لم يكن ذلك النهار يُشبه بقية النهارات ، أو هكذا كان يبدو لي الأمر، كل شيء كان رائعا ، الجو والناس والطرقات والأبنية ، كنت مُنتشيا وفرحاناً ، كنت سعيداً !
في الصَّباح كانوا قد أعطونا النتيجة ، كنت قد نجحت والسنة المقبلة سأكون تلميذا بالثانوي ، سأعيش أخيرا في ذلك العالم السَّاحر الذي فتنني طيلة دراستي بالإعدادي ٠
كان أبي قد منحني عشرة دراهم ، وكان أبو مجيد قد منحه نفس المبلغ ، أمّا أحمد فقد كانت بحوزته خمسة عشر درهماً ٠
تَوجَّهْنا إلى سينما الأفراح لكن الفيلم المعروض لم يَرُقْنا ، ذهبنا إلى سينما الحمراء لكن الفيلم المعروض كُنّا قد سبق أن شاهدناه٠
تُرى ماذا سنفعل ؟ هكذا بدأنا نتساءل ونحن نتجول من مكان لآخر ، هل سيضيع يومنا السَّعيد هذا هباءً ؟
فجأة ونحن نمُرُّ من أمام محل بيع الخمور ، توقف مجيد الذي كان أكثرنا جرأة وقال :
ـ نْسْكْرُو ؟
كانت الفكرة مُباغتة ، خَطِرَة ، جُنونية ، لكنها كانت مُغرية ٠
اِستجبت بسرعة ، أمّا أحمد فقد رفض في البداية ٬ لكنه أمام إصرارنا وافق على مضض ٠
بقينا ننتظر، وذهب مجيد ثم عاد وقد اشترى ثلاث قنِّينات ، و تكلفت أنا بشراء الكأس ، وتسلَّلنا من أحد الشوارع الخلفية ثم اتجهنا إلى الربوة التي تُشرف على حَيِّنا وهناك اختبأنا بين الأشجار ٠
في البداية كان طعم الخمرة مُرّا لكن سرعان ما استسغناه ، ودَبَّت فينا نشوة سحرية ، وبدا لنا العالم جميلا أكثر من أي وقت مضى ، وانطلقت ألسنَتُنا بكل طلاقة وشاعرية تتحدُّث عن مَشاريع المُغامرات التي سنقوم بها السنة القادمة ٠
أن يُرى بأزقة حَيِّنا سكارى كبار في السّن وهم يترنحون كان شيئاً عاديا ، لكنها كانت المرة الأولى التي يشاهَدُ فيها صبية لم يتجاوزوا السادسة عشر وقد تعتعهم السُّكر ، يتراقصون في مشيتهم ويَصْدر عنهم كلام غريب غير مفهوم ، فتبعنا الأطفال الصِّغار وهم يُهَلّلون ، وخرج الجميع للتَّفرُّج على المشهد الغريب٠
لعَّلَ السلخة التي نِلتها كانت أقسى سلخة نِلتها في حياتي ، وأمّي المسكينة اِنتظرت خروج أبي وأتتني بفنجان قهوة وأيقظتني ، لكنّي كنت لا أزال مخموراً فظننتها كأس خمر ، وقلت لها بصوت متثاقل :
ـ بَاراكَا عْلِيَّ ، عْطِيهْ لْمْجِيدْ
في الصَّباح كانوا قد أعطونا النتيجة ، كنت قد نجحت والسنة المقبلة سأكون تلميذا بالثانوي ، سأعيش أخيرا في ذلك العالم السَّاحر الذي فتنني طيلة دراستي بالإعدادي ٠
كان أبي قد منحني عشرة دراهم ، وكان أبو مجيد قد منحه نفس المبلغ ، أمّا أحمد فقد كانت بحوزته خمسة عشر درهماً ٠
تَوجَّهْنا إلى سينما الأفراح لكن الفيلم المعروض لم يَرُقْنا ، ذهبنا إلى سينما الحمراء لكن الفيلم المعروض كُنّا قد سبق أن شاهدناه٠
تُرى ماذا سنفعل ؟ هكذا بدأنا نتساءل ونحن نتجول من مكان لآخر ، هل سيضيع يومنا السَّعيد هذا هباءً ؟
فجأة ونحن نمُرُّ من أمام محل بيع الخمور ، توقف مجيد الذي كان أكثرنا جرأة وقال :
ـ نْسْكْرُو ؟
كانت الفكرة مُباغتة ، خَطِرَة ، جُنونية ، لكنها كانت مُغرية ٠
اِستجبت بسرعة ، أمّا أحمد فقد رفض في البداية ٬ لكنه أمام إصرارنا وافق على مضض ٠
بقينا ننتظر، وذهب مجيد ثم عاد وقد اشترى ثلاث قنِّينات ، و تكلفت أنا بشراء الكأس ، وتسلَّلنا من أحد الشوارع الخلفية ثم اتجهنا إلى الربوة التي تُشرف على حَيِّنا وهناك اختبأنا بين الأشجار ٠
في البداية كان طعم الخمرة مُرّا لكن سرعان ما استسغناه ، ودَبَّت فينا نشوة سحرية ، وبدا لنا العالم جميلا أكثر من أي وقت مضى ، وانطلقت ألسنَتُنا بكل طلاقة وشاعرية تتحدُّث عن مَشاريع المُغامرات التي سنقوم بها السنة القادمة ٠
أن يُرى بأزقة حَيِّنا سكارى كبار في السّن وهم يترنحون كان شيئاً عاديا ، لكنها كانت المرة الأولى التي يشاهَدُ فيها صبية لم يتجاوزوا السادسة عشر وقد تعتعهم السُّكر ، يتراقصون في مشيتهم ويَصْدر عنهم كلام غريب غير مفهوم ، فتبعنا الأطفال الصِّغار وهم يُهَلّلون ، وخرج الجميع للتَّفرُّج على المشهد الغريب٠
لعَّلَ السلخة التي نِلتها كانت أقسى سلخة نِلتها في حياتي ، وأمّي المسكينة اِنتظرت خروج أبي وأتتني بفنجان قهوة وأيقظتني ، لكنّي كنت لا أزال مخموراً فظننتها كأس خمر ، وقلت لها بصوت متثاقل :
ـ بَاراكَا عْلِيَّ ، عْطِيهْ لْمْجِيدْ