محمد سادات التوني - كِفَّةٌ في الميزان تستجيبُ لِلجَاذِبِيَّةِ.. شعر

1- مِنْطَقَةٌ مَنْكُوبَةٌ..

أُؤْمنُ بالعلامات
مثل إيمان عَبَّادِ شَمْسٍ بِوَخْزِ الإِبَرِ في شَتَّى جِسْمِهِ
وهو يَحْمِلُ رَأْسَهُ المُسْتَدِيرَ
إلى عَمُودٍ رَفِيعٍ مِنْ الأَلْيَافِ
فقطْ جَرِّبُوا أَنْ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ كَإِيمَانِ عَبَّادِ شَمْسٍ
يَسْتَلْقِي عِنْدَ كُمِّ المَدِينَةِ
لَا تَأْخُذُوا فِي بَالِكُمَ مَنْ سَيَطْعَنُكُمْ هُنَاك
لأَنَّهُ عَبَّادُ الشَّمْسِ
لَمْ يَسْأَلْ عَنْ الثُّقُوبِ التي تُغَطَّي جِسْمَهُ
وَلَا الجِهَاتِ التي لَمْ يَكْتَشِفْهَا
أُؤْمِنُ بالعلامات
وَبِالشُقَقِ التي نَسْكُنُهَا
فَنُكْسِبُهَا طَعْمًا أَمَرَّ مِنْ جِيرِ حِيطَانِهَا
الآنَ تُشِيرُ الساعةُ إلى الخامسة فجرا
عَقْرَبُ الساعة يقفُ عِنْدَ الخامسة
في نَفْسِ الخَطِّ المستقيم يَقْطَعُ الحادية عشرة
الاحتمالاتُ تَقِفُ في وَضْعِيَّةِ الاستعداد
مثل عَبَّادِ شَمْسٍ يَقِفُ على عَمُودٍ رَفِيعٍ
لَا يُفَكِّرُ في الاِتِّجَاهَاتِ
أُفَكِّرُ في الحياة التي مِنْ المُمْكِنِ
أَنْ أعيشها على نَفْسِ الخَطِّ المستقيم
كَمَا يَقِفُ عَقْرَبُ الساعة عِنْدَ الخامسة يقطعُ الحادية عشرة
في اللحظة التي أعودُ فِيهَا لِسَكَنِ المُغْتَرِبِينَ
لِأُفَاجَأَ بالكوارث الطَّبِيعِيَّةِ وَتَفَشِّي حشرة البق
كضرورةٍ لِلتَّعَايُش
خُضْتُ حُرُوبًا نَظِيفَةً ضِدَّ الكوارث
مستخدمًا وَلَّاعَةَ سجائر
بِمُعَدَّلِ ساعةٍ قَبْلَ النَّوْمِ
أَيَّامٌ
وتُصْبِحُ الشَقَّةُ مِنْطَقَةً مَنْكُوبَةً
نَسِيتُ أَنْ أَقُول
كَانَتْ في هذه الأثناء تَسِيرُ عَرَبَةُ كارُّو
سَمِعْتُ تَكْتَكَةَ خشبها
بينما أنا على نَفْسِ المسافة بِكِلْتَا يَدَيَّ
أُزَحْزِحُ خرسانة الوقت
الشُّقَقُ لِسَاكِنِيهَا
سَاكِنُوهَا لِبَعْضِهِم البَعْض
يَتَدَاعَونَ كَالسَّكَاكِين
لَا يَصْلُحُ الحَالُ أَبَدًا
بِقَدْرِ مَا يَفْسَدُ الحَالُ
إِذَنْ هُنَاكَ كِفَّةٌ في الميزان
تستجيبُ للجاذبيَّةِ دائمًا
أَحْمِلُ شَنْطَةَ السَّفَرِ
وَقَبْلَهَا أُعَبِّئُ ما اسْتَطَعْتُ وَكُلَّ التفاصيل الصغيرة
بِمَا يَكْفِي لِأَمْشِيَ غَيْرَ مُتَّزِنٍ
أَحْمِلُ أَلَمًا مثل شَجَرَةٍ لا تُثْمِرُ
هل تَيـَقَّنَّا أَنَّهَا لا تُثْمِرُ في السِّرِ
يَمْتَدُّ الأَلَمُ
من مركز خَفِيٍّ في القلب
يَسْرِي حَتَّى الذِّرَاعِ الأيمن
الذِّرَاعُ
الأَيْسَرُ
كَذَلِك


2- أَصْوَاتُ السُّلَالَات..

لَمْ يُغَيِّرْ كلبُ الشوارع هَيْئَتَهُ
ظَلَ ينبحُ مثل أجداده في الأحياء الفقيرة
يَنْبَحُ
لِأَنَّ شَيْئًا مَا
مَرَّ مِنْ أَمَامِهِ
يَنْبَحُ
لِأَنَّهُ لَمْ يَمُرَّ
مُتَجَانِسٌ مع طبقة صوته التَّارِيخِيِّ
هَلْ تستطيعون أَنْ تُفَسِّرُوا
لماذا تنبحُ كلابُ الشوارع في وَادٍ
وتنبحُ كلابُ السُّلَالَاتِ الأُخْرَى
في الأماكن الأَرِسْتُقْرَاطِيَّةِ وَالسِيرك


3- صَلَاحِيَّةٌ مُنْتَهِيَة..

الأحذيةُ فَقَدَتْ صَلَاحِيَّتَهَا
وهي مَرْكُونَةٌ الآنَ
فوق جُزْءٍ بارز من الحائط
بَعْدَ أَنْ قَدَّمَتْ خِدْمَتَهَا
في المَيَادِينِ
وداخل الشَّتَائِم
الأحذية على أَنْوَاعِهَا تَزْدَادُ جَمَالًا
كُلَّمَا اِقْتَرَبَتْ من الصَّلَاحِيَّةِ المُنْتَهِيَةِ
هل رَأَيْتَ مثلًا فَرْدَةَ حِذَاءٍ مُبْتَسِمَةٍ
بِبَسَاطَة..
عِنْدَمَا تَتَمَزَّقُ عِنْدَ مُقَدِّمَةِ الأَصَابِعِ


4- بِالجَمَلِ وَمَا حَمَل..

التَّاجِرُ ابْنُ السُّوق
بِدُيُونٍ تركها تَزْدَادُ هُنَاكَ في مدينته
بِمُصَاحَبَةِ جَلْطَةٍ أَتَتْ مَعَهُ
وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى السَّرِيرِ

بِالجَمَلِ وَمَا حَمَل

بالكهرباء الشديدة التي تَنْفُضُهُ كَالأَقْمِشَةِ المُتْرَبَةِ
أَثْنَاءَ النَّوْمِ
أَثْنَاءَ اليَقَظَةِ

بِالتَّسْبِيحِ على عُقْلاَتِ الأصابع
وَالتَّمْتَمَةِ التي تملأُ وِعَاءً دَاخِلِيًّا
وَلَا تَخْرُجُ مِنْ مَضِيقِ الشِّفَاهِ
بالنَّوْمِ في الجوامع والمقاهي
سَتَّرَ البَنَاتِ في بُيُوتِ أَزْوَاجِهِنَّ
سَكَّرَتْ البَنَاتُ البَابَ في وَجْهِهِ
وَأَلْقَيْنَ بالمِفْتَاحِ في فُرُوجِهِنَّ
كَيْ يَصْطَادَ الأَزْوَاجُ

إِخْوَتُهُ الذُّكُور كَذَلِكَ


5ـــ أَيَّامٌ مَعْلُومَة

في أَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ
وَفْقَ تَشْكِيلِ الفراغات في القَمَرِ
سَيَبْتَسِمُ ..
وَجْهٌ خرجَ من شُبَّاكِ سَيَّارَةٍ لِمُطَالَعَةِ الطريق
لَكِنَّهُ دُونَ قَصْدٍ نظرَ إلى السماء
يَبْتَسِمُ القَمَرُ فَوْقَ الصَّحَارَي وَالحُقُول
مِنْ المُمْكِنِ أنْ يَبْتَسِمَ للمَدِينَةِ
بِشَرْط أَنْ تَكُونَ في غُرْفَةٍ يَشْغَلُهَا خَمْسَةٌ
يَخْدُمُهُمْ حَمَّامٌ تُمَيِّزَهُ سِتَارَةٌ قُمَاشِيَّةٌ ذَاتُ رُقَعٍ
بِجِوَارِهَا شُعْلَةٌ لِإِعْدَادِ الأَكْلِ وَالشَّاي
تَخْرُجُ مِنْهَا الأَبْخِرَةُ وَالأَصْوَاتُ الصَّدِيقَةُ
وَالدِّفْءُ..
فِيمَا يجلسُ التَّاجِرُ الشَّابُّ المُتَقَاعِدُ
على البَسْطَةِ الأَخِيرَةِ لِلسَّلَالِمِ المُفْضِيَةِ لِلغُرْفَةِ
وَيُوَجِّهُ اِنْتِبَاهِي إلى القمر
وهو يَتَحَوَّلُ إلى وَجْهٍ يَبْتَسِمُ
في أَيَّامِ مَعْلُومَةٍ
وَفْقَ تَشْكِيلِ الفراغات


6- يَنْعَكِسُ المَشْهَدُ كَامِلًا..

نَعْشٌ قَدِيمٌ مُلْقًى فوق سطح الجامع
بِاللَّيْلِ ..
بَسْطَةُ الجامع تَرِفُّ عليها عُمْلَةٌ مَعْدَنِيَّةٌ في الهواء
فِيمَا يجلسُ الصِّغَارُ مُتَحَلِّقِينَ
وفي عُيُونِهِم يلمعُ المشهدُ المُنْعَكِسُ كَامِلًا
فتسقطُ العُمْلَةُ في يد أَحَدِهِم
وَبِخِفَّةِ حاوٍ
تَتَّخِذُ اليَدُ أَشْكَالًا سِحْرِيَّةً وهي مُقْبِضَةٌ على العُمْلَةِ
ثُمَّ تَرْتَطِمُ بِرُخَامِ البَسْطَةِ بِخَمْسَةِ أَصَابِعَ مَضْمُومَةٍ
والآخَرُونَ يُخَمِّنُون

بِالنَّهَارِ ..
يَتَمَطَّعُ بَابُ الجامع
وَتَسْتَقِرُّ أحذيةٌ كثيرةٌ على البَسْطَةِ
يَخْرُجُ الناسُ بِقَدَمِهِمْ اليُسْرَى
بِقَدَمِهِمْ اليُمْنَى يَدْخُلُونَ
فِيمَا يُغَادِرُ أَوَّلُ زَوْجِ حِذَاء
وَيَبْقَى آخِرُ زَوْجِ حِذَاء
شُهُورٌ ..
وَأَنَا مُتَأَكِّدٌ أَنَّهُ جامعُ عِزبَةِ دُولَار
شَاهَدْتُ الصِبْيَةَ يَتَسَلَّقُونَ الجامع وَيَعْبَثُونَ بِاليَافِطَةِ
أَمْسَكُوا الحُرُوفَ البلاستِيكِيَّةَ بَيْنَ أَيْدِيهِم
تَبَادَلُوهَا حَرْفًا مَعَ بَعْضِهِم حَرْفًا
ثُمَّ جَرَّبُوا أَنْ يُثَـبِّتُوهَا في مَوَاضِعِهَا
مُخْتَبِرِينَ قُدْرَتَهُم على إِعَادَةِ الأَشْيَاءِ لِصُورَتِهَا
لَمْ يَلْتَفِتُوا
جَمِيلٌ أَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَفِتُوا وَفَرِحُوا
شُهُورٌ
وَأَنَا أُفَكِّرُ كَيْفَ فَاتَـنِي
أَنَّهُ جَامِعُ عِزبَةِ دِلَاوّر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى