مصطفى معروفي - الناقد والمصداقية

كم هي الأعمال الأدبية والفكرية التي نالت حظا وافرا مُرضيا من النقد والقراءة لأسباب أدبية ولأخرى غير أدبية، وكم من أعمال كان حظها التهميش والإهمال من طرف النقاد لنفس الأسباب.
إنه لمما يحز في النفس أن تهمل أعمال جليلة ورائعة لا لشئ إلا لأن صاحبها يختلف مع السادة النقاد في تو جهاتهم الأيديولوجية، أو لأنه يكتب من من منظور مختلف لم يتعارف عليه لديهم،او لأنه - وهنا الطامة الكبرى - ليس من أقربائهم الأدنين.
فلكم فكرت مليا في أن يهمل كاتب كرس حياته للكتابة ،وله في سوق الكتاب أكثر من ثمانية أعمال فكرية تشهد على اطلاع الرجل وإلمامه بكثير من القضايا التي تشغل المفكرين، كبارهم وصغارهم،ومع ذلك لم يلتفت إليه ولو واحد من النقاد .وأعتقد أن مثل هذا الكاتب لا يمكن أن يخوض غمار الكتابة عابثا،فالموضوعية تقتضي منا أن نحاوره ونناقشه ولو بلغ اختلافنا معه ما بلغ.
إن الناقد كي ينال مصداقيته عليه أن يكون نزيها وموضوعيا، وأن يكون هدفه الأول ولأخير هو خدمة الأدب والنقد ،لا خدمة النزوات والنزعات الذاتية،ذلك أن الكتابة النقدية ينبغي أن تربأ بنفسها من أن تكون ذات نظرة ضيقة وحسابات بعيدة عن الأدب و الأخلاق الأدبية،وإلا تحولت من عمل هدفه الكشف عن ملابسات الأثر الأدبي واستجلاء كوامنه وبسطها أمام القارئ إلى شئ لا يمت بصلة للنقد أبدا.
إن للنقد ضوابطه وحدوده ،ومتى خرج الناقد عن هذه الضوابط والحدود ولم يتقيد بها فإنه آنئذ لا يسمى ناقدا،وإذن فالناقد قد يسيئ إلى نفسه بخروجه عن الموضوعية قبل أن يسيئ إلى النقد.
أيها النقاد :لا تسيئوا إلى أنفسكم رجاء

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى