في بلدة الحوادث يسكن الشاب العنيد، هذه صفته واسمه أيضاً، وهذه صفة البلدة واسمها أيضاً. من الطبيعي جداً أن تتصادم السيارات ببعضها البعض، يمر الناس دون اكتراث من فرط تكرار مثل هذه الأحداث، بل إن على مدخل البلدة ينتصب بشكل ملفت للزائرين الجدد، هيكل متبعج لسيارة قديمة يقال إنها أول سيارة تعرضت لحادث سير منذ تأسيس البلدة. يقول رئيس البلدية للزوار بكل فخر أن لا خوف، فكل الموتى هنا ينامون، وينتقلون إلى عالم الأحلام، إلى عالم لا حوادث فيه، فأولئك إن هم إلا المصطفون منا. لعشرين عاماً قضاها الشاب العنيد في هذه البلدة منذ ولادته، كان مثار قلق لعائلته وللبلدة، في طفولته لم يكن ليشارك في رحلات المدرسة إلى أشهر الحوادث، كان يتقزز من الطريقة التي يتحدث بها المعلم حول الأمر.
كانت لديه فكرته الخاصة حول الحوادث، في إحدى المرات وهو طفل يتذكر عندما شهد أول لقاء به مع الحوادث، كان الرجل ينزف وقد تدلى رأسه على مقود السيارة، والناس قد تجمعوا فرحين حوله، صرخ بهم: — لم لا تساعدونه، إنه يموت!
لكنهم زجروه، وجذبوه من ذراعه الصغيرة مانعينه من الاقتراب من السيارة التي تصاعد منها. لم ينس تلك الحادثة أبداً على الرغم مما تلاها من حوادث جمة، لكن العيون المرسلة للأعلى كانت تظلّ عالقة في وعيه دائماً، تهاجمه دائماً بلا استئذان، تحدق فيه، ويسأل نفسه: — أترى بماذا تحلم تلك العيون؟
قرر مغادرة المدينة التي نشأ فيها والتي لم يعرف طوال حياته غيرها، لا يعرف لماذا الآن بالتحديد، لكنه غادر، شق طريقه خارجاً منها حتى صادفته أول بلدة، كانت تلك بلدة النيام، سمع الناس يقولون عنها إنك ما إن تدلف منها حتى تقع في شِباك النعاس، فتنام فور وصولك بوابتها، وستحلم بأن موظف الجوازات يدق لك جواز سفرك بختم الوصول، وتحلم بأنك تركب سيارة تقلك من المعبر وتتجول فيك حتى تصل وجهتك التي تريد. ومن المعروف بأن أي شخص مستيقظ في بلدة النيام يعتبر تهديداً للأمن القومي للبلدة. بعد مسير عدة ساعات وصل الشاب بلدة النيام، وشعر فعلاً بالنعاس يسطو عليه، ورأى في حلمه أنه استقل باصاً، ولكنه لم يفتأ يتمتع بالمناظر الجميلة للبلدة حتى انقلب الباص، وكان الكل نائماً. وحلم سائق الباص بأنه يفقد السيطرة على المقود، والركاب حلموا بأن الزجاج يتشظى من حولهم وأجسادهم تتهاوى رأساً على عقب مع الجاذبية التي تسحب الباص إلى أسفل الجرف، وحلم مواطن مارٌّ بسيارته على الطريق بأنه يتوقف ويترجل من سيارته ليتفقد الحدث المهول هذا، وحلم سائق إسعاف بأنه يهرع بسيارته إلى المكان، أما الشاب العنيد فقد كان الوحيد الذي استيقظ بفزع، فيما كان الجميع من حوله غاطّين في سبات عميق، ورؤوسهم مرسلة للخلف في سبات وسلام عميقين.
كانت لديه فكرته الخاصة حول الحوادث، في إحدى المرات وهو طفل يتذكر عندما شهد أول لقاء به مع الحوادث، كان الرجل ينزف وقد تدلى رأسه على مقود السيارة، والناس قد تجمعوا فرحين حوله، صرخ بهم: — لم لا تساعدونه، إنه يموت!
لكنهم زجروه، وجذبوه من ذراعه الصغيرة مانعينه من الاقتراب من السيارة التي تصاعد منها. لم ينس تلك الحادثة أبداً على الرغم مما تلاها من حوادث جمة، لكن العيون المرسلة للأعلى كانت تظلّ عالقة في وعيه دائماً، تهاجمه دائماً بلا استئذان، تحدق فيه، ويسأل نفسه: — أترى بماذا تحلم تلك العيون؟
قرر مغادرة المدينة التي نشأ فيها والتي لم يعرف طوال حياته غيرها، لا يعرف لماذا الآن بالتحديد، لكنه غادر، شق طريقه خارجاً منها حتى صادفته أول بلدة، كانت تلك بلدة النيام، سمع الناس يقولون عنها إنك ما إن تدلف منها حتى تقع في شِباك النعاس، فتنام فور وصولك بوابتها، وستحلم بأن موظف الجوازات يدق لك جواز سفرك بختم الوصول، وتحلم بأنك تركب سيارة تقلك من المعبر وتتجول فيك حتى تصل وجهتك التي تريد. ومن المعروف بأن أي شخص مستيقظ في بلدة النيام يعتبر تهديداً للأمن القومي للبلدة. بعد مسير عدة ساعات وصل الشاب بلدة النيام، وشعر فعلاً بالنعاس يسطو عليه، ورأى في حلمه أنه استقل باصاً، ولكنه لم يفتأ يتمتع بالمناظر الجميلة للبلدة حتى انقلب الباص، وكان الكل نائماً. وحلم سائق الباص بأنه يفقد السيطرة على المقود، والركاب حلموا بأن الزجاج يتشظى من حولهم وأجسادهم تتهاوى رأساً على عقب مع الجاذبية التي تسحب الباص إلى أسفل الجرف، وحلم مواطن مارٌّ بسيارته على الطريق بأنه يتوقف ويترجل من سيارته ليتفقد الحدث المهول هذا، وحلم سائق إسعاف بأنه يهرع بسيارته إلى المكان، أما الشاب العنيد فقد كان الوحيد الذي استيقظ بفزع، فيما كان الجميع من حوله غاطّين في سبات عميق، ورؤوسهم مرسلة للخلف في سبات وسلام عميقين.
Войдите на Facebook
Войдите на Facebook, чтобы общаться с друзьями, родственниками и знакомыми.
www.facebook.com