتيجة الفحص المبدئي للصور مثيرة لمزيد من البلبلة ، ذلك أن التمثال كان يبدو في بعض الصور وهو يلتفت نحو اليمين ، مما زاد من حيرة المحافظ ، وحتي يتخلص من حیرته أمر بتشكيل لجنة فنية تضم متخصصين في التصوير والنحت لفحص التمثال والصور لكشف هذا اللغز المحير .
وكان من الطبيعي أن يتسرب الخبر إلى جميع موظفي الديوان العام ، وأصبح التمثال موضوعا لثرثرة الموظفين في مكاتبهم ، وانشغلوا جميعا في محاولة الكشف عن لغز التمثال ، وفي التساؤل عما إذا كان التمثال في الأصل يلتفت نحو اليمين ثم استدار نحو اليسار ، أم أنه كان يلتفت نحو اليسار ثم استدار بقدرة قادر نحو اليمين .
ولم يقف الأمر عند هذا الحد إذ سرعان ما انتشر الخبر في المدينة بأسرها ، وتدفقت الجموع إلى مبنى المحافظة ، لرؤية التمثال العجيب الذي يلتفت يمنة ويسرة كما يفعل البشر ، وانقسم الناس إلي فريقين ، فريق يرى ضرورة التخلص من التمثال بعد أن تلبسته الجن ، وفريق آخر يرى أن يتم الإبقاء على التمثال باعتباره معجزة فنية يفاخرون بها المحافظات الأخرى ، بشرط أن يتم أولا طرد الجن من التمثال عن طريق أحد المشايخ المشهود لهم بالكفاءة في هذا المضمار ، ومما زاد من تعقيد المشكلة أن النحات الذي قام بنحت التمثال على شكل صیاد يحمل شبكة على كتفه ، ليكون رمزا لهذه المحافظة الساحلية التي يعمل أغلب سكانها بالصيد ، كان قد توفی منذ سنوات ، لذلك فإن اللجنة الفنية التي شكلها المحافظ لم تستطع أن تقطع بإجابة مؤكدة ، واكتفت بأن رفعت تقريرا للمحافظ تقول فيه أنه بعد فحص التمثال وجميع الصور التي التقطت له منذ إقامته ، فإن اللجنة ترى أن التمثال كان في الأصل يلتفت صوب اليسار ، ثم لأسباب غير معروفة انحرف رأسه ورقبته صوب اليمين ، وحيث أن اللجنة لم تجد تفسيرا علميا لهذه الظاهرة الغريبة ، فإنها تعتقد أن السبب الوحيد الممكن بعد ذلك قد يرجع لقوى غيبية غير منظورة ، ومن ثم فإن اللجنة لا تجد مفرا من تبنى وجهة النظر القائلة بأن جنيا وربما عفريتا قد تلبس التمثال ، ومع ذلك فإنها توصی بضرورة الإبقاء علي التمثال ، مع الإستعانة بأحد المشايخ المتخصصين لطرد الجان والعفاريت ، كما توصى أن يتم من باب الاحتياط ، إطلاق البخور داخل مبنى المحافظة كل صباح لمنع الجان من الانتقال من التمثال إلى غرف المبني ، مع التركيز على غرف ومكاتب كبار المسؤولين بالمحافظة ، بحيث يتم تبخيرها مرة في الصباح ومرة في المساء .
ورغم أن المحافظ وافق على توصيات اللجنة على الفور ، بل وأصدر قرارا عاجلا بتشكيل وفد يجوب المحافظات الأخرى لاختيار أحد المشايخ المشهود لهم بالخبرة في طرد الجن والعفاريت ، بسبب افتقار المشايخ المحليين للخبرة في هذا المجال ، فإن كل هذه الجهود لم تثمر شيئا ، وذلك لأن الشيخ الذي استقدمته المحافظة كان قد وصل متأخرا في المساء ، ولكنه قبل أن يتمكن صباح اليوم التالي من طرد الجان من التمثال كانت السيول قد اجتاحت المدينة ، وألحقت بها أضرارا فادحة ، وكان أكثر المتضررين منها هم الصيادون أنفسهم ، إذ اقتلعت بيوتهم من جذورها ، بل إن السيول دمرت مصنع تعليب الأسماك بالكامل ، كما اغرقت وابور المياه ومحطة الكهرباء ، وألحقت أضرارا بالغة بالمستشفي المركزى ، والمخبز الآلی ، ومبنی المحافظة نفسه .
ولكن تمثال الصياد نفسه لم تلحق به أي أضرار ، إذ ظل واقفا على حاله أمام مبنى المحافظة ، ولكن بعد أن اتخذ وضعا جديدا ثابتا منذ ذلك الحين ، فلم يعد يلتفت يمينا ولا يسارا ، بل انحرفت رأسه بدرجة ملحوظة صوب الأرض ، وكأنما يتطلع إلى قدميه .
ولكن في هذا اليوم بالذات ، وأثناء وقوف محروس بسيارته أمام الباب ، التفت محروس إلى التمثال الذي يقف أمام المبني ، وخيل إليه أن التمثال ليس هو التمثال الذي اعتاد أن يراه طوال عشرين عاما ، هي مدة خدمته کسائق لهذا المحافظ وعدة محافظين سابقين .
عندما أعاد محروس النظر إلى التمثال لم يصدق عينيه ، فعركهما وعاود التطلع من جديد ، فطوال عشرين عاما كان رأس التمثال يبدو منحرفا بدرجة ملحوظة نحو اليسار ، ولكن ما يراه محروس أمامه الآن هو أن رأس التمثال قد انحرف إلى اليمين .
لم يفصح محروس إلى أي شخص بخصوص هذه الملاحظة ، التي يبدو أن أحدا غيره لم يعرها انتباها ، ولكنه في نفس الوقت ، ظل يتساءل كيف يمكن لتمثال نحت من الجرانيت الأحمر ، أن يحرك رقبته يمنة ويسرة كما يفعل البشر ، ولكن لأن محروس كان متأكدا من أن التمثال كان قبل ذلك يتطلع صوب اليسار ، فقد اضطر في النهاية أن يسر بذلك لعرفان الحارس الشخصي للمحافظ ، وقف عرفان طويلا أمام التمثال ، وعرك عينيه كما فعل محروس ، ثم نظر إلى محروس مليا وكأنه يشك في قواه العقلية ، وأجاب قائلا إنه ليس متأكدا ما إذا كان التمثال في الأصل يلتفت نحو اليمين أم اليسار ، وما حدث مع عرفان تكرر مع عبد الحليم موظف السويتش ، ولكن ما قاله عبد الحليم كان مختلفا عما قاله عرفان ، ذلك أن عبد الحليم ، بعد أن وقف طويلا أمام التمثال ، أعلن أن التمثال بالفعل كان يتوجه من قبل نحو اليسار ، وأن ما يراه بوضوح الآن هو أن رأس التمثال ورقبته قد انحرفتا نحو اليمين ، وأن هناك احتمالا لأن يكون التمثال قد سكنه جنی ، فالجان وحدهم هم الذين يمكن أن يأتوا بمثل هذه الخوارق .
وبمجرد أن وجد محروس أن هناك من يتفق معه في الرأي ، فكر في أن يخبر المحافظ شخصيا بالأمر ، ولم يطل تفكيره كثيرا ، فما أن استقل المحافظ السيارة ذات صباح ، حتى بادره محروس قائلا :
- بعد إذن سعادتك يا باشا
- فيه إيه يا محروس ؟
- كل خير يا سعادة الباشا .
- خلصنی یا محروس فيه إيه ؟
- التمثال یا باشا .
- تمثال إيه ؟
- التمثال اللي قدام المحافظة .
- ماله ؟
- فيه حاجة غريبة حصلت .
- حصل أيه ؟
- التمثال یا باشا طول عمره باصص شمال ، لكن دلوقت باصص يمين .
- إنت بتخرف بتقول أيه يا محروس ؟
- زي ما بقول لسعادتك يا باشا .. التمثال من يوم ما اتعمل وهو باصص شمال ، لكن من قيمة كام يوم لاحظت إن التمثال باصص يمين .
- إنت شارب حاجة يا محروس ؟
- أستغفر الله یا باشا ...لكن هى دى الحقيقة .
ورغم أن المحافظ لم يبد اهتماما كبيرا بما قاله محروس في البداية ، إلا أنه وجد نفسه في النهاية يفكر في الموضوع بطريقة أكثر جدية ، فماذا لو كان ما قاله محروس صحيحا ؟ فمحروس كما يعلم المحافظ جيدا رجل عاقل ومتدين وسمعته كاللبن الحليب ، ومع أن المحافظ حاول أن يطرد هذه الفكرة من ذهنه ، إلا أن الفكرة أخذت تنمو وتسيطر عليه شيئا فشيئا ، حتي وجد نفسه ذات صباح يستدعي مدير مكتبه ويطلب منه أن يقوم بندب سائق آخر يحل محل محروس ، ولكن قبل أن يبادر مدير المكتب بتنفيذ هذا الأمر ، كان المحافظ قد عاود الإتصال به ليطلب الإبقاء على محروس ، ولم يكن ذلك إلا لأن محروس كان قد نجح في أن يقدم للمحافظ دليل صدقه وبراءته من تعاطى ما يذهب العقل ، وكان الدليل الذي قدمه محروس هو صورة قديمة لمبنى ديوان عام المحافظ ، يظهر فيها تمثال الصياد واقفا أمام المبنى وهو يتلفت صوب اليسار .
راح المحافظ يمعن النظر في الصورة دون أن يصدق ما يراه ، ثم اتصل على الفور بالأرشيف يطلب جميع الصور التي التقطت لمبنى المحافظة والتمثال ، وكانت نتيجة الفحص المبدئي للصور مثيرة لمزيد من البلبلة ، ذلك أن التمثال كان يبدو في بعض الصور وهو يلتفت نحو اليمين ، مما زاد من حيرة المحافظ ، وحتي يتخلص من حیرته أمر بتشكيل لجنة فنية تضم متخصصين في التصوير والنحت لفحص التمثال والصور لكشف هذا اللغز المحير .
وكان من الطبيعي أن يتسرب الخبر إلى جميع موظفي الديوان العام ، وأصبح التمثال موضوعا لثرثرة الموظفين في مكاتبهم ، وانشغلوا جميعا في محاولة الكشف عن لغز التمثال ، وفي التساؤل عما إذا كان التمثال في الأصل يلتفت نحو اليمين ثم استدار نحو اليسار ، أم أنه كان يلتفت نحو اليسار ثم استدار بقدرة قادر نحو اليمين .
ولم يقف الأمر عند هذا الحد إذ سرعان ما انتشر الخبر في المدينة بأسرها ، وتدفقت الجموع إلى مبنى المحافظة ، لرؤية التمثال العجيب الذي يلتفت يمنة ويسرة كما يفعل البشر ، وانقسم الناس إلي فريقين ، فريق يرى ضرورة التخلص من التمثال بعد أن تلبسته الجن ، وفريق آخر يرى أن يتم الإبقاء على التمثال باعتباره معجزة فنية يفاخرون بها المحافظات الأخرى ، بشرط أن يتم أولا طرد الجن من التمثال عن طريق أحد المشايخ المشهود لهم بالكفاءة في هذا المضمار ، ومما زاد من تعقيد المشكلة أن النحات الذي قام بنحت التمثال على شكل صیاد يحمل شبكة على كتفه ، ليكون رمزا لهذه المحافظة الساحلية التي يعمل أغلب سكانها بالصيد ، كان قد توفی منذ سنوات ، لذلك فإن اللجنة الفنية التي شكلها المحافظ لم تستطع أن تقطع بإجابة مؤكدة ، واكتفت بأن رفعت تقريرا للمحافظ تقول فيه أنه بعد فحص التمثال وجميع الصور التي التقطت له منذ إقامته ، فإن اللجنة ترى أن التمثال كان في الأصل يلتفت صوب اليسار ، ثم لأسباب غير معروفة انحرف رأسه ورقبته صوب اليمين ، وحيث أن اللجنة لم تجد تفسيرا علميا لهذه الظاهرة الغريبة ، فإنها تعتقد أن السبب الوحيد الممكن بعد ذلك قد يرجع لقوى غيبية غير منظورة ، ومن ثم فإن اللجنة لا تجد مفرا من تبنى وجهة النظر القائلة بأن جنيا وربما عفريتا قد تلبس التمثال ، ومع ذلك فإنها توصی بضرورة الإبقاء علي التمثال ، مع الإستعانة بأحد المشايخ المتخصصين لطرد الجان والعفاريت ، كما توصى أن يتم من باب الاحتياط ، إطلاق البخور داخل مبنى المحافظة كل صباح لمنع الجان من الانتقال من التمثال إلى غرف المبني ، مع التركيز على غرف ومكاتب كبار المسؤولين بالمحافظة ، بحيث يتم تبخيرها مرة في الصباح ومرة في المساء .
ورغم أن المحافظ وافق على توصيات اللجنة على الفور ، بل وأصدر قرارا عاجلا بتشكيل وفد يجوب المحافظات الأخرى لاختيار أحد المشايخ المشهود لهم بالخبرة في طرد الجن والعفاريت ، بسبب افتقار المشايخ المحليين للخبرة في هذا المجال ، فإن كل هذه الجهود لم تثمر شيئا ، وذلك لأن الشيخ الذي استقدمته المحافظة كان قد وصل متأخرا في المساء ، ولكنه قبل أن يتمكن صباح اليوم التالي من طرد الجان من التمثال كانت السيول قد اجتاحت المدينة ، وألحقت بها أضرارا فادحة ، وكان أكثر المتضررين منها هم الصيادون أنفسهم ، إذ اقتلعت بيوتهم من جذورها ، بل إن السيول دمرت مصنع تعليب الأسماك بالكامل ، كما اغرقت وابور المياه ومحطة الكهرباء ، وألحقت أضرارا بالغة بالمستشفي المركزى ، والمخبز الآلی ، ومبنی المحافظة نفسه .
ولكن تمثال الصياد نفسه لم تلحق به أي أضرار ، إذ ظل واقفا على حاله أمام مبنى المحافظة ، ولكن بعد أن اتخذ وضعا جديدا ثابتا منذ ذلك الحين ، فلم يعد يلتفت يمينا ولا يسارا ، بل انحرفت رأسه بدرجة ملحوظة صوب الأرض ، وكأنما يتطلع إلى قدميه .