كرة القدم مصطفى نصر - لاعبو الكرة والسينما المصرية

اشترك الكثير من لاعبي كرة القدم في تمثيل الأفلام. ولم يكن هذا بدافع فني، وإنما بدافع تجاري بحت. ففي فيلم ليلي – بطولة عزيزة أمير ومن إخراج استيفان روستي عام 1927 – استعانوا بـ " بمبة كشر "– من باب أن تأتي الجماهير لمشاهدة - الراقصة المشهورة جدا- فقد كان ممثلو وممثلات الفيلم غير معروفين للجمهور العادي وقتذاك، بينما بمبة كشر مشهورة، ويا بخت العروس التي تحيي فرحها بمبة كشر.
وكان ظهور لاعبو الكرة دافعه أن يأتي محبو كرة القدم لمشاهدة نجومهم المفضلين على الشاشة.
وقد استعان المخرج السكندري اليهودي توجو مزراحي بلاعب الكرة – المشهور في ذلك الوقت – " السيد حودة " ليظهر في فيلم " الرياضي " الذي عرض في 18 نوفمبر عام 1937 لاحساسه أن جماهير الإسكندرية - التي صور الفيلم فيها - تعشق السيد حودة نجم ناديهم المفضل، الاتحاد السكندري.
واستعان توجو مزراحي بنجم الكوميديا، السكندري اليهودي شالوم ليكون بطلا للفيلم. والفيلم اسمه " الرياضي "، وليس " شالوم الرياضي " كما يدعي البعض. والإدعاء بأن شالوم، هو أول نجم سينمائي تنتج أفلام باسمه، ليس حقيقيا. فقد شاهدت الفيلم قبل كتابة المقال، وتأكدت أن اسمه " الرياضي " . وقد يكون الفيلم الوحيد الذي حمل اسم شالوم هو " شالوم الترجمان ". بينما ممثلة مثل ليلى مراد حملت أفلام كثيرة اسمها، منذ فيلم ليلى من اخراج توجو مزراجي عام 1942 والمأخوذ عن رواية غادة الكاميليا للكسندر ديماس الابن، ثم سلسلة أفلام تحمل اسم ليلي: ليلى بنت الفقراء وبنت الأغنياء وبنت الأكابر. ثم اسماعيل يس الذي يعد الأهم من الممثلين الذين حملت اسماءهم اسماء أفلام.
وقد استغل توجو مزراحي شغف جمهور الإسكندرية بناديه الاتحاد وناقش مشكلته، وهي عدم وجود قلب هجوم يستطيع إصابة هدف الخصم والفوز عليه، فشالوم الذي يعشق كرة القدم، ويعشق ناديه، ومن شدة ارتباطه به، يبيع سندوتشات بجوار سور النادي، وهو وزبائنه يفكرون في حل أزمة ناديهم، ويسافر شالوم في رحلة خاصة به، وعند العودة يقابل في القطار اللاعب " السيد حودة "، فيقدمه للنادي كقلب هجوم ويحقق الفوز لناديه الحبيب.
كان يجب أن يتم تصوير الفيلم في نادي الاتحاد السكندري المرتبطة حكايته بحكاية الفيلم، لكن صناع الفيلم، وجدوا النادي لا يصلح للتصوير، فاضطروا أن يصوروه في النادي اليوناني الأصلح والأفخم.
00
هناك أفلام كثيرة تعرضت للعبة كرة القدم، مثل كابتن مصر لمحمد الكحلاوي، وفيلم حديث المدينة عن حياة اللاعب المشهور عصام بهيج، وقام هو بدور البطولة، وظهر في الفيلم الكثير من نجوم لعبة كرة القدم: علي محسن وطه إسماعيل وغيرهما. واشتركت في التمثيل سميرة أحمد وشويكار والراقصة سهير زكي وعزيزة حلمي واسكندر منسى, والفيلم من إخراج إبراهيم عمارة عام 1964.
ومن لاعبي الكرة الذين مثلوا في السينما، صالح سليم الذي مثل في ثلاثة أفلام هي: سبع بنات من تأليف نيروز عبد الملك الذي استغل حادث انفجار الطائرة بفريق الشيش المصري، وقام صالح سليم بدور مصطفى زيان كابتن الفريق – ومن إخراج عاطف سالم. ومن حسن حظ الفيلم كان دور صالح سليم صغيرا للغاية. لكن عز الدين ذو الفقار أعطى لصالح سليم دور البطولة في فيلم " الشموع السوداء " – قام فيه بدور شاعر يمر بأزمة عاطفية تفقده بصره، والظاهر أن هذا العمى ساعد صالح سليم لكي يخرج من الفيلم سالما، فحركاته كانت بطيئة، ومناسبة لقدراته التمثيلية المحدودة.
ويحضرني في هذا المقام أن أذكر صديقي – ابن الحي الشعبي الذي نشأت فيه - الذي كان عاشقا لصالح سليم والنادي الأهلي، فكان يقلد صالح سليم في تصرفاته وحديثه وملابسه. فظهر صالح سليم في الفيلم مرتديا جاكيت شمواه، ولم يرتح صديقي إلا عندما اشترى جاكيت شمواه مثل معشوقه ومثله الأعلى في الحياة- صالح سليم - وسار به وسط الحارة الشعبية الفقيرة.
لكن المخرج هنري بركات كان خطأه أكبر بكثير من خطأ عز الدين ذو الفقار، فقد اختار صالح سليم لبطولة فيلم " الباب المفتوح"
لا حول ولا قوة إلا بالله. البطل في الفيلم ثوري، يشترك في مقاومة الإنجليز الذين يحتلون مصر، ويسافر لمدن القناة ليحاربهم هناك. يعني الدور محتاج حركة لا يقدر عليها صالح سليم.
الفيلم توفرت له كل أسباب النجاح، رواية عظيمة للطيفة الزيات ومخرج عبقري سبق أن أخرج أجمل وأكمل الأفلام المصرية، وممثلون وممثلات غاية في القمة، فاتن حمامة بعفويتها وخبرتها، ودور مركب تعطي فيه كل القدرات، ومحمود مرسي العبقري، الموهوب، الدارس للسينما. وحسن يوسف الشاب الخفيف الروح وشويكار وميمي شكيب ومحمود الحديني وغيرهم، فلماذا لم ينجح الفيلم؟ السبب هو اختيار صالح سليم لهذا الدور. وكي لا يغضب محبو صالح سليم والنادي الأهلي. فإنني معترف بإنه وسيم وأنيق في ملبسه، لكنه لا يمتلك أي حضور سينمائي. وفي رأيي، إنه أفسد جهد لطيفة الزيات وهنري بركات وباقي العاملين في الفيلم.
ومثل عادل هيكل في فيلم ظريف وشيق اسمه " إشاعة حب ". قام بدور خطيب النجمة هند رستم. وبالطبع اختياره من قبل المخرج فطين عبد الوهاب، كان بدافع شهرته كحارس مرمى لفريق النادي الأهلي، والمنتخب القومي المصري وقت عرض الفيلم. وربما كان للمنتج دخل كبير في هذا الاختيار ليضمن جماهير كبيرة، ستشتري التذاكر وتملأ السينما. وكان عادل هيكل غير مناسب للدور، وغير قادر على اقناعنا بإنه خطيب هند رستم حقا، فهو أمام جمهور السينما عادل هيكل حارس مرمى الأهلي ولا يمكن أن يكون شيئا آخر.
كان الفيلم غاية في السلاسة وخفة الدم، فوجئنا بيوسف وهبي في أداء دور كوميدي رائع، لدرجة أننا كنا نذكر كلماته لزوجته (إحسان شريف) ونتندر بها: يا بنت سلطح ملطح، يا بنت المفلس.
وحضور سعاد حسني الطاغي وخفة دم عبد المنعم إبراهيم، وتلقائية عمر الشريف وكان هذا الفيلم أحد ثلاثة أفلام أظهروا قدراته العالية قبل اختياره ليمثل دور الأمير علي في الفيلم الأميركي العالمي " لورانس العرب ( هذا الفيلم وفيلم في بيتنا رجل وفيلم صراع في النيل ) وجاء عادل هيكل ليقلل من شأن الفيلم، ولو أطال المخرج دوره أكثر من ذلك، لفسد الفيلم، كما فسد فيلم الباب المفتوح.
يذكرني الاستعانة بلاعبي الكرة في الأفلام السينمائية بحالة الإعلانات التي يفرضها المنتجون على الأفلام، لضمان مبالغ كبيرة من المعلنين، ففي فيلم فاطمة لأم كلثوم مثلا، تعجب زوزو شكيب بأثاث البيت، فتسأل: جايبين الأثاث الجميل ده منين؟ فيردون عليها: من محلات ...... أو في فيلم فلفل، تأتي سيدة لتسأل البقال: صابونة ورد النيل، فيقول: كانت عندي كمية كبيرة جدا وخلصت، ربع ساعة والكمية الجديدة تحضر.
ظهور لاعبو الكرة في الأفلام كأنهم جملة اعتراضية، أو توقف وقت عرض الفيلم لتقديم الإعلان.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى