د. محمد العدوي - تاريخ المدائن الإسلامية 1 / القاهرة .. مدينة المعز لدين الله الفاطمي

1 /
القاهرة.. مدينة المعز لدين الله الفاطمي

(والله لو خرج جوهر هذا وحده لفتح مصر وليدخلن مصر بالأردية من غير حرب ولينزلن خرائب ابن طولون ويبني مدينة تسمى القاهرة تقهر الدنيا) .. بهذه الكلمات ودع الخليفة المعز الفاطمي قائد جيوشه جوهر الصقلي أمام شيوخ كتامة معلنا ثقته الشديدة فيه لسابق أعماله في المغرب حيث وصل بجنوده إلى ساحل الأطلسي وأرسل لسيده في تونس أسماك المحيط في قلال الماء علامة على نجاحه في مهمته لذلك أوكل إليه المهمة الكبرى وهي دخول مصر ودعمه بالجنود والأموال والأسطول ..
وقد دخل جوهر البلاد سلما بفضل سياسة المعز في تهيئة الأحوال بواسطة دعاته واستمالته القبائل العربية في الصعيد والدلتا ووافق على إعطاء الأمان لممثل المصريين وقتها وهو الوزير جعفر بن الفرات ثم عسكر بجيشه شمال القطائع في الموضع الذي رسمه له الخليفة ، وفي يوم 6 يوليو 969 م. وضع جوهر أساسات القاهرة والتي يحدها جبل المقطم من الشرق وخليج أمير المؤمنين من الغرب وبنى في وسطها القصر الكبير والجامع الأزهر وأحاطها بسور كبير على الطراز المغربي ..
ومنذ اليوم الأول فإن القاهرة لم تكن عاصمة لمصر وحدها لأن مصر كانت تدار من خلال مدينة الفسطاط التي بناها عمرو بن العاص ووسعها صالح بن علي العباسي وأحمد بن طولون وعرفت باسم مدينة مصر ، لكن القاهرة تأسست من البداية بوصفها عاصمة إمبراطورية ضخمة شاسعة الأرجاء تضم المغرب العربي كله من فاس إلى طرابلس بالإضافة إلى مصر والسودان واليمن والحجاز والشام وأعالي الفرات (أي ما يعرف الآن بالوطن العربي باستثناء أجزاء من العراق وساحل الخليج) ..
وعندما أتم جوهر بناء العاصمة ونجح في ضم بلاد الشام والحجاز أرسل إلى سيده ليحضر إلى عاصمته الجديدة فرحل عن المنصورية في جيش ضخم واصطحب معه رفات أجداده ، وفي يونيو 973 م. دخل المعز إلى مصر واستقبل استقبالا حافلا في شهر رمضان وحظي بإعجاب الناس لما تمتع به من مواهب وقدرات حيث وصفه الفقيه النعمان المغربي بقوله (إن المعز قد نظر في كل فن وبرع في كل علم .. أما الطب والهندسة وعلم النجوم والفلك والفلسفة فأهل النفاذ من ذلك عيال عليه) ..


تاريخ المدائن العربية الإسلامية

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى