ياسر أنور - التفسير الزمكاني للقرآن - سورة الطارق (دورة حياة الكون و الإنسان)- كلمة حافظ هي مفتاح السورة، وسرها الأعظمَ

يتضح من تسلسل ألفاظ سورة الطارق ومن خلال دلالاتها البدائية غير المشوبة باي إرث ثقافي لاحق، أن مقدمة السورة(والسماء والطارق. وما أدراك ما الطارق. النجم الثاقب.إن كل نفس لما عليها حافظ) لا يمكن فهم المقصود منها إلا من خلال كلمة حافظ (وخاصة أنها جاءت في جواب القسم، وبهذه الصورة المؤكدة ، إن كل نفس لما عليها حافظ، وبقراءاتها المختلفة،، إن كلمة حافظ إذن هي مفتاح سورة الطارق، وسرها الأعظم. ثم يأتي حرف الفاء في قوله تعالى : فلينظر الإنسان مم خلق، فالمقدمة وحدها حتى كلمة الثاقب لا تكفى السامع لكي يفهم الغرض النهائي من تلك العلاقات، فهي اشبه بالطريق الرئيس الذي يمكن أن يتفرغ إلى طرق أخرى فرعية محتملة، غيرأن عبارة وما ادراك ما الطارق بطاقتها وتهويلها تهيء الوجدان لأمر جلل. وعندما تأتي كلمة حافظ، فإنها تبدو كلافته إرشادية تمهد لمسار الدلالة، أو كالجسر الذي يربط بين منطقتين، ونلحظ أن كلمة حافظ جاءت نكرة لتترك العنان لخيال المتلقي، ما بين ( يحفظها من... أو يحافظ عليها وعلى كينونتها لتبقى وتستمر) ، فالطارق يحتفظ بعملية الطرق كل يوم دون أن يتوقف، وهو ثاقب،يحتفظ بضوءه دون أن يخبو أو ينطفئ، فهو محفوظ بقانون ذاتي ثابت ومستمر، وكذلك الإنسان، فهو له دورة حياة محفوظة، منذ كان ماء دافقا( فلينظر الإنسان مم خلق. خلق من ماء دافق، وإذا كانت كلمة الطارق اسم فاعل دلالة على الثبات والاستمرار، فكذلك كلمة الثاقب، جاءت اسم فاعل، وكلمة حافظ ثم كلمة دافق (طارق-ثاقب-حافظ-دافق) فهذه الأشياء كلها تحتفظ بقانونها الخاص الذي أودعه الله فيها ، لتدل على استمرار دورة
الحياة بقوانين ذاتية، فالنجم الطارق الثاقب له قانون حافظ لدورته وشخصيته بدءا و رجوعا ، والإنسان له دورة حياة، ولذلك قال تعالى بعد ذلك : إنه على رجعه لقادر، ثم قال والسماء ذات الرجع، فعملية البدء والرجوع عمليةذاتية بقانون ذاتي محفوظ، وكذلك الأرض ذات الصدع، فتظل السماء في دورة الرجع، وتظل الأرض في دورة الصدع، بقانون الحفظ الذاتي. وبذلك نرى ان كل الكلمات في سورة الطارق أشبه بسلسلة مترابطة الحلقات، كل كلمة تتصل بما قبلها وما بعدها بتجانس و إحكام.
اما تفاصيل الماء الدافق، و الصلب والترائب، وبقية التفاصيل الأخرى، فلها وقتها إن شاء الله

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى