ياسر أنور - القرآن والفرعون الأوحد

إذا كان لقب فرعون وفقا لعلماء المصريات هو برعا (فرعا) ، وهي كلمة مكونة من لفظين ، هما بر ، بمعنى بيت ، وعا ، بمعنى الكبير ، ويكون المعنى البيت الكبير، فلماذا أضاف القرآن مقطع ون (أون) إلى هذا اللقب ، وخاصة أن التوراة نفسها استخدمت فرعا وهو نفس اللقب الذي قاله علماء المصريات برعا أو فرعا ، وبذلك يكون لقب ملوك مصر وخاصة في الأسرتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة ، أي الدولة الحديثة New kingdom يكون اللقب هو فرعا ، وهو لقب عام لا يشير إلى شخص محدد. وقد تناقلت الأجيال نتيجة للاستخدام القرآني لقب فرعون ، فأصبح اللقب الشائع هو فرعون بدلا من فرعا ، وقد كان نتيجة لذلك حدوث ذلك الجدل المستمر حول شخصية فرعون موسى أو بالأحرى فرعا موسى، وهل حدثت قصة الخروج في مصر أم إنها مجرد أساطير توراتية (وفقا لعلماء المصريات) Egyptologists الذين ينكرون حدوث القصة أساسا لعدم وجود حفريات أو نقوش مصرية قديمة تثبت وجود بني إسرائيل في مصر. وحاول آخرون تقديم نظرية أخرى تفيد بان فرعون موسى ليس مصريا بل هو من بني إسرائيل ، وهو رأي خطير يتعارض مع( ظاهر القرآن) ، وأقوال الصحابة والمفسرين بل و يتعارض مع صريح العهد القديم الذي يؤمن به اليهود و المسيحيون ، فهو رأي يتعارض ليس مع إجماع الأمة بل و الإجماع شبه الكوني لأصحاب الديانات المذكورة. ومثل هذه الآراء التي تقال اعتباطا بدعوى البحث والتجديد هي آراء تفتقر إلى الأسس العلمية الصحيحة. وعودة إلى كلمة فرعا مرة أخرى التي هي موجودة في النص الهيروغليفي الأصلي، والتي أكدتها التوراة ، فلا يمكن اعتبار أن فرعون القرآنية هي مقابل فرعا التاريخية ، بل هناك مقطع زائد لم يلتفت إليه الذين تعرضوا لهذه القضية الخطيرة ، وهو المقطع أون. وبذلك فإن كلمة فرعون القرآنية لا تتكون من مقطعين بل ثلاثة مقاطع هي فر عا أون ، وهذا المقطع الثالث الذي استخدمه القرآن هو المقطع الذي يحدد شخصية فرعون الحقيقية ، حتى يصبح شخصا واحدا محددا . إن معجزة القرآن قائمة على الحرف وليس الكلمة فقط ، فحروف مثل طس أو طسم أو حم هي حروف إعجازية ، تتبع غالبا بقوله تعالى: تلك آيات الكتاب، ولذلك فالمقطع أون هو من آيات القرآن العظمى ، فهذا المقطع في لغته المهيروغليفية المصورة يشير إلى كلمتين ، كلمة إون والتي منها الكلمة الفارسية إيوان ، و إون الهيروغليفية تعني عمود البناء أو عمود القصر (وتد)، وتصبح كلمة فرعون هي فرعون ذو الأوتاد ، لا مجرد شخص عام بل هو شخصية محددة تاريخيا ، وبإجماع علماء المصريات وهو رمسيس الثاني الذي اتفقوا على أنه اكثر (فرعا) اهتم بالأبنية بأنواعها المختلفة. أما الكلمة الثانية فهي كلمة ون وصورتها في الهيروغليفية المصورة هي أرنب بري hare ذو أذنين طويلتين ، وقد استخدم لقب ون مع (أزوريس) أو (أوزور) فكان اللقب هو ون أوزور كما ذكر عالم المصريات الشهير جيمس آلن ، ويمكن في الهيروغليفية نطق ألقاب العظماء بطريقة عكسية (honorific transpostion) فتصبح أوزور أون ،كما استخدم اللقب مع آمون ، (ونا آمون)، وتعني آمون الاوحد أو الكائن أو الخالد ، وتصبح كلمة فرعا فرعون الخالد أو الأوحد ، وهو مناظر لفرعا العظيم ، وهو أيضا لقب لم يحظ به سوى رمسيس الثاني (لكنه لم يدونه في النقوش) رغم أنه أي رمسيس الثاني كان يرى نفسه أعظم ملوك مصرعلى الإطلاق. وبذلك فإن القرآن لم يتحدث عن فرعا عام ، بل عن فرعا محدد هو فرعون ذو الاوتاد الذي هو رمسيس الثاني بلا جدال.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى