د. محمد العدوي - بعيدا عن الشعر الجاهلي

كثير من أدعياء الثقافة لديهم (هسهس) من الشعر الجاهلي استنادا إلى فرضية طرحها الدكتور طه حسين في كتابه ويستميت بعضهم في إنكار وجوده ويتخذ ذلك مطية للهجوم على الثقافة العربية كلها ، ومن أجل هذه الحساسية فسوف ننحي الشعر الجاهلي جانبا خاصة وأنه يمثل نسبة بسيطة جدا من الأدب العربي الذي شهد ازدهاره الحقيقي مع ظهور الإسلام ، ويمكن ألا يستهويك الشعر العربي لأن تذوق الأدب مسألة مزاجية لكن ليس معنى ذلك إنكار الوجود التاريخي للشعراء وقصائدهم ..
وبعيدا عن الذائقة الأدبية فقد لعب الشعر العربي دورا كبيرا في كتابة التاريخ حيث أعطانا صورة وافية عن الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية في كافة العصور الإسلامية ، في القرن الأول الهجري ظهرت في الحجاز مدرسة الغزل والعشق من خلال مجموعة من الشعراء مثل جميل بن معمر العذري وكثير بن عبد الرحمن الخزاعي وعمر بن أبي ربيعة المخزومي وقيس بن الملوح العامري (مجنون ليلى) وقيس بن ذريح الليثي (مجنون لبنى) وعبد الله بن قيس القرشي (ابن قيس الرقيات) ..
وفي الناحية الأخرى من البادية سوف نجد المدرسة السياسية وأبطالها جرير بن عطية التميمي والفرزدق همام بن غالب التميمي والأخطل غياث بن غوث التغلبي وقطري بن الفجاءة المازني والكميت بن زيد الأسدي والطرماح بن حكيم الطائي والنابغة عبد الله بن قيس الجعدي ، وبعيدا عن السياسة ظهرت مدرسة اللغويين من أمثال محمد بن يعلى (المفضل الضبي) وعبد الملك بن قريب الباهلي (الأصمعي) وأبو الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي ويضاف لهم الإمام محمد بن إدريس الشافعي ..
تبع ذلك مدرسة الحضارة في أوج ازدهار بغداد وفيها بشار بن برد العقيلي وأبو نواس الحسن بن هانىء الحكمي وأبو العتاهية القاسم بن سويد العنزي وأبو الوليد مسلم بن الوليد الأنصاري وأبو الفضل العباس بن الأحنف الحنفي والحسين بن الضحاك الباهلي ومحمد بن علي الخزاعي (دعبل) وأبو العباس عبد الله بن المعتز العباسي وأبو الحسن محمد الشريف الرضي ومحمد بن عبد الملك الزيات وأبو الفرج علي بن الحسين المرواني (الأصفهاني) وكلثوم بن مالك العتابي (حفيد عمرو بن كلثوم) ..
وتبعتها مدرسة الحكمة والفلسفة والتأمل والتي نبعت من التجربة الحياتية والصراعات السياسية في العصر العباسي ممثلة في أبي تمام حبيب بن أوس الطائي وأبو عبادة الوليد بن عبيد التنوخي (البحتري) وأمير الشعر العربي أبو الطيب أحمد بن الحسين الكندي (المتنبي) والأمير أبو فراس الحارث بن سعيد الحمداني وأبو العلاء أحمد بن عبد الله التنوخي القضاعي (المعري) وعلي بن العباس بن جريج (ابن الرومي) والأمير الفارس أبو المظفر أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ الكناني ..
وفي ربيع قرطبة بالأندلس والمغرب العربي نبغت قريحة الشعراء وعلى رأسهم أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن زيدون المخزومي وأبو بكر بن عمار المهري القضاعي والأمير المعتمد بن عباد اللخمي ومحمد بن سعيد السلماني (لسان الدين بن الخطيب) وعبادة بن ماء السماء الخزرجي الأنصاري وأبو إسحق إبراهيم بن سهل الأندلسي وأبو البقاء صالح بن يزيد الرندي وأبو الحسن علي بن رشيق القيرواني وأبو القاسم عباس بن فرناس التاكرني وأبو الحسن علي بن نافع الموصلي (زرياب) ..
وفي أوج ازدهار القاهرة نجد المدرسة المصرية تحوي كل أغراض الشعر من أول التصوف وحتى الحماسة ومن أهم رجالها سلطان العاشقين عمر بن الفارض ومحمد بن هانىء بن سعدون الأزدي (ابن هانىء الأندلسي) وبهاء الدين زهير بن محمد المهلبي (البهاء زهير) وأبو القاسم هبة الله بن جعفر بن سناء الملك وأبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد (العماد الكاتب) وعبد الرحيم بن علي البيساني اللخمي (القاضي الفاضل) وأبو الحسن جمال الدين يحيى بن عيسى (ابن مطروح) ومحمد بن سعيد البوصيري ..
وتذكر لنا المدونات عددا كبيرا من النساء الشاعرات مثل غزالة الشيبانية والأميرة ولادة بنت المستكفي وعائشة الباعونية واعتماد الرميكية وليلى الأخيلية والسيدة سكينة بنت الحسين وبوران بنت الحسن بن سهل وبنان جارية المتوكل وعلية بنت المهدي وحميدة بنت النعمان بن بشير وحفصة بنت حمدون الأندلسية ولبنى القرطبية وبكارة الهلالية وزينب المرية وأمة العزيز الحسينية وسودة بنت عمارة الهمدانية وميسون بنت بحدل الكلبية وقبلهم جميعا شهيدة العشق الإلهي السيدة رابعة العدوية..

يتبع

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى