إبراهيم بجلاتي - في مدينة كبيرة كهذه...

في مدينة كبيرة كهذه
مدينة لا تعرف هل هي أرض الإله رع
أم أنها مؤنث المريخ في لغة العرب
أم أن اسمها ليس أكثر من تميمة تقهر الأعداء
وحدها
حيث لا أحد هنا
من سكانها الأصليين
كلهم غرباء
وأنا أيضا غريب
تزعجه حجارة الأهرام في "مجرى العيون"
أخذت وقتا طويلا
سنوات كثيرة في الحقيقة
كي أعرف أن في الجهة الأخرى من هذه الأقواس
عيناً حقيقية
بحيرة صغيرة بالفعل
بإمكانك أن تراها كاملة من أعلى
من "المقطم" مثلا
أو من متحف الحضارة الجديد
ما العلاقة بين "الصيرة" والسمك الصغير؟
وربما يكون اسمها دلالة على زلزال
وقع هنا في العام السادس والعشرين من القرن الفائت الطويل
وهذه جملة طويلة لا أحبها
فأنا لم آت إلى هنا
من أجل حصة التاريخ
أو عباءة الليل الفاطمي
ورعشة الأضواء على صفحة نهرها
هي رعشة الأضواء على صفحة النهر نفسه قدام بيتي
في مدينة أخرى بالكاد تعرف نفسها
فلماذا أتيت إلى هنا
وأنا أعرف أن ماكينة اللحم هذه تفرم الناس والبيوت
تلقي عصارة الأحياء في المجارير
وترفع نافورة الفحم إلى السماء؟
في مدينة كهذه
من الصعب أن تعثر على مقعد خال لنفسك أو عينين جميلتين
من الصعب أن تبقى عينان جميلتان جميلتين
أو بقلب سليم
نحن عمال التراحيل
أول النهار
وآخر الشعراء على سقالة الحب واليأس الرحيم
لا نلتقي الأصدقاء في "الجريك كامبوس"
ولا نشرب الشاي في "كوستا"
أو البيرة في "استوريل"
هكذا تقنع الغرباء أنك واحد منهم
وتقنع نفسك بحصانة الچينات
وبلاغة المنفى

18 توت 6259
٢٧ سبتمبر ٢٠١٧

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى