محمد محمود غدية - أفراح موشاة بالدموع

الوحدة والملل والضجر، كلها تضافرت فى حرمان تلك الأرملة الخمسينية من العيش الهانىء، ولأنها لم تنجب، تعيش صقيع الشتاء طول العام، تفتقد الدفء والمشاعر الهامسة، ترك لها زوجها الراحل أموال كثيرة وفيلا كبيرة جدرانها باردة، تتأمل من النافذة، المطر الذى أزال غبار الشوارع، صبغة السماء بلون وردى بديع، بعث إرتياحا فى النفس،
تتأمل نفسها فى المرآة، مازالت تتمتع ببقايا جمال، رغم سنواتها الخمسين، رافضة الإستسلام للوحدة والإنكسار، تنهدت وإبتسمت فى إنتظار مايسفر عنه إعلان طلبها عريس فى باب الزواج لإحدى الصحف، لاشروط لها ولايهمها المال فقد كتبت فى الإعلان، أنها ميسورة الحال ولم تخفى عمرها الحقيقى، إختارت ذلك الطبيب الأربعينى، وتم عقد الزواج وإشترت شقة خصيصا لتحويلها إلى عيادة هدية زواجهما، إرتدت أثواب الفرح والبهجة وإستشعرت الدفء وتبددت الوحدة، وحلقت طيور السعادة
فى حياتها، فى صور لم تألفها من قبل، يوما قررت مفاجآته، طلبت من كبرى المطاعم أفخر المشويات ديلفرى على عنوان العيادة، وهناك كانت تنتظرها مفاجأة، زوجها والممرضة فى الغرفة التى خصصتها لراحة الزوج، صرخت من هول المفاجأة،
يطلب منها الزوج أن تسمعه، وبعدها تقرر ماتراه صوابا قائلا :
- الممرضة زوجتى ولدينا طفلين كنا نعيش فى شقة والدتها، حين ماتت طلب منا صاحب المنزل إخلاء الشقة، وأصبحنا نعيش فى فنادق الدرجة التالتة، حتى كان إعلانك عن الزواج وزوجتى هى من رشحتك للزواج، أخفيت عنك زواجى، لأنه سبب كاف لرفضك الزواج منى،
حولنا إحدى غرف العيادة للنوم والمعيشة، يمكننا الإنفصال اليوم وإستردادك للشقة، وللأمانة أحببناك ولا أرغب فى الإنفصال، تشاركنى هذه الرغبة زوجتى، ولا أنسى شكر أطفالى على المشويات التى أرسلتيها ديلفرى،
إنها المرة الأولى التى يأكلون فيها مثل هذا الطعام الفاخر،
ونادى على أطفاله الأشبه بالملائكة، والذين لا ذنب لهم فى ظروفهم المعيشية الصعبة، الزوجة الممرضة شكرتها من بين دموعها على ماقدمته لهم، وعن سعادتها بها، كيف لا وهى أجمل عطايا الله لهم، صمتت الزوجة الثانية قليلا قائلة وهى تضم الأطفال لصدرها : قبلت أن اكون الزوجة الثانية، بعدها طلبت من الزوجة والأولاد، الإنتقال للعيش معها فى الفيلا .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى