محمد عباس محمد عرابي - اختيارات أبي تمام في حماسته "دراسة تحليلية "للباحث /علي عبود خضير

كثيرة هي الاختيارات للشعر العربي التي جُمعت فيسفر واحد حتى يسهل لمحبي نوادر ودرر الشعر عبر العصور سهولة قراءاتها ودراستها كالمفضليات والأصمعيات والحماسة، وفيما يلي دراسة نقدية تدور حول " الحماسة "أسس اختيارها وأهميتها ومنهج الاختيار، بالإضافة إلى دراسة بلاغية نقدية لشعرها، وهي بعنوان:
اختيارات أبي تمام في حماسته "دراسة تحليلية "أطروحة تقدم بها الباحث /علي عبود خضير إلى مجلس كلية الآداب – الجامعة الإسلامية / بغداد وهي جزء من متطلبات نيل درجة دكتوراه فلسفة آداب اللغة العربية تخصص (نقد أدبي) بإشراف/أ.د. فاضل بنيان1431هـ 2010م
وفيما يلي عرض للدراسة كما ذكرها الباحث من خلال محورين:
المحور الأول: مكونات الدراسة:
تكونت الدراسة من مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول، وخاتمة ذكرها الباحث على النحو التالي:
المقدمة
التمهيد: وقفة عند الاختيار الشعري ومصطلح الحماسة
واشتمل على مطلبين:
المطلب الأول: الاختيار الشعري النشأة والتطور
المطلب الثاني: مصطلح الحماسة عند أبي تمام
الفصل الأول
حماسة أبي تمام، بواعثها ومنهجها وأهميتها
واشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: بواعث الاختيار
المبحث الثاني: منهج أبي تمام في تأليفه للحماسة
المبحث الثالث: أهمية الحماسة وأثرها
الفصل الثاني: البناء الفني للحماسيات:
واشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: اللغة الشعرية وعمود الشعر
المبحث الثاني: الصورة الفنية والخيال الشعري
المبحث الثالث: الإيقاع والموسيقى
الفصل الثالث: اللمسات البيانية في الحماسيات:
واشتمل على أربعة مباحث:
المبحث الأول: التشبيه
المبحث الثاني: المجاز
المبحث الثالث: الاستعارة
المبحث الرابع: الكناية والتعريض
الخاتمة
المحور الثاني: نتائج الدراسة:
ذكر الباحث أهم النتائج التي توصل إليها من خلال هذه الدراسة على النحو الآتي:
لقد توافرت في ديوان الحماسة مميزات عدة جعلته ينال منزلة عالية وأهمية واضحة بما بين كتب الاختيارات الشعرية، حتى جعله بعض النقاد يحتل المنزلة الأولى ما بين هذه الكتب بسبب تلك المميزات التي توافرت فيه. ومنها: منهجيته في التأليف، فإنه أول كتاب من كتب الاختيارات ألف على اساس منهجي قويم سواء من ناحية التبويب،أو من ناحية اشراطه الجودة الفنية في الأشعار المختارة.أو من ناحية ترتيبه القصائد في الباب الواحد كل حسب غرضه، إلا في بعض الفجوات التي ذكر الباحث بعضا منها.
أن الجودة الفنية في الديوان لا يمكن حصرها بجانب معينٍ واحدٍ، وإنما هي جوانب عدة تضافرت في الأشعار حتى بلغت هذه الذروة من الجمال الفني منها ما يعود إلى البلاغة وأساليبها ومنها ما يعود إلى البناء الفني، وكلما اجتمع في القصيدة أو البيت الشعري أكثر من جانب فني كان أجمل وأقرب إلى الكمال الشعري. وفي كل ذلك يكون المعنى هو المطلوب أولا وباقي الامور تأتي لإتمامه.
إن الحكم على جودة ديوان الحماسة وعلو منزلته، فهذا لا يعني خلوه من العيوب واختياره بعض الأشعار الرديئة سواء من حيث الألفاظ أو من حيث المعنى. إذ وجد الباحث فيه أشعارا لا قيمه لها تذكر وخلوها من كل صناعة فنية وخاصة في بابي المدح ومذمة النساء حتى في باقي الأبواب ومنها باب الحماسة وجد الباحث بعض الألفاظ التي شانت وحطت من منزلة بعض الأبيات.
ومن مميزاته أيضا أنه لم يكن كتابا أدبياً فحسب بل كان إلى جانب ذلك كتابا نقديا، إذ حوى في طياته بعض الملامح النقدية التي أثراه بها مؤلفه بتغيره الألفاظ والأشطر التي يراها غير مناسبة في موقعها، وفي تقديمه وتأخيره للأبيات والأشطر على وفق نظرته النقدية حتى إنه ربما أعاد صياغة أشطر من الأبيات أو ابيات بكاملها وألف غيرها مكانها، أو يسقط أشطر ويضيف غيرها لكي يستقيم له المعنى الذي يريده.
ومن مميزاته كذلك اختياره أشعار لشعراء مغمورين بعضهم لم يذكر إلا في ديوان الحماسة، مما ساعد ذلك على حفظ أشعارهم وعدم ضياعها، لذلك عد ديوان الحماسة مصدرا مهما من مصادر الشعر العربي.
فكل هذه المميزات وغيرها جعلت ديوان الحماسة يكون ذات اهمية خاصة ما بين كتب الاختيارات الشعرية.
إن الوطنية العربية كانت متجسدة في كل مفصل من مفاصل ديوان الحماسة ابتداء من العنوان وانتهاء بآخر بيت من ابيات الديوان. فالعنوان جمع فيه كل مفاخر العرب، وشعرائه كلهم من العرب فلم يختر قصيدة واحدة قط لشاعر غير عربي؛ لأن بواعث الاختيار في الاصل كانت قومية لصد الحد الشعوبي الذي اراد النيل من العروبة آنذاك وطمس القيم والمبادئ العربية، فجاء الديوان كردة فعل لهذه الهجمات الشعوبية.
على الرغم من ولع ابي تمام بالغريب النادر وميوله إلى التجديد في الشعر الا انه في اختياراته كناقد كان موضوعيا جدا، فاختار من الأشعار ما يلائم طبعه ويخالفه، بل إن اختياره للأشعار التي تخالف طبعه كان أكثر بكثير من الأشعار التي تلائم طبعه، فلم نر شخصيته التجديدية إلا في بعض الأشعار وبالذات في جزء من المجاز والاستعارة، وذلك في إكثاره من الأشعار التي فيها مجاز عقلي وتركيز جل اختياراته في الاستعارة على الاستعارة التخيلية والاستعارة التمثيلية. لأنه رأى في المجاز العقلي جمالية أكثر من المجاز المرسل لما يحتاج فيه من تفكر وطول نظر، وكذلك في الاستعارة التخيلية والتمثيلية.
إن اغلب المصطلحات النقدية الحديثة التي اتخذت مقياسا للحكم على جودة الشعر أو رداءته كانت لها جذور واصول في الشعر والنقد العربي القديم، في مثل اللغة الشعرية، والصورة الفنية، والموسيقى، ناهيك عن جميع الأساليب البلاغية، فهذه كلها ممن عرفه النقد العربي القديم ووضع لها الحدود والقواعد التي تحافظ على جماليتها، فسار الشعراء على هذه الاصول والقواعد وإن كانت بمسميات اخرى.
ومن الجدير بالإشارة أن هذه القواعد تتغير من عصر إلى عصر وتتطور بمرور الزمن فلغة الشعر الجاهلي وصوره تختلف عن لغة وصور الشعر العباسي واستخدام الأساليب البلاغية عند الجاهلين يختلف عن استخدامها عن غيرهم من شعراء العصور المتأخرة، وهكذا. فكل هذه المقاييس تابعة لسلطة المجتمع وذوقه العام لتحديد سماتها في كل عصر.
أما في الصورة الفنية فقد جمع الديوان ما بين الصورة الحسية والصورة المعنوية، إلا أن أجمل الصورة هي تلك التي أخرج فيها الصفات المعنوية على شكل صور حسية فترى فيها الحركة واللون وتسمع الاصوات وتنظر فيها إلى الشخوص، فإذا هي لوحة فنية حية تجسدت فيها أغلب مقومات الحياة، ولا سيما تلك الصور الخيالية التي بثت الحياة في كل ما هو جامد وحركت كل ما هو ساكن.
وهذا أيضا ما نلاحظه في التشبيه، اخراج ما هو خفي إلى ما هو جلي، وما هو معنوي إلى ما هو حسي لكي تستقر صورته أكثر في الأذهان، وهذه من خواص التشبيه الاساسية التي تتيح للشاعر تقرير صوره وتوكيدها، لذلك نرى أن أغلب التشبيهات في الديوان كانت حسية.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى