أسماء محمد مصطفى - الدود

مع بدء زحف الدود على جسده المتسمر على التراب شعر بألم قرصات عنيفة، حتى تخدرت أوصاله. رسم الدود ثقوبا عشوائية على خارطة الجسد الذي أصيب بالشلل تماماً. نظر بطرفي عينيه الى الدود اللاهي من كل جهاته بتحويله الى وليمة دسمة، هو التائق الى كسرة خبز.
للحظات تمنى لو انقلب دودة تجد بيسر مايشبع جوعها، وللحظات أخرى تخيل أنه كسرة خبز مصيرها أن يلوكه فم جائع، فتشبعه، لكن مالم يرده هو أن يكون لقمة في فم الجشع، لذا بدد سحابة تخيلاته وأمنياته، وابتلعته غصة محرقة، عند تهويمات آخر أمنية: لو أنه استطاع سحق الدود بقدميه، كما كان يفعل في الماضي، لكنه الشلل الذي أصابه من جراء سلسلة مما قيل إنها عمليات جراحية وأدوية لعلاج أمراضه القديمة والجديدة، حتى أودت به الى حالة العجز الكامل.. والألم المتصاعد أيضاً!
شعر بالأسف على نفسه، هو الذي أعطى الكثير في حياته، وخاب رجاؤه بفكرته أن الشامخين يموتون واقفين عادة، حين وجد أن فكرة الموت العمودي تلك دحضها منظر الجسد الجامد الملقى بأفقية مُذلة تحت أجساد الدود.
خاب ظنه بالحياة والقيم والجميع، بمافيهم أبناؤه السذج، العاجزون، الذين سلموه الى ماقيل إنهم أطباء.
أدرك أن أطباءه لم يكونوا سوى فيروسات متآمرة على صحته، ومشارطهم لم تكن إلاّ سكاكين وخناجر ذابحة، لمصلحة العدو الدودي الذي وجد الجسد ساحة مفتوحة لأفواهه، آخذاً بالتهام كل أعضائه وأحشائه، حتى إذا ماوصل الى الوجه نال من العينين، وهما تطلقان من طرفيهما الدمع. ذلك الدمع الذي نزل على التراب، ولم ينشف!!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى